“مراهق العائلة”.. مسلسل يُعري الجانب المظلم من حياة المراهقين الرقمية، وقد يكون أكثر الأعمال رعبًا في عام 2025

الساعة تقترب من السادسة والربع صباحًا، حين يصل ضباط الشرطة المدججون بالسلاح. الطفل المشتبه به، البالغ من العمر 13 عامًا، لا يزال في سريره حين يقتحم شرطي يحمل رشاشًا الطابق العلوي.“لا بدّ أن هناك خطأً ما!” يصرخ الأبوان المصدومان، بينما تُتلى على ابنهما الحقوق القانونية وتتم عملية التوقيف. يتبول الطفل على نفسه من الخوف لكن لا خطأ في الأمر: ابنهما مطلوب بتهمة قتل زميلته في المدرسة.الضوء بالكاد بدأ يتسلل إلى الأفق حين داهمت وحدة شرطة خاصة منزل عائلة ميلر. يصرخ الأب، إيدي، بكل ما أوتي من خوف: “لم أفعل شيئًا! أنتم مخطئون في العنوان!” غير أن الشرطة لم تأتِ من أجله، بل من أجل الطفل الذي ما زال غافيًا في غرفة تغص بنجوم مضيئة على الجدران. وسرعان ما تتسارع الوتيرة: “جيمي ميلر، الساعة السادسة والربع صباحًا، أنت موقوف بتهمة القتل!وبحلول السابعة والربع، يكون الفتى المحتجز، “جيمي”، قد خضع لفحوص طبية، وتم تقديمه إلى محامٍ عام، وبدأ محققو الشرطة في استجوابه، مسلحين بأدلة دامغة تشير إلى أنه طعن زميلته في المدرسة حتى الموت.تفصيل بالغ الدلالة يبرز في منتصف الحلقة الأولى: حين يرفض جيمي، بتوجيه من والده إيدي ومحاميه، الكشف عن كلمة المرور لهاتفه المحمول أثناء التحقيق. يعلم الآباء اليوم أن الهاتف الذكي لم يعد مجرد وسيلة اتصال، بل صار المفتاح إلى العوالم الخفية لأبنائهم صداقاتهم، علاقاتهم، أسرارهم، ، عالمهم الخاص، الاجتماعي والحميمي، المحفوظ خلف شاشة صغيرة وقفل رقمي. ولذا، تبدو مقاومة جيمي لحظة فارقة تشير بوضوح إلى أن هاتفه ربما يخفي أكثر من مجرد رسائلكل هذا يُعرض دون أي قطع، في لقطة واحدة مستمرة: الاقتحام، الإجراءات الروتينية الشرطية، صدمة العائلة… جميعها تنساب في ساعة تلفزيونية مشبعة بالتوتر، تُقدَّم كما لو أنها اللحظة ذاتها بلا فاصل.أعلى نسبه مشاهدة في تاريخ نتفلكسهكذا يبدأ المسلسل البريطاني، المكوّن من أربع حلقات (Adolescence)، (مراهق العائلة)، عمل قصير، لكنه مزلزل، عرض لأول مرة في 13مارس /آذار 2025، على منصة نتفليكس دون ضجيج إعلامي كبير، ولا أسماء هوليوودية رنانة (باستثناء شركة الإنتاج “Plan B” التي يقودها النجم براد بيت).بلان بي إنترتينمنت (Plan B Entertainment) هي شركة إنتاج سينمائي أمريكية مرموقة، أسسها كل من براد بيت، وبراد غراي، وجنيفر أنيستون عام 2001. اشتهرت بإنتاج أفلام حازت على إعجاب النقاد والجمهور على حدٍ سواء، من أبرزها The Departed، و12 Years a Slave، وMoonlightالا انه تصدّر قائمة الأعمال الأعلى متابعة على المنصة، وتخطّى 66.3 مليون مشاهدة خلال أسبوعين فقط، وحجز مكانه كأكثر مسلسل قصير مُشاهدةً في تاريخ منصة Netflixالمشهد البصري المُذهل للمسلسلمن الوهلة الأولى، لا يبدو كمسلسل درامي تقليدي، بل مشروع فني طموح ومركّب؛ إذ يتألف من أربع حلقات استثنائية، كل واحدة منها مصوّرة بلقطة واحدة مستمرة — بنظام الكاميرا الواحدة، بلا انقطاع، أو تعديل، One Shot، وكأنها عرض مسرحي مباشر. الكاميرا تبدأ بالتصوير عند ظهور تتر البداية، ولا تتوقف إلا عند النهاية — دون أي قطع.الملصق الدعائي لمسلسل “مراهق العائلة “يظهر الفتى “جيمي” في مقدمة الصورة، لا يبرز منه سوى وجهه الذي تطل منه عين واحدة غامضة، تختزن مشاعر حائرة يصعب فك شيفرتها. أمامه يجلس والده، لكن بظهره نحو الكاميرا، في مشهد يجسد ببراعة التوتر الصامت والشرخ العاطفي بين الأب والابنهذه التقنية تضفي على السرد إحساسًا حيًّا بالزمن الواقعي، إلى جانب شعور بالدهشة من براعة الإخراج، ودقّة الحركة، وتحمل الممثلين لهذا التحدّي المُنهك.من مسلسل إلى قضية رأي عامفي المملكة المتحدة، أصبح مسلسل “مراهق العائلة” أول عمل من إنتاج منصات البثّ يتصدّر تصنيفات المشاهدة التلفزيونية الوطنية، تحوّل المسلسل إلى قضية رأي عام، نوقشت على الشاشات وفي البرلمان على حدّ سواء.وقد نجح Adolescence، حتى الآن، في إثارة فزع الآباء حيال تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على أبنائهم، ما دفع برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى استقبال صُنّاع العمل في مقر الحكومة بـ”داونينغ ستريت”، لإجراء محادثات حول حماية المراهقين. وأعلنت رئاسة الوزراء أن ستارمر يدعم مبادرة أطلقتها نتفليكس لبث المسلسل مجانًا في جميع المدارس الثانوية بالمملكة المتحدة، ليتسنّى لأكبر عدد ممكن من المراهقين مشاهدته.رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلتقي صنّاع مسلسل “مراهق العائلة” لمناقشة قضية عنف الشباب ويعلن عن عرض المسلسل ” في المدارس بجميع أنحاء المملكة المتحدة، معربًا عن أمله في أن يسهم هذا العمل الدرامي المؤثر في حماية الفتيان من الانجراف إلى “دوامة كراهية النساء”. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود حكومية لتسليط الضوء على قضايا الذكورية السامة، والعنف المرتبط بالشباب، والتطرف الرقمي، وذلك بعد أن أثار المسلسل نقاشًا واسعًا بين الأوساط التعليمية والسياسية والمجتمعيةوفي تصريح يكشف عن عمق التفاعل الشخصي مع المسلسل، قال ستارمر إنه شاهد المسلسل رفقة ابنته وابنه المراهقين، مؤكدًا صعوبة التجربة، لكنه شدّد على أن بثّه في المدارس من شأنه أن يُسهم في توعية الطلاب على فهم أثر كراهية النساء، وخطر التطرّف الرقمي، وأهمية بناء علاقات صحّية.اشترك فيالنشرة البريديةاشترك في النشرة البريدية وتابع أحدث أفلامنا الوثائقيةجرائم الفتيان تجاه الفتياتانبثقت فكرة المسلسل في ذهن الممثل ستيفن غراهام بعد سلسلة من الجرائم العنيفة التي صدمته شخصيًا. ففي العقد الأخير فقط، ارتفعت نسبة المراهقين الذين قُتلوا بأسلحة حادة في المملكة المتحدة بنسبة 240٪.الممثل ومؤلف المسلسل ستيفن غراهام في دور الأب، الذي احتمل عبء مشاعر متناقضة: الحب والعار، الغضب والندم، قبل أن ينفجر بكل تلك المشاعر في الدقائق الأخيرة القاسية حدّ التهشيمومن هنا، استعان غراهام بشريكه الفني الدائم، الكاتب جاك ثورن، لصياغة دراما قاسية تُمعن النظر في لماذا بات بعض الفتيان يرتكبون جرائم بهذه الوحشية تجاه الفتيات؟على المستوى الظاهري، يمكن اعتبار المسلسل دراسة عن جرائم الطعن بالسلاح الأبيض.أما على المستوى الثقافي، فهو دراسة دقيقة لأزمات التنمّر الإلكتروني، والتأثير السام لمنصات التواصل الاجتماعي، والضغوط النفسية التي تُطوّق الفتيان اليومالعمل من إخراج فيليب بارانتيني، ويؤدي أدواره الرئيسية كل من أوين كوبر، ستيفن غراهام، كريستين تراماركو، أشلي والترز، وإيرين دوهيرتيالحلقة الأولى والأسئلة الجوهريةمنذ الثواني الأولى، تضربك بقوة تلك الهوة بين فداحة الجريمة وحداثة سنّ مرتكبها لماذا يقتل طفل في الثالثة عشرة من عمره؟ هذا هو السؤال المحوري في هذا المسلسل، وما سرّ هذا القلق المتصاعد الذي يدفعك لمشاهدة الحلقات الأربع دفعة واحدة، وكأنك توشك على بلوغ إجابة ما، أو مفتاح لفهم ما جرى؟فريق مسلسل “مراهق العائلة” على نتفليكس: فيليب بارانتيني، أوين كوبر، آشلي والترز، ستيفن غراهام – نتفليكسيتتبع المسلسل “جيمي ميلر”، وعائلته بعد جريمة القتل المروّعة التي غيّرت مسار حياتهم إلى الأبد. في البداية، ينكر الطفل جيمي تورطه في أي فعل إجرامي. لكن سرعان ما يواجه المحقق بمقطع مصور عبر كاميرات المراقبة، يظهر فيه وهو يطعن زميلته كايتي. ومع ظهور هذا الدليل الدامغ، تنتقل القصة من البحث عن الجاني إلى البحث عن الدافع، حيث تبدأ السلطات في محاولة فهم “لماذا” ارتكب جيمي هذا الفعل؟نال المسلسل إشادة واسعة، خصوصا أداء النجم الصاعد أوين كوبر في دور الصبي”جيمي ميلر”، والمخضرم ستيفن غراهام في دور والده “إيدي ميلر”. تكمن قوة المسلسل إنه يسلط الضوء على جيل يعيش نصف حياته في الفضاء الرقمي، ويترك وحيدا ليواجه صورا نمطية مشوهة، وضغوطا نفسية هائلة، وخطابات كراهية روج كأنها حقائقوفي سياق التحقيق، تغوص الشرطة في أرشيف من الرسائل والمنشورات المتبادلة بين جيمي وكايتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لفك رموز العلاقة بينهما، والتقاط إشارات قد تكشف ما خفي من الأسباب.الحلقة الثانية.. اسرار (الإيموجي)تتعمق خيوط التحقيق أكثر، حين يزور المحقق “باسكومب” مدرسة جيمي وهي المدرسة نفسها التي يدرس فيها ابنه آدم. وخلال زيارته، يلفت آدم انتباه والده إلى المعاني المهينة والرمزية لبعض الرموز التعبيرية (الإيموجي) التي كانت ترسلها كايتي إلى جيمي عبر إنستغرام، وهو ما يدفع بالمحقق إلى فتح مسار جديد للتحقيق حول إمكانية تعرّض جيمي لتنمّر إلكتروني.في مسلسل Adolescence، يؤدي وولترز، البالغ من العمر 42 عامًا، دور المفتش لوك باسكومب، الذي يلقي القبض على الفتى جيمي (يؤديه أوين كوبر) بتهمة طعن زميلته حتى الموت. ووفقًا لأرقام صادرة عن مؤسسة “بن كينسيلا ترست”، فقد قتل 57 شابًا دون سن الخامسة والعشرين في إنجلترا وويلز خلال عام 2025 باستخدام سكين أو أداة حادة وكان 17 منهم دون سن السادسة عشرةالحلقة الثالثةتشهد هذه الحلقة جلسة مطوّلة بين الفتى جيمي ميلر، المُحتجز بانتظار محاكمته، وبين الأخصائية النفسية التي تؤدي دورها إيرين دوهيرتي.والمكلّفة بتقييم حالته بعد أشهر قضاها في الحبس، جيمي يجسّده الممثل الشاب أوين كوبر، في أول ظهور تلفزيوني له، وتقدّم مشاهدهما المشتركة درسًا في الأداء المرهف والعميق.الجزء الذي حظي بأكبر قدر من الإشادة النقدية في السلسلة هو الحلقة الثالثة، التي تجري أحداثها بعد سبعة أشهر من اعتقال جيمي. في هذه المرحلة، يحتجز الصبي في مؤسسة لإعادة تأهيل الأحداث بانتظار محاكمته، وتقوم الأخصائية النفسية المكلفة بإعداد تقرير تقييم لحالته تدفعه الأخصائية بلطفٍ محسوب نحو أسئلة تربكه وتكشف هشاشته. تسأله: “هل تعتقد أن الفتيات يجدنك جذابًا؟”. يجيب، بصوت خافت، أنه يظن نفسه قبيحا. يبحث في عينيها عن طمأنينة أو حنان أمومي، لكنه لا يجد سوى مهنية صارمة؛ فهي ليست هناك لتواسيه، بل لتفهمه. مهمتها ليست الترضية، بل سبر أغوار الصمت والغضب والانكسار خلف وجهه الطفوليلا شك أن كوبر، بهذا الأداء اللافت، يسير بخطى واثقة نحو النجوميةخلال الحلقة، يكشف جيمي عن أنه حاول دعوة كايتي للخروج بعد أن تم تداول صورة عارية جزئياً لها — تُظهرها من دون ملابس علوية — بين زملائهما في الصف عبر تطبيق “سناب شات”، ضمن سياق من الانتقام الجنسي الرقمي. ويبدو أن جيمي قام بدعوتها بدافع تعاطفي، في محاولة لجعلها تشعر بتحسّن، غير أنها رفضته، ثم عمدت لاحقًا إلى إرسال رموز تعبيرية ساخرة تهينه على تلك المبادرة.ويقول إنها اتهمته زورًا بأنه “إنسيل” (Incel)، وهو مصطلح يشير إلى فئة من الذكور الذين يُعرّفون أنفسهم بأنهم “عزّاب قسرًا”، بدون إرادة منهم، ويتجمعون ضمن مجتمعات إلكترونية يغلب عليها الطابع الذكوري العدائي بسبب شعورهم بالإقصاء الجنسي.ويلمح المسلسل إلى أن جريمة القتل التي ارتكبها جيمي كانت مدفوعة بجراح نفسية سببها له رفض كايتي وإهانتها له.قراءة في ثقافة “الإنسيل” ومصطلحات لا يفهمها الاباءفي المشهد ذاته، يتضح من خلال تحليل الرموز التعبيرية المتبادلة على إنستغرام، أن الفتاة كايتي كانت تتهم جيمي بأنه “إنسيل”، كما يفسر ذلك آدم، نجل المحقق باسكومب. ويشرح أن “الإنسيل” مصطلح يستخدم داخل مجتمع رقمي متطرف، يضم ناشطي حقوق الرجال الذين يجتمعون على أساس رفض النساء لهم جنسيًا، وهو مجتمع غالبًا ما يتبنى خطابًا معاديًا للنساء.أوين كوبر، وهو يحمل جائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره المؤثر في مسلسل “مراهق العائلة” Adolescence، كوبر، الذي كان يبلغ من العمر 14 عامًا فقط أثناء التصوير، قدم أداءً استثنائيًا بدور “جيمي ميلر”، الفتى المراهق المتهم بجريمة قتل زميلته. وقد حير النقاد والجمهور بقدرته على التعبير عن الهشاشة والعنف المكبوت داخل شخصية معقدة على هذا النحو، ليصبح من أبرز اكتشافات عام 2025 (Getty Images)يبدي باسكومب دهشته متسائلًا: “لكن جيمي في الثالثة عشرة! كيف يمكن أن يكون إنسيل في هذا العمر؟” فيجيبه ابنه آدم قائلاً:“هي لا تتهمه بأنه إنسيل الآن… بل بأنه سيظل كذلك دائمًا. يعني أنهم يقولون له: ستكون عذريًا إلى الأبد.” ويضيف أن آخرين على الإنترنت كانوا يوافقونها الرأي.نظرية 80/20في المسلسل، يشرح آدم أن زملاءه في المدرسة يتداولون “نظرية الـ 80/20″، التي تزعم أن “80% من النساء ينجذبن إلى 20% فقط من الرجال”، وهو ما يُشير إلى الضغط الهائل الواقع على الفتيان المراهقين عندما تبدأ مشاعرهم تجاه الفتيات بالتشكل.
ويلفت المسلسل الانتباه، نحو الفتيان، الذين يتخبّطون في محاولة فهم كيفية التواصل الصحي مع الفتيات، في عالم بات يمنح الفتيات حرية اختيار من يرغبن في مواعدتهالحلقة الرابعة والأخيرةفي خلفية هذه المأساة، تعود الكاميرا لتتسلّل إلى قلب العائلة المتصدعة، التي تنتظر محاكمة جيمي، وتقترب العدسة لتسجل لحظة موجعة يواجه فيها الأبوان سؤالًا مريرًا: هل كنّا أهلًا صالحين بما يكفي؟ إنها لحظة تهز الأعماق، وتُعدّ مشاهد الأم والأب، هنا من أكثر اللحظات تمزيقًا للنفس.في خلفية هذه المأساة، نرى أبا مكسورًا لا يفهم ما الذي فاته في تربية ابنه، وأم تعيد تقييم كل لحظة قضتها في غياب جيمي. ليس هناك عنف أسري، ولا إهمال، ولا خلفية إجرامية. جيمي طفل عادي، ضائع في عالم غير مرئي يسكن هاتفهنرى أبًا مكسورًا لا يفهم ما الذي فاته في تربية ابنه، الاب ذلك السباك الطيب، الذي يقضي لياليه في تسليك المجاري ليسدد قروض منزله المتواضع؟ هل يهمل أبناءه؟ هل يمارس عنفًا خفيًا في المنزل؟ والأم تعيد تقييم كل لحظة قضتها في غياب جيمي. ليس هناك عنف أسري، ولا إهمال، ولا خلفية إجرامية. جيمي طفل عادي، ضائع في عالم غير مرئي يسكن هاتفه.يرفض المسلسل أن يقدم تفسيرًا بسيطًا أو نمطيًا لكيف يمكن أن ينتهي الحال بفتى مثل جيمي في هذا الموقف المروّع “الأب لم يسبق أن رفع يده على ابنه. ليس عنيفًا أو عدوانيًا مع الأم. والأم ليست مدمنة على الكحول…وجه جيمي ميلر وجهه الملائكي، الذي نراه مع بداية التتر، يبعث على القشعريرة: إنه وجه الشر الكامن في البراءة. كيف يمكن للإحباط الجنسي، ولعقد المراهقة، وللتنمر في المدرسة وعبر الشبكات الاجتماعية، أن تقود إلى الهاوية؟ أهو الأب؟ ذلك السباك الطيب، الذي يقضي لياليه في تسليك المجاري ليسدد قروض منزله المتواضع؟ هل يهمل أبناءه؟ هل يمارس عنفًا خفيا في المنزل؟يتركنا Adolescence أمام سؤال لا يدّعي حتى أنه قادر على الإجابة عنه، سؤال مثقل بالقلق. لماذا تحدث مثل هذه الأمور؟كيف يمكن للإحباط الجنسي، ولعُقد المراهقة، وللتنمّر في المدرسة وعبر الشبكات الاجتماعية، أن تقود إلى الهاوية؟المرآة السوداء لمجتمعناوهنا تكمن قوة مسلسل مراهق العائلة،(Adolescence): إنه يسلط الضوء على جيل يعيش نصف حياته في الفضاء الرقمي، ويترك وحيداليواجه صورًا نمطية مشوهة، وضغوطًا نفسية هائلة، وخطابات كراهية تروج كأنها حقائق.لوس أنجلوس، 14 سبتمبر 2025 – لحظة مهيبة شهدها مسرح “بيكوك” في لوس أنجلوس، عندما صعد صنّع ونجوم مسلسل “Adolescence” إلى المنصة لاستلام جائزة أفضل ضمن جوائز الإيمي الـ 77. وضم الفريق كلا من الممثلين ستيفن غراهام، أوين كوبر، إيرين دوهيرتي، آشلي والترز، كريستين تراماركو، إلى جانب الكاتب جاك ثورن، الذين عبروا عن امتنانهم لتكريم هذا العمل الدرامي الذي أثار عاصفة من النقاشات في الأوساط الفنية والتربوية والاجتماعيةرسالة عاجلة للآباءالمسلسل لا يقدّم أجوبة، بل يدعو المشاهدين، خصوصًا الآباء والامهات، إلى فتح أعينهم وآذانهم. إنه تذكير بأن أطفالنا يعيشون اليوم في عوالم موازية، لا يمكننا تجاهلها أو إنكارها. إنه عمل يتحدث عنّا جميعًا، وعن مسؤوليتنا في تربية أبنائنا، سواء كنا آباءً فعليين أم لا.ما الذي غاب عنّا؟ ما الذي فشلنا في رؤيته وفهمه عن عالم المراهقين، على منصات التواصل الاجتماعي؟ ماذا نعرف حقًا عن هؤلاء الفتيان والفتيات، الذين لم تتشكّل بعد ملامحهم الجسدية، والذين لا تزال وجوههم تحمل طفولة واضحة، لكنهم يعيشون بعقول مستلبة، ويتعرضون لمضامين جنسية صادمة بفعل إنستغرام وسناب شات وتيك توك، كأنهم جماعات سائبة خارجة من غابة رقمية؟المسلسل ارد منا نحن الإباء والامهات ان ندرك ان أخطر مكان على المراهقين اليوم ليس الشارع… بل غرف نومهم، وعزلتهم مع هواتفهمأخيرًا، لا عجب أن يدعم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عرض المسلسل في المدارس. فالعنف والكراهية اللذَين يرسمهما (مراهق العائلة) ليسا خيالًا… بل تحذيرًا من مستقبل يوشك أن يصبح حاضرًا دائمًا.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه




