الجوع يضغط من جديد.. تحذير أممي من تقليص المساعدات في سوريا

أصدر برنامج الأغذية العالمي (WFP) تقريرًا مفصلًا يكشف حجم التدخل الإنساني الذي قام به في سوريا منذ بداية عام 2025، محذرًا في الوقت ذاته من عواقب وخيمة قد تترتب على استمرار أزمة التمويل.
وأكد البرنامج أنه قدم مساعدات غذائية ونقدية لنحو 6.8 ملايين شخص حتى الآن، في ظل أزمة انعدام الأمن الغذائي التي باتت تطال أكثر من نصف التعداد السكاني في البلاد.
تحذيرات من أزمة تمويل وشيكة
في إطار استعراضه للوضع، أشار البرنامج إلى أن نقص الموارد المالية يهدد بفرض تقليص واسع النطاق للبرامج الحيوية خلال الأشهر القليلة القادمة.
وفي التقرير الصادر حديثًا تحت عنوان “تقرير الوضع الخارجي لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا – تشرين الثاني 2025″، تبين أن عدد المستفيدين الشهري قد وصل إلى ذروته بواقع 3.5 ملايين شخص، وذلك ضمن خطة ذات أولوية قصوى تستهدف الفئات الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وتنوعت هذه المساعدات لتشمل نحو 1.2 مليون شخص تلقوا دعمًا طارئًا شمل الغذاء والمساعدات النقدية، بينما استفاد نحو مليوني شخص من برنامج الخبز المدعوم والمحصن الذي يُقدم بشكل يومي في المناطق الأكثر تضررًا من الجوع، وتوزع الدعم المتبقي عبر مجموعة من برامج سبل العيش، والوجبات المدرسية، والمبادرات الهادفة لتعزيز التغذية السليمة.
التمويل ضروري لاستمرارية العمليات
في تحذير مباشر، أشار البرنامج إلى حاجته الماسة لتأمين مبلغ 205 ملايين دولار أميركي خلال الأشهر الستة المقبلة كحد أدنى للحفاظ على مستوى عملياته الحالية ومنع تعليق واسع النطاق للأنشطة الإغاثية.
بين التقرير أن استمرار العجز المالي بالوتيرة الحالية قد يضطر البرنامج إلى بدء تقليص المساعدات الإنسانية بدءًا من شهر آذار/ مارس 2026، مما يهدد بانتكاسة كبيرة في جهود احتواء الأزمة الغذائية.
وعلى الرغم من تحديات التمويل، يواصل البرنامج جهوده في الاستعداد والاستجابة للطوارئ، حيث يوشك على استكمال الجولة الثانية من المساعدات الشاملة في محافظة السويداء، والتي تستهدف نحو 525 ألف شخص، مع تحقيق تغطية بلغت 80 بالمئة من الهدف المحدد حتى تاريخه.
دعم النازحين وتعزيز الصمود
كما يركز البرنامج على دعم الإنتاج الأساسي، إذ يزود ستة مخابز عامة بنحو 400 طن من دقيق القمح أسبوعيًا لضمان استمرارية إنتاج الخبز اليومي، وفي خطوة تهدف لتعزيز الأمن الغذائي على المدى الطويل، يخطط البرنامج، بالشراكة مع وزارة الزراعة، لتقديم الدعم اللازم لنحو 15 ألف مزارع عبر تزويدهم بالبذور والأسمدة الكفيلة بزيادة إنتاجيتهم.
وفي سياق الأزمات الإنسانية الطارئة، يواصل البرنامج مد يد العون لحوالي 77,500 نازح من محافظة السويداء يقيمون حاليًا في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق والريف الغربي للسويداء، وتشمل هذه المساعدات توزيع الإمدادات الغذائية ودقيق القمح لتمكينهم من إنتاج الخبز، وقد بلغت توزيعات الجولة الثانية لهذا الدعم نسبة 50 بالمئة من الهدف الإجمالي.
كما أفاد تقرير البرنامج بأن جهوده لا تقتصر على الإغاثة الطارئة، بل تمتد للعمل مع الحكومة السورية لدعم تعافي الأسر وإعادة بناء المجتمعات المحلية، مستندًا إلى سجل إنجازاته منذ عام 2020، حيث شملت هذه الإنجازات إعادة تأهيل 25 مخبزًا واستعادة وصول المياه في 50 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
فرص التعافي مرهونة بالتمويل الدولي
لتعزيز هذا المسار، يمتلك البرنامج خطة طموحة لإعادة تأهيل 29 مخبزًا إضافيًا وأربع صوامع لتخزين الحبوب بحلول نهاية عام 2026، إلى جانب إعادة بناء أنظمة تدعيم دقيق القمح ويَودَنَة الملح لضمان جودة الغذاء الأساسي.
في سياق بناء الصمود، يستعد البرنامج لإطلاق مبادرات في محافظة اللاذقية، عقب حرائق تموز/ يوليو الفائت، تشمل دعم المزارعين وإعادة تأهيل البنية التحتية للمياه، بعد أن قدم مساعدات غذائية فورية خلال مرحلة الطوارئ.
وختامًا، أكد تقرير برنامج الأغذية العالمي على أن سوريا، بعد عام من انتقالها التاريخي، تمتلك فرصًا حقيقية لإعادة البناء والنهوض، ومع ذلك، شدد على أن تحقيق تعافٍ مستدام وشامل يظل مرهونًا باستمرار الالتزام الدولي بالتمويل الإنساني، وإزالة العوائق التي تقف في وجه جهود إعادة الإعمار، وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة التي تضمن الأمن والاستقرار لجميع السوريين.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





