امتداد مباشر لمنظومة عهد النظام المخلوع.. مطالب بتعديل قانون الجرائم الإلكترونية

منذ صدوره في نيسان/أبريل 2022، شكّل القانون رقم (20) لعام 2022 في عهد النظام المخلوع، الخاص بـ”الجريمة المعلوماتية”، أداة إضافية لقمع حرية التعبير عن الرأي، إذ وسّع القانون من صلاحية السلطات التنفيذية السورية في استهداف السوريين، ناهيك عن تداخله مع أحكام وجرائم واردة في قوانين أخرى.
وبرزت في الأيام الماضية مطالب بتعديل القانون، بعد دعاوى قانونية وملاحقات طالت صحفيين وناشطين على خلفية التعبير عن آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما شكل تقييدا واضحا لحرية الرأي والتعبير.
امتداد لعهد النظام المخلوع
رابطة الصحفيين السوريين قالت إنها “تتابع بقلق بالغ مسار تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا، وما يرافقه من دعاوى وملاحقات قانونية بحق صحفيين وناشطين على خلفية آرائهم وتصريحاتهم العلنية، في وقت يُفترض أن تكون فيه البلاد أمام مرحلة جديدة تؤسس لقطيعة حقيقية مع إرث القمع والتضييق الذي طبع حقبة نظام الأسد المخلوع.”
سيدة سورية تُلوِّح بعلامة النصر وتحمل باقة ورود في ساحة الأمويين بدمشق احتفالاً بإعلان الإطاحة بالأسد (أ.ف.ب)
واعتبرت الرابطة في بيان لها، أن قانون الجرائم الإلكترونية، بصيغته الحالية، ليس تشريعاً معزولاً عن السياق السياسي السابق، بل “يشكّل امتداداً مباشراً لمنظومة تشريعية وأمنية أرسيت في عهد النظام المخلوع، وصُممت أساساً لضبط المجال العام وتقييد الحريات بعقلية أمنية، لا تنسجم مع متطلبات التحول الديمقراطي ولا مع تطلعات السوريين بعد سنوات طويلة من القمع.”
الخطر لا يكمن في مبدأ تنظيم الفضاء الرقمي بحد ذاته، بل في الصياغات الفضفاضة والملتبسة التي تفتح الباب أمام التأويل الواسع، وتحويل القوانين إلى أدوات ضغط وسيف مسلط على رقاب السوريين، ولا سيما الصحفيين والإعلاميين، تحت عناوين عامة من قبيل “نشر أخبار كاذبة”، أو “الإضرار بالسلم الأهلي”، أو “المساس بالوحدة الوطنية”، دون تعريفات دقيقة أو معايير واضحة.
بيان رابطة الصحفيين السوريين
وأضاف البيان أن تجارب دول عديدة في المنطقة خطورة هذا النهج، حيث جرى توظيف قوانين مشابهة عبر دعاوى كيدية رفعها أفراد ومحامون وسياسيون، لتحويل القانون إلى أداة قمع غير مباشرة بحق المعارضين والصحفيين، بينما بدا المشهد وكأن السلطة تطبّق القانون فحسب، في حين كانت النتيجة الفعلية خنق المجال العام وتقييد حرية التعبير.
وجاء بيان رابطة الصحفيين السوريين، بعد قضية الصحفي إياد شربجي، الذي جرى التحفظ عليه في مدينة دمشق عقب استجوابه لدى إدارة الأمن الجنائي، على خلفية دعوى قضائية مرتبطة بتصريحات إعلامية يبدو أنه جرى تفسيرها خارج سياقها الحقيقي.
مطالب بمراجعة شاملة
أكدت رابطة الصحفيين السوريين، أن الاختلاف في الرأي والنقد والنقاش العام حقوق أصيلة وجزء لا يتجزأ من أي مجتمع حيّ. وشدّدت على أن معالجة مثل هذه القضايا يجب أن تتم ضمن أطر قانونية ومهنية واضحة، تحمي حرية التعبير، وتفصل بينها وبين خطاب الكراهية أو التحريض، ولا تفتح الباب أمام تجريم الرأي أو تأويل النوايا.
قانون الجرائم الإلكترونية بصيغته الحالية، إلى جانب قانون الإعلام القائم -وكلاهما من مخلّفات المنظومة القانونية التي أرساها نظام الأسد البائد- لا ينسجمان مع تطلعات السوريين الذين ناضلوا طويلاً من أجل الحرية، ولا مع الالتزامات الدولية لسوريا في مجال حرية الرأي والتعبير، ولا مع متطلبات بناء إعلام مهني مستقل يشكّل ركيزة لأي مسار ديمقراطي حقيقي.
بيان رابطة الصحفيين السوريين
وطالب الرابطة في بيانها، بـ “مراجعة شاملة لقانون الجرائم الإلكترونية، وإعادة صياغة مواده الإشكالية بما يضمن وضوح التعريفات ويمنع استخدامه كأداة لتقييد حرية التعبير”، إضافة إلى “تعديل قانون الإعلام بما يكفل استقلالية العمل الصحفي ويحمي الصحفيين من الملاحقات المرتبطة بآرائهم المهنية.”
وأشارت إلى ضرورة “وضع ضوابط صارمة تمنع الدعاوى الكيدية، وتفصل بوضوح بين النقد المشروع وخطاب الكراهية أو التحريض.”
وأكدت الرابطة، أن حرية التعبير ليست ترفاً ولا منّة “بل هي جوهر التحول الذي قامت من أجله الثورة، وأحد أهم ضمانات الاستقرار وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع”، مؤكدة أن التجارب تشير إلى أن “التضييق على الحريات لا يحمي الدول، بل يضعفها ويقوّض شرعيتها.”
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





