دراسة الجدوى.. أداة اتخاذ قرار أم وسيلة إقناع المستثمرين؟

تعد دراسة الجدوى من أبرز الأدوات في عالم الاستثمار والمشاريع التجارية؛ حيث تُحوّل الفكرة الخام إلى تحليل علمي دقيق يساعد على تحديد مدى نجاح المشروع.
وعلى الرغم من ذلك تثير دراسة الجدوى جدلًا حول ما إذا كانت تهدف أساسًا إلى دعم اتخاذ قرارات مستنيرة من قبل صاحب المشروع. أم أنها مجرد وسيلة لإقناع المستثمرين بالمضي قدمًا.
فهرس المحتوي
تعريف دراسة الجدوىدراسة الجدوى كأداة اتخاذ قرار إستراتيجي مسار منطقي مدروسدور دراسة الجدوى في إقناع المستثمرينالتوازن بين الدورين والتوصيات
تعريف دراسة الجدوى
في الأساس دراسة الجدوى تشكّل عملية تحليل منهجي مصممة لتقييم أي مشروع مقترح. وتحديدًا تهدف هذه الدراسة إلى فحص جوانب متعددة تشمل: الأسواق المحتملة، والجدوى المالية، وكذلك الأبعاد الفنية والتشغيلية.
وبالتالي الهدف الجوهري يكمن في استبدال التوقعات المفرطة بالتفاؤل ببيانات دقيقة وواقعية. الأمر الذي يحد بشكّل كبير من مخاطر الإقدام على أي استثمار غير مدروس.
من ناحية أخرى الدراسة الجادة تتضمن مكونات حاسمة. أولًا: يأتي التقييم الأولي للمشروع المقترح. يلي ذلك دراسات مفصلة للمتغيرات المالية والتسويقية.
وإضافة إلى ذلك يجب تحليل الجوانب القانونية والاجتماعية بعمق شديد. ولهذا السبب دراسة الجدوى تتحول إلى أداة أساسية لصناع القرار؛ إذ تتيح لهم اتخاذ قرار مستنير بشأن المضي قدمًا أو التراجع عن تنفيذ المشروع.
كما أنها توضح معايير النجاح المنتظرة. على سبيل المثال: تحديد التكاليف الإجمالية للمشروع يصبح أمرًا متاحًا، كما تبرز إستراتيجيات فعّالة لإدارة المخاطر المحتملة. فضلًا عن ذلك يقدم تحليل السوق المستهدف بدقة مؤشرًا قويًا لفرص النجاح الحقيقية.
دراسة الجدوى كأداة اتخاذ قرار إستراتيجي
وبالإضافة لما سبق تؤدي دراسة الجدوى دورًا محوريًا بتمكين صاحب المشروع من اتخاذ قرارات إستراتيجية قائمة على حقائق. وعلى وجه التحديد تتولى هذه الأداة تحليل دقيق لجدوى المشروع عبر محاور رئيسة. أبرزها: تحليل الطلب الحقيقي في السوق، وكذلك تقييم المنافسة وحجم القطاع القابل للخدمة.
وماليًا تساهم بتحديد دقيق للتكاليف التشغيلية والإيرادات المرتقبة، بينما تحدد نقطة التعادل ونسبة العائد على الاستثمار؛ ما يقي من خطر النقص التمويلي. أما من الناحية الفنية تتولى دراسة الجدوى تقييم مدى توافر التكنولوجيا الضرورية والموارد البشرية، فضلًا عن ضمان الامتثال التنظيمي، فتحد من أي مفاجآت تشغيلية غير متوقعة.
مسار منطقي مدروس
ونتيجة لذلك هذا التحليل يتبع مسارًا منطقيًا مدروسًا. بداية يجب تحديد الأهداف بوضوح شديد. بعد ذلك تأتي دراسة السوق لفهم عميق لسلوك العملاء ونقاط قوة المنافسين. ثم يلي ذلك التحليل المالي لتقدير الإيرادات والأرباح المحتملة. وأخيرًا يتم تحليل المخاطر بدقة مع وضع إستراتيجيات واضحة للحد منها.
إذًا هذا المنهج يساهم في تحويل القرارات العاطفية المندفعة إلى خيارات عقلانية ومحسوبة بعيدًا عن أي انفعالات شخصية. وحينها يمكن اتخاذ قرار “عدم المتابعة” بحكمة تامة. هذا القرار يضمن حماية رأس المال المستثمر من أي مخاطر مستقبلية غير مجدية.
وعلى الرغم من الفوائد الجمة لدراسة الجدوى تظهر بعض التحديات التي يجب الانتباه لها. فأحيانًا تعتمد الدراسة على بيانات متاحة قد لا تعكس جميع المشاكل العملية القائمة على أرض الواقع. علاوة على ذلك يحتاج إعداد هذه الدراسة إلى وقت وجهد كبيرين. كذلك تتطلب تكاليف قد تكون مرتفعة بناءً على حجم المشروع ونوعه.
دور دراسة الجدوى في إقناع المستثمرين
من ناحية أخرى تستخدم دراسة الجدوى كأداة إقناع قوية أمام المستثمرين الحذرين. هؤلاء المستثمرون يطلبون أدلة قوية حول قابلية المشروع للحياة ومستوى استعداده لمواجهة المخاطر المحتملة. لذلك تقدم الدراسة معلومات مفصلة تتناول التمويل المطلوب، والتوقعات المالية الدقيقة. وكذلك الخطط التقنية، بالإضافة إلى تحليل المخاطر.
في حين تعد هذه الأداة ركيزة أساسية لجذب التمويل؛ إذ توفر تحليلًا دقيقًا وشاملًا للفرص الاستثمارية المتاحة. كما تركز على تلبية احتياجات العملاء والتعامل مع المنافسين بشكلٍ فعال. هذه الدراسات تساعد بالتأثير مباشرة في قرارات الاستثمار. وذلك عبر تقديم تقديرات دقيقة للتكاليف والعوائد المتوقعة.
ومتى كانت دراسة الجدوى إيجابية تصبح وثيقة تأسيسية حيوية للشركات الناشئة، تساهم في تقليل النفقات غير المبررة. كما تضمن تجنب الأخطاء الكبيرة والمكلفة عبر الكشف المبكر والفعال عن العوائق والمعوقات التشغيلية.
التوازن بين الدورين والتوصيات
ومن المهم أن يتم تحقيق توازن بين دور دراسة الجدوى كأداة لتقرير إستراتيجية داخلية ودورها كوثيقة إقناعية للمستثمرين. ولضمان التوازن بين هذين الدورين يفضل أن تتولى جهة خارجية محايدة إعداد الدراسة لتجنب التحيز التأكيدي الذي قد يؤثر في تقييم الفريق الداخلي.
وللرياديين ينصح بإعداد دراسة جدوى أولية سريعة ثم تطوير دراسة تفصيلية، مع التركيز على تحليل تدفق النقد كأحد المؤشرات الرئيسة لنجاح المشروع. وأما بالنسبة للمستثمرين فإن دراسة الجدوى تمثل استثمارًا في “التأمين ضد الخسارة”؛ حيث إن تكاليف الدراسة تكون ضئيلة مقارنة بخسائر الفشل التي قد تحدث في غيابها.
وفي النهاية تكمن أهمية دراسة الجدوى في قدرتها على دعم اتخاذ قرارات مستدامة. سواء بالمضي قدمًا في المشروع أو اتخاذ قرار بإيقافه في الوقت المناسب.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





