"كان 2025": اختبار البقاء أو الرحيل للركراكي والطرابلسي وحسن – DW – 2025/12/23

لطالما كان المدربون الوطنيون العرب الاختيار الأنسب للعديد من المنتخبات في كأس أفريقيا مقارنة بالمدربين الأجانب، وظهر هذا جليا في تحديد ملامح البطل في أغلب نسخ البطولة القارية.
وبالعودة إلى حصيلة التتويج في النسخ الأخيرة من كأس أمم أفريقيا، بدى التفوق النسبي للمدرب الوطني واضحًا مقارنة بنظيره الأجنبي، إذ نجح المدربون المحليون في حصد 5 ألقاب من أصل آخر 8 نسخ للبطولة، مقابل 3 ألقاب فقط ذهبت لمدربين أجانب.
وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي، سامي الطرابلسي مدرب المنتخب التونسي، وحسام حسن مدرب المنتخب المصري. قاسمهم المشترك لا يقتصر فقط على اللغة أو الانتماء الجغرافي، بل يتعداه إلى مسيرة كروية حافلة كلاعبين سابقين، وتجربة تدريبية تصطدم اليوم باختبار حاسم بين إثبات الذات أو السقوط تحت وطأة التشكيك.
المدربون الثلاثة عاشوا حمل القميص الوطني كلاعبين، وإن اختلفت محطاتهم وتجاربهم.
سامي الطرابلسي (57 عاما) كان أحد عناصر الجيل الذهبي للمنتخب التونسي، وشارك في كأس العالم 1998 بفرنسا، مكتسبًا خبرة اللعب في أعلى المستويات الدولية. وكان سامي الطرابلسي أحد أبرز المدافعين الذين تميّزوا باللعب الرجولي، وقوة الشخصية داخل المستطيل الأخضر، زد الى ذلك حضوره القيادي الذي جعله عنصرا مؤثرا داخل الملعب وخارجه.
حلم العودة كمدرب إلى المونديال
أما حسام حسن (59 عاما)، فهو اسم محفور في ذاكرة المصريين، و هو أحد أعظم الهدّافين في تاريخ الكرة المصرية وصاحب الهدف الحاسم الذي أهل مصر إلى مونديال 1990، فضلًا عن دوره في الحصول على ركلة الجزاء الشهيرة التي سجل منها مجدي عبد الغني هدف مصر الوحيد في ذلك المونديال. ويُعد حسام الهداف التاريخي لمنتخب مصر، وأحد أبرز رموزه عبر التاريخ.
ويجمع الطرابلسي وحسام حسن إنجازا نادرا، كونهما من أوائل المدربين العرب الذين شاركوا في كأس العالم كلاعبين، ثم قد يعودون للمسابقة ذاتها كمدربين، ويتوقف هذا على النتائج المحققة في الكان.
في المقابل، لم يُكتب لوليد الركراكي (50 عاما) أن يشارك في كأس العالم كلاعب، لكن القدر عوضه بطريقة استثنائية. ففي مونديال قطر 2022، صنع الركراكي معجزة رياضية بقيادته منتخب المغرب إلى نصف النهائي، في إنجاز غير مسبوق عربيًا وأفريقيًا، جعله محط إعجاب عالمي.
النجاح لا يعفي من المساءلة
رغم اختلاف الخلفيات، فإن القاسم المشترك اليوم هو النقد اللاذع الذي يطارد الثلاثي.
في تونس، يعيش سامي الطرابلسي وضعًا معقدًا. فرغم تحقيقه نتائج مميزة، أبرزها التأهل مع منتخب تونس إلى كأس العالم دون هزيمة ودون تلقي أي هدف، إلا أن الصحافة والشارع الرياضي التونسي لا يبدون اقتناعًا كاملًا بأسلوبه. الانتقادات تطال طريقة اللعب التي توصف بالمحافظة، إضافة إلى اختياراته الفنية والقائمة المشاركة في بطولة كأس أمم أفريقيا، وسط شعور عام بعدم الرضا الكامل، وكأن الأرقام وحدها لا تكفي لإقناع الجماهير.
وعن تقييم الطرابلسي يقول الصحفي الرياضي التونسي عبد السلام ضيف الله "سامي الطرابلسي أثبت أنه أحد أكثر المدربين التونسيين اتزاناً من الناحية التكتيكية والنفسية. يتميز بقدرة عالية على إدارة المباريات الكبيرة وخلق انسجام بين اللاعبين المحليين والمحترفين بالخارج. يُحسب له أنه أول مدرب تونسي منذ أكثر من عقد يؤمّن تأهلاً مريحاً ومبكراً لكأس العالم.
ويرى ضيف الله أن التحدي القادم للطرابلسي يتمثل في تحقيق مركز متقدم في كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب والاستعداد المثالي للمونديال".إعلان
انتقادات بسبب الأداء الباهت
أما في مصر، فالوضع يبدو أكثر توترًا. وبالرغم من التأهل الى المونديال دون هزيمة يواجه حسام حسن انتقادات حادة بسبب الأداء الباهت لمنتخب "الفراعنة"، الذي يظهر بوجه شاحب لا يعكس تاريخ الكرة المصرية ولا جودة لاعبيها. كما أن تصريحات المدرب، التي يعتبرها كثيرون انفعالية أو غير مسؤولة، زادت من حدة الجدل حول قدرته على قيادة منتخب بحجم وطموحات مصر في بطولة قارية لا تقبل سوى المنافسة على اللقب.
ويقول الصحفي الرياضي المصري عمر البانوبي ": أتمنى أن يتجاوز حسام حسن عن كل الانتقادات الإعلامية وأن يثق في قدراته التدريبية وأفكاره وأن يدخل كأس الأمم الأفريقية باحثا عن الانتصارات فقط. العلاقة بين حسام حسن ولاعبي منتخب مصر ستكون مفتاح النجاح أو الفشل في هذه البطولة".
وفي المغرب، تبدو الضغوط من نوع مختلف. وليد الركراكي، رغم إنجازه التاريخي في مونديال 2022، يواجه انتقادات تتعلق بأسلوب اللعب الذي ينتهجه، والفشل في فك شيفرة المنتخبات التي تدافع بالكتلة الدفاعية المنخفضة، بالإضافة إلى عدم استغلال القيمة الفنية الكبيرة للاعبين المتاحين، لفرض أسلوب يعتمد على "كرة جميلة" تليق بجيل ذهبي يضم أسماء عالمية.
الفرصة الأخيرة للكراكي؟
وتُجمع آراء كثير من المحللين الكرويين على أن كأس أمم أفريقيا 2025 قد تكون الفرصة الأخيرة للركراكي، إذ إن الهدف هذه المرة ليس المشاركة أو الأداء المشرف، بل التتويج باللقب القاري الغائب عن أسود الأطلس منذ عام 1976.
ويقول اللاعب المغربي السابق والمحلل بقنوات "بي إن سبورتس" (BeIn- Sports) عزيز بنيج : "بعد الأداء المبهر الذي قدمه في مونديال قطر 2022، نال وليد ثقة الشارع الرياضي المغربي بتطويره لصورة المنتخب المغربي، ولكن هذه الثقة اهتزت بعد الخروج المبكر من الكان الماضية في دور ثمن النهائي أمام جنوب أفريقيا. وليس هناك رضى تام عن النتائج المحققة مؤخرا وعن التشكيلة المُعتمدة". و يعتقد عزيز أن أداء الركراكي في كأس افريقيا سيحدد مستقبله مع المنتخب.
يقف الطرابلسي وحسام حسن والركراكي أمام امتحان حقيقي في كأس أمم أفريقيا 2025. البطولة القارية التي تدور أطوارها في حاليا في المغرب تعتبر محطة لإثبات الذات وإسكات المشككين، أو لحظة فاصلة تعيد فتح الأسئلة حول جدوى الخيارات الفنية لهؤلاء المدربين.
تحرير: عادل الشروعات
صراع الخطط.. أبرز مدربي كأس الأمم الإفريقية بالمغربمدارس كروية مختلفة وحلم واحد نُصب الأعين. مع انطلاق كأس الأمم الإفريقية في المغرب، تبدأ المعركة الحقيقية على دكة البدلاء. فكل قرار تكتيكي قد يصنع الفارق بين الفشل والنجاح، وكل مدرب يسعى لقيادة منتخبه نحو اللقب المنشود.صورة من: Kim Price/CSM/ZUMA/picture alliance9 صورة
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

علماء يكتشفون "حياة غامضة" تحت جليد القطب الشمالي
منذ ثانية واحدة



