منذ قرون عديدة، احتل زيت الخروع مكانة خاصة في سجلات الطب التقليدي والعلاجات الطبيعية حول العالم. فقد جعلت خصائصه الفريدة والمتعددة منه "إكسيرًا" حقيقيًا، استُخدم في مجالات متنوعة، بدءًا من العناية بالجمال وصولًا إلى التطبيقات الطبية والصناعية.
وزيت الخروع زيت كثيف عديم الرائحة، يُستخرج من بذور نبات الخروع. ويعود استخدامه إلى مصر القديمة، حيث يُرجّح أنه استُخدم كوقود للمصابيح، إضافة إلى أغراض طبية وتجميلية. ويُقال إن كليوباترا استخدمته لتفتيح بياض عينيها، وفق موقع "ويب ميد".
وتشير موسوعة "بريتانيكا" إلى أن إفريقيا الاستوائية هي على الأرجح الموطن الأصلي لنبات الخروع، الذي انتشر لاحقًا في معظم المناطق الدافئة من العالم. ويُزرع هذا النبات اليوم بشكل رئيسي في الهند والصين والبرازيل.
ويُنتَج زيت الخروع بشكل رئيسي في الهند والبرازيل، فيما يُستهلك بشكل أساسي في الولايات المتحدة، ولا سيما في القطاع الصناعي. ويُستخدم كمليّن ويدخل في صناعة منتجات العناية بالبشرة والشعر، إضافة إلى كونه مكوّنًا في زيوت المحركات وغيرها من المنتجات.
وبحسب موقع "بريسيدنس ريسيرتش"، قُدّر حجم سوق زيت الخروع العالمي بـ943.65 ألف طن متري في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 1,345.33 ألف طن متري بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.61% خلال الفترة الممتدة بين 2025 و2034.
لا يُعتبر زيت الخروع زيتًا صالحًا للأكل، كما أن طعمه كريه للغاية. لكن بعض الأشخاص يتناولون كميات صغيرة منه عن طريق الفم لأغراض طبية.
وبحسب موقع "ماي فتنيس بال"، تحتوي ملعقة كبيرة من زيت الخروع على:
120 سعرة حرارية
14 غرامًا من الدهون
من دون ألياف أو كربوهيدرات أو بروتين
كما يحتوي على:
فيتامين هـ: أحد الفيتامينات الأساسية الذائبة في الدهون، المعروف بخصائصه المضادة للأكسدة.
أحماض أوميغا 9 الدهنية
أحماض أوميغا 6 الدهنية
أما المادة الفعالة الرئيسة فيه، فهي حمض الريسينوليك، وهو حمض دهني مسؤول عن معظم خصائصه الصحية.
وفق موقع "ويب ميد"، لم تُجرَ أبحاث كافية حول معظم الاستخدامات الصحية التقليدية لزيت الخروع، لكن بعض فوائده المحتملة تشمل:
مضاد للالتهابات
مضاد للميكروبات
مرطّب ومنظّف بفضل الأحماض الدهنية
مسكّن للألم
تُعدّ الخاصية الوحيدة المعتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية هي استخدام زيت الخروع كمليّن طبيعي لتخفيف الإمساك المؤقت، إذ يرتبط حمض الريسينوليك بمستقبلات في الأمعاء، مما يؤدي إلى انقباض العضلات ودفع البراز عبر القولون.
ويُستخدم أحيانًا لتنظيف القولون قبل بعض الإجراءات الطبية مثل تنظير القولون. ووفق موقع "صحتك"، يمكن للبالغين والأطفال فوق 12 عامًا تناول ما بين 1 إلى 4 ملاعق كبيرة (15 إلى 60 ملليلترًا) يوميًا عن طريق الفم لعلاج الإمساك العرضي.
مع ذلك، قد يؤدي الإفراط في استخدامه إلى آثار جانبية مثل تقلصات البطن والإسهال، بحسب موقع "هيلث لاين".
استُخدم زيت الخروع منذ قرون للمساعدة أثناء المخاض والولادة. وبحسب "ويب ميد"، وجدت دراسة استقصائية عام 1999 أن 93% من القابلات في الولايات المتحدة استخدمنه لتحفيز المخاض.
لكن بينما أظهرت بعض الدراسات أنه قد يساعد، لم تثبت دراسات أخرى فعاليته. لذلك يُنصح الحوامل بتجنّبه لتفادي المخاطر.
أظهرت الأبحاث على الحيوانات أن حمض الريسينوليك قد يساعد في مكافحة التورم والألم الناتج عن الالتهابات عند وضعه على الجلد. كما وجدت دراسة بشرية أنه كان فعّالًا بقدر الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات في علاج أعراض التهاب مفصل الركبة.
يتميز زيت الخروع بخصائص مضادة للبكتيريا والميكروبات، مما قد يسرّع التئام الجروح، خصوصًا عند دمجه مع مكوّنات أخرى. ويُستخدم مثلًا مرهم "فينيليكس"، الذي يحتوي على زيت الخروع وبلسم بيرو، لعلاج جروح الجلد والضغط.
وقد يساعد الزيت في الوقاية من العدوى عبر الحفاظ على رطوبة الجروح، فيما يخفّف حمض الريسينوليك الالتهاب.
مع ذلك، لا يُنصح باستخدامه منزليًا على الجروح الطفيفة أو الحروق، بل تحت إشراف طبي في العيادات والمستشفيات.
نظرًا لغناه بالأحماض الدهنية، يتميز زيت الخروع بخصائص مرطبة، ويُستخدم في العديد من منتجات التجميل التجارية. كما يمكن استخدامه بشكله الطبيعي الخالي من العطور والأصباغ، لكن يُفضل تخفيفه بزيت محايد آخر لتفادي تهيج البشرة.
ويُعتقد أن خصائصه المضادة للبكتيريا والالتهابات والمرطبة قد تساعد في مكافحة حب الشباب، لكن الأبحاث لم تؤكد ذلك بعد.
وأظهرت دراسة سريرية أُجريت عام 2023 على 22 شخصًا أن الكريمات المحتوية على زيت الخروع تُعد علاجًا فعّالًا لفرط تصبّغ منطقة ما تحت العين. لكن الباحثين شددوا على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد النتائج.
يُسوّق زيت الخروع أحيانًا كعلاج لجفاف فروة الرأس، ونمو الشعر، والقشرة. وقد يساعد في ترطيب فروة الرأس والشعر، لكن لا يوجد دليل علمي يثبت فعاليته في علاج القشرة أو تعزيز نمو الشعر.
كما أن استخدامه المفرط قد يسبب حالة نادرة تُسمى "التلبيد"، حيث يتشابك الشعر لدرجة يصعب معها فكّه إلا بالقصّ.
يلجأ بعض الأشخاص إلى استخدام كمادات زيت الخروع لعلاج الإمساك، وجفاف الجلد، والتهاب المفاصل، وتقلصات الدورة الشهرية. تُصنع هذه الكمادات من قطع قماش قطنية أو صوفية تُغمس في الزيت، ثم توضع على البشرة بعد تدفئتها.
ورغم أن هذه الكمادات قد تمنح شعورًا بالراحة، إلا أن الأبحاث العلمية غير كافية لإثبات فعاليتها.
ويشير موقع جمعية تمريض الأورام إلى أن زيت الخروع كان ضمن خيارات العلاج المبكرة لسرطان الثدي، حيث استخدمه أطباء يونانيون قدامى مثل أبقراط وجالينوس لعلاج الأورام عبر تحفيز إفراز العصارة الصفراوية السوداء. وقد شهدت عشرينيات القرن الماضي اهتمامًا متجددًا باستخدام كمادات زيت الخروع لعلاج الأورام السطحية في الثدي. واليوم يُروّج لها مجددًا، رغم غياب أي دليل علمي يدعم ذلك.
رغم فوائده العديدة، إلا أن بذور نبات الخروع تحتوي على مادة سامة تُسمى "الريسين"، تُزال أثناء عملية تصنيع الزيت. ومع ذلك، يبقى استخدام الزيت مرتبطًا ببعض المضاعفات المحتملة:
الحساسية: قد يسبب حكة أو تورمًا أو طفحًا جلديًا لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاهه.
عند تناوله: قد يؤدي إلى الغثيان، وتقلصات البطن، والقيء، والانتفاخ، والدوار.
الحمل والرضاعة: يُنصح الحوامل بتجنبه لأنه يحفّز الولادة، ولا توجد أبحاث كافية حول سلامته أثناء الحمل أو الرضاعة.
التداخلات الدوائية: يجب تناوله قبل أو بعد عدة ساعات من أي أدوية أخرى لأنه قد يؤثر على امتصاصها.
الجرعة الزائدة: قد تسبب آلامًا في الصدر، وإسهالًا شديدًا، ودوخة، وضيقًا في التنفس، وطفحًا جلديًا.
الحيوانات الأليفة: يُعد زيت الخروع سامًا لها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً