#سياحة وسفر
كارمن العسيلي
اليوم
بعيداً عن صخب المدن، وضجيج الشوارع.. تتسلل خيوط الضوء بين جبال الإمارات الشامخة، التي تشهد على عراقة المكان. هناك، حيث تهمس الطبيعة بأسرارها، تنساب الوديان كأنها شرايين الحياة، التي تنبض بالجمال، والسكينة. في هذه الأرض، التي تجمع بين الحداثة والتاريخ، وبين المستقبل والهوية، تكمن كنوز طبيعية خفية، تنتظر من يكتشفها بعين العاشق، وروح المغامر. ومع بداية فصل الخريف في شهر سبتمبر، وتحديداً بعد انكسار حرارة الصيف، تكشف الإمارات عن وجهها الطبيعي الأجمل. وتتفتح المسارات الجبلية، وتنتعش الينابيع، وتغمر الروحَ نسماتٌ باردة تعلن بدء موسم الترحال إلى الوديان.
لكل وادٍ في الإمارات حكاية؛ فمنها ما يشتهر بشلالاته المتدفقة، كأنغام موسيقى تُعزف على الصخور، وما يتميز بأحواضه الطبيعية، التي تدعوك للغوص في هدوئها، وما يروي قصصاً من التراث، يهمس بها الهواء المتسلل بين أشجار الغاف، وعبق الأرض. وهناك وديان تشبه المغامرات المصوّرة، حيث المشي على الدروب الوعرة، ووسط المياه الجارية، يُشعركم بأنكم تسيرون وسط فيلم وثائقي حيّ، ولكن لا شاشات تفصلكم عنه، ولا جدران تُقيّد تجربتكم.. ندعوكم، هنا، إلى الاقتراب من روح الإمارات، ومرافقتنا في سردٍ طبيعيٍّ ملهم، نطلع فيه على بعض أجمل الوديان، في 3 إمارات، هي: الشارقة، والفجيرة، ورأس الخيمة، فكل اسمٍ يحمل طابعاً فريداً، وكل وادٍ يمثل رحلة ثرية بالاكتشافات، والمغامرات.
الوديان.. رحلة إلى قلب الطبيعة الإماراتية
وادي الوريعة.. قلب الفجيرة النابض بالطبيعة
بين جبال الحجر الصلبة، ينساب وادي الوريعة كأغنية قديمة تغنيها الأرض؛ فهو أول محمية جبلية في الإمارات، وواحد من أكثر المواقع سحراً في الفجيرة، حيث تنبع عيون الماء، وتتناثر الشلالات في مشهد آسر. والمساحات الخضراء تحتضن الزوار، فيما تمنح الحيوانات البرية، والنباتات النادرة، المكان نكهته الخاصة. هنا، لن تحتاج إلا إلى صمتك، وبعض التأمل؛ لتدرك غنى الإمارات بطبيعتها البكر.
وادي الحيل.. عندما تلتقي الراحة والمغامرة
في جبال الحجر بالفجيرة، يمتد وادي الحيل، بطول 15 كيلومتراً، ويتحول مع كل منعطف إلى لوحة مختلفة؛ فهو ملاذ لعشّاق المغامرة، والراغبين في الهدوء. هل تحبون حفلات الشواء، أم التنزه بين الجبال، أم تفضّلون أن تتكئوا على صخرة؛ لتستمعوا لهمس المياه؟.. في وادي الحيل، كل هذا متاح؛ فيكفي أن تمضوا فيه نهاراً؛ لتشعروا بأنكم خرجتم من صخب الحياة إلى حضن الطبيعة الدافئ.
الوديان.. رحلة إلى قلب الطبيعة الإماراتية
وادي الطويين.. خضرة تسرّ الناظرين
في منطقة الطويين بالفجيرة، كل شيء يتنفس الحياة. وكذلك الوديان، هنا، تمتاز بتربتها الخصبة، وشلالاتها التي تتغذى من سد الطويين (أكبر سد في الإمارة). وهناك، أيضاً، تنتشر المزارع، والأراضي الخضراء، ما يجعلها مكاناً مثالياً للتنزه العائلي، وتأمل الجمال الفريد للمكان. وهذا الوادي يوصف بأنه قطعة من الجنة، نُثرت على الأرض.
وادي سيجي.. سكون الجبال وصوت الطبيعة
سيأخذكم وادي سيجي إلى مكان آخر تماماً، حيث الهواء نقي، والصخور تروي حكايات الزمن القديم. ويمتد على أرضه سدّان، أهمّهما: «سد السليم»، الذي يُعد من أهم المحطات السياحية في الفجيرة، والوادي مثالي لمحبي التنزه والتصوير والمشي بين دروب الصخر والماء.
الوديان.. رحلة إلى قلب الطبيعة الإماراتية
وادي شوكة.. جوهرة رأس الخيمة الغنية
ليس من السهل أن تُذهلكم الطبيعة؛ إن لم تكن مختلفة حقاً، ووادي شوكة في رأس الخيمة يفعل ذلك. ويمتاز بتضاريسه الوعرة، وبِرَكه الطبيعية، وشلالاته الصغيرة التي تعكس زرقة السماء. ومن نوفمبر وحتى أبريل، يصبح هذا الوادي من أروع الوجهات لمحبي المشي الجبلي، والسباحة في المياه العذبة المنعشة.. فاستعدوا لرحلة تأخذكم إلى عالم خارج المألوف.
وادي شيص.. سر من أسرار الأرض
في إمارة الشارقة، وتحديداً في خورفكان، حيث تتداخل الجبال مع البحر، ينساب وادي شيص بهدوء مهيب، كأنه سرّ من أسرار الأرض، لا يُكشف إلا لمن يملك شغف المغامرة. فهناك، تهمس الأشجار، وتروي الصخور حكايات قديمة، وتدعوكم الدروب الضيقة إلى الغوص في عمق الجمال المتواري خلف الانحدارات. إنه وادٍ لا يُشبه غيره، يفتح ذراعيه للمتنزهين والعائلات والمصورين، ويمنح كل زائر متعة التنقل بين معالمه الأثرية، وأشجاره الوارفة التي تبعث الحياة في كل ركن. ولا يكتمل هذا المشهد دون التوصية، التي باتت تقليداً لدى العارفين بالمكان: اصطحب سيارة «دفع رباعي»؛ فالمغامرة هنا تستحق العناء.
وادي شي.. لوحة رسمتها الطبيعة
جوهرة أخرى في خورفكان، فلا يقل وادي شي سحراً عن غيره. فهناك، يتربّع سد الرفيصة واحةً هادئةً وسط سلسلة من الجبال الشاهقة، كأن الطبيعة أرادت رسم لوحة تكتمل فيها العناصر كلها: الماء، والضوء، والخضرة، والظل. إن السير في وادي شي يشبه المشي داخل مشهد سينمائي، ولن تستطيعوا منع أنفسكم من التقاط الصور، ليس فقط بالكاميرا، بل أيضاً بالقلب. إنه المكان الذي يأخذكم من فوضى المدن إلى طمأنينة الأرض، ومن رتابة اليومي إلى فرادة اللحظة.
الوديان.. رحلة إلى قلب الطبيعة الإماراتية
وادي غليلة.. حيث تلامس السحاب
يمتد وادي غليلة؛ ليقودكم نحو قمة جبل جيس، أعلى قمة جبلية في الإمارات. هنا، تتدفق الشلالات بين الصخور، وتنتشر أشجار الغاف؛ وستشعرون كأنكم تكتشفون قطعة خفية من الفردوس. كما أن المشي في وادي غليلة أشبه برحلة تأمل بين السحاب، فيها من الجمال ما لا يوصف.
وادي حام.. رواية لا تنتهي
حين ننتقل إلى وادي حام، فإننا نكون أمام فصلٍ مختلف من رواية الوديان، فصل واسع كاتساع امتداده، الذي يبلغ نحو ثلاثين كيلومتراً، ويعبر ثلاث إمارات: الفجيرة، ورأس الخيمة، والشارقة. وادي حام لا يتحدث بصوت الماء الدائم، بل بصوت الانتظار؛ فهو جاف في أغلب أيامه، لكنه يستفيق مع أول قطرة مطر؛ ليتحوّل فجأة إلى نهر يزحف بين الصخور، ويبعث في الروح دهشة الطفولة الأولى. كان هذا الوادي، في الماضي، نقطة التقاء للتجار والقوافل، واليوم يعود ليكون محطة التقاء بين الإنسان والطبيعة، وبين الذاكرة والجمال.
الوديان.. رحلة إلى قلب الطبيعة الإماراتية
وادي البيه.. لعشاق الهدوء والعائلات
لمن يفضّلون هدوء الطبيعة على التحدي، وادي البيه في رأس الخيمة وجهة مثالية. فالمشهد الجبلي، هنا، يخطف الأنفاس، وتتناثر برك المياه الضحلة في كل مكان، ما يجعل المكان مناسباً للأطفال والعائلات، ومشهد الغروب في هذا الوادي لحظة فريدة.
نصائح
مع الجمال الأخّاذ لهذه الوديان، تذكّروا، دائماً، أن السلامة أولاً. فموسم الأمطار قد يحوّل الوديان إلى مجارٍ للسيول. لذا، اختاروا الوقت المناسب، وارتدوا أحذية مريحة، واحملوا معكم الماء والكاميرا.. لكن لا تتركوا شيئاً خلفكم سوى الذكريات الجميلة.
حياتك
سياحة
رحلات
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه