أعاد الهجوم المسلح الذي شهدته مدينة تدمر وأدى لمقتل ثلاث جنود أميركيين، إلى الواجهة تساؤلات حساسة حول مستقبل المسار السياسي الأميركي تجاه سوريا، ولا سيما ما إذا كانت التطورات الأمنية المفاجئة قادرة على التأثير في قرار مجلس الشيوخ الأميركي بشأن إلغاء “قانون قيصر”.
غير أن مصادر فاعلة في هذا الملف سعت إلى تبديد هذه المخاوف، مؤكدة أن المسار التشريعي بات محصنًا إلى حد بعيد ضد أي ارتدادات ظرفية.
طمأنة من قلب واشنطن
في هذا السياق، قال رئيس المجلس السوري–الأميركي محمد علاء غانم إن ما جرى في تدمر، على خطورته الأمنية ودلالاته السياسية، لن يؤثر مطلقًا في تصويت مجلس الشيوخ المرتقب، مشددًا على أن إلغاء “قيصر” أصبح مضمونًا في هذه المرحلة ولا مجال للتراجع عنه.
بسبب ما جرى في تدمر، كثرت الأسئلة التي وردتني في التعليقات هنا وعلى الفيس عمّا إذا كان ذلك سيؤثّر في تصويت مجلس الشيوخ على إلغاء قيصر هذا الأسبوع، والجواب أنّه لن يؤثّر وتصويت مجلس الشيوخ مضمون إن شاء الله، وذلك— بعد فضل الله— بسبب أسلوب عملنا، فنحن لم نعمل على إلغاء قيصر عن طريق…— Mohammed Alaa Ghanem محمد علاء غانم (@MhdAGhanem) December 15, 2025
وأوضح غانم أن القلق الشعبي والإعلامي مفهوم في ظل تاريخ طويل من ربط الملف السوري بالاعتبارات الأمنية، إلا أن المقاربة التي اعتمدها الفريق الداعم لإلغاء “قيصر” داخل واشنطن قامت منذ البداية على تحييد القرار عن مثل هذه التطورات.
وبيّن أن التعديل لم يُطرح في إطار مشروع قانون مستقل، يمكن أن يتعرض للتجميد أو المساومة عند أول اختبار أمني، بل جرى إدماجه ضمن مشروع موازنة وزارة الدفاع الأميركية، وهو من أكثر التشريعات ثباتًا واستقرارًا في الكونغرس الأميركي، ما يجعل احتمالات تعطيله شبه معدومة.
درع تشريعي في وجه الاضطرابات
يكتسب هذا المسار أهمية خاصة في ضوء هجوم تدمر، الذي حاولت بعض الأصوات ربطه بإمكانية إعادة تغليب المقاربة الأمنية المتشددة في التعاطي مع سوريا.
غير أنّ إدراج إلغاء “قيصر” في صلب موازنة الدفاع، بحسب غانم، شكّل درعًا تشريعيًا حاسمًا، تُوج في السابع من كانون الأول/ ديسمبر حين ثُبّت النص النهائي للتعديل في النسخة النهائية من مشروع الموازنة، بصيغة تلبي الأهداف التي عمل عليها الداعمون للإلغاء خلال أشهر طويلة من الضغط والتفاوض، معتبرًا أن ذلك التاريخ يمثل لحظة الانتصار الفعلي، إذ حُسم جوهر المعركة قبل الوصول إلى جلسة التصويت النهائية.
وفي موازاة ذلك، تقدمت المنظمة السورية للطوارئ بتهنئة الشعب السوري مع اقتراب إسدال الستار على “قانون قيصر”، عقب التصويت الحاسم الذي أجراه مجلس الشيوخ الأميركي لإنهاء النقاش حول الصيغة النهائية لمشروع قانون موازنة الدفاع الوطني لعام 2026.
الأغلبية تنهي مرحلة التعطيل
بحسب معلومات المنظمة، صوّت المجلس بأغلبية واسعة بلغت 76 صوتًا مقابل 20 لإنهاء النقاش، في خطوة إجرائية مفصلية تقطع الطريق أمام أي محاولات تعطيل، وتفتح المجال أمام التصويت النهائي وإحالة المشروع إلى مكتب الرئيس دونالد ترامب للتوقيع.
تؤكد الصيغة المنشورة للمشروع أن إلغاء “قانون قيصر” سيكون كاملًا وغير مشروط، من دون إدراج آليات “عودة تلقائية” أو شروط إضافية لإعادة فرض العقوبات، وهو ما يمنح القرار بعدًا استراتيجيًا طويل الأمد.ت
ورغم أن التصويت النهائي لم يُعقد بعد، فإن المؤشرات داخل مجلس الشيوخ، إلى جانب المعلومات الواردة من شركاء المنظمة في الكونغرس، ترجّح بقوة إقرار مشروع الموازنة بصيغته الحالية، بما يعني عمليًا نهاية أحد أكثر أنظمة العقوبات تأثيرًا على الاقتصاد السوري.
وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن هجوم تدمر، بدل أن يعرقل المسار، أعاد التأكيد على الرهان الأميركي الجديد بفصل المسارات الأمنية عن الأدوات الاقتصادية العقابية، وفتح نافذة لإعادة صياغة العلاقة مع سوريا على أسس مختلفة.
المرحلة التالية بعد رفع القيود
يذهب غانم إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في التصويت ذاته، بل في كيفية إدارة المرحلة اللاحقة، محذرًا من اعتبار العلاقة السورية–الأميركية مكسبًا نهائيًا أو أمرًا مسلمًا به، ومؤكدًا أنها تحتاج إلى رعاية سياسية يومية وحضور مسؤول في الخطاب والممارسة.
من جهته، أكد المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، معاذ مصطفى، أن المنظمة ستواصل عملها مع الكونغرس والإدارة الأميركية حتى دخول الإلغاء حيز التنفيذ رسميًا، بما ينسجم مع رؤية الرئيس ترامب في منح سوريا فرصة للاستقرار والتعافي الاقتصادي وبناء شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة.
وبحسب المنظمة، فإن إلغاء “قيصر” يضع سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، تفتح الباب أمام إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وتخفيف الضغوط المعيشية، وترسيخ قدر من الاستقرار الإقليمي، في لحظة مفصلية تختبر قدرة الأطراف كافة على تحويل القرار التشريعي إلى تحول سياسي واقتصادي ملموس.
يشار إلى التصويت النهائي المتوقع على المشروع سيجرى خلال الأسبوع الحالي، على أن يُحال بعد ذلك إلى مكتب الرئيس دونالد ترامب للتوقيع عليه، مما يمهد لرفع العقوبات الأميركية عن سوريا بشكل كامل قبل عيد الميلاد، ذلك بعد أن أقر مجلس النواب مشروع موازنة وزارة الدفاع الأميركية لعام 2026، متضمنًا بند إلغاء “قيصر” دون شروط إضافية صارمة.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






