أزمة الياقات الزرقاء في أمريكا.. وظائف بلا عمال وجيل زد يكسر وصمة الحِرف

في وقت سابق من هذا العام أوضح جيم فارلي؛ الرئيس التنفيذي لشركة فورد، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إنذار بأهمية الحرف اليدوية. حيث تبقى خمسة آلاف منصب لميكانيكيين في فورد شاغرًا دون متقدمين.
وعلى مدار أكثر من عقد عانت العديد من المهن ذات الياقات الزرقاء، التي تشمل الأعمال اليدوية مثل: التصنيع، فنيي السيارات، والبناء، من صعوبة جذب الشباب.
كما أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي وجود أكثر من 400 ألف وظيفة في المهن الحرفية الماهرة غير مشغولة حاليًا. ما يعد عجزًا مرشحًا للتفاقم مع استمرار نمو الطلب على العمالة. كذلك قدر معهد التصنيع وشركة ديلويت الحاجة إلى 3.8 مليون عامل إضافي خلال العقد المقبل.
علاوة على ذلك أشارت ميريام سوليفان؛ المديرة الأولى في مركز التلمذة المهنية والتعلم القائم على العمل التابع لمنظمة Jobs for the Future (JFF)، إلى أن هذا النقص ناتج عن «عاصفة مثالية» تتقاطع فيها شيخوخة القوى العاملة مع الوصمة الثقافية المرتبطة بهذا النوع من العمل. بجانب اشتداد المنافسة على العمالة المتخصصة.
لكن ثمة مؤشرات على أن جيل زد بدأ يعيد النظر في هذه الأزمة، في ظل اضطراب للاقتصاد يدفعهم إلى إعادة تقييم خياراتهم المهنية. ووفقًا لاستطلاع أجرته شركة Harris Poll عام 2024 لصالح Intuit Credit Karma. أشار 78% من الأمريكيين إلى تزايد الاهتمام بالوظائف الحرفية بين الشباب.
ومع ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية يتجه كثير من أبناء جيل زد المثقلين بالديون إلى مسارات مهنية مجزية ماليًا. تتيح لهم تجاوز نموذج الدراسة الجامعية التقليدية لأربع سنوات.
وبحسب بيانات National Student Clearinghouse زاد الالتحاق بالكليات المجتمعية ذات الطابع المهني بواقع 16% خلال العام الماضي. كما تحققت زيادة بواقع 23% في عدد طلاب جيل زد الذين يدرسون مهن البناء بين عامي 2022 و2023.
وعلى الرغم من ذلك، ومع اختفاء العديد من وظائف الياقات البيضاء للمبتدئين، فشل أرباب العمل والمؤسسات التعليمية في بناء مسارات واضحة وموثوقة تؤدي إلى العمل اليدوي. ما يترك وظائف عالية الأجر شاغرة، ويبقي جيل زد خارج المعادلة.
لماذا يفضّل «جيل زد» الحرف اليدوية؟
وفي السياق ذاته أشار كلينتون كروفورد؛ وهو فني سيارات يبلغ من العمر 55 عامًا في ولاية أركنساس، لمجلة Fortune، إلى أن النظام فشل منذ البداية في دعم الشباب المهتمين بمثل هذا العمل. حيث لم يتم عرض على الأبناء في سن المدرسة الثانوية، بمن فيهم أبناؤه، العمل اليدوي كخيار مهني قابل للحياة.
وبدلًا من ذلك تم تشجيع معظم الطلاب على الاستعداد للدراسة الجامعية لأربع سنوات. ويضيف كروفورد: «هذا جيد، إذا كان مناسبًا لك. لكنني لا أعتقد بأنه مناسب للجميع».
في حين شهد منزل الرئيس التنفيذي لفورد نقاشًا مشابهًا. ففي فعالية Ford Pro Accelerate التي نظمها فارلي هذا الخريف. ركزت على ما يسميه «الاقتصاد الأساسي» والوظائف الحيوية المفقودة فيه، تحدث فارلي مع وزيرة العمل لوري تشافيز-ديريمر ومايك رو من مؤسسة Mike Rowe Works Foundation.
قيمة الحرف اليدوية لجيل زد
وروى أيضًا لهم تجربة ابنه الذي عمل صيفًا كميكانيكي، ثم قال لوالديه: «لا أعرف لماذا أحتاج إلى الذهاب للجامعة».
كذلك أوضح فارلي أن ابنه وجد العمل تحت غطاء السيارة أكثر جدوى مما يعتقد بأن الجامعة ستقدمه له. معتبرًا أن هذا النقاش «يجب أن يكون مفتوحًا».
وقبل ذلك بأشهر أوضح فارلي لمعهد Aspen Ideas Institute أن بعض عماله يضطرون للعمل في نوبات لدى “أمازون” لتأمين معيشتهم. وسمع أن «الشباب لا يريدون العمل هنا».
كما أكد فارلي أن المشكلة تعود إلى ثقافة لا تقدر العمل اليدوي. حيث أوضح استطلاع أجرته Jobber عام 2025 أن 7% فقط من الآباء يفضلون أن يتجه أبناؤهم إلى التعليم المهني والعمل المرتبط به.
في حين قال معظم طلاب جيل زد إن التعليم المهني يحمل وصمة ثقافية مقارنة بالتعليم الجامعي.
بينما قال كروفورد “إذا التقيت طبيبًا، أو شخصًا يدرس في برنامج جامعي لأربع سنوات. فكر في الانطباعات المختلفة التي تكوّنها عن كل واحد منهم”.
وبحسب مركز “بيو للأبحاث” يعتقد ثلاثة فقط من كل عشرة عمال من ذوي الياقات الزرقاء بأن معظم الأمريكيين يكنون «قدرًا كبيرًا» أو «مقدارًا معقولًا» من الاحترام لعملهم.
بينما حذر أكاديميون، مثل: مايكل ساندل؛ أستاذ جامعة هارفارد، من أن القيمة التي يضيفها هؤلاء العمال للاقتصاد لا تنعكس في كيفية معاملتهم اجتماعيًا.
علاوة على ذلك يرفض كروفورد الصور النمطية التي تصف العمل اليدوي بأنه غير ماهر. مشددًا على أن الذكاء المطلوب لفهم الجوانب التقنية للأنظمة المعقدة، ثم شرحها للعملاء. في حين أكد أن هذه المهن ليست «لمن لا يستطيعون التفوق»، بل يجد فيها إشباعًا ومعنى حقيقيين من خلال مساعدة الناس على العودة إلى الطريق.
كما يقول: «كنت قادرًا على مساعدة أشخاص حين وضعتهم الحياة في مواقف صعبة».
المصدر: Fortune
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





