بين الملكية والسيادة.. هل تحررت «خوارزمية تيك توك» فعليًا من قبضة بكين؟

تمضي صفقة تيك توك في الولايات المتحدة نحو مرحلة حاسمة بعد أن وقّعت شركة «بايت دانس»، الصينية المالكة للتطبيق، اتفاقيات ملزمة لتأسيس مشروع مشترك ينقل السيطرة التشغيلية لتطبيق «تيك توك» داخل الأراضي الأمريكية إلى مستثمرين أمريكيين ودوليين.
وذلك في خطوة تُعد الأكبر منذ سنوات من الجدل السياسي والقانوني.
وتشير التفاصيل الأولية إلى أن صفقة تيك توك في الولايات المتحدة تمثل نقطة تحول إستراتيجية للتطبيق الذي يستخدمه أكثر من 170 مليون أمريكي بصفة منتظمة، بعدما أصبح محور نزاع ممتد بين واشنطن وبكين.
ووفق ما نقلته “رويترز” فإن هذه الخطوة تهدف إلى إنهاء حالة عدم اليقين التي خيمت على مستقبل التطبيق لسنوات. وفتح صفحة جديدة تضمن استمراريته داخل السوق الأمريكية بشروط أكثر صرامة من حيث الحوكمة والرقابة.
وتعد تلك الصفقة نتيجة مباشرة لصراع بدأ في أغسطس 2020، عندما حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال ولايته الأولى، فرض حظر شامل على التطبيق بدعوى تهديده للأمن القومي. إلا أن تلك المحاولة لم تنجح آنذاك.
ومنذ ذلك التاريخ ظل مستقبل «تيك توك» في الولايات المتحدة مرهونًا بمفاوضات معقدة وتشريعات متغيرة.
فهرس المحتوي
تفاصيل الصفقة وقيمتها وحصص الملكيةاستقلالية التشغيل وأسئلة الخوارزميةالدور الصيني والجدل السياسي المتصاعد«أوراكل» والأمن الرقميخلاصة المشهد ومستقبل الصفقة
تفاصيل الصفقة وقيمتها وحصص الملكية
تتوافق بنود صفقة تيك توك في الولايات المتحدة مع الإطار الذي جرى الإعلان عنه في سبتمبر الماضي. حين قرر الرئيس دونالد ترامب تأجيل تنفيذ قانون يحظر التطبيق حتى 20 يناير. ما لم يتم بيع الأصول الأمريكية من الشركة الصينية المالكة.
كما أعلن في ذلك الوقت أن الصفقة المقترحة تستوفي شروط التخارج المنصوص عليها في قانون صدر عام 2024.
وبحسب ما أعلن رسميًا ستقدّر قيمة الشركة الأمريكية الجديدة بنحو 14 مليار دولار، وفق تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في سبتمبر. وهي قيمة تقل عن تقديرات عدد من المحللين،
في حين لم يتم الإفصاح عن الرقم النهائي يوم أمس الخميس. ويعكس ذلك استمرار بعض الغموض المالي المحيط بالتقييم الحقيقي للأصول الأمريكية للتطبيق.
أما على صعيد هيكل الملكية فسوف ينال مستثمرون أمريكيون ودوليون، من بينهم شركة «أوراكل» العملاقة في مجال الحوسبة السحابية، وشركة الاستثمار الخاصة «سيلفر ليك». إضافة إلى شركة «MGX» ومقرها أبوظبي، حصة تبلغ 80.1% من مشروع TikTok USDS Joint Venture LLC.
بينما تحتفظ «بايت دانس» بنسبة 19.9%، وهو توزيع يظهر بوضوح انتقال السيطرة الفعلية إلى أطراف غير صينية.
استقلالية التشغيل وأسئلة الخوارزمية
ورغم إعلان البيت الأبيض في سبتمبر أن المشروع المشترك الجديد سيتولى تشغيل تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة. فإن صفقة تيك توك لا تزال تثير تساؤلات جوهرية حول طبيعة العلاقة بين الكيان الجديد وشركة «بايت دانس».
وفي هذا السياق أحال البيت الأبيض، أمس الخميس، جميع الاستفسارات المتعلقة بالصفقة إلى إدارة «تيك توك».
وفي مذكرة داخلية اطّلعت عليها «رويترز» أوضح شو زي تشيو؛ الرئيس التنفيذي للتطبيق، أن المشروع المشترك سيعمل «ككيان مستقل يتمتع بسلطة كاملة على حماية البيانات الأمريكية. وأمن الخوارزميات، وإدارة المحتوى، وضمان سلامة البرمجيات». في محاولة لطمأنة الجهات التنظيمية والمستخدمين على حد سواء.
ومع ذلك أشار راش دوشي؛ الذي شغل منصبًا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة الرئيس جو بايدن، إلى أن الغموض لا يزال قائمًا بشأن مصير خوارزمية «تيك توك».
وتساءل عمّا إذا كانت قد نُقلت أو جرى ترخيصها أو ما زالت مملوكة وتحت سيطرة بكين. معتبرًا أن دور «أوراكل» قد يقتصر على «المراقبة التقنية» دون تحكم فعلي.
الدور الصيني والجدل السياسي المتصاعد
تظهر تقارير إعلامية صينية أن «بايت دانس» ستواصل أداء دور تشغيلي أو رئيس. وهو ما يعزز الشكوك الأمريكية حول مدى استقلالية صفقة تيك توك في الولايات المتحدة.
كما أفادت مجلة مالية صينية، نقلًا عن مصادر مطلعة، بأن الشركة تخطط لتأسيس كيان أمريكي يحصل على جزء من إيرادات المشروع المشترك الجديد.
ومن المقرر إتمام الصفقة رسميًا في 22 يناير، وهو ما من شأنه إنهاء سنوات من الضغوط السياسية والتشريعية الرامية إلى إجبار «بايت دانس» على التخارج من السوق الأمريكية.
وفي هذا الإطار.أعلن النائب الجمهوري جون مولينار؛ رئيس اللجنة المختارة في مجلس النواب المعنية بالصين، أنه يستضيف قيادة الكيان الجديد في جلسة استماع عام 2026.
وتنص الاتفاقية كذلك على تشكيل مجلس إدارة من 7 أعضاء، على أن تعيّن «بايت دانس» عضوًا واحدًا فقط. بينما يشغل الأمريكيون غالبية المقاعد الأخرى، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيطرة الأمريكية على القرارات الإستراتيجية.
«أوراكل» والأمن الرقمي
وبموجب الصفقة تتولى شركة «أوراكل» دور «الشريك الأمني الموثوق»، المسؤول عن تدقيق الالتزام بالمعايير وحماية بيانات المستخدمين الأمريكيين الحساسة. والتي يتم تخزينها داخل بيئة سحابية آمنة في الولايات المتحدة تديرها الشركة نفسها، وفق المذكرة الموجهة للموظفين.
وفي المقابل أثارت صفقة تيك توك في الولايات المتحدة جدلًا سياسيًا واسعًا، خاصة بعدما نسب الرئيس دونالد ترامب الفضل للتطبيق في مساعدته على الفوز بإعادة انتخابه العام الماضي. علمًا بأنه يمتلك أكثر من 15 مليون متابع على حسابه الشخصي في «تيك توك». بينما أطلق البيت الأبيض حسابًا رسميًا على المنصة في أغسطس.
وانتقدت السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن الصفقة بشدة. معتبرة أنها تثير «أسئلة بلا إجابة»، وقالت إن ترامب يسعى إلى منح مزيد من السيطرة على المحتوى لأصدقائه من المليارديرات.
فيما طالبت الأمريكيين بمعرفة ما إذا كان هناك «اتفاق خلف الكواليس» يقود إلى استحواذ ملياري جديد على التطبيق.
خلاصة المشهد ومستقبل الصفقة
يرتبط ترامب بعلاقة وثيقة مع الملياردير لاري إليسون؛ الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل»، في وقت تتوسع فيه استثمارات عائلته في قطاع الإعلام والترفيه.
وكان ترامب أعلن في سبتمبر أن مستثمرين بارزين، مثل: مايكل ديل وروبرت مردوخ. إلى جانب «أربعة أو خمسة مستثمرين عالميين من الطراز الرفيع»، سيكونون جزءًا من الصفقة، دون تأكيد مشاركتهم النهائية.
وبينما تقترب صفقة تيك توك في الولايات المتحدة من مراحلها الأخيرة. يبقى السؤال الأهم متعلقًا بمدى قدرة هذا الهيكل الجديد على تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن القومي الأمريكي، ومصالح المستثمرين. واستقلالية التطبيق الذي بات جزءًا لا يتجزأ من المشهد الرقمي الأمريكي.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





