هل يساعد تناول الشوكولاتة الداكنة على إبطاء الشيخوخة البيولوجية؟
إعداد وتحرير
تدقيق طبي
هل يساعد تناول المزيد من الشوكولاتة الداكنة في إبطاء الشيخوخة البيولوجية؟
طالما ارتبطت الشوكولاتة بالمتعة والطعم اللذيذ، لكن الأبحاث العلمية بدأت تَنظر إليها من زاوية مختلفة، فقد بَحثت دراسة جديدة في مركّب يُدعى الثيوبرومين، وهو موجود بشكل رئيسي في الشوكولاتة، ووجَدت أن الأشخاص الذين لديهم مستويات مرتفعة منه في الدم قد أظهَروا علامات على تباطؤ التقدم في العمر البيولوجي. هذه النتائج تفتح بابًا للبحث، خاصة مع انتشار استهلاك الشوكولاتة الداكنة حول العالم.
ما هو الثيوبرومين وأين يوجد؟
الثيوبرومين مركّب نباتي نشيط حيويًا، أي أنه يأتي من مصادر نباتية ويمكن أن يؤثر في وظائف الجسم. يوجد هذا المركّب أساسًا في حبوب الكاكاو، ويشكّل نحو 3.3% من وزنها، كما يوجد بكميات أقل في القهوة. يشبه الثيوبرومين الكافيين من حيث التركيب الكيميائي، إلا أن تأثيره المنبّه ألطف، لأنه لا يعبر إلى الدماغ بسهولة مثل الكافيين، ولهذا السبب يُعد أكثر لطفًا على الجهاز العصبي المركزي عند استهلاكه ضمن الحدود المعتادة.
الثيوبرومين والسلامة
رغم أن الثيوبرومين يمكن أن يكون سامًا إن استُهلِكَ بجرعات عالية، إلا أن الكميات التي يحصل عليها الإنسان من الشوكولاتة عادةً آمنة، ولهذا تعد الشوكولاتة آمنةً على البشر، في حين أن الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب تتأثر بها بشكل مختلف بسبب بطء استقلابها لهذا المركّب.
ما المقصود بالعمر البيولوجي؟
العمر الزمني هو عدد السنوات منذ الولادة، أما العمر البيولوجي فيعكس الحالة الفسيولوجية لخلايا الجسم وأنسجته وأعضائه. قد يكون شخصان في العمر الزمني نفسه، لكن نمط الحياة والصحة العامة قد يجعلان العمر البيولوجي لأحدهما أصغر أو أكبر من الآخر. لقياس هذا النوع من العمر، يستخدِم العلماء مؤشرات متعددة، من بينها التغيرات اللاجينية وطول التيلوميرات، وهي تراكيب تحمي نهايات الكروموسومات وتقصُر مع التقدم في العمر.
دور التغيرات اللاجينية
الجينات التي نرثها لا تتغير، لكن طريقة عملها يمكن أن تتبدل عبر ما يُعرف بالتغيرات اللاجينية. إحدى هذه الآليات هي مثيلة الحمض النووي، حيث تُضاف مجموعات كيميائية صغيرة تؤثر في نشاط الجينات، فتجعلها أكثر أو أقل نشاطًا. تشير الأبحاث إلى أن اضطراب هذه العمليات اللاجينية يُعد سمة أساسية من سمات الشيخوخة، ولذلك اهتم الباحثون بدراسة تأثير مركّبات مثل الثيوبرومين عليها.
نتائج الدراسة
اعتمدت الدراسة المنشورة في مجلة (Aging) على تحليل عينات دم لأكثر من 1600 مشارِك، بعضهم توائم، ووجَدت أن مَن لديهم أعلى مستويات من الثيوبرومين أظهَروا مؤشرات على تباطؤ الشيخوخة البيولوجية وفق مقاييس تعتمد على التغيرات اللاجينية، كما لوحِظ وجود ارتباط أضعف بطول التيلوميرات. والمثير للاهتمام أن مركّبات أخرى موجودة في القهوة والشوكولاتة لم تُظهر العلاقة نفسها، ما يشير إلى احتمال أن يكون الثيوبرومين هو العامل الأساسي، وربما ما يوجد في الشوكولاتة الداكنة من هذا المركّب تحديدًا.
لماذا لا تزال النتائج غير حاسمة؟
رغم أهمية هذه النتائج، يؤكد الباحثون أن الدراسة لا تقدّم إجابة نهائية، فهناك مركّبات أخرى في الشوكولاتة لم يُقَس تأثيرها، وقد تكون هي المسؤولة جزئيًا عن هذا التأثير. كما أن العلاقة قد تكون عكسية، أي أن الأشخاص الذين يتقدمون في العمر البيولوجي بشكل أبطأ قد يَستقلِبون الثيوبرومين بطريقة مختلفة. لهذا السبب، يشدد العلماء على أن هذه النتائج تحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات المستقبلية للتأكد منها قبل الوصول إلى استنتاجات قاطعة.
الشوكولاتة الداكنة بين الفائدة والاعتدال
ليست كل أنواع الشوكولاتة متشابهة، فالكثير من منتجاتها تحتوي على كميات كبيرة من السكر والمواد المضافة، في المقابل، تُعد الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو خيارًا أفضل، لاحتوائها على مركّبات نباتية مفيدة ومعادن متنوعة، ومع ذلك، لا يمكن اعتبارها علاجًا سحريًا لإبطاء الشيخوخة.
نصيحة من موقع صحتك
رغم أن نتائج هذه الدراسة حول الثيوبرومين والشوكولاتة الداكنة مثيرة للاهتمام، فإنها لا تزال أولية وتحتاج إلى تأكيد عبر أبحاث أوسع وأكثر دقة. لذلك، من الأفضل التعامل مع الشوكولاتة كجزء من نظام غذائي متوازن، والاستمتاع بها باعتدال، دون الاعتماد عليها بشكل مفرط لتحقيق فوائد صحية أو إبطاء التقدم في العمر البيولوجي.
آخر تعديل بتاريخ
20 ديسمبر 2025
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





