مطالب بحظر التعتيم الشمسي في أفريقيا.. ما القصة؟ - الطاقة

تصاعدت الأصوات المطالبة بحظر تقنية التعتيم الشمسي في أفريقيا؛ لما لها من تداعيات محتملة، رغم أن ظاهرها يستهدف "تبريد" كوكب الأرض ومحاربة معدلات الاحترار المرتفعة. ويقوم الأساس العلمي للتقنية على رش جزيئات من مواد محددة في طبقات الجو؛ لتحويل مسار ضوء الشمس بعيدًا عن الكوكب، في عملية يُطلق عليها -أيضًا- "تعديل الإشعاع الشمسي" أو "الهندسة الجيولوجية الشمسية". وتتبنى شركات غربية تطوير هذه التقنية، إلا أن التحرك الأفريقي ضدها كان لافتًا للنظر، خاصة أن للقارة "سوابق" عدة في التعرض لأضرار التقنيات غير المجربة بالقدر الكافي. وحسب تحديثات لدى منصة الطاقة المتخصصة، هناك تحرك يقوده دبلوماسيون في القارة السمراء ضد تقنية التعتيم الشمسي، بالتزامن مع انعقاد محادثات الأمم المتحدة للبيئة في كينيا، خلال المدة من 8 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2025. المخاوف من تقنية التعتيم الشمسي يرى بعض الدبلوماسيين الأفارقة أن تقنية التعتيم الشمسي قد تجلب مخاطر بيئية وجيوسياسية للقارة، وتحولها إلى "حقل تجارب" للتطويرات غير المؤكدة علميًا. ويشكك البعض في جدوى خفض حرارة الأرض عن طريق "حجب" ضوء الشمس، أو تحويل مساره إلى وجهات أخرى، للسيطرة على معدلات الاحترار العالمي. ضباب دخاني يهيمن على مدينة أميركية - الصورة من Planet Forward ولم تمضِ جهات علمية دولية قدمًا في "تجريب" التقنية، ما يثير قلقًا لدى بعض أصوات القارة من مخاطر "لا أخلاقية"، حسب ما أطلق عليها فريق تحرير الغارديان في تقرير لهم. ولم تكن القارة الأفريقية صاحبة السبق في رفض تطبيق هذه التقنية في غلافها الجوي؛ إذ سبقتها المكسيك بعدما رفضت تجارب أجرتها شركة أميركية ناشئة على أراضيها عام 2023، لتطبيقات تعديل الإشعاع الشمسي. مَن يُروّج للتقنية؟ غاب السياق العلمي عن الحديث حول رش جزيئات في الغلاف الجوي لتبريده، وحلت محله تمويلات واستثمارات غريبة مثيرة للقلق. فمقابل تراجع الجهود العلمية الموثّقة في هذا الإطار يجري بناء صناعة واستثمارات، فعلى سبيل المثال: أخذت شركة أميركية-إسرائيلية (لم يُسمها التقرير) على عاتقها تطوير نظام "الرش" لضمان التعتيم الشمسي. وتسعى الشركة للترويج إلى خدمات التبريد التي يمكن تقديمها، وتعرض أدواتها على بعض الحكومات لاعتمادها مستقبلًا. وتُظهر السيطرة الغربية على مقاليد التقنية هيمنة أميركية محتملة، خاصة أن الرئيس دونالد ترمب يؤسس إستراتيجيته الاقتصادية على "السيطرة على قطاع الطاقة"، وقد تساعد التقنية في التحكم بإمدادات الطاقة العالمية. ويمكن تنفيذ ذلك عبر تحقيق أميركا للتوازن بين: التحكم في درجات الحرارة وخفضها، واستمرار الاحتفاظ باقتصاد قائم على الكربون. وسبق أن حاولت سويسرا -العام الماضي- اقتناص قرار من جمعية الأمم المتحدة للبيئة يلزم البرنامج التابع لها بتشكيل لجنة تُقيّم التقنية، لإكسابها "صبغة عالمية"، لكن المعارضة الأفريقية للقرار عطّلت هذه الخطوة. وخصصت المملكة المتحدة تمويلًا لصالح وكالة الأبحاث والاختراعات المتطورة (أريا Aria)، لتصبح أول حكومة تمول أبحاث تقنية التعتيم الشمسي رسميًا. وانتقل علماء الوكالة حاليًا من مرحلة البحث إلى الاختبارات الميدانية لأجهزة الرش وتبريد الغلاف الجوي على نطاق محدود. مقر انعقاد مباحثات الأمم المتحدة للبيئة في كينيا - الصورة من Africa Sustainability Matters اتفاقية حظر الاستعمال استدعت المخاوف الأفريقية من المخاطر السابق ذكرها المطالبة بإبرام اتفاق عالمي يهدف إلى حظر استعمال تقنية التعتيم الشمسي. ومن شأن تطبيق الحظر أن يمنع: تمويل الحكومات للتقنية، وإجراء التجارب خارج أراضي كل دولة، ومنح براءات اختراع حولها، أو تبني المستوى الرسمي الدعاية لها. ويبرر الدبلوماسيون في أفريقيا رفضهم للتقنية بأسباب عدة، من بينها: أنها لا تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية. قد تؤدي إلى تغيير في نمط هطول المطر. قد تسبب إرباكًا للنظم الغذائية وخطط الزراعة. التداعيات غير المعلنة لتأثير توقفها -لأي سبب- في درجات الحرارة. يؤدي تطبيقها إلى غض الطرف عن استعدادات الطوارئ المناخية، وخفض استهلاك الوقود الأحفوري، وضخ الاستثمارات في الطاقة المتجددة. وقال علماء إن هذه التقنية "غير مدروسة"، داعين الحكومات الغربية -خاصة المملكة المتحدة- للتراجع عن تمويلها ودعمها. وأورد تقرير الغارديان أن البرامج البحثية لها دوافع سياسية، إذ يترتب عليها فتح المجال للوظائف بعد جذب الممولين لهذه التقنيات، ودعا المحررون من خلاله إلى النظر بعين الحسبان للمخاوف الأفريقية. موضوعات متعلقة.. كيف يتحول هوس مكافحة تغير المناخ إلى سلاح بيد الأعداء؟ تعتيم الشمس نموذجًا تأثير تغير المناخ في الأمن الغذائي بأفريقيا.. السيناريو المستقبلي لـ4 محاصيل تغير المناخ وحش روّضته أفريقيا قبل 10 آلاف عام.. هل يستفيد العالم؟ اقرأ أيضًا.. أنس الحجي: عقوبات ترمب تؤثر في عقود النفط العالمية.. العراق وفنزويلا نموذجًا واردات إسبانيا من الغاز ترتفع 9%.. والجزائر تسيطر على 45% مخزونات النفط الأميركية تنخفض بأكثر من التوقعات.. وقفزة في البنزين المصدر: تقنية التعتيم الشمسي ومخاطرها والمطالب الأفريقية بحظرها، من تقرير الغارديان.