انتشرت مجموعة من الفيديوهات والتي حصلت عليها قناة “العربية” بشكل حصري، وتكشف حوارات خاصة بين الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل. وتضم هذه الأحاديث سلسلة من المواقف التي يظهر فيها الأسد وهو يعلق بسخرية على عدد من الشخصيات والقضايا الداخلية ودمار منطقة الغوطة بريف دمشق و”جنود جيشه السابق”.
وتفاعل السوريون على منصات التواصل الاجتماعي مع هذه الفيديوهات المسربة بشكل واسع، إذ علق بعضهم بسخرية، فيما عبّر آخرون عن غضبهم، معتبرين أن سخريته وضحكه بشكل معتوه وشامت بضحايا المجازر أمر مقيت، مطالبين بضرورة محاسبته.
كما قالت “العربية” وفق رصدها لبعض الردود من الشارع السوري، إن التسريبات المنشورة حول بشار الأسد صادمة لمؤيّديه أكثر من معارضيه، حيث يسخر من جميع الناس ومن عناصر الشرطة الذين قبّلوا يده وكذلك من عناصر “حزب الله” اللبناني الذين ساندوه طوال الحرب السورية.
فيديوهات الأسد والشبل
وبحسب مصادر “العربية/الحدث”، فإن أمجد عيسى معاون لونا الشبل كان بالسيارة مع الأسد أثناء التسجيلات المسربة، فضلا عن أن أمجد عيسى ظهر في المرآة الداخلية للسيارة “عندما أدخل عسكري رأسه ليقبل يدي بشار الأسد”.
وتظهر إحدى اللقطات التي نشرتها “العربية” اليوم السبت، الأسد وهو يطلق شتائم مرتبطة بمنطقة الغوطة بريف دمشق، فتقول الشبل: “بدنا نغادر الغوطة.. شو بدنا نقول واحنا مغادرين؟”.. ليرد الأسد ضاحكا: “الله يلعن أبو الغوطة”.
كما يكشف مقطع آخر لبشار الأسد وهو يقود سيارة وبجانبه لونا الشبل ويسخر من مسجد الروضة في الغوطة: “أوسخ منطقة بسوريا.. ما معهم ياكلوا وينفقون الأموال على بناء المساجد متل الفراعنة لما كان يعمروا الأهرام كنوع من العبادة”.
فيما تكشف مقاطع أخرى حديثا بينه وبين الشبل حول ما وصفته بـ”تباهي حزب الله بقدراته”، قبل أن تضيف: “والآن لم نسمع له صوتا”.
كذلك، ثمة مشاهد أخرى يتبين فيها سخرية الأسد والشبل من جنود سوريين ظهروا سابقا وهم يقبّلون يده خلال لقاءات عامة، وتقول الشبل: “مافي فايدة كلو ببوس الأيد”.
كما سخر الأسد والشبل من الشرطة السورية ووزير الداخلية آنذاك: “ها دول ما بيخوفوا.. شو مبسوط وزير الداخلية بالشرطة تبعه وكل شوية ينزلوله خبر على الفيس”.
وفي مقطع آخر، تسأل الشبل الأسد عن شعوره تجاه صوره المنتشرة في الشوارع، ليجيب بأنه لا يشعر بأي شيء حيالها.
وضمن فيديو آخر مع بشار الأسد، تسخر لونا الشبل من اللواء سهيل الحسن قائلة: “مو فاضي حاطط رجله على جبل قاسيون وعم يتصور ومعه مرافقين روس”.
أيضا، بمقطع آخر تمازح لونا الشبل بشار الأسد، فتقول: “أسد الدبلوماسية ونمر قاسيون بدكم تغيروا الكنية.. ليجيبها: بدي غيّر لاقي شي حيوان.. فترد: هنّ حيوانات”.
كما ويقول بشار الأسد للشبل في حديث عن سوريا: “لا أشعر فقط بالخجل بل بالقرف.. هي بلدنا هي سوريا سوريا!”.
وخلال مقطع آخر يرد بشار الأسد على فريقه من الغوطة الشرقية بعد إخباره بـ”تحرير سقبا” قائلا: “أي بعرف بس خبروني وكأني لا أعلم أنها تحررت”.
تفاعل السوريين مع الفيديوهات
أحدثت التسجيلات المسربة موجة واسعة من الغضب بين السوريين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من الناشطين والكتّاب عن غضبهم وحزنهم وصدمتهم من مضمونها ومن طريقة حديث بشار الأسد ومرافقته لونا الشبل.
وكتبت الكاتبة السورية ريما فليحان معلّقة على المقاطع المتداولة: “شاهدت الفيديو المسرب لبشار الأسد وهو يضحك كالمعتوه شامتا بمجازره وبضحايا المجازر. ما زالت ضحكة هذا السافل حتى بعد رحيله تسبب الغثيان. هو وكل من أجرم بحق السوريين يجب أن يحاسبوا”.
أما الناشط الحقوقي السوري محمد العبدالله فاعتبر أن أهمية هذه التسريبات تتجاوز مجرد كشف أحاديث خاصة، قائلا: “تسريب فيديوهات السفاح مع لونا الشبل ليست ضرورية فقط لتثبيت الحقائق حول الجرائم، وحول ضلوع السفاح فيها بشخصه، وعن كراهيته وحقده على المناطق الثائرة ضد حكمه وحكم والده واستعداده لإبادة سكانها. أهميتها تتعدى ذلك لتخبر أيتامه أنه كان أجدب فعليا، شخص مختل ومخبول ومجرد مسخ لا يصلح لأن يكون أكثر من جلاد داخل إحدى فروعة الأمنية الكثيرة”.
وأضاف:”دفع هذا المسخ بلادنا إلى الهاوية، حطمها على الصعيد المادي ودمر نسيجها الوطني ومزّقه. ساعده بذلك شريحة لا بأس بها من الكلاب، شريحة يتم غسل أثريائها وضباطها ومسؤوليها وتعويمهم اليوم..”.
فيما كتب المحامي السوري عارف الشعال متسائلا بسخرية وغضب: “أي عبث في التاريخ جعل هذا التافه يحكم ربع قرن؟”.
وكتب حاز إبراهيم معلّقا على تسريبات الأسد والشبل أيضا: “لطالما كنت أردد خلال الثورة أن الذين يموتون طوعا (فداءً لصبّاط الأسد) كانوا يموتون بأرخص الأثمان ومقابل لا شيء. كنت أقارن بين الأسد ونصر الله في هذه النقطة؛ فنصر الله، الذي سقط من عيني عام 2011 حين اختار الوقوف ضد الشعب السوري، كان على الأقل أكثر صدقا في التعامل مع مؤيديه ومحازبيه، وأكثر حرصا على إظهار الحزن عليهم. أما الأسد، فلم يُظهر يوما أي احترام لمن يموتون في سبيله، بل كان يسخر منهم بشتائم شتى. آمل أن يكون المخدوعون بعائلة الحيوانات قد استفاقوا الآن، وخاصة من كانت على بصره غشاوة”.
من هي لونا الشبل؟
بحسب تقرير لمجلة “المجلة” اليوم السبت، ولدت الشبل في دمشق عام 1974 لعائلة درزية، وعملت سابقا في قناة “الجزيرة”. عادت إلى سوريا عام 2011 لتضع خبراتها “تحت تصرف النظام الأسدي”، قبل أن تنتقل للعمل في مكتب علي مملوك ثم في القصر الجمهوري، حيث خاضت صراعا كبيرا مع بثينة شعبان.
وتشير مصادر “المجلة” إلى أن ماهر الأسد وقاسم سليماني حذّرا بشار الأسد من لونا. وفي لقاء بين سليماني ومملوك نهاية 2019، قال سليماني إن تركها راتبا بـ10 آلاف دولار في “الجزيرة” مقابل 500 ألف ليرة في سوريا “غير منطقي”، معتبرا أنها “جاسوسة”.
ورغم ذلك، قربها الأسد وعينها مستشارة إعلامية، كما دعمتها أسماء الأسد قبل أن تنقلب عليها مطلع 2023، وسط أحاديث عن رغبة لونا بأن تصبح “السيدة الأولى”.
افتتحت لونا مطعما فاخرا في المزة عام 2022، قيل إن الأسد اشتراه لها. لاحقا باعته لرجل الأعمال أبو علي خضر، ما دفع أسماء الأسد للتساؤل عن مصادر ثروتها، بينما كانت لونا تتهم أسماء بالسيطرة الكاملة على اقتصاد سوريا.
كيف قتلت لونا الشبل؟
توفيت لونا بعد حادث يقال إنه “مدبر” في 2 تموز/يوليو 2024 على طريق الديماس. ورغم أن سيارتها المصفحة لم تظهر أضرارا كبيرة، يؤكد شهود أنها تعرضت لاصطدام متعمد، ثم ضربت في مؤخرة الرأس بما أدى إلى شلل ثم وفاة.
نُقلت إلى مستشفى الشامي بحضور شخصيات مقربة من ماهر الأسد، فيما اعتقل مرافقها عمار فور محاولته الكلام عما جرى.
وتقول “المجلة” إن جنازتها كانت متواضعة وغاب عنها كبار المسؤولين. كما اختفى هاتفان كانت تحملهما، واحد عثر عليه في القمامة والثاني اختفى نهائيا.
وقبل مقتلها، اعتقل شقيقها ملهم الشبل وزوجته نسرين في نيسان/أبريل 2024 بعد اتهامات بأنهما “مرتبطان بإسرائيل” وبالهجوم الذي استهدف وفدا إيرانيا بدمشق، والذي قتل فيه كبار قادة “فيلق القدس”. وترجح المصادر أنه قتل داخل أحد الأفرع الأمنية.
وقالت لونا قبل وفاتها إن اختطاف شقيقها مرتبط بتسجيلها فيديو للصحافي الأميركي أوستن تايس عام 2012، والذي شاهدها، بحسب قولها، وسرّب اسمها “للإسرائيليين”. ومنذ ذلك الوقت، اختفى الثلاثة: ملهم، نسرين، وأوستن تايس.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه




