عزمي بشارة: اكتمال مشروع معجم الدوحة التاريخي إنجاز حضاري عربي
ألقى الدكتور عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ورئيس المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، كلمة في حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، الذي أقيم يوم الإثنين 22 كانون الأول/ ديسمبر 2025 في الدوحة، تناول فيها الأبعاد العلمية والمعرفية لهذا الإنجاز اللغوي العربي الكبير ودلالاته في مسار دراسة اللغة العربية وتاريخها.
وأكد بشارة أن معجم الدوحة التاريخي يفي بالوعد بتأليف معجم تاريخي للغة العربية يتابع تطور دلالات ألفاظها منذ ظهورها مكتوبة حتى العصر الحديث، موضحًا أن خصوصية المعجم التاريخي تكمن في رصده تطور المعاني عبر المراحل الزمنية المختلفة من خلال تعقب الألفاظ في سياقاتها، وإيراد أقدم شاهد مؤرخ لكل معنى.
وأشار إلى أن إنجاز المعجم استلزم التورط في مشروع موازٍ تمثل في جمع مدونة اللغة العربية، ورقنها وتنقيتها ورقمنتها، ثم البحث في سياقات الألفاظ، وهو مسار لم يسبق أن سلكه أحد من قبل، ما استوجب شق الطريق وتمهيد السبيل بتواضع علمي، رغم ما تفرضه عراقة اللغة العربية من صعوبات تتعلق بقصور التدوين في مراحل تاريخية حاسمة.
وأوضح بشارة أن من ثمار هذا الجهد إنشاء مدونة لغوية ضخمة ومنسقة، تشكل إنجازًا سيكون له أثر كبير في خدمة الأبحاث العلمية والثقافية، وفي تطوير التطبيقات العربية لعلم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن المعجم التاريخي أداة أساسية لفهم نصوص العربية من خلال فهم معاني الألفاظ في زمن استخدامها وسياقاتها، لا بإسقاط معاني العصر الحديث عليها.
وبيّن أن غياب المعجم التاريخي العربي كان مصدر حسرة للباحثين، في وقت امتلكت فيه لغات أقل عراقة واتساعًا معاجم تاريخية منذ القرن التاسع عشر أو النصف الأول من القرن العشرين، لافتًا إلى أن فوائد المعجم لا تقتصر على الباحثين والكتّاب، بل تمتد إلى الثقافة العربية عمومًا، لما يكشفه من ثراء اللغة العربية وحيويتها وقدرتها التوليدية، ويفنّد مزاعم جمودها أو وجود عائق يحول دون تطورها أو تدريسها.
وشدد على أن المعجم يبيّن أن غالبية مفردات اللهجات العربية الدارجة فصيحة الأصل، وأن الفجوة بين الفصحى والعامية أضيق مما هي عليه في لغات معاصرة أخرى، معتبرًا ذلك بعدًا حضاريًا بالغ الأهمية.
اكتمال مشروع تأليف المعجم
وأكد بشارة أن ما أُعلن عنه هو اكتمال مشروع تأليف المعجم، لا كماله النهائي، إذ يظل عملًا بشريًا بحاجة إلى تصويب وتطوير وتحديث مستمر، معربًا عن ثقته بوجود الهمم القادرة على مواصلة هذه المهمة.
وتوقف عند تسمية المعجم بـ«معجم الدوحة التاريخي للغة العربية»، موضحًا أن المجلس العلمي والخبراء أجمعوا على هذه التسمية اعترافًا بدور الدوحة وقيادة الدولة التي احتضنت المشروع ورعته على مدى ثلاثة عشر عامًا، مشيرًا إلى الأهمية المركزية لوجود مكان قادر على احتضان مشاريع علمية وثقافية كبرى في أجواء من حرية الفكر والإبداع.
وختم بشارة بالإشارة إلى أن مشروع المعجم أتاح المجال لمئات الباحثين من أكثر من خمس عشرة دولة عربية للإسهام في مشروع نهضوي تنويري، تكاملت فيه الخبرات وترافدت الجهود، مؤكدًا أن اللغة العربية تمثل عنصرًا أساسيًا في تشكّل هذا الفضاء المشترك، بما تحمله من تاريخ وحلم عربي مشترك.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً




