خلف ستار الخصوصية.. ما الذي أخفته «آبل» وأغضب الهيئة الإيطالية؟

في خطوة لافتة تعكس تصاعد الضغوط التنظيمية الأوروبية على عمالقة التكنولوجيا أعلنت هيئة المنافسة الإيطالية فرض غرامة على آبل في إيطاليا بقيمة 98.6 مليون يورو (115.53 مليون دولار)، على خلفية مزاعم تتعلق بإساءة استخدام الشركة الأمريكية لموقعها المهيمن في سوق تطبيقات الهواتف المحمولة.
ووفقًا لما نقلته «رويترز» قالت هيئة المنافسة الإيطالية، اليوم الاثنين، إن الغرامة شملت شركة آبل واثنين من أقسامها. موضحة أن المجموعة انتهكت، على ما يبدو، اللوائح الأوروبية الخاصة بالمنافسة. ويشير البيان الرسمي إلى إن آبل تحتفظ بـ «هيمنة مطلقة» في تعاملها مع مطوري التطبيقات من الطرف الثالث عبر متجر تطبيقاتها. وهو ما منحها قدرة غير متوازنة على فرض سياسات أحادية الجانب.
ومن هذا المنطلق رأت الهيئة أن هذه الهيمنة لم تستخدم فقط لإدارة المنصة. بل استُغلت أيضًا لفرض شروط تنظيمية أضرت بمصالح شركاء آبل التجاريين. وبالتالي جاءت غرامة آبل في إيطاليا لتؤكد أن الجهات التنظيمية الأوروبية لن تتهاون مع أي ممارسات قد تقوّض مبدأ المنافسة الحرة.
غياب رد «آبل» وتداعياته الإعلامية
ورغم خطورة القرار لم ترد آبل على الفور على طلبات التعليق. الأمر الذي أثار تساؤلات في الأوساط الإعلامية والاقتصادية حول موقف الشركة من هذه الاتهامات. وفي العادة هي تفضّل الدفاع عن سياساتها باعتبارها تهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين. إلا أن الصمت الحالي قد يعكس تعقيد الملف وحساسيته القانونية.
وتعود جذور القضية إلى مايو 2023، حين فتحت هيئة المنافسة الإيطالية تحقيقًا رسميًا ضد عملاق التكنولوجيا الأمريكي. وركز التحقيق على مزاعم تفيد بأن آبل بدأت منذ أبريل 2021 بفرض ما وصفته الهيئة بـ «سياسة خصوصية أكثر تقييدًا» على مطوري التطبيقات من الطرف الثالث، مقارنةً بالتطبيقات والخدمات التابعة لها.
وبمرور الوقت اتسعت دائرة التحقيق لتشمل تأثير هذه السياسات في سوق الإعلانات الرقمية؛ حيث يعد هذا القطاع مصدر دخل رئيس للعديد من مطوري التطبيقات. وهنا برزت غرامة آبل في إيطاليا كنتاج طبيعي لمسار تحقيق طويل ومعقّد.
سياسة شفافية تتبع التطبيقات
أوضحت هيئة المنافسة الإيطالية أن جوهر المخالفة يرتبط بتطبيق سياسة «شفافية تتبع التطبيقات». ووفقًا لهذه السياسة كانت آبل تطلب من مطوري الطرف الثالث الحصول على موافقة محددة لجمع البيانات وربطها لأغراض الإعلان. وذلك عبر شاشة إلزامية تفرضها الشركة داخل نظامها.
غير أن الهيئة اعتبرت أن هذه الشروط فرضت بشكلٍ أحادي، دون منح المطورين هامشًا كافيًا للتكيّف أو تقديم بدائل تقنية متكافئة. وبذلك رأت هيئة المنافسة الإيطالية أن هذه السياسة تجاوزت الهدف المعلن المتمثل في حماية الخصوصية.
إضافة إلى ذلك أشارت الهيئة إلى أن المطورين اضطروا لتكرار طلبات الموافقة من المستخدمين لنفس الغرض. ما وفر تجربة استخدام معقدة وأثر سلبًا في فاعلية الإعلانات. ونتيجة لذلك تضررت نماذج الأعمال الخاصة بالعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع التطبيقات.
التقييم القانوني والتنسيق الأوروبي
وفي بيانها الرسمي قالت هيئة المنافسة الإيطالية: “إن شروط سياسة ATT مفروضة أحاديًا، وهي ضارة بمصالح شركاء أعمال آبل وليست متناسبة مع تحقيق هدف الخصوصية، كما تدعي الشركة”. وأضافت أن هذه العملية لا تتوافق مع لوائح الخصوصية المعمول بها. وهو ما عزز موقف الهيئة في فرض غرامة على آبل بإيطاليا.
كما أكدت الهيئة أن التحقيق كان معقدًا، وتم تنفيذه بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية وجهات تنظيم المنافسة الدولية الأخرى. ويعكس هذا التنسيق حجم الاهتمام العالمي بتنظيم سلوك الشركات الرقمية الكبرى. لا سيما تلك التي تمتلك منصات مغلقة ذات تأثير واسع في الأسواق.
ومن المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير مباشر في سياسات آبل المستقبلية داخل الاتحاد الأوروبي. وربما يدفعها إلى إعادة النظر في آليات تطبيق سياسة ATT. وفي الوقت نفسه قد يشكّل هذا الحكم سابقة قانونية تشجع جهات تنظيمية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





