الجزائر تودّع أيقونة الفن الممثلة “باية بوزار” المعروفة باسم “بيونة”

لم تكن هذه المرة مجرد إشاعة عابرة تسارع الفنانة الجزائرية “بيونة” إلى تكذيبها كما جرت العادة، وهي التي لاحقتها الشائعات مثل كثير من النجوم والمشاهير، بل كان رحيلها يوم الثلاثاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 خبرا مؤكدا، رحيل أثقل قلوب جمهورها ومحبيها الذين غمرهم الحزن منذ اللحظات الأولى لانتشار النبأ الذي امتد صداه إلى الوسط الفني، حيث نعاها جموع الفنانين والمخرجين الذين شاركتهم دروب الإبداع.لم تكن بيونة مجرد ممثلة، بل صوتا صادقا للنساء في الجزائر والمغرب العربي. فعلى مدى عقود جسدت بمعايير فنية عالية آلام مجتمع كامل وآماله، وتصدت للتابوهات، ملهمة الأجيال الجديدة بحضورها الراسخ وصوتها وشخصيتها القويةطفولة في بلكور… حين كانت السينما بيتا ثانياولدت باية بوزار، الشهيرة باسم بيونة، في 13 سبتمبر/أيلول 1952، في حي باب الواد الشعبي المعروف اليوم ببلوزداد (بلكور سابقا). أحد أعرق الأحياء الشعبية بالجزائر.بلوزداد حي وبلدية من بلديات الجزائر العاصمة في ولايـة الجزائر، يقع في الجهة الشرقية من المدينة. كان الحي يعرف باسم “بلكور” في فترة الاستعمار الفرنسي، ثم حمل اسم “حامة الناصر” بعد الاستقلال، قبل أن يعتمد اسمه الحالي “بلوزداد” عام 1992 تكريما للمناضل والقومي الجزائري محمد بلوزداد، الذي نشأ وعاش في هذا الحيعاشت يتيمة الأب منذ سن الثامنة، وكانت والدتها التي تعمل في شباك بيع التذاكر في إحدى قاعات السينما سندها الأول والأكبر. هناك، في تلك القاعة التي صارت عالمها الثاني، جلست بيونة الصغيرة بين المتفرجين، مفتونة بسحر الشاشة الكبيرة، تتابع بشغف الأفلام الهندية والمصرية، وتستمتع بكل حركة وكل لحن وكل كلمة.كانت معجبة ومتفائلة بتحية كاريوكا، وفريد الأطرش، والعندليب عبد الحليم حافظ. شيئا فشيئا بدأت تتشرب عوالم الفن كما لو أن الطريق نحو الإبداع كان مرسوما أمامها منذ سنوات، ينتظر أن تخطو عليه بخطواتها الأولى نحو النجومية.فريد الأطرش وتحية كاريوكا، من أوائل النجوم الذين أسروا خيال بيونة وهي طفلة في قاعات السينما بالجزائر، وظلا من أبرز من تأثرت بهم في حبها للرقص والغناء والتمثيلصدفة مهدت لميلاد نجمةباية بوزار التي وجدت نفسها ممثلة بالصدفة في سن صغيرة، يجهل الكثيرون أنها بدأت كراقصة في الباليه، قبل أن تلتقطها مصادفة عين المخرج الراحل مصطفى بديع، الذي أسند إليها دورا في مسلسل “الحريق”، المقتبس عن روايتي “الدار الكبيرة” (1952) و”الحريق” (1954) للكاتب الجزائري محمد ديب.من اليمين إلى اليسار: الفنانة بيونة، أرمان أمار، وأوجان بالسي خلال حضورهم فعالية “Festival Extravagant India” ضمن الدورة الأولى لمهرجان السينما الهندية في فضاء بيار كاردان، يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 2013 في باريس، فرنسا. (تصوير كريستي سبارو/ Getty Images)كانت هذه الخطوة بداية مسار لم تخطط له أو تتوقعه، ومهّدت لجماهريتها من خلال أداء يميل إلى البساطة التي يفضلها المشاهد. فشخصية فاطمة التي تفاعلت بشكل رائع مع الفنانتين شافية بودراع وعايدة كشود، أظهرت إمكاناتها كممثلة، ولم يكن يتوقع أن تتحول الوافدة الجديدة إلى واحدة من ألمع نجوم الجزائر وفرنسا مع مرور السنوات وتراكم المشاركات، حتى أصبحت نجمة الجماهير الأكثر طلبا وشعبية، كرست واحتفظت بهذه المكانة إلى غاية رحيلها.الفنانة الجزائرية بيونة مع لاعب الخدع البصرية “مونسيو مارفيلوس ، خلال حضورهما حفل انتخاب “Miss Beauté Nationale 2019” والاحتفال بالذكرى العشرين لـ Citestars في “لو غراند أوتيل” يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في باريس، فرنسامكانة كان البعض يتنبأ لها بها؛ وبعد هذا العمر باتت تستحضر بيونة في أحاديثها بعض المواقف التي تركت أثرا في حياتها، فقد ذكرت في لقاء إعلامي سابق أن الفنانة الراحلة وردة الجزائرية كانت من أشد المدافعات عنها، وتنبأت لها بمستقبل فني مشرق منذ اللقاء الأول. ذلك الدعم الكبير ظل محفورا في ذاكرتها، وظلت تعبر عنه وتردده في كل حديث عن مسيرتها، وكأن أثره يرافقها دائما.اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مقاومة السينما.. كيف تصور فلسطين حكاياتها تحت النار؟list 2 of 4“مرسيدس سوسا”.. صوت أمريكا اللاتينية الذي احتضن كلمات المستضعفينlist 3 of 4“وراء كل قصة تاريخ وقضية تستحق التوثيق والإنصاف”.. حوار مع المخرجة الجزائرية فتيحة بوروينةlist 4 of 4“تاجماعث”.. أسرار المجالس العرفية الأمازيغية شمال الجزائر.. كيف تدار ومن المسؤول؟end of listمن “الحريق” إلى “حريم السيدة عصمان”: بدايات ومسارات جديدةمسلسل “الحريق” الذي فتح أعين المخرجين على موهبة بيونة لم يكن العمل الوحيد الذي جمعها بالمخرج الجزائري الكبير مصطفى بديع، إذ منحها دورا جديدا سنة 1977 في مسلسل “الانتحار” من إنتاج مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. غير أن الأدوار التي أسندت إليها لاحقا مع مخرجين آخرين حصرتها في نمط واحد من الشخصيات، وهو ما لم يرق لها كثيرا، إلى أن طلبها المخرج الجزائري ندير مقنوش سنة 1998 لدور في فيلم “حريم السيدة عصمان” الذي صوِّر بين فرنسا والمغرب.بدأت الفنانة الراحلة مسيرتها مبكرا، فكان اول ظهور لافت لها في التلفزيون عام 1974 عبر مسلسل “الحريق” للمخرج مصطفى بديع، الذي فتح امامها الباب لتكشف عن موهبتها. “الحريق” مسلسلا يتناول مرحلة من مراحل الاحتلال الفرنسي للجزائر قبل الحرب العالمية الثانيةتعاونها مع ندير مقنوش، المقيم في فرنسا، في نهاية التسعينيات ومطلع الألفية الثالثة فتح أمامها آفاقا جديدة، ومهّد لمشاريع أخرى قادتها لاحقا إلى الهجرة. جاء ذلك بعدما فضلت طوال سنوات “العشرية السوداء” البقاء في الجزائر، مصرة على مواجهة الظروف الصعبة، رغم التهديدات التي استهدفت النخبة، وسلسلة الاغتيالات التي طالت صحافيين وممثلين ومخرجين بارزين، من بينهم عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي وآخرون.توج تعاون بيونة والمخرج ندير مقنوش بعد ذلك بفيلمين آخرين، هما “Viva Laldjérie” (2004) و”Délice Paloma” (2007). وقبل ذلك كانت ضمن فريق فيلم “ليلى والأخريات” (1977) للمخرج سيد علي مزيف، الذي قدم سردا عن نساء جزائريات يسعين للعيش في الجزائر خلال سبعينيات القرن العشرين في مجتمع يتأرجح بين القيم المحافظة والرغبة في التقدم والانفتاح.من اليمين إلى اليسار: حفصة حرزي، سابرينا وزاني، الفنانة الفلسطينية هيام عباس، الفنانة الجزائرية بيونة، المخرج رادو ميهائيليانو، ليلى بختي، خلال حضورهم العرض الأول لفيلم “La Source Des Femmes” في قصر المهرجانات ضمن الدورة 64لمهرجان كان السينمائي، 21 مايو/أيار 2011 في كان، فرنسا. (Getty Images)حاول الفيلم تسليط الضوء على الصعوبات والتحاملات الراسخة التي تبقي النساء في مواقع تابعة وتعيق حريتهن وتمكينهن. هذه المواضيع تتوافق كثيرا مع قناعات بيونة، إذ كانت تدافع بشراسة عن حريتها كامرأة، فبالنسبة إليها الحرية شيء مقدس، وحق لا يجوز المساس به، ومبدأ لا يقبل التنازل أو التفاوض.اشترك فيالنشرة البريديةاشترك في النشرة البريدية وتابع أحدث أفلامنا الوثائقيةالحرية كقناعة راسخة وموضوع فنيجرأة الفعل والقول والتفكير جعلتها محل انتقاد في مناسبات عديدة، لكنها لم تلتفت لذلك، ولم تثنها الانتقادات يوما عن التعبير عن قناعاتها. كانت بيونة شخصية مثيرة حقا، ببصمتها التي لا تمحى، ومواقفها وتصريحاتها التي تثير النقاش باستمرار، والجدل أحيانا.فيلم “ما زلت اختبئ لأدخن” (2016) من بطولة هيام عباس، فاضيلة بلقبلة، نادية قاسي، بيونة، يدور في حمام تركي نسائي تديره فاطمة، بعيدا عن نظرات الرجال. تأتي عشرات النساء كل يوم ليتقاسمن آمالهن ومخاوفهن. يتجولن عاريات، يدخن، ويتحدثن عن الجنس، والسياسة، والدينوالحديث عن الجرأة يستدرجنا إلى بعض الأفلام التي شاركت فيها بقناعة، ومنعت من العرض في الجزائر بسبب مشاهد جريئة تضمنتها، مثل فيلم “في سني، ما زلت أختبئ لأدخن” (2016) للمخرجة ريحانة، وأعمال أخرى لم تتبرأ منها أو تتنكر لها قط.فن الالتزام بالنص وتجاوزه دون تعثربيونة التي لا تشبه إلا نفسها، كانت تتحرك على الشاشة بخفة وحرية آسرة، تتخطى أحيانا في الكوميديا حدود النص من دون أن يهتز المشهد أو يتعثر إيقاع زملائها أو انسجامها معهم. بعفويتها وارتجالها كانت تخلق لحظات من المرح الخالص، تلامس بها قلوب المشاهدين وتنتزع ضحكاتهم ببساطة طبيعية، وكأنها فرد من العائلة.الممثلة الجزائرية بيونة (يسارا) خلال حضورها مؤتمرا صحفيا لفيلم “La Source des femmes” ضمن فعاليات الدورة الرابعة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي، في مدينة كان بجنوب فرنسا، يوم السبت 21 مايو/ايار 2011. (AP) (AP)فالعلاقة التي شيدتها باية مع جمهورها لأكثر من نصف قرن امتدت إلى ما وراء الجزائر، حيث كونت جمهورا متنوعا لم تتعامل معه يوما بمسافة النجوم أو بهيبتهم، بل بقرب إنسانة تعرف كيف تضحك الناس من القلب، سواء أمام الكاميرا أو بعيدا عنها، وتعي تماما كيف تستثير تعاطفهم في اللحظات التراجيدية.بين الرقص والتمثيل والغناء: فنانة متعددة الوجوهربما هذا ما يبدو لمن انكب على متابعة أداء ومسار بيونة كممثلة فقط، غير أن المتمعن في حواراتها وحديثها عن تراكمها الفني يلاحظ أنها كانت تفضل التنقل بين الرقص والتمثيل والغناء، تماما كما تحب أن تنتقل بين السينما والمسرح والتلفزيون.ومع ذلك تكشف نبرتها أحيانا أن الغناء يحتل مكانة خاصة في قلبها، رغم أن الجمهور يرتبط بها أكثر في صورة الممثلة ويفضل هذه المساحة التي أصبحت عنوان نجاحها وتألقها. ويمكن مشاهدتها في أكثر من فيلم في هيئة الممثلة والراقصة والمغنية، وكمغنية لا تختار من الأغاني والكلمات إلا ما يلامس وجدانها.الممثلة والمغنية الجزائرية بيونة تشارك في بروفة يوم 19 يونيو/حزيران 2009 في مدينة تولوز جنوب غربي فرنسا، وذلك خلال الدورة الخامسة عشرة من مهرجان الموسيقى “ريو لوكو”. يركّز المهرجان، على موسيقى بلدان المغرب العربيولا يخفى أنها أصدرت سنة 2001 ألبوما بعنوان “Raid Zone”، وأتبعته بألبوم “Une blonde dans la casbah” (شقراء في القصبة) الصادر سنة 2007، وفضلت أن تعيد إحياء أغنيات من التراث الجزائري.حضور مغاربي وعربي يتجاوز الحدودعلى صعيد آخر، لم تكن نجمة جزائرية فحسب، بل فنانة امتد صداها إلى ما وراء المنطقة المغاربية، فصار حضورها معروفا ومقدرا في محافل دولية. وتوج هذا المسار بتكريمات عدة، من بينها تكريمها في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية عام 2022 في دورته الحادية عشرة.وعلى الصعيد المهني، أسهمت مشاركتها في مسلسل “نسيبتي العزيزة” بدور “بريزة” في تعزيز شعبيتها في تونس، فيما أصبح المغرب محطة متكررة في مسارها الفني، بدءا من مسلسل “حريم السيدة عصمان” الذي صوره المخرج الفرانكو-جزائري ندير مقنوش في الدار البيضاء، وصولا إلى فيلم “ينبوع النساء” (2011) للمخرج Radu Mihaileanu، حيث قضت هناك عدة أشهر تتدرب على دورها الجديد وإتقان اللسان المغربي واللهجة المحلية.فيلم “ينبوع النساء” دراما انسانية تدور في قرية متخيلة، حيث تقرر النساء اعلان “اضراب ” للضغط على رجالهن كي يتقاسموا معهن مشقة الحياة وجلب الماء. يقدّم الفيلم ربيعا انثويا يحتفي بقوة النساء وتضامنهن، من خلال بطلة تجسدها ليلى بختي ومعها حفصة حرزي. اما الفنانة الجزائرية بيونة فتمثل صوت التمرد الشعبي، تحرض الشابات على كسر الصمت واستعادة كرامتهنهذا التنقل بين المشاريع والعمل مع مخرجين من أجيال مختلفة شكل تجربة مثمرة للطرفين؛ استفادت هي من خبراتهم ورؤاهم الفنية، وأضافت إلى أعمالهم حيوية وإحساسا جديدا ينبع من شخصيتها وتجربتها الخاصة، ما خلق أعمالا أكثر ثراء وتنوعا، سواء في السينما أو التلفزيون والمسرح أيضا.ارتباط بالجمهور وإقرار بدور التلفزيون في ترسيخ شعبيتها“رحلت عنا نجمة لامعة، تاركة عالم التلفزيون والسينما في حداد، نجمة تحدت العقبات ووهبت حياتها للفن والإبداع”، بهذه العبارات نعى المخرج الجزائري جعفر قاسم النجمة بيونة، رفيق أهم نجاحاتها وصانع أجمل لحظاتها على الشاشة، سواء في “دار البهجة” (2013)، أو “ناس ملاح سيتي” (بين 2002 و2006)، السلسلة الفكاهية بأجزائها الثلاثة التي حققت انتشارا ونجاحا واسعا تجاوز حدود الجزائر.مسلسل “ناس ملاح سيتي”، ومعناه “مدينة الناس الطيبين” هو سيت كوم كوميدي جزائري عرض بين عامي 2002 و2006، من إخراج جعفر قاسم. ويعتبر السيت كوم الأكثر شعبية في الجزائر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرينوكانت تجربة “ناس ملاح سيتي” مميزة بالنسبة لبيونة، إذ خاضت فيها تجربة الكتابة للمرة الأولى، متشاركة مع جعفر قاسم في صياغة الفكرة وحلقات الموسم الأول، قبل أن تقتصر مشاركتها على التمثيل في المواسم والأجزاء اللاحقة.قدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خالص تعازيه ومواساته الى اسرة الفنانة باية بوزار، مؤكدا ان الجزائر تودع احدى اشهر وجوه ساحتِها الفنية. واشار الى ان الراحلة تركت اثرا بارزا لدى الجمهور بفضل صدقها وتلقائيتها واعمالها التلفزيونية والسينمائية الناجحةبيونة التي لم تبالغ يوما في أدائها، ولم تفتعل أو تصطنع نجاحا، كانت في اختياراتها للأعمال والشخصيات تميل إلى البساطة، وهذا ما شيد ورسخ صدق العلاقة بينها وبين جمهور التلفزيون خاصة.وبالحديث عن التلفزيون قالت ذات مرة إنه هو الذي منحها تلك القاعدة الجماهيرية والمكانة التي حافظت عليها طوال مسيرتها. فرغم الأعمال السينمائية المهمة التي قدمتها تحت إدارة أبرز المخرجين الجزائريين والأجانب، لم تتنكر يوما للتلفزيون ولا لجمهوره الذي أحبها وأشاد بها دائما، وصار حضورها في أي عمل علامة على نجاح شبه مضمون، وضمانا للاهتمام والمتابعة حتى قبل عرضه، مما جعل المنتجين والمخرجين يراهنون على مشاركتها في كل مشروع جديد.العودة إلى الجزائر… وإخفاق النصوص في ملاحقة روحها الكوميديةعودتها في السنوات الأخيرة للاستقرار في الجزائر، وعودتها إلى بيتها الطبيعي – التلفزيون – تشعرك أنها لم تتغير؛ ظلت على طبيعتها وعفويتها، لكن النصوص والأعمال التي وزعت فيها لم تحمل في تفاصيلها تلك الروح الكوميدية التي اعتاد جمهورها عليها.شيعت في الجزائر الفنانة الكبيرة باية بوزار، المعروفة فنيا باسم بيونة، في جنازة مهيبة غلبت عليها مشاعر الحزن، من دون ان تغيب عنها ملامح الامتنان لفنانة رافقت ضحكات الجزائريين وذاكرتهم البصرية لعقود طويلة، قبل ان توارى الثرى في مقبرة العاليةوهي التي سجلت عودتها إليه بعد طول غياب بسلسلة “باب الدشرة” للمخرج وليد بوشباح سنة 2018، وعززتها بمسلسل “الدامة” ليحيى مزاحم (2023)، واختتمتها بـ”دار الفشوش 2″ (2024).وداع عابر للحدود… بيونة في مرآة الصحافة الفرنسيةرحيل بيونة لم يمر مرور الكرام على الصحافة الفرنسية؛ فقد كتبت صحيفة Le Monde عن فقدانها، وعنونت Le Figaro: “وفاة بيونة، المغنية والممثلة، تدخل الجزائر في حالة من الحزن”، أما Le Point فوصفتها ورحيلها قائلة: “المعروفة جيدا في الجزائر كما في فرنسا، سيدة كبيرة من سيدات السينما الجزائرية تودعنا”.انطلق الموكب الجنائزي للفنانة بيونة من المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، حيث ودعها زملاؤها وجمهورها بإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانها وسط صمت مؤثركان هذا الصدى العابر للحدود انعكاسا لمسيرة فنية استثنائية؛ فبيونة لم تكن مجرد نجمة على الشاشة، بل أيقونة تجاوزت حدود وطنها. فضلا عن مشاركتها في أفلام فرنسية وفرانكو-جزائرية، كانت أول ممثلة عربية تقف على خشبة مسرح ماريني (Théâtre Marigny) الأشهر في باريس، حيث قدمت عام 2012 أول عرض منفرد لها في فرنسا، اختارت في هذا العرض قصصا تشبهها، وتقترب من حياتها وبداياتها في الجزائر، وانتقالها إلى فرنسا، والتجارب المتراكمة التي ميزت حياتها وشكلت مسارها الفني الذي أثار فضول الكثيرين.