من وعود الزيادات إلى واقع التأخير.. أزمة الرواتب تضرب التعليم السوري

يواجه الآلاف من العاملين في قطاع التربية والتعليم ضمن مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية في سوريا أزمة خانقة، تتفاقم فصولها مع تأخر متكرر ومستمر في صرف مستحقاتهم الشهرية، يضاف إليها غياب أي ترجمة عملية للوعود الحكومية المتكررة بزيادة الأجور.
وتتشابك هذه المعضلة مع الضغوط المعيشية وسوء الإدارة المالية، حتى باتت تدفع بالكادر التربوي نحو حالة من الاستياء المتصاعد، في قطاع يُعد ركيزة أساسية لأي عملية بناء مستقبلي.
خلل منهجي يتكرر كل شهر
دخل الشهر الحالي يومه التاسع دون أن تُصرف رواتب العاملين، وهو تأخير جاء ليتبع تأخرًا مماثلًا الشهر الماضي تجاوز الإثني عشر يومًا، ما يشير إلى وجود خلل منهجي لا يمكن تبريره كونه مجرد حادث عرضي.
وبدلًا من أن تُقابل الضغوط المعيشية المتفاقمة، التي وضعت الغالبية العظمى من السوريين تحت خط الفقر، بزيادات حقيقية تخفف عنهم، وُوجه المدرسون بحالة من “الضبابية الإدارية وسوء إدارة الملفات المالية”، حسبما عبر عنه كثيرون ممن رفعوا أصواتهم احتجاجًا على هذا التخبط.
وتشير المعلومات إلى أن أحد مظاهر هذا التخبط تجلى في التراجع عن آليات الصرف المعتادة، حيث لوحظ انتقال عملية تقاضي الرواتب من تطبيق “شام كاش” الإلكتروني إلى مؤسسة البريد التقليدية.
وقد أجبر هذا التحول الكادر التربوي، الذي كان يُفترض أن يكون جزءًا من وعود التحول الرقمي، على الوقوف في طوابير طويلة لساعات للحصول على مستحقاته، دون صدور أي تبرير رسمي مقنع يوضح سبب هذا التغيير المفاجئ، بحسب “وكالة أنباء هاوار”.
خلل غير معلن في المنح المالية
لا ينسجم هذا المشهد إطلاقًا مع الحديث المتكرر عن التطور الإداري، خصوصًا وأن غالبية العاملين يمتلكون حسابات مصرفية مفعلة وآليات دفع إلكتروني جاهزة.
في محاولة لتفسير هذا الخلل، كشفت بعض المصادر أن هناك “خللًا غير معلن” في آلية التصرف بالمنح المالية المقدمة لوزارة التربية من دول مانحة مثل السعودية وقطر، إضافة إلى تراجع الثقة في آلية تحويل الأموال عبر تطبيق “شام كاش”، ما دفع إلى إعادة توجيه الرواتب لصرفها يدويًا عبر مؤسسة البريد، بدلًا من توطينها في المصارف الحكومية المعتادة كـ “التجاري السوري” و”العقاري”.
ويعكس هذا التخبط في آليات الصرف، وتكرار طلبات تحديث البيانات وتبدل القنوات المالية، تخبطًا إداريًا واضحًا في أعلى مستويات الوزارة.
ضغوط معيشية ورقابية متزايدة
تتفاقم معاناة المعلمين في ظل ضعف الرواتب التي لم تعد تفي بمتطلبات العيش الأساسية، مقابل ارتفاع الضغوط المعيشية والرقابية على حد سواء.
وقد عبر العديد منهم عن غضبهم من التشديد الرقابي المفروض على تحركاتهم داخل المدارس وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وهو تشديد لا يقابله أي التزام من الوزارة تجاه حقوقهم الأساسية، وأولها صرف رواتبهم في مواعيدها المحددة.
وتساءل المدرسون عن قدرة وزارة التربية على مطالبة أصحاب العقارات بالتريث في تحصيل أجور المنازل، في وقت لا يتمكن فيه المعلم من تقاضي راتبه في موعده، ما يضعهم في حرج مادي ومعيشي مستمر، وقد دعت إحدى المدرسات إلى محاسبة المقصرين، مؤكدة أن الوعود الحكومية “تحولت إلى إجراءات متناقضة لم تُسفر عن أي تحسن يذكر.
فروقات كبيرة بين المناطق
في سياق آخر يزيد من حالة الاستياء، كشف مدرسون عن وجود فروقات كبيرة ومتباينة في الرواتب بين العاملين في قطاع التربية في مناطق الحكومة الانتقالية والعاملين في مؤسسات تعليمية أخرى شمال البلاد.
وأشاروا إلى أن رواتب المتعاقدين مع “تربية إدلب”، على سبيل المثال، تُصرف بالدولار وبمبالغ تفوق أضعاف ما يتقاضاه المدرس في مناطق الحكومة الانتقالية، حتى مع تفاوت مستويات الشهادات.
تأتي هذه الفروقات لتضاف إلى التأخير المزمن في صرف المستحقات الإضافية للمدرسين، كمستحقات المراقبة والتصحيح المتأخرة منذ أشهر، ما يلقي بظلال قاتمة على مستقبل العملية التعليمية ويضع الكادر التربوي تحت ضغط مادي لا يطاق.
وقد طالب العاملون بضرورة الالتزام بصرف الرواتب في مواعيدها والإسراع في دفع المتأخرات، مؤكدين أن الحديث المتكرر عن زيادات مستقبلية “لا يعوض الضغوط المعيشية الحالية” ولا يلغي الحاجة الملحة إلى إصلاح إداري ومالي جذري.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





