كيف يُنتخب رئيس وزراء اليابان وهل يطول الفراغ السياسي بعد استقالة إيشيبا؟

دخلت اليابان فترة من عدم اليقين السياسي، بعدما أعلن، رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا الأحد، استقالته بعد أقل من عام في منصبه، عقب خسارتين انتخابيتين كبيرتين، وسط تصاعد التوترات مع الصين، والعلاقة المضطربة مع حليفتها الرئيسية، الولايات المتحدة.
ووجّه إيشيبا، الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، لعقد انتخابات طارئة لاختيار زعيم جديد في 4 أكتوبر المقبل، بحسب ما ذكرت قناة TBS نقلاً عن مسؤول كبير.
وأنهى إيشيبا فترة ولايته القصيرة، قائلاً إنه يتحمل مسؤولية الانتخابات المؤلمة في انتخابات مجلس المستشارين (المجلس الأعلى في البرلمان) في يوليو الماضي.
وحكم الحزب الليبرالي الديمقراطي اليابان معظم العقود السبعة الماضية، لكن تحت قيادة إيشيبا خسر الحزب أغلبيته في مجلس النواب للمرة الأولى منذ 15 عاماً، ثم خسر أغلبيته في مجلس الشيوخ في يوليو الماضي.
ما الذي أدى إلى سقوط إيشيبا؟
تمر اليابان بفترة من التغيرات السريعة غير المألوفة. فقد ارتفعت نسبة التضخم، التي غابت لعقود، لتصل الآن إلى حوالي 3%. كما تصاعدت المشاعر المعادية للأجانب وسط تدفق العمال والسياح الدوليين.
وكانت محادثات التجارة مع إدارة ترمب صعبة وغير متوقعة، وشعر العديد من اليابانيين بالخيانة نتيجة تهديداتها بفرض الرسوم الجمركية، بحسب "نيويورك تايمز".
وفي يوليو الماضي، تعرض حزب إيشيبا، الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي حكم اليابان طوال 65 سنة من أصل 70 سنة الماضية، لهزيمة موجعة في الانتخابات البرلمانية.
وعاقب الناخبون الحزب على طريقة تعامله مع الاقتصاد والهجرة والتجارة والعلاقات مع إدارة ترمب، إضافة إلى فضيحة مالية سياسية ونقص مستمر في الأرز. وخسر تحالف إيشيبا 19 مقعداً من أصل 66 مقعداً كانوا عرضة لإعادة الانتخاب.
وأسفرت الهزيمة، إلى جانب ضربة سابقة في انتخابات أكتوبر الماضي، عن وضع الحزب الليبرالي الديمقراطي في أقلية في كلا المجلسين بالبرلمان الياباني.
ومع تحول الناخبين إلى خيارات أخرى، حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب ملحوظة، لا سيما بين الشباب. وكان أكبر الفائزين في يوليو حزبين محافظين لم يكونا موجودين قبل خمس سنوات.
في النهاية، لم يتمكن إيشيبا، البالغ من العمر 68 عاماً، من كبح الدعوات إلى الاستقالة. والأحد، أعلن ما وصفه بـ "القرار المؤلم بالاستقالة". وقال إنه قرر في النهاية أنه يجب أن يتحمل مسؤولية نتائج الانتخابات في العام الماضي. وأضاف: "أشعر بقدر كبير من الندم".
كيف يختار الحزب زعيمه؟
وجّه إيشيبا، الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، لعقد انتخابات طارئة لاختيار زعيم جديد في 4 أكتوبر المقبل.
كانت الأهلية للترشح في انتخابات القيادة السابقة تتطلب الحصول على حد أدنى من 20 ترشيحاً من نواب الحزب. وعادةً ما تشمل عملية الاختيار فترة من النقاشات الوطنية والحملات الانتخابية، تنتهي بتصويت من قبل نواب الحزب وأعضائه العاديين، بحسب منصة Moderndiplomacy.
في آخر سباق، كان هناك تسعة مرشحين، وفاز إيشيبا في جولة إعادة.
هناك طريقتان لعقد انتخابات القيادة في الحزب الليبرالي الديمقراطي.
الطريقة الأولى منصوص عليها في قواعد الحزب الخاصة بانتخابات القيادة، وتشمل الأصوات التي يدلي بها أعضاء البرلمان وأعضاء الحزب العاديون.
شارك أكثر من مليون عضو حزب في جميع أنحاء البلاد في الانتخابات القيادية العام الماضي.
إذا تم اعتماد الطريقة الأولى هذه المرة، سيكون هناك ما مجموعه 590 صوتاً (295 لأعضاء البرلمان و295 لأعضاء الحزب العاديين). وستستمر فترة الانتخابات لمدة 12 يوماً على الأقل.
الطريقة الثانية: الخيار الثاني مخصص للحالات الطارئة بشكل خاص، مثل استقالة رئيس الحزب أثناء فترة ولايته. وتُعتبر هذه الانتخابات "مبسطة" لأن أعضاء الحزب العاديين لا يشاركون فيها.
في هذه الحالة، يصوت مجموعتان في الاجتماع العام المشترك لأعضاء الحزب في كلا المجلسين بالبرلمان بدلاً من عقد مؤتمر للحزب.
• تتكون المجموعة الأولى بالكامل من أعضاء البرلمان التابعين للحزب الليبرالي الديمقراطي وعددهم 295 عضواً.
• أما المجموعة الثانية فتتكون من ثلاثة ممثلين من كل من الفروع الإقليمية الـ 47، وعددهم 141 عضواً.
وبذلك يبلغ مجموع الأصوات 436 صوتاً.
أُجريت آخر انتخابات رئاسية "مبسطة" في عام 2020، عندما تم انتخاب رئيس الوزراء سوجا يوشيهيدي بعد استقالة رئيس الوزراء آبي شينزو.
وكانت هناك دعوات للسماح بتصويت أعضاء الحزب على نطاق واسع، حيث صوت أعضاء الحزب العاديين في 44 فرعاً إقليمياً في الانتخابات التمهيدية.
من سيخلف إيشيبا؟
السؤال المحوري الآن هو من سيخلف إيشيبا.
وفي حين يفتقر الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى الأغلبية في البرلمان، إلا أن زعيمه سيظل المرشح الأوفر حظاً لتولي منصب رئيس الوزراء القادم، نظراً لانقسام المعارضة.
ومن أبرز المرشحين وزير الخارجية السابق توشيميتسو موتيجي، الذي أعلن عن ترشحه الاثنين.
وقال موتيجي إنه يريد تكريس نفسه لبلاده من خلال الاستفادة من الخبرة التي اكتسبها في الحزب والحكومة، ليصبح أول من يعلن ترشحه، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة اليابانية NHK.
وفي حديثه للصحافيين في مبنى البرلمان، قال موتيجي إن إيشيبا اتخذ قراراً صعباً لتجنب انقسام الحزب. وأضاف أنه يود التعبير عن احترامه لما حققه رئيس الوزراء، بما في ذلك التقدم المحرز في المفاوضات الجمركية بين اليابان والولايات المتحدة.
كما أعلن شينجيرو كويزومي، وزير الزراعة البالغ من العمر 44 عاماً، والذي يتمتع بشعبية واسعة، عن ترشحه لقيادة الحزب، لكن آراءه بشأن السياسة الاقتصادية غير معروفة.
كما أعلنت المحافظة المتشددة، ساناي تاكايتشي، التي تتصدر قائمة استطلاعات الرأي الأخيرة، نيتها خوض سباق انتخابات القيادة.
تاكايتشي، التي تُشير إلى رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر كمصدر إلهام رئيسي، خسرت بفارق ضئيل أمام إيشيبا في جولة الإعادة في سباق قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي العام الماضي، بحسب "بلومبرغ".
وفي حال انتخابها، ستصبح أول رئيسة وزراء لليابان. ومثل تاتشر، من المرجح أن تُحوّل قيادتها البلاد نحو "اليمين المحافظ" على المستوى السياسي. أما على صعيد السياسة الاقتصادية، فمن المرجح أن يتجه الحزب الليبرالي الديمقراطي بقيادة تاكايتشي نحو استمرار التيسير النقدي وتخفيف الإنفاق المالي، وهي خطوة قد تُقلق المستثمرين الذين يُبدون قلقهم بشأن الوضع المالي لليابان.
تحديات هائلة
سيحتاج الزعيم الجديد إلى توحيد صفوف الحزب سريعاً في ظل انقسام متزايد بشأن ما إذا كان سيسعى لجذب جيل الشباب القلق بشأن العبء الضريبي المتزايد الذي يواجهه لدعم شيخوخة السكان، أو جذب الناخبين اليمينيين الذين هجروا الحزب الليبرالي الديمقراطي وانضموا إلى حزب المعارضة الصغير "سانسيتو".
وسيواجه من يخلف إيشيبا كزعيم جديد، وعلى الأرجح كرئيس للوزراء، مشهداً سياسياً مليئاً بالتحديات نظراً لفقدان الأغلبية البرلمانية.
وللمضي قدماً في سياساته، سيحتاج إلى تأمين دعم كاف من المعارضة. وقد طالبت معظم أحزاب المعارضة بتخفيضات ضريبية من شأنها أن تزيد الضغط على عبء الديون الثقيلة في اليابان، مما قد يثير قلقاً متزايداً بين المستثمرين.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه