دراسة أميركية تحذر من مخاطر نقل نموذج إدلب إلى "سوريا الجديدة"

سلطت دراسة جديدة صادرة عن “معهد واشنطن” لسياسة الشرق الأدنى، بشكل خاص الضوء على النموذج الإداري الذي تشكل في محافظة إدلب منذ سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقا” و”حكومة الإنقاذ”، مشيرة إلى أن هذا النموذج قد يصبح مرجعا لبناء المؤسسات في مرحلة “سوريا الجديدة”، لكنها حذرت من أن الاعتماد عليه دون تعديل جذري سيقوّض الشرعية الداخلية.
الدراسة التي تحمل عنوان “المؤسسات والحوكمة في سوريا الجديدة: الاستمرارية والتغيير من نموذج إدلب”، تؤكد أن تجربة إدلب أثبتت قدرة الكوادر المحلية على إنشاء هياكل إدارية فعّالة في مجالات الخدمات والتعليم والقضاء، لكنها ظلت أسيرة سلطة الأمر الواقع المرتبطة بالجماعات المسلحة.
مخاطر تطبيق “نموذج إدلب”
وتقول الدراسة المنشورة قبل يومين، إنه بعد عام من انهيار نظام بشار الأسد، يمكن للقيادة الانتقالية السورية أن تدّعي تحقيق نجاحات ملموسة في سعيها لإعادة بناء دولة مدمرة بفعل الحرب الأهلية والفساد وعقود من الحكم الاستبدادي.
رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال خطابه بالأمم المتحدة في نيويورك – إنترنت
وأشارت الدراسة، التي اعتمدت على زيارات ميدانية للباحث آرون واي. زيليسن، إلى أن القيادة الانتقالية حققت نجاحات ملموسة في استعادة بعض وظائف الدولة، وتعمل على إعادة الخدمات الأساسية كالكهرباء والتعليم، وإعادة فتح القنوات الدبلوماسية، والسعي إلى فرص استثمارية مع شركاء إقليميين مثل المملكة العربية السعودية. لكن حكومة الظل المتغلغلة ووجود مؤسسات ناشئة موازية تتدخل في شؤون الحكم، مما يعيق عمل المؤسسات الرسمية ويثير الشكوك حول مركز القرار الفعلي.
بالإضافة إلى الممارسات الاقتصادية الغامضة، حيث لا تزال هناك ممارسات اقتصادية غير شفافة، تذكر بعهد الفساد السابق، والمساءلة غير المتكافئة عن جرائم النظام السابق وانتشار ظاهرة الانتقام الفردي والعشوائي، كلها عوامل تهدد بتقويض هذا التقدم وثقة الشعب والمجتمع الدولي.
وأكدت الدراسة الأميركية أن ما حققته إدلب يمثل استمرارية لبعض وظائف الدولة الأساسية بعيدا عن المركز، لكنها تواجه تحديين رئيسيين أمام أي محاولة لدمجها في كيان وطني أوسع.
أول التحديات، هي “غياب الشرعية الوطنية”، حيث لا يمكن قبول نموذج حكم نشأ تحت مظلة فصيل مسلح “هتش” كنظام حكم وطني دون إصلاحات هيكلية تضمن التمثيل والمساءلة، مما يضع علامات استفهام على طبيعة “التغيير” المطلوب في المستقبل.
أما التحدي الآخر، فهو “التشظي الإداري”، إذ أدى تشكّل هذا النموذج إلى ترسيخ الانفصال الإداري عن دمشق، مما يزيد من صعوبة دمج المؤسسات مع الهياكل الإدارية الأخرى القائمة في مناطق الأكراد بشمال وشرق سوريا أو المناطق التابعة للحكومة المركزية الجديدة.
توصيات ضرورية
ودعا “معهد واشنطن” في دراستها الحديثة الحكومة السورية الانتقالية، بقيادة أحمد الشرع، إلى التعامل ببراغماتية مع الخبرة الإدارية التي نشأت في إدلب، لكنه قدم توصيات حادة.
ومن هذه التوصيات، هي “فصل الإدارة عن السلاح”، حيث ترى الدراسة أنه يجب أن يتم نزع السيطرة العسكرية والفصائلية عن المؤسسات الإدارية والخدمية لضمان استقلاليتها وشفافيتها.
إلى جانب “تبني اللامركزية”، حيث يمكن الاستفادة من الخبرة المحلية في إدلب لتبني صيغ لامركزية إدارية فعّالة في سوريا الجديدة، مما يضمن مشاركة أوسع للمكونات المحلية في الحكم، بعيدا عن المركزية التقليدية التي كانت سببا في جزء من الأزمة السورية الدموية.
وشددت الدراسة على أن فشل القيادة الجديدة في معالجة مسألة شرعية المؤسسات وإعادة دمجها سيؤدي إلى استمرار حالة التشظي المجتمعي والإداري، مما يقوّض جهود إعادة الإعمار والاستقرار طويل الأمد، خاصة وأنه لا يزال المسار النهائي لسوريا سؤالا مفتوحا، وستحتاج القيادة إلى الانضباط لتجنب العودة إلى الصراع الشائع في دول ما بعد الحرب الأهلية.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





