البرلمان الجزائري يصادق بالاجماع على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي

الجزائر العاصمة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2020 (ا ف ب)الجزائر- صادق البرلمان الجزائري بالإجماع الأربعاء 24 ديسمبر 2025، على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962) ويصفه بأنه "جريمة دولة" ويطالب فرنسا بـ"اعتذار رسمي"، في وقت لا يزال البلدان غارقين في أزمة دبلوماسية كبرى.
ووقف النواب تحت قبة المجلس الشعبي الوطني موشحين بألوان العلم الجزائري، وصفّقوا طويلا وسط هتافات "تحيا الجزائر" بعد إقرار النص الذي يحمّل الدولة الفرنسية "المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر والمآسي التي تسبّب بها".
وحيا رئيس المجلس الشعبي الوطني "التصويت بإجماع" النواب الحاضرين.
ويعدد القانون "جرائم الاستعمار الفرنسي غير القابلة للتقادم" ومنها "الإعدام خارج نطاق القانون والتعذيب والاغتصاب والتجارب النووية والنهب المنهجي للثروات".
وللقانون دلالة رمزية قوية، لكن أثره العملي على مطالب التعويضات قد يكون محدودا من دون اللجوء إلى هيئات دولية أو اتفاق ثنائي.
أثناء عرض مقترح القانون أمام النواب، قال رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان) إبراهيم بوغالي السبت، إن هذا المقترح "فعل سيادي بامتياز"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية.
وأضاف أنه أيضا "رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الذاكرة الوطنية الجزائرية غير قابلة للمحو أو المساومة".
ولدى سؤاله الأسبوع الماضي عن هذا التصويت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، إنه لا يعلّق "على نقاشات سياسية تجري في دول أجنبية".
بالنسبة إلى حسني قيطوني، الباحث في تاريخ الحقبة الاستعمارية في جامعة إكستر البريطانية، فإنه "من الناحية القانونية، لا يحمل هذا القانون أي بُعد دولي، وبالتالي لا يمكنه إلزام فرنسا" و"أثره القانوني محلي فقط".
وأضاف "لكن أثره السياسي والرمزي مهم: فهو يمثّل لحظة قطيعة في العلاقة التاريخية مع فرنسا".
تبقى مسألة الاستعمار الفرنسي في الجزائر أحد أبرز مصادر التوتر بين البلدين. فغزو الجزائر في عام 1830 شهد تدمير بنيتها الاجتماعية والاقتصادية عبر عمليات ترحيل واسعة وقمع العديد من الانتفاضات قبل حرب الاستقلال الدامية (1954-1962) التي قضى خلالها 1,5 مليون جزائري وفق الرواية الجزائرية، و500 ألف بينهم 400 ألف جزائري وفق المؤرخين الفرنسيين.
وما زالت السردية الوطنية حول حرب التحرير طاغية، بينما في فرنسا يستمر الحرص على مراعاة من يعارضون أي "طلب للاعتذار".
وكان إيمانويل ماكرون صرح في 2017 حين كان مرشحا للرئاسة الفرنسية، بأن استعمار الجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية". وقال "إنه جزء من ذلك الماضي الذي يجب أن ننظر إليه وجها لوجه بتقديم اعتذاراتنا أيضا تجاه الذين ارتكبنا بحقهم تلك الأفعال".
وبعد نشر تقرير وضعه المؤرخ بنجامان ستورا بتكليف من الرئيس الفرنسي في كانون الثاني/يناير 2021، تعهّد ماكرون اتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد هذه المرة "الاعتذار".
ثم عاد وأثار غضبا شديدا في الجزائر بعد تشكيكه في تصريحات نقلتها صحيفة لوموند في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار.
- "الاعتراف والاعتذار" -
وتأتي المصادقة على القانون في وقت ما زالت فيه باريس والجزائر غارقتين في أزمة دبلوماسية عقب اعتراف فرنسا في صيف 2024 بخطة المغرب لمنح الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت سيادته.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت التوترات حدّة، مع إدانة وسجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الذي استفاد في نهاية المطاف من عفو رئاسي بطلب ألماني.
ويؤكد القانون أن "التعويض الشامل والمنصف، عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي خلفها الاستعمار الفرنسي، حق ثابت للدولة والشعب الجزائري".
وينصّ على إلزام الدولة الجزائرية السعي من أجل "الاعتراف والاعتذار الرسميين من طرف دولة فرنسا عن ماضيها الاستعماري" و"تنظيف مواقع التفجيرات النووية" وكذلك "تسليم خرائط التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية، والألغام المزروعة".
وبين عامي 1960 و1966، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في مواقع عدة في الصحراء الجزائرية.
كما يطالب النص فرنسا بإعادة "أموال الخزينة التي تم السطو عليها" وكل الممتلكات المنقولة من الجزائر، بما في ذلك الأرشيف الوطني.
وأخيرا، ينص على عقوبات بالسجن والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية لكل من "يروّج" للاستعمار أو ينفي كونه جريمة.
كما أقر القانون أن الجزائريين الذين تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي والذين يطلق عليه وصف "الحركيين" قد ارتكبوا "جريمة الخيانة العظمى".
وطُرحت مسألة تجريم الاستعمار الفرنسي مرارا في الماضي في الجزائر، لكن هذه أول مرة تدرج في قانون.
وفي نفس الجلسة صوت النواب على تعديل قانون الجنسية بحيث يسمح للدولة بتجريد أي مواطن مزدوج الجنسية من "الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة" إذا ارتكب أفعالا تضر بمصالح الجزائر وأمنها ويكون خارج الجزائر.
ومن هذه الأفعال "المساس بأمن الدولة ووحدتها، إظهار الولاء لدولة أجنبية مع نبذ الولاء للجزائر، التعامل مع جهات معادية، أو الانخراط في جماعات إرهابية أو تخريبية أو تمويلها أو الدعاية لها، إضرارا بمصالح الدولة".
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

بيان من حركة حماس حول الانفجار الذي وقع في رفح جنوب قطاع غزة
منذ دقيقة واحدة



