هل يمكن الحديث عن انسداد سياسي في بلد ما، دون الحديث عن انسداد أو عطل اقتصادي؟ كيف يمكن لعربة الاقتصاد أن تتحرك، فيما الوضع السياسي، معطل، والمؤسسات السياسية، في إجازة قسرية، ومكونات المجتمع، من أحزاب ومنظمات وهيئات مستقلة، قد وضع على أبوابها الأقفال؟ ما علاقة الاستبداد بالاستقرار، ومن ثم النمو الاقتصادي؟تتكشف أهمية هذه الأسئلة بصورة واضحة في الشأن التونسي، وربما بعض الدول العربية والأفريقية، حيث تتلازم الأزمة السياسية مع العطل الاقتصادي، والعكس صحيح.. وما "انقلاب 25 يوليو/تموز 2021″، الذي قام به الرئيس التونسي، قيس سعيد، ضد مسار الانتقال الديمقراطي، بتشريعاته ومؤسساته، ورجاله وثقافته، سوى مظهر لهذه العلاقة المركبة، بين السياسي والاقتصادي، بين الدولة والمجتمع، بين النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي.والحقيقة أن موازنة الحكومة التونسية لسنة 2026، التي تم التصديق عليها قبل بضعة أيام، تترجم بوضوح، ما تعيشه تونس من أزمة، وانسداد سياسي، لم تعرفه حتى زمن الاستبداد على عهد الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.إذ تحصد حكومة الرئيس سعيد، اليوم، حصيلة خيارات سياسية بالأساس، تضمنها المرسوم 117، في البداية، ثم أدرج الكثير منها ضمن دستور 2022، الذي صاغه الرئيس التونسي بنفسه لاحقا.كان من أهم القرارات التي اتخذت لحظة الإعلان عن الانقلاب، بعنوان: "التصحيح الثوري"، هي الاستغناء عن السياسة بجميع تفاصيلها ومكوناتها، بدءا بالبرلمان الذي أغلق، وتعطيل دستور 2014، وإغلاق مقرات بعض الأحزاب التي كانت فاعلة في المشهد برمته منذ ثورة 2011، وإعلان مكافحة الفساد، وإطلاق العنان لمشروع "من خارج الصندوق"، ونعني هنا، "النظام القاعدي" بدلالاته الشعبوية، منظورا إليه كرديف لتصحيح المسار الديمقراطي، وتسليط الضوء على القضايا التي أهملتها النخب، تحت عنوان: "محاربة النسخة السيئة من السياسة". إعلان كان نظام الرئيس قيس سعيد، يعتقد- مزهوا بالانقلاب، والتشجيع الشعبي، وركون النخب إلى انقلابه دون أدنى مقاومة- أنه سيصيغ نموذجا مجتمعيا جديدا، لا هو ينتمي إلى الفكر البورقيبي، ولا هو يستثمر في اللحظة الثورية التونسية الجديدة، إنما مشروع، بدا جديدا وثوريا في البداية، ببعض الشعارات المزركشة، ثم ما لبث أن تحول إلى ما يشبه "اللاشيء"، فأنت اليوم أمام إدارة سياسية، أقرب للاستبداد دون أن تلبس جلبابه بوضوح، وأمام اقتصاد، لا هو رأسمالي ولا هو ليبرالي، ولا حتى من نوع تلك الاشتراكية الخجولة، بفئة من اليسار التونسي، القريب من "الاشتراكية الدولية"، ولا هو اقتصاد يميل إلى النموذج الإيراني أو الصيني أو دول أميركا اللاتينية، رغم كل الشعارات التي تم تسويقها في هذا الاتجاه، في البداية.مرت خمس سنوات الآن، ومع كل موازنة تتقدم بها الحكومة للبرلمان، يتضح أن المرء أمام نسخ مشوهة بكل معنى الكلمة، من تلك الموازنات التي وضعتها "الحكومات الثورية" إبان العام 2011، وكانت تلاقي نقدا من كل الطيف السياسي، في الأحزاب والبرلمان، والخبراء من الداخل والخارج.أراد الرئيس قيس سعيد، أن يكون له إسناد مجتمعي وشعبي، من خارج الأحزاب، وأن يهندس مؤسسات جديدة، بديلة عن مؤسسات الانتقال الديمقراطي، فلم يستطع، وأنتج دوائر انتخابية صغيرة، جعلت النائب يمثل حيا شعبيا، لا مشروعا وطنيامؤشرات أساسيةثمة جملة من المؤشرات الأساسية، والشعارات التي تفسر هذا العطل الاقتصادي والتنموي في البلاد خلال السنوات الأخيرة، في علاقة بالوضع السياسي المتدهور:
حكومة تقنية، بلا رؤية سياسية أو مشروع اقتصادي تنموي.. حكومة تطرح موازنة، تتيه بعض خيوطها- على هشاشتها- أمام تدخلات نواب البرلمان، فتعجز على الدفاع عنها، بل تزيد أجوبة الوزراء، في تعميق حالة التيه، إلى مستوى العبث، كما وصف بعض النواب ردود أعضاء الحكومة على أسئلتهم وملاحظاتهم.
حكومة بلا سند سياسي (حزبي)، وبلا كتلة برلمانية قوية تدافع عنها، وعن خياراتها، التي يفترض أن تناقش في الفضاء السياسي قبل تقديمها للبرلمان.
ففي كل الأنظمة السياسية في العالم، بديمقراطييها ومستبديها، تلعب الأحزاب والمنظمات والخبراء دورا مهما في ضبط اتجاهات الموازنة العامة للدولة، ومفاصلها ومضمونها، أما في تونس التي أريد لحياتها السياسية أن تكون بلا أحزاب، وبمنظمات ضعيفة تتعقبها قضايا لدى المحاكم، ونخب تم تشويهها، وخبراء تم التشكيك في مصداقيتهم، اختزِل كل شيء في الرئاسة.فالقرارات تخرج من قصر قرطاج، والحكومة يتم تشكيلها هناك، وبوصلتها الوحيدة، برنامج الرئيس، دون مناقشة، كما تضبط الرئاسة اتجاه الموازنة وأفقها، وتتولى وزارة المالية، تحويلها إلى أرقام وحسابات، يهيمن عليها هاجس جمع الضرائب من المواطنين والشركات، ضمن دوامة مالية، تزيد في تداين الدولة، ومحاصرة البنوك، ورهن الأسر الفقيرة، كما تضاعف من دخل الشركات والمتاجر الكبرى، وفي النهاية، تحمي الاقتصاد الريعي بامتياز.
اعتماد التقشف، ليس كخيار مرحلي محدد بزمن اقتصادي، إنما كسياسة قائمة، يختزلها شعار: "التعويل على الذات" الذي أعطاه رئيس الدولة للموازنة، في سياق القطيعة مع المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة.
لكن غياب الخطاب السياسي القادر على إقناع الناس والشركات والإدارة البيروقراطية، وشركاء تونس في الخارج بهذا الخيار الصعب، كان مفقودا، ما جعل وزيرة المالية "تحوم حول الحمى ولا ترتع فيه"، كما يقال، بحيث اكتفت بإلقاء جملة من الأرقام على نواب البرلمان، دون القدرة على الدفاع عنها، أو تقديمها كبرنامج اقتصادي قادر على إخراج البلاد من "عنق الزجاجة". إعلان إن الدول التي تضطرها الظروف الاقتصادية المحلية والدولية، للتقشف، تُعِد البرامج، وتستنفر مواطنيها، وتحشد الدول الشقيقة والصديقة لمساعدتها وإسنادها في أزمتها، وذلك ضمن إستراتيجية اقتصادية متكاملة، تسندها رؤية سياسية، وخطاب قادر على أن يحفز الناس، ويمنحهم طاقة وقابلية لتحمل "السنوات العجاف"، أما الأمر هنا، في تونس، فهو مجرد عرض لأرقام ومعطيات اقتصادية كمية.والحقيقة، أنه مع كل موازنة، منذ العام 2022، تاريخ "انقلاب" الرئيس قيس سعيد، لم يؤدِ شعار: "التعويل على الذات"، إلا إلى مزيد من الغموض (لعله مقصود)، على الرغم من الإغراءات اللغوية والنفسية، للمصطلح، واستتباعاته على مستوى الاقتصاد السياسي.لقد تهرى المفهوم تدريجيا، بعد أن بات يحيل على التفقير، ويكرس التبعية لدوائر رأس المال الأجنبي، وريع المصالح في الداخل، عبر سلاسل التداين والاقتراض من الخارج، بما جعل اقتصاد البلاد، أسيرا لمصالح وحسابات، تتحكم فيها لوبيات جديدة، ولدت في غضون السنوات القليلة الماضية، ومن شأنه، وفق عديد الخبراء، أن يزرع بذور تدمير الاقتصاد الوطني، ويضعف قدراته الإنتاجية الذاتية، ويعمم الفوضى في القطاع التجاري والفلاحي (العصب الحي لاقتصاد تونس)، دون أن تكون للدولة قدرة على التدخل، وإيقاف نزيف العبث بمقدرات التنمية الوطنية بمفهومها الواسع.من نظام برلماني.. إلى "برلمان الهامش"البرلمانات في كل الأنظمة، هي العصب الحي للتشريعات وملاءمة السياسات مع القوانين، وإعطاء مشروعية قانونية، ومن ثم سياسية، لمشاريع الحكم وتطلعاته.. لكن "برلمان سعيد"، كما يحلو للبعض وصفه، باعتباره هو الآخر وظيفة من الوظائف المتماهية مع الرئاسة و"مشروعها"، بات يمثل اليوم، جزءا من العطل السياسي، بشهادات النواب أنفسهم، الذين انتقدوا "دورهم التشريعي المفقود"، واقتصار مناقشاتهم على التصديق على اتفاقيات مالية، من شأنها إثقال كاهل الدولة، و"توريط" الأجيال القادمة في خيارات اقتصادية ومالية متهافتة.لقد بدا "برلمان سعيد"، مؤسسة تائهة، تدير مناقشات بلا حوامل سياسية، أو أجندة تنموية، أو حتى خطة عمل نيابية، قائمة على رؤية واضحة.. ولم يكن من الممكن، انتظار دور فعال للبرلمانيين؛ لأن الأرضية القانونية والدستورية (دستور 2022)، التي أنتجت مؤسسة "مجلس نواب الشعب"، نصت على ذلك بوضوح، فهي مجرد وظيفة، شأنها شأن رئاسة الحكومة والوزراء والقضاة، وهو ما تفطن إليه النواب متأخرين، ليجدوا أنفسهم سجناء هذه الرؤية، ويدركوا أن دورهم، هو في عدم وجود دور أصلا، لذلك رفضت مبادراتهم التشريعية (مبادرة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني) من قبل الرئاسة ذاتها، وألقيت الفصول التي اقترحوها لتعديل موازنة 2026، في سلة المهملات، ليس لأنها عديمة الجدوى، ولكن لأن دورهم يقتصر على المناقشة وإبداء الرأي فقط، لذلك وُصف ما صدر عن هؤلاء النواب من مداخلات نارية وجريئة خلال مناقشة الموازنة، بـ "الانفلات المؤقت"، وفق تعليق عديد المراقبين.فالدور البرلماني مضبوط ببوصلة مملاة من الرئاسة، لذلك ظل أفق النقاش البرلماني، مرتبطا شديد الارتباط، بما يأتي من هناك من توجيهات.. من هنا تحول نقاش الموازنة، من حوار اقتصادي تنموي، إلى "منازلة" شعبوية، يقترح فيها نواب البرلمان، فصولا، لا تنسجم مع الإطار المقترح للموازنة، وحساباتها المالية، بل لا تستجيب لمعايير مناقشة الموازنة، المضبوطة قانونيا.هكذا تاه مشروع الموازنة بتدخلات نواب بلا بوصلة سياسية، أو رؤية اقتصادية، لأنهم بدورهم، بلا كتل تحمل رؤية، ومنخرطة في مشروع سياسي.. وحتى الأحزاب الموجودة، وهي ضعيفة ومحدودة، تمثل صدى لخطاب الرئيس وهواجسه الشعبوية، وهي تكتفي بإعادة إنتاج ذات الخطاب.لقد أراد الرئيس قيس سعيد، أن يكون له إسناد مجتمعي وشعبي، من خارج الأحزاب، وأن يهندس مؤسسات جديدة، بديلة عن مؤسسات الانتقال الديمقراطي، فلم يستطع، وأنتج دوائر انتخابية صغيرة، جعلت النائب يمثل حيا شعبيا، لا مشروعا وطنيا يمثل طيفا سياسيا لديه تمثيلية شعبية مقبولة، ما يفسر حالة "خبط عشواء" السائدة في البرلمان منذ نحو 5 سنوات تقريبا، رغم توفره على كفاءات بارزة، تاهت وسط زحام الفوضى المصنعة من السلطة.والنتيجة، هي هذا الفراغ الرهيب في المشهد البرلماني، وفي الحياة السياسية، وفي علاقة القصر الرئاسي، بمكونات السلطة: (الحكومة- البرلمان أساسا)، ولكن الأهم من كل ذلك، هو أن غياب رؤية تنموية تشاركية، يحيل على عدم اليقين الاقتصادي، بما يمس من سمعة البلاد، ومن نسيجها الاقتصادي وقدرات مناشطها في مختلف القطاعات، وهي رسالة خطيرة للمستثمرين والمانحين.من مكافحة الفساد.. إلى الاقتصاد الهشمثل شعار "مكافحة الفساد"، أهم مقولة رفعتها "مجموعة الانقلاب" منذ البداية، لكنه لم ينجح في تقليص الفساد، لافتقاده إلى رؤية سياسية للحوكمة، بل إن الهياكل الاقتصادية والتجارية، تمكنت من إنتاج لوبيات فساد جديدة بطرق "مبتكرة"، وميكانيزمات من داخل أرضية الإجراءات الحكومية.إذ لم يقع المساس بمنظومة الوسطاء في الحقل التجاري، ولم تدخل الدولة عش دبابير اللوبيات الحقيقية الفاسدة، وبدلا من محاصرة الاقتصاد الموازي الهش، والأموال المتراكمة التي يتداولها، تضخم السوق الموازي، وأصبح رقما في معادلات الاحتكار بروح الإجراءات الجديدة المتخذة، وانتقلت عملية تداول السيولة النقدية، من الفضاء القانوني المنظم، إلى الفضاءات غير الشرعية، مع إكساب ذلك مشروعية غير مسبوقة.. ومن له الأموال اليوم، قادر على إدارة سوق الأغذية والعقارات والسيارات، من خارج "صندوق السلة الغذائية الرسمية".وهكذا، تم خلق اقتصاد جديد، ظاهره دولة متحكمة في دواليبه، عبر القوة السياسية، واختزال القرار السياسي بيد رئيس الدولة، بعد أن كان بأيدٍ عديدة: (الرئاسة والبرلمان والحكومة والمراكز والهيئات المعنية..) التابعة للدولة.. وباطنه اقتصاد ضبابي فوضوي، يرتكز على الأقوياء، ووقوده الضعفاء والمفقرون.لذلك، ارتفعت مداخيل الشركات والبنوك والمصانع بصورة غير مسبوقة، مقابل التراجع المذهل في القدرة الشرائية للمواطنين، وقدرتهم على إنتاج ظروف حياة في حدها الأدنى أحيانا.مفاوضات اجتماعية "مغيبة"ولعل ما زاد في تعميق هذه الأزمة المركبة، "تغييب" الحوار الاجتماعي.. فقد تعودت تونس خلال ما يزيد عن 60 عاما، على إخضاع المقولات الاقتصادية، ومضامين الموازنة، إلى المفاوضات، ثلاثية الأطراف، بين الحكومة وممثلي رجال الأعمال والنقابات العمالية، بشكل يجعل من المقاربة الاجتماعية صلب الموازنة (ما يتعلق بالأجور، وسياسة الدعم، والتشغيل، والإصلاح الجبائي، والحق النقابي..)، مجالا للاتفاق السياسي، والتوافقات الاجتماعية مع من يفترض فيهم أنهم شركاء اجتماعيون، يتحملون بعض الأعباء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.لكن منظومة الحكم الراهن، قامت- على العكس من ذلك- بتفكيك التفاوض الاجتماعي، وهمشت النقابات، فيما انخرطت منظمة رجال الأعمال، كليا- وبإرادتها- في المسار الجديد، وكان البرلمان بديلا عن كل هؤلاء، لكنه بديل عبثي، فالدول الحديثة ترعى الأجسام الوسيطة، ولا تقوم بتدميرها، بذريعة إنتاج نموذج سياسي جديد في العالم، كما يبشر الرئيس التونسي بنفسه.هكذا أفرزت الموازنة التونسية الجديدة، بأرقامها ومعطياتها، جملة من المخاطر، أهمها:
قيام اقتصاد الدولة على الضرائب بحجم ضخم (ما يزيد عن 75 % من إجمالي موارد الموازنة لسنة 2026)، وباتت وزارة المالية، أشبه "بميكانيزم" لحصد الضرائب، والبحث عنها حيثما وجدت.
اقتصاد تونسي يقوم على استبعاد صندوق النقد الدولي، والمانحين الأوروبيين، في إطار تفكيك السلطة للمنظومات السائدة، وتخليص الاقتصاد التونسي من التبعية، لكن ذلك، أعاد إنتاج الفوضى بعنوان: "التعويل على الذات"، وخلق فئة من الفاسدين الجدد، ووفر للوبيات، إمكانية التحكم في الاقتصاد الموازي، من حيث أرادت الحكومة إدخاله ضمن سياق الاقتصاد الرسمي المنظم.
قيام البنك المركزي التونسي بإقراض الحكومة نحو 11 مليار دينار تونسي، وهو ما يعتبره الخبراء، مؤشرا على انخفاض القوة الشرائية للدينار التونسي، مقابل اليورو، وعجز الميزان التجاري التونسي الذي يزداد سوءا عاما بعد عام، وتفاقم البطالة، وتصاعد نسب الفقر، وفق تصريحات للخبيرة في شؤون الموازنات، جنات بن عبدالله.
إعلان بالتأكيد، لم تتبع الحكومة التونسية خطى فنزويلا والأرجنتين وزيمبابوي ولبنان، التي لجأت إلى الاقتراض المفرط من بنوكها المركزية؛ لأن النتائج هنا وهناك، أكثر من كارثية. في المقابل، تسقط الحكومة تدريجيا في "فخ الديون"، دين جديد لسداد دين قديم، وهكذا دواليك، بما سيتسبب في تهرئة الاقتصاد، وتنميط التنمية.في مقابل هذه الهشاشة في مستوى الموازنة والخيارات الاقتصادية، تلجأ الدولة، إلى منطق المواجهة مع الفضاء المجتمعي، بأحزابه ومنظماته وشخوصه السياسية والحقوقية، والبحث الدائم عن "الخصوم"، و"المعادين" و"المتآمرين"، لتعويض عدم القدرة على تحقيق منجز قادر على إشاعة النجاح، و"تذويب" ما تبقى من الانتقال الديمقراطي، وهو ما يفسر الاعتقالات السياسية، ومحاكمات الرأي، واتجاه الحكومة إلى بناء السجون وتوسيعها، بدل بناء الأسواق والمستشفيات والجامعات والطرقات، وبين هذا الخطاب وذاك، وانتظارات الناس، سيكون أمام نظام الرئيس قيس سعيد، الوقوف مستعجلا أمام المرآة، عسى أن يرى الصورة الحقيقية للحالة التونسية، التي لا تسر صديقا، ولا تفرح شقيقا.ليس هذا معزولا عن ذاك، ومن يفكر خارج هذا السياق، كمن يغمس رأسه في التراب، ويدير ظهره للأفاعي. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





