نهاية مهمة "يونامي": ملف العراق يُحصر بيد واشنطن؟

بعد عقدين من عملها وتواجدها داخل البلاد، أنهى العراق رسميا، السبت الماضي، مهمة بعثة الأمم المتحدة (يونامي)، في خطوة وصفتها الحكومة العراقية، بأنها انتقال طبيعي نحو السيادة الكاملة، بينما رأى مراقبون، أنها جاءت نتيجة ضغوط دولية ورغبة بترتيب المشهد السياسي عبر حصر الملف العراقي تحت رعاية واشنطن حصرا.

قرار إنهاء عمل “يونامي” حصل قبل عام من الآن، إذ أُعلن حينها أن نهاية العام الجاري، سيشهد انتهاء مهمة البعثة الأممية في بغداد، وذلك بطلب رسمي من الحكومة العراقية، التي رأت في التعافي المؤسسي والسياسي للبلاد مبررا لرفع الوصاية الأممية.

فراغ “يونامي” ودور ولشنطن في العراق

في هذا الصدد، أكد رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، في احتفال رمزي ببغداد، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن انتهاء مهمة “يونامي” لا يعني نهاية الشراكة مع الأمم المتحدة، وأن العلاقة ستبقى محورية ومستمرة.

من جانبه أشاد غوتيريش خلال احتفال توديع “يونامي” التي تأسست بقرار من مجلس الأمن عام 2003 عقب سقوط نظام صدام حسين، لدعم جهود العراق في استعادة سيادته وبناء مؤسساته بما وصفه “التحول الإيجابي” في العراق، مؤكدا أنه أصبح بلدا يتمتع بالأمن والاستقرار.

وبحسب تقرير لصحيفة “العالم الجديد”، فإن إنهاء مهمة “يونامي” جاء مدفوعا برغبة الولايات المتحدة في إزالة المزاحمة لدورها في بغداد، لتتولى واشنطن إدارة الملف العراقي سياسيا وأمنيا بشكل شبه منفرد.

محمد شياع السوداني مع أنطونيو غوتيريش – (أ ف ب)

وفي هذا الإطار، بارك القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى العراق جوشوا هاريس، إنهاء مهمة البعثة الأممية، معتبرا ذلك خلال لقاء مع السوداني، يؤكد “دخول العراق مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار”، فيما شدّد على حرص بلاده بمواصلة التعاون مع بغداد.

وأشار تقرير الصحيفة العراقية، إلى أن “البعثة ورغم أدوارها الإيجابية، شابها بعض الانحياز في مراحل معينة، إذ مالت إلى جانب القوى السياسية الحاكمة أكثر من وقوفها مع مطالب الشارع العراقي، خصوصا خلال ‘انتفاضة تشرين’ وما تلاها من أزمات انتخابية”.

ولفت التقرير، إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد تحولا في شكل العلاقة بين بغداد والمجتمع الدولي، إذ ستتولى واشنطن – بشكل شبه منفرد – إدارة الملف العراقي، في ظل غياب المظلة الأممية التي كانت تمثل توازنا نسبيا في المشهد طوال العقدين الماضيين”.

ما أدوار “يونامي” التي ستغيب؟

وفق تقرير “العالم الجديد”، فإن مهمة “يونامي” كانت تضطلع بدورين أساسيين، الأول يتمثل بالوساطة بين القوى السياسية العراقية، أما الثاني فإنه يتعلق بربط بغداد بالمجتمع الدولي عبر تقارير دورية ترفع لمجلس الأمن، وكانت حلقة الوصل بين المرجعية الدينية العليا في النجف والمجتمع الدولي.

حذر مراقبون من أن انسحاب البعثة، سيضاعف مسؤولية القوى السياسية العراقية، التي أصبحت الآن مطالبة بملء الفراغ وإدارة حواراتها الداخلية دون وسيط دولي، مع استمرار الأزمات الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي كانت البعثة تسلط الضوء عليها.

وبدأت مكاتب “يونامي” في شمالي العراق بالإغلاق منذ منتصف العام الحالي، على أن تغلق بقية مكاتبها في بغداد والمحافظات مع نهاية الشهر الحالي، قبل أن تفكك منشآتها بالكامل خلال العام المقبل.

محمد الحسان، آخر رئيس لبعثة “يونامي” لدى العراق – (وكالات)

أخيرا، ورغم انتهاء مهمة البعثة الأممية، أكد التقرير الأخير لرئيس بعثة “يونامي” في العراق محمد الحسان، أن الأمم المتحدة ستستمر في تقديم الدعم للعراق عبر فريقها القطري بمختلف اختصاصاته، بدءا من حقوق الإنسان وانتهاء بالتنمية المستدامة.