كيف تغيّر العوامل النفسية المضادة للالتهاب حياتك وصحتك؟
العوامل النفسية المضادة للالتهاب
تُشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة الأبحاث النفسية الجسدية إلى أن صحتنا الجسدية لا تعتمد فقط على الأدوية أو الغذاء، بل تتأثر بشكل كبير بثلاثة عناصر نفسية اجتماعية تُسمى العوامل النفسية المضادة للالتهاب وهي: الهدف في الحياة، والشعور بالسيطرة، والدعم الاجتماعي. وهذه العوامل البسيطة، إن وُجدت في حياة الشخص، قد تُقلل الالتهاب المزمن وتحمي من الأمراض على المدى الطويل.
ما هو الالتهاب؟
الالتهاب هو رد فعل طبيعي يقوم به الجسم عند مواجهة فيروس أو إصابة أو مرض مناعي. وفي العادة يكون الالتهاب:
حادًا: قصير الأمد، يظهَر بشكل احمرار وتورم وألم.
مزمنًا: طويل الأمد، قد يستمر شهورًا أو سنوات، وأحيانًا يبدأ دون سبب واضح.
وقد يرتبط الالتهاب المزمن بأسباب مثل: الالتهابات المتكررة، والصدمات، والتوتر النفسي، والسمنة، أو حتى التعرض المستمر للسموم البيئية.
كيف نقلّل الالتهاب عادة؟
تعتمد الطرق التقليدية لتخفيف الالتهاب على:
الأدوية مثل: مضادات الالتهاب والستيرويدات.
عادات صحية: نوم جيد، إيقاف التدخين
ممارسة الرياضة.
المكملات الغذائية: الفيتامين C، أو حموض ميجا-3، الزنك.
الغذاء الصحي: مثل التوت، والحمضيات، والخضار الورقية، والكركم، والزنجبيل، والثوم.
لكن الدراسة الجديدة تضيف بُعدًا جديدًا وغير متوقع: الصحة النفسية تلعب دورًا مؤثرًا لا يقل أهمية عن هذه العوامل.
العوامل النفسية المضادة للالتهاب ... مَن هم الأشخاص الأكثر حماية؟
الدراسة التي شملت 1244 بالغًا وجَدت أن الأشخاص الذين يتمتعون بوجود:
✔ هدف واضح في الحياة
✔ شعور قوي بالسيطرة على قراراتهم
✔ شبكة دعم اجتماعي جيدة
كانت لديهم بعد 9 سنوات:
صحة أفضل
أمراض مزمنة أقل
مستويات التهاب أقل
هذا يعني أن مشاعر مثل الأمل، والدعم، والتمكين ليست أمورًا "نفسية فقط"، بل لها تأثير بيولوجي واضح داخل الجسم.
كيف تعمل هذه العوامل النفسية المضادة للالتهاب؟
قد يكون السبب أن هؤلاء الأشخاص:
يتعرضون لتوتر نفسي أقل
يمارسون سلوكيات صحية أكثر
يحصلون على دعم يساعدهم في مواجهة الضغوط
يشعرون بمعنى وقيمة لحياتهم
وهذه العناصر كلها تقلل من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، الذي يُعد أحد محفزات الالتهاب المزمن في الجسم.
العوامل الثلاثة المضادة للالتهاب… بشكل مبسّط
1. الشعور بالسيطرة
أن تشعر بأنك قادر على اختيار طريقك واتخاذ قراراتك — هذا يزيد من قوتك النفسية ويقلل التوتر النفسي. والأشخاص الذين يشعرون بالسيطرة هم:
أقل عرضة للقلق الطويل
أقل تعرضًا لارتفاع هرمونات التوتر
أكثر قدرة على مواجهة المصاعب
هذا ليس تجاهلاً للواقع، بل فهم أنك تملك أدوات للتعامل معه. وكلما انخفض التوتر، انخفض الالتهاب.
2. وجود هدف في الحياة
وجود هدف واضح—حتى لو كان بسيطًا—يُحسّن الصحة بشكل ملحوظ. الدراسات تُظهر أنّ:
وجود هدف يقلل الالتهاب
يدعم المناعة
يقلل خطر الأمراض المزمنة
ويحسّن القدرة البدنية والنفسية
وجود الهدف يعطي معنى لأيامك، ويجعل التحديات أسهل، ويخفف من الضغط الداخلي الذي يغذي الالتهاب.
3. الدعم الاجتماعي
الشعور بأنك محاط بأشخاص يدعمونك — ولو كان شخصاً واحداً فقط — يُحدث فرقًا هائلًا، فالدعم الاجتماعي يشمل:
الدعم العاطفي (الحب والاستماع)
الدعم المعلوماتي (النصيحة)
الدعم العملي (المساعدة والخدمات)
الأشخاص الذين يملكون شبكة دعم قوية:
يشعرون بأمان أكبر
أقل عرضة للعزلة
لديهم مستويات التهاب أقل
تتحسن صحتهم النفسية والجسدية معًا
كيف تقوِّم نفسك؟
اسأل نفسك بصدق:
هل أشعر أنني أتحكم بحياتي؟
هل لديّ هدف أعمل من أجله؟
هل لدي شخص يمكنني الاعتماد عليه عندما أحتاجه؟
إذا كانت الإجابات “لا”، فالقليل من التغييرات يمكن أن تصنع فارقًا كبيرًا، مثل:
حضور جلسة علاج نفسي
بناء صداقات جديدة
تطوير مهارات التأقلم
وضع أهداف صغيرة قابلة للتحقيق
الاعتناء بنفسك بطرق بسيطة ومنتظمة
المعالِج النفسي بإمكانه مساعدتك في بناء هذه الأسس تدريجيًا حتى تصبح جزءًا من حياتك.
العوامل النفسية المضادة للالتهاب وكلمة من موقع صحتك
إن العوامل النفسية المضادة للالتهاب والتي تشمل الهدف، والسيطرة، والدعم ، ليست رفاهية، بل هي جزء أساسي من صحة الإنسان. وهي ليست مجرد مشاعر، بل أدوات بيولوجية تحميك من الالتهاب المزمن، وتُقلل خطر الأمراض، وتعزز جودة الحياة. عندما تعتني بصحتك النفسية، فأنت عمليًا تعتني بجهازك المناعي وخلايا جسمك.
الصحة الحقيقية… تبدأ من الداخل.
آخر تعديل بتاريخ
05 ديسمبر 2025
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






