الجوع مستمر بصمت.. سوء التغذية يطارد أطفال غزة بعد الحرب

لا يزال الآلاف يعانون من سوء تغذية داخل قطاع غزة
داخل مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، تنتظر الطفلة رهام القصاص الدخول إلى الطبيب من أجل تقييم حالتها وإعطائها بعض الفيتناميات نتيجة سوء التغذية الحادة الذي تعاني منه وظهرت أعراضه على جسدها النحيل.
ومكثت والدة الطفلة القصاص، سهام أكثر من 4 ساعات تنتظر تقييم الطبيب لحالة طفلتها لتحصل على بعض الحليب من صيدلة المجمع الطبي، للمساعدة في تغذيتها خاصة أنها لا تستطيع الحصول عليه من الأسواق لارتفاع سعره بشكل كبير.
وتؤكد المرأة الفلسطينية في حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن ابنتها رهام (عامان) عانت منذ ولادتها خلال الحرب من سوء تغذية بسبب المجاعة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وتوضح الوالدة أن ابنتها لا تزال تحصل على حليب خاص بها من داخل مجمع ناصر الطبي، لعدم توفره في الأسواق وفي حالة كان موجود يصل سعر العلبة الواحدة إلى 100 شيكل (30 دولار).
الأم عانت خلال فترة حملها من عدم توفر أصناف المواد الغذائية المختلفة، خاصة اللحوم التي تحتوي على البروتين، والخضروات، والفواكه، والمياه النظيفة، ما انعكس على صحة ابنتها.
حالة القصاص واحدة من آلاف الأطفال الذين لا يزالون يعانون من سوء التغذية في قطاع غزة، رغم إعلان الأمم المتحدة أن المجاعة في غزة انتهت، مع تأكيدها أن السواد الأعظم من السكان ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي".
ويؤكد التقييم الأممي الصادر عن الهيئة المشرفة على "التصنيف المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي)، أن الوضع في غزة "حرجاً" بالرغم من تحسن وصول الإمدادات الغذائية الإنسانية والتجارية”، بحسب الهيئة التي تعد الأمم المتحدة ومنظماتها من كبار المشاركين فيها.
وأظهر تحليل الهيئة أنه بعد وقف إطلاق النار الذي أقر في 10 أكتوبر الماضي، شهد القطاع تحسناً ملحوظاً في الأمن الغذائي والتغذية.
ومن المرتقب أن يبقى الوضع خطراً حتى 16 أبريل 2026، مع نحو 1.6 مليون شخص ما زالوا يعانون انعدام الأمن الغذائي بمستوى الأزمة أو أسوأ، حسب تقييم الهيئة.
التصنيف أكد أن أكثر من 100 ألف شخص في غزة يعانون ظروفاً كارثية، لكنه توقع أن ينخفض هذا الرقم إلى نحو 1900 شخص بحلول أبريل 2026، موضحاً أن قطاع غزة بأكمله مصنف في مرحلة طوارئ، وهي المرحلة السابقة مباشرة لمستوى الظروف الكارثية.
ويتوقع أن يعاني ما يقارب 101 ألف طفل تراوح أعمارهم ما بين ستة أشهر و59 شهراً من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العلاج، مع وجود أكثر من 31 ألف حال خطرة، كما ستواجه 37 ألف امرأة حامل ومرضعة سوء تغذية حاد وستحتاج إلى العلاج.
إلى جانب تقييم الأمم المتحدة، أكد الفرع الفرنسي لمنظمة "أوكسفام" أن "المجاعة في غزة ما زالت بمستويات مريعة يمكن تفاديها"، مشيرًا في بيانٍ له إلى أن "إسرائيل تسمح بدخول عدد قليل جداً من المساعدات وما زالت تصد طلبات عشرات المنظمات الإنسانية المعترف بها".
وكانت الأمم المتحدة وخبراء دوليون، أعلنوا رسميا للمرة الأولى في أغسطس الماضي، تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط.
وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا آنذاك، أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.
مدير مستشفى التحرير داخل مجمع ناصر الطبي، الدكتور أحمد الفرا، أكد أنه رغم إعلان الأمم المتحدة انتهاء المجاعة في قطاع غزة، إلا أن حالات سوء التغذية لا تزال تتدفق على المجمع بشكل كبير دون تراجع.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، بين الفرا، أن عيادة سوء التغذية داخل المجمع تستقبل أسبوعياً أكثر من مئة حالة لأطفال تظهر عليهم أعراض قلة الطعام وعدم حصولهم على الغذاء الكافي.
ويوضح الفرا، أن البضائع الموجودة في الأسواق خاصة المواد الغذائية واللحوم منها، ولكن أسعارها مرتفعة ولا تستطيع الكثير من العائلات شرائها لذلك حالات سو التغذية مستمرة داخل القطاع
ويبين أيضا النساء الحوامل اللواتي يترددن للمستشفيات تظهر عليهن علامات سوء التغذية، وهذا يتطلب إدخال المزيد من المساعدات لسكان القطاع، والعمل على خفض الأسعار، والسماح بدخول اللحوم الطازجة بمختلف أنواعها.
صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، قال إن سلطات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة لتقويض عمل المنظمات الإنسانية الدولية الكبرى، من بينها "أطباء بلا حدود" و"أوكسفام" و"أنيرا" و"كير الدولية" و"المجلس النرويجي للاجئين"، إلى جانب عشرات المنظمات الأخرى العاملة في غزة والضفة الغربية.
وقال عبد العاطي في تصريح لـ"الخليج أونلاين": إن "معظم المنظمات الإنسانية لم تتمكن منذ الثاني من مارس 2025 من إدخال المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة، إذ تم رفض مئات الطلبات بذريعة عدم الأهلية، ما أدى إلى احتجاز ملايين الدولارات من المواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء في مستودعات بالأردن ومصر، في وقت يتعرض فيه السكان لسياسة تجويع ممنهجة وانهيار شامل في مقومات الحياة".
وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يعرقل بشكل مباشر خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية والتعافي في غزة، إذ لم يُموَّل سوى 1.6 مليار دولار من أصل 4 مليارات مطلوبة لعام 2025، رغم أن الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات كارثية، حيث يعيش آلاف النازحين في خيام متهالكة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، ويُحرم أكثر من 900 ألف شخص من المياه والخدمات الأساسية.
وأشار إلى أن تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة سياسية وأمنية، وتقويض دور الأونروا والمنظمات الإنسانية، يمثل جريمة دولية وانتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، كما يشكل جريمة حرب وعقاباً جماعيًا محظوراً بموجب نظام روما الأساسي.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





