Syria News
جاري تحميل الأخبار العاجلة...
6 ساعات

هل يشهد العالم عودة إلى عصر أسعار الفائدة الصفرية؟

الأربعاء، 10 سبتمبر 2025
هل يشهد العالم عودة إلى عصر أسعار الفائدة الصفرية؟

قبل أكثر من عقد من الزمن، وجد العالم نفسه في قلب أزمة مالية عاصفة. يومها، لجأت البنوك المركزية الكبرى إلى سلاح غير مسبوق: أسعار فائدة تقترب من الصفر، وأحيانًا تهبط دونه.

استمرار ما يعرف بعصر السيولة الرخيصة في الأسواق لفترة طويلة نسبيًا، دفع المستثمرين إلى المغامرة بحثًا عن العائد، وغيّرت قواعد اللعبة في الاقتصاد العالمي.

اليوم، ورغم مرور سنوات على الخروج التدريجي من تلك المرحلة، يعود السؤال ليطرح بقوة في دوائر المتداولين والمحللين: هل نحن على أعتاب عودة جديدة إلى ذلك الزمن؟

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

يأتي هذا السؤال في ظل بيانات أمريكية أضعف من المتوقع، وتضخم متقلّب في أوروبا، وأجور تتسارع في اليابان، كلها مؤشرات تضع العالم أمام لوحة نقدية متباينة.

في هذه اللحظة، لا يبدو المشهد شبيهًا بما كان بعد أزمة 2008، لكنه يذكّرنا بأن قرارات البنوك المركزية لا تحدّد فقط تكلفة الاقتراض، بل ترسم مسار الثقة في الأسواق العالمية، وتعيد تشكيل حركة رؤوس الأموال بين العواصم المالية الكبرى.

إنها لحظة مفصلية تتأرجح بين خفضٍ تدريجي تعلّقه الأسواق على قرارات الفيدرالي، وذكريات "زمن الصفر" الذي ما زال شبحه يلوح في أذهان المستثمرين وصنّاع القرار.

خفض متوقع للفيدرالي.. لماذا؟

في الولايات المتحدة، تزايدت رهانات المستثمرين على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ خفض أسعار الفائدة قريبًا، بعدما أظهرت البيانات تباطؤًا أوضح في سوق العمل.

فالمراجعات الأخيرة أوضحت أن الفترة بين أبريل 2024 ومارس 2025 شهدت إضافة وظائف أقل بنحو 911 ألف وظيفة عما كان مُعلنًا سابقًا، فيما جاءت أرقام أغسطس أضعف من توقعات المحللين.

هذه الصورة عززت قناعة الأسواق بأن الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى جرعة دعم عبر خفض تدريجي للفائدة.

وخلال اجتماعه الأخير في يوليو الماضي، ثبت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة عند مستوى 4.25% و4.5%، وذلك للمرة الخامسة على التوالي، فيما تشير التوقعات بأن الاجتماعات المقبلة ستشهد تراجعًا في أسعار الفائدة.

وبناءً على ذلك، بدأت عقود الفيوتشر، وهي أدوات مالية تعكس رهانات المستثمرين على اتجاه أسعار الفائدة المستقبلية تأخذ في حسبانها ثلاثة انخفاضات محتملة خلال 2025: الأول بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع سبتمبر، يليه خفضان إضافيان في أكتوبر وديسمبر.

هذا المسار التدريجي لا يعني العودة إلى "زمن الصفر" فهو أمر غير مرجح في الأفق القريب لدى معظم المحللين، لكنه يضع الفيدرالي أمام معادلة صعبة بين دعم النمو وتجنب إعادة إشعال التضخم.

ومع ذلك، لا يزال مسؤولو الفيدرالي حذرين؛ فالتضخم لم يتراجع تمامًا، والضغوط السعرية الناتجة عن إنفاق المستهلكين والرسوم الجمركية قد تعود بقوة إذا جاء الخفض بوتيرة أسرع من اللازم.

المركزي الأوروبي أكثر تحفظًا

في أوروبا، تختلف الصورة بعض الشيء، فرغم تباطؤ النشاط الصناعي وتراجع التضخم عن ذروته، يظل البنك المركزي الأوروبي أكثر تحفظًا في قراراته.

ويبلغ سعر الفائدة على عمليات إعادة التمويل الرئيسية حاليًا نحو 2.15%، بينما يقف سعر الإيداع عند 2.00%، وهي مستويات أقل بكثير من الذروة التي تجاوزت 3.75% في عام 2024، لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بالسنوات التي سبقت أزمة التضخم الأخيرة.

وتشير توقعات المحللين بحسب رويترز وفايننشال تايمز إلى أن أي خفض واسع وسريع غير مرجّح في الأفق القريب، بل إن البنك قد يكتفي بخفض محدود أو يؤجل القرار إذا أظهر النشاط الاقتصادي صلابة أكبر مما هو متوقع.

مستويات الفائدة الحالية لأبرز البنوك المركزية في العالم:

البنك المركزي

سعر الفائدة الأساسي الحالي (%)

الملاحظات

الاحتياطي الفيدرالي

4.25 - 4.5

نطاق ثابت منذ يوليو 2025

البنك المركزي الأوروبي

2 - 2.15

بعد خفض تدريجي

بنك إنجلترا

4.00

خُفض في أغسطس 2025

بنك اليابان

0.50

أوصى بالاستقرار بعد رفعه في يناير 2025

البنك الوطني السويسري

0.00

خُفض في يونيو 2025

وترجّح التوقعات الحالية أن يبقى المركزي الأوروبي في وضع مراقبة خلال الأشهر المقبلة، بحيث يوازن بين دعم النمو من جهة، والتأكد من أن التضخم يواصل تراجعه نحو المستهدف من جهة أخرى.

هذا التريث جعل اليورو يتحرك في نطاقات محدودة مقابل الدولار، بينما تبقى الأسهم الأوروبية أكثر حذرًا مقارنة بنظيرتها الأمريكية التي تستفيد من آمال التيسير الفيدرالي.

بنك اليابان.. اتجاه معاكس

أما اليابان، فهي تمثل الاستثناء الأبرز، فبينما تستعد البنوك الكبرى الأخرى لخفض الفائدة أو التريث، تشير التوقعات إلى أن بنك اليابان قد يواصل رفع معدلاته تدريجيًا خلال ما تبقى من العام.

فبعد عقود من أسعار الفائدة السلبية، أقدم بنك اليابان في ربيع 2024 على رفعها تدريجيًا لتخرج إلى المنطقة الإيجابية لأول مرة منذ سنوات طويلة.

ويبلغ سعر الفائدة الأساسي الآن نحو 0.5%، وهو مستوى يبدو ضئيلاً مقارنة بنظرائه في الغرب، لكنه يمثل تحولًا تاريخيًا في السياسة النقدية اليابانية.

السبب الرئيسي لهذا المسار المعاكس هو أن التضخم لا يزال أعلى من هدف البنك، مدعومًا بارتفاع الأجور بشكل ملحوظ.

هذه السياسة المغايرة تضع الين في موقف قوي أمام الدولار والعملات الأخرى، خاصة إذا واصل الفيدرالي الأمريكي مسار الخفض.

بنك إنجلترا.. موازنة دقيقة

أما في بريطانيا، فيسير بنك إنجلترا على خط أكثر حذرًا بين مكافحة التضخم ودعم النمو حيث يبلغ سعر الفائدة الأساسي الآن 4%.

وبعد سلسلة من الرفع المكثف في 2022 و2023 لاحتواء موجة تضخمية غير مسبوقة، قبل أن يبدأ مسار خفض تدريجيًا منذ مطلع 2025 مع تراجع معدلات التضخم.

هذا المسار لم ينجح في مواجهة الضغوط الاقتصادية مثل النمو بطيء، وتباطؤ سوق العقارات بشكل واضح.

ووفقًا لفايننشال تايمز، يتوقع أن يُبقي البنك على مستويات الفائدة الحالية لفترة أطول نسبيًا، مع احتمال خفض محدود في أوائل 2026 إذا استمرت أسعار المستهلك في التراجع.

ماذا يعني هذا للمستثمرين؟

التباين في سياسات البنوك المركزية يرسم ملامح مرحلة جديدة للأسواق العالمية، إذ إنه يزيد من تقلبات أسعار الصرف ويجعل قرارات الاستثمار عبر الحدود أكثر تعقيدًا وهو ما ينعكس مباشرة على الأصول المالية.

فخفض الفيدرالي قد يمنح الأسهم الأمريكية دفعة صعودية جديدة، في حين يتراجع الدولار لصالح عملات مثل الين أو اليورو، أما في أوروبا، فإن أي تردد أو تثبيت للفائدة يترك الأسواق في حالة ترقب، وقد يدفع المستثمرين نحو الذهب أو السندات كملاذ آمن.

لكن يظل التحدي الأكبر مرتبطًا بمخاطر التضخم، فإذا بقيت معدلات الأسعار أعلى من المستهدف في أي من هذه المناطق، فإن قدرة البنوك المركزية على مواصلة الخفض ستتراجع.

من هنا، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول والأكثر ترجيحًا هو سلسلة خفض متدرج من الفيدرالي حتى نهاية 2025، مع تريث أوروبي وتشدد ياباني نسبي، ما يخلق بيئة أسعار فائدة منخفضة لكنها بعيدة عن الصفر.

السيناريو الثاني، الأقل احتمالًا لكنه مهم، يتمثل في هبوط مفاجئ للتضخم العالمي يقود إلى موجة خفض متزامنة للفائدة، وهو ما يعيد شبح "عصر الصفر" لكن فقط في حال حدوث صدمة اقتصادية كبرى.

أما السيناريو الثالث فيرتبط بارتفاع مفاجئ في الأجور أو أسعار الطاقة، ما قد يعيد الضغوط التضخمية ويدفع البنوك المركزية إلى التثبيت أو حتى الرفع مجددًا.

ومع ذلك، فإن ذكرى "زمن الصفر" تظل حاضرة، كشبح يذكّر المستثمرين بأن الصدمات الكبرى وحدها قادرة على إعادة عقارب السياسة النقدية إلى تلك المرحلة الاستثنائية.

Loading ads...

المصادر: أرقام- رويترز- بلومبرج- فايننشال تايمز- إنفستوبيديا- ماركت ووتش- وول ستريت جورنال

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه