أزمة أنسولين تهدّد مرضى السكري في "نبع السلام".. الصحة و"سامز" توضّحان

يواجه مرضى السكري في منطقتي تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، المعروفتين بمنطقة عمليات "نبع السلام"، أزمة تأمين دواء الأنسولين بأسعار تتناسب مع أوضاعهم المعيشية والاقتصادية.
ويعتمد المرضى على الأنسولين المستورد من تركيا، وهو مرتفع التكلفة، أو على ما يدخل بطرق غير نظامية (تهريب) من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، في خيارين يصفهم بعض المرضى بـ"أحلاهما مر".
أمّا المشافي المحلية والمراكز الصحية القليلة، فلا توفر إلا كميات ضئيلة مجاناً تُخصص للحالات الطارئة والحرجة فقط.
ومع توقّف بعض المنظمات عن تقديم الأنسولين، بدأت الكميات بالانخفاض تدريجياً، في حين يواصل المرضى والكوادر الطبية، منذ نحو ثلاثة أشهر، مناشدة الجهات المعنية لتأمين الدواء أو دعمه على الأقل، لتفادي المخاطر الصحية.
"المستورد مرتفع التكلفة والمجاني للحالات الحرجة"
أُصيب محمد العزي (38 عاماً) من مدينة رأس العين بداء السكري من النمط الأول، قبل عامين. وبعد تجربة حمية طويلة بلا جدوى، اضطر للبدء باستخدام الأنسولين.
كان محمد يعمل نجّاراً، لكن المرض أجبره على التوقّف عن العمل، ليعتمد على دخل ابنه الذي يعمل في محل قصابة.
يقول محمد لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه كان يحصل على الأنسولين مجاناً من المركز الصحي التابع للجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز)، حتى منتصف شباط الماضي، قبل أن ينقطع الدواء نهائياً، وحين راجع المشفى الوطني، لم يجده متوفراً، ما اضطره إلى شرائه من تركيا بسعر 2050 ليرة تركية لا تكفيه سوى 20 يوماً.
السعر -وفق محمد- "مرهق جداً"، خاصة أن أجور العمال اليومية في المنطقة تتراوح بين 80 و100 ألف ليرة سورية (8-10 دولارات أميركية)، بالكاد تغطي الحد الأدنى من احتياجات الأسرة، محذّراً من خطورة الوضع، إذ يضطر بعض المرضى إلى تقليل الجرعات رغم المخاطر الكبيرة على حياتهم.
الوضع ذاته يعيشه حسن المعوّض من تل أبيض، الذي يعتمد على المشفى الوطني ومركز "علي باجلية" الطبي، ويقول للموقع: إنّ الكميات بدأت تنقص تدريجياً، منذ شباط الماضي، حتى انقطعت بالكامل.
لم يحصل حسن على الأنسولين إلا عندما ارتفع السكر في دمه إلى 450 ملغ/ديسيلتر، وهي حالة طارئة.
ويشير بعض المرضى إلى أن الأنسولين الداخل -عبر التهريب- من مناطق سيطرة "قسد" في شمال شرقي سوريا، يباع بأسعار مماثلة، لكنه غالباً فاسد أو منتهي الصلاحية.
ما السكّري والأنسولين؟
تعرّف منظمة الصحة العالمية داء السكري بأنّه مرض مزمن غير معدٍ يحدث إما نتيجة قصور البنكرياس في إنتاج الأنسولين، أو عجز الجسم عن استخدامه بفعالية.
الأنسولين هو هرمون ينظم مستوى السكر في الدم، وتحويله إلى علاج أساسي جعل مرضاً قاتلاً قابلاً للسيطرة لدى أكثر من 9 ملايين مصاب بالنمط الأول حول العالم.
أمّا بالنسبة لمصابي النمط الثاني (أكثر من 60 مليون شخص)، فيسهم الأنسولين في الحد من مخاطر الفشل الكلوي والعمى وبتر الأطراف.
وفي العام 2021، تسببت مضاعفات السكري وأمراض الكلى المرتبطة به في وفاة أكثر من مليوني شخص حول العالم، فيما شكّل ارتفاع السكر في الدم نحو 11% من وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية.
لا تتوفر إحصاءات دقيقة لعدد مرضى السكري في سوريا بسبب تعدد مناطق السيطرة، لكن في مناطق سيطرة النظام السابق، سُجّل أكثر من 200 ألف مريض، حتى العام 2024، وبحسب الصحة العالمية، في تقريرها الصادر، عام 2016، قُدّر عدد السوريين المعتمدين على الأنسولين للبقاء على قيد الحياة بنحو 400 ألف.
560 مريضاً في تل أبيض ورأس العين
يقول مدير الصحة في رأس العين، خليل الظاهر، لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ الأنسولين متوفر حالياً في المشفى فقط للحالات الحرجة، مضيفاً أنّ المشفى كان يعتمد على دعم المنظمات لتغطية الاحتياجات، لكن هذا الدعم توقف.
وللتعويض، اشترى المشفى كميات إضافية بالتعاون مع بعض الجمعيات والمجلس المحلي، ويقدّر الظاهر عدد المصابين المحتاجين للأنسولين في رأس العين بنحو 350 مريضاً.
وفي تل أبيض، يقدّر مصدر طبي في مركز "علي باجلية" عدد المصابين بـ210 أشخاص، مشيراً إلى أنّ المركز لم يوفر الأنسولين منذ توقف دعم "سامز"، باستثناء كميات محدودة جُمعت بحملات أهلية لا تغطي أكثر من 10% من الحاجة.
ومعظم المرضى يتوجهون الآن إلى المشفى الوطني في تل أبيض، الذي يحصر الأنسولين بالحالات الخطيرة فقط، لافتاً المصدر إلى أنّهم تواصلوا مع وزارة الصحة وجهات أخرى لتأمين الدواء، لكن دون استجابة.
وزارة الصحة توضّح و"سامز": توريد مؤجّل عبر تركيا
منذ سقوط نظام بشار الأسد المخلوع، في 8 كانون الأول 2024، تحاول الإدارة السورية الجديدة انتشال القطاع الطبي من أزماته المتراكمة، مع نقص الكوادر والمعدات وتدهور البنية التحتية.
يقول معاون وزير الصحة للشؤون الصيدلانية، د. عبد الرحمن محلي، لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ الوزارة تعمل على تحسين الإنتاج الدوائي وفق معايير عالمية، وتزويد المراكز الصحية باحتياجات مرضى الأمراض المزمنة، بما في ذلك السكّري، إلى جانب دعم الصناعة الوطنية لإنتاج الأنسولين.
ويضيف أن الوزارة تسعى لدمج المراكز الصحية في تل أبيض ورأس العين بوزارة الصحة، لتقديم الدعم الكامل لها.
من جهتها، توضح جمعية "سامز" أنها كانت تقدّم الأنسولين في المدينتين، منذ 2021، لكن خلال الربع الثاني من 2025، تأخّرت الشحنات بسبب قيود التمويل وتعقيدات النقل، وتعمل حالياً بالتنسيق مع الحكومتين السورية والتركية لتسهيل التوريد من تركيا بشكل مباشر.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه