استثمر «مختبر أمازون» وادخر 80% من دخله.. كيف جمع شاب 700 ألف دولار قبل سن الثلاثين؟

لم يكن الوصول إلى قمة النجاح المهني في أمازون نتيجة ضربة حظ أو مسار مهني تقليدي، بل جاء حصيلة سنوات من التخطيط، والتجربة، والمخاطرة المحسوبة. فشاب يبلغ من العمر 27 عامًا استطاع خلال خمس سنوات فقط أن يرفع دخله السنوي من 50,000 دولار إلى 432,000 دولار، قبل أن يقرر مغادرة واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، والانطلاق نحو تأسيس مشروعه الخاص.
تجسد تجربة «نبيل خان» في جوهرها نمطًا غير تقليدي للارتقاء المهني داخل أروقة الاقتصاد الرقمي الحديث؛ حيث تراجع دور الشهادة الأكاديمية المجردة أمام سطوة المهارات المتراكمة والإرشاد المهني الذكي. شكلت القدرة على قنص الفرص الداخلية والتعلم المستمر المحرك الأساسي الذي دفع بمساره الوظيفي نحو الأمام بسرعة قياسية. ما جعل من صعوده نموذجًا يُحتذى به في كيفية استثمار البيئات العمليّة المعقدة لتحقيق أهداف استثنائية.
برزت هذه القصة كدليل حي على ضرورة إعادة صياغة المفاهيم الكلاسيكية للوظيفة. بعدما تحولت «أمازون» من مجرد مقر للعمل إلى مختبر تعليمي ومنصة معرفية كبرى لصقل الموهبة. انتقل «نبيل خان» بذكاء عبر محطات وظيفية بدأت من العمليات التشغيلية وانتهت بإدارة منتجات الذكاء الاصطناعي. وهي الرحلة التي منحته الزخم الكافي لكسر قيود الوظيفة والانطلاق نحو الاستقلال المهني الكامل بأسس معرفية صلبة.
بدايات مبكرة صنعت عقلية ريادية
امتلك خان نزعة ريادية مبكرة سبقت حتى عتبات الجامعة؛ حيث تجلت بوضوح خلال مرحلته الثانوية حين استقطب «12 من أذكى الطلاب» ليشاركوه تأسيس مشروع طموح لدروس التقوية. حققت هذه الشركة الناشئة قفزة نوعية منذ شهرها الأول بجني نحو 5,000 دولار. معتمدة على هيكلة سعرية تراوحت بين 20 و50 دولارًا للساعة الواحدة.
تغيرت بوصلة الشاب عند التحاقه بجامعة ميشيجان لدراسة علم وهندسة المواد. مدفوعًا آنذاك بحلم العمل في تطوير المعدات الرياضية. وبمرور الوقت أدرك خان أن طموحاته تتجاوز حدود المختبرات التقليدية؛ ما دفعه لإعادة توجيه شغفه نحو عالم التكنولوجيا والابتكار الرقمي. وهي الرؤية التي مهدت الطريق لاحقًا لاقتحام معاقل «أمازون» وبناء مسيرة مهنية غير مسبوقة.
حمل عام 2020 نقطة التحول الكبرى في حياته المهنية بقبوله عرضًا للعمل مديرًا للعمليات في أحد مستودعات «أمازون» براتب لم يتجاوز 50,000 دولار. واعتبر الكثيرون هذا الدور بعيدًا كل البعد عن التكنولوجيا المتقدمة، غير أن خان اتخذه منصة انطلاق إستراتيجية مكنته من فهم آليات العمل من الداخل. مشكلًا بذلك اللبنة الأولى في بناء مسيرة متعددة الأبعاد داخل إمبراطورية التجارة الإلكترونية.
من العمليات إلى إدارة المنتجات داخل أمازون
وفي موازاة مهامه الوظيفية، لم يكتفِ نبيل خان بأداء دوره التقليدي، بل بدأ منذ الأيام الأولى بالبحث عن فرص النمو الداخلي. وفي هذا الإطار، تعرّف على مساري إدارة المشروعات وإدارة المنتجات، باعتبارهما خطوتين أساسيتين في بناء خبرات تؤهله لريادة الأعمال. وتعززان حضوره في منظومة النجاح المهني في أمازون.
ولتحقيق ذلك، لجأ إلى بناء شبكة من المرشدين داخل الشركة وخارجها؛ حيث حصل على توجيهات عملية حول المهارات المطلوبة للترقية. إلى جانب أفكار مشروعات ساعدته على إثبات قدرته على تولي أدوار أكثر تعقيدًا. وبالتوازي، وضع لنفسه خارطة تعليمية واضحة، استثمر فيها أمسياته وعطلات نهاية الأسبوع.
وخلال 6 أشهر، التحق بدورة برمجة مكثفة في معهد جورجيا للتكنولوجيا. كما حصل على شهادة في خدمات أمازون السحابية (AWS). وفي موقعه كمدير عمليات، شارك في تحديث نظام السلامة داخل المستودع. ما أسهم في تعزيز ملفه المهني، ومهّد لترقيته إلى مدير مشروعات في منتصف عام 2021 براتب بلغ 66,000 دولار سنويًا.
قفزات دخل متسارعة وإستراتيجية ادخار صارمة
بحلول منتصف عام 2023، انتقل “خان” إلى منصب مدير منتجات، بدخل سنوي بلغ 146,000 دولار. قبل أن يصل في عام 2025 إلى منصب مدير منتجات أول، محققًا دخلًا سنويًا قدره 432,000 دولار. شمل الراتب الأساسي وأسهم الشركة، وهو ما شكّل ذروة النجاح المهني في أمازون بالنسبة له.
وبالتوازي مع هذا الصعود، انتهج نبيل خان سياسة مالية صارمة. إذ ادخر أكثر من 80% من دخله، ليجمع نحو 666,000 دولار موزعة بين حسابات الادخار والاستثمار والتقاعد. وقد أتاح له نمط عمله، الذي جمع بين العمل عن بُعد والسفر المتكرر، تقليص نفقات السكن بشكلٍ كبير.
وبدلًا من استئجار مسكن دائم، تنقّل بين منزل والديه في ولاية جورجيا ومنزل صديقته في نيويورك، وهو ما عزز قدرته على الادخار. هذا الانضباط المالي شكّل عامل أمان رئيسيًا، ومنحه أيضًا الثقة الكاملة لاتخاذ قرار مغادرة أمازون دون مخاوف مالية فورية.
من الوظيفة إلى ريادة الأعمال
في يوليو 2025، اتخذ خان قراره بمغادرة أمازون، وتفرغ لتأسيس شركة SkillAxis، المتخصصة في إعداد مديري منتجات ذكاء اصطناعي لصالح الشركات غير التقنية. وخلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر 2025، حققت الشركة مبيعات بلغت نحو 51,000 دولار.
وفي الوقت الحالي، يتقاضى خان من شركته راتبًا شهريًا قدره 5,000 دولار لتغطية نفقات المعيشة. مع الحفاظ على نمط إنفاق لا يتجاوز 5,000 دولار شهريًا. ويقيم مع صديقته في شقة من غرفة نوم واحدة في بروكلين؛ حيث يبلغ نصيبه من الإيجار 2,125 دولارًا.
أما بقية النفقات، فتوزعت بين 1,238 دولارًا للطعام، و899 دولارًا للمواصلات، و289 دولارًا للتأمين الصحي. بالإضافة إلى 198 دولارًا لمصروفات العمل، و143 دولارًا للاشتراكات، و93 دولارًا للغسيل والترفيه. ويُذكر أنه سدد كامل قروضه الطلابية البالغة نحو 50,000 دولار، ولا يواجه أي ديون بطاقات ائتمان.
طموحات مستقبلية تتجاوز المليون دولار
ورغم توقفه مؤقتًا عن الادخار أثناء مرحلة بناء شركته، فإن خان يخطط للعودة إلى تعزيز مدخراته فور استقرار أعماله. وحتى أوائل نوفمبر 2025، بلغت صافي ثروته نحو 703,000 دولار. تشمل الحسابات البنكية، والاستثمارات، والتقاعد، والعملات المشفرة. إضافة إلى ساعتين تبلغ قيمة كل منهما نحو 6,000 دولار.
وفي هذا الإطار، يحدد نبيل خان هدفه المالي بوضوح، قائلًا: «طموحي هو الوصول إلى صافي ثروة قدرها 1,000,000 دولار بحلول سن الثلاثين». ولتحقيق ذلك، يركز على سد الفجوات في أدوات البرمجيات، وترك السوق يوجه مسار تطوير الحلول داخل شركته.
وفي النهاية، يوجّه نبيل خان رسالة لكل من يسعى إلى تكرار تجربة النجاح المهني في أمازون أو غيرها من الشركات الكبرى. مؤكدًا أن الإبداع في استغلال البيئة الحالية، وتجاوز حدود الوصف الوظيفي، هما الطريق الحقيقي لبناء سمعة مهنية قوية. وحياة متوازنة تجمع بين العمل والطموح الشخصي.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





