في حصاد 2025 احتلت مرحلة المراهقة صدارة المشهد العلمي وأصبحت محوراً لعشرات الدراسات التي حاولت فهم ما يجري داخل عقل المراهق أو المراهقة المشتعل بين الطفولة والرشد، والتحول الكبير في رؤية هذا الدماغ النامي، الذي أصبح يُنظر إليه على أنه عقل مرن وطيع وقابل للتشكيل، يعزز العديد من الجوانب الإيجابية، وذلك وفقاً لما طرحته عدد من الدراسات العالمية منها: أسباب سرعة تقلب المراهق، كيفية تأثير السوشيال ميديا في قراراته؟ وعلاقة النوم بقدرته على السيطرة على غضبه، وما هو دور الأسرة وسط هذه العاصفة الرقمية؟ وموضوعات أخرى.
الدراسة الأولى: "النوم وإعادة ترتيب دماغ المراهق"
في هذا الشأن أُجريت دراسة طويلة عام 2025 على يد فريق بحثي مشترك من جامعات أوروبية تحت إشراف الدكتورة إميليو رينا، والدكتور جان لوبير، ونُشرت في مجلة Journal of Adolescent Health الطبية المحكمة، وشملت عينة بحث الدراسة أكثر من أربعة آلاف مراهق تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً، وتمت متابعتهم طوال عام دراسي كامل بهدف فهم العلاقة بين أنماط النوم وتنظيم الانفعالات.
وأظهرت النتائج أن النوم أقل من سبع ساعات يومياً كان مرتبطاً بارتفاع نوبات الغضب المفاجئة وزيادة القلق الاجتماعي وضعف القدرة على اتخاذ القرار، بينما المراهقون الذين يحصلون على متوسط 8 إلى 10 ساعات نوم يومياً أظهروا قدرة أعلى على التحكم في مشاعرهم والتكيف مع الضغوط اليومية، مما يؤكد أن النوم ليس مجرد راحة جسدية بل مرحلة حاسمة لإعادة تنظيم الدماغ والانفعالات.
كما أظهرت الدراسة أن النوم الكافي يقوم بتحسين التركيز الأكاديمي، ويلعب دوراً جوهرياً في تنظيم المشاعر، ويجعل المراهق يتعامل بشكل أفضل مع الصراعات اليومية، بجانب القدرة على التكيف مع الضغوط الاجتماعية والعاطفية، مع تحسن في الذاكرة والانتباه، ما ينعكس على أداء المدرسة والحياة اليومية.
الدراسة الثانية: "تأثير السوشيال ميديا على المشاعر والانفعالات"
في هذا الشأن أُجريت دراسة وطنية في الولايات المتحدة على يد الباحثين ميشيل فافيريو، مونيكا أندرسون ويوجيني بارك في مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center) ونُشرت عام 2025، وشملت استبيانات الرأي أكثر من 1,391 مراهقاً من عمر 13 إلى 17 عاماً إلى جانب أولياء أمورهم.
وأظهرت الدراسة التي كانت ضمن حصاد 2025 أن نسبة 61% من المراهقين يشعرون أن أصدقاء الإنترنت يفهمونهم أكثر من أصدقاء المدرسة، لكن هذه الروابط الرقمية كانت شديدة الحساسية وسريعة الانهيار عند أقل خلاف أو رفض، مما أدى إلى زيادة القلق والاكتئاب بين المراهقين الذين يعتمدون بشكل كبير على العلاقات الافتراضية.
وأشارت الدراسة الى أن التعلق بالعلاقات الافتراضية يمكن أن يعزز الشعور بالوحدة عند فشل التفاعل الرقمي، كما أن الإفراط في الجوال يرتبط بالقلق والاكتئاب، في النهاية أن تفاعلات الإنترنت لا تعوّض الدعم العاطفي الواقعي الذي توفره الأسرة أو الأصدقاء الحقيقيون.
وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى موسيقى هادئة لمدة عشر دقائق يومياً ساعد على خفض هرمونات التوتر، وتحسين المزاج العام، وزيادة التركيز والانتباه، مؤكدة أن الموسيقى يمكن اعتمادها كوسيلة علاجية داعمة في المؤسسات التربوية لتقليل القلق وتعزيز الاستقرار النفسي.
الدراسة الثالثة: "الصداقة الواقعية عامل وقائي نفسي"
في هذا الموضوع أُجريت دراسة تحليلية في الولايات المتحدة بقيادة الدكتور سيث هاريس والدكتورة كيمبرلي شو، ونُشرت في مجلة Journal of Medical Internet Research (2025)، وشملت العينة 1,800 مراهق بهدف تقييم أثر العلاقات الواقعية مقابل الافتراضية على الصحة النفسية.
وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين يمارسون تواصلاً منتظماً وعلاقات واقعية وجهاً لوجه مع الأسرة والأصدقاء بانتظام تقل لديهم حالات القلق والانفعال المفاجئ، ويظهرون قدرة أكبر على التعبير عن المشاعر وفهم مشاعر الآخرين، كما انهم يطورون مهارات حل النزاعات بطريقة صحية.
وهذا يوضح أن بناء شبكة دعم واقعية أمر ضروري، ويجب ألا يُستبدل بأي شكل بالصداقات الرقمية فقط، مما يبرز أهمية الصداقات الواقعية كعامل وقائي نفسي أساسي.
الدراسة الرابعة: "الموسيقى علاج فعال للقلق"
حول الموسيقى وتأثيرها العلاجي، أُجريت دراسة تجريبية عام 2025 بقيادة الدكتور شيانغ لي والدكتورة سوزان هوفمان في جامعات صينية وأوروبية، ونُشرت في مجلة BMC Psychology التابعة لدار Springer Nature، وشملت 1,200 مراهق يعانون من توتر دراسي وقلق.
وأطهرت الدراسة نتائج مثيرة تشير الى أن الاستماع للموسيقى الهادئة لمدة عشر دقائق يومياً يقلل من هرمونات التوتر لدى المراهقين. وأن العزف على آلة موسيقية يعزز التركيز والانتباه، كما أن ترديد الأغاني يساعد على تفريغ الانفعالات السلبية، والموسيقى الإيقاعية تحسن المزاج الصباحي وتقلل الانفعال في اليوم الدراسي.
ولهذا أصبح العلاج بالموسيقى في عام 2025 معتمداً في عدد كبير من المراكز التربوية المتخصصة؛ لتقليل القلق وتعزيز الاستقرار النفسي للمراهق والإنسان عموماً.
الدراسة الخامسة: "الرياضة وتأثيرها على الانفعالات"
أُجريت دراسة تحليلية في الصين بقيادة الدكتور وانغ لي والباحث لو يو، ونُشرت في مجلة BMC Pediatrics (2025)، وقد شملت عينة البحث 3,000 مراهق، وتمت متابعة آثار النشاط البدني على الانفعالات اليومية، وأظهرت النتائج أن ممارسة الرياضة ثلاث مرات أسبوعياً أدت إلى:
تخفيف القلق والانفعال، وتعزيز الثقة الاجتماعية لدى المراهقين، تحسين مستوى الذكاء الانفعالي، نظراً لتأثير الرياضة المباشر على مراكز الانفعال بالدماغ، وليس فقط في اللياقة البدنية، كما أن المشي السريع يخفض مستويات القلق بشكل ملموس، والرياضة الجماعية تعزز الثقة الاجتماعية وتنمي مهارات التعاون.
التمارين الصباحية تحسّن مستوى الذكاء الانفعالي لدى المراهقين، مما يتيح لهم إدارة عواطفهم بشكل أفضل،
بدليل أن المدارس التي دمجت برامج رياضية مع النشاطات السلوكية، اثبتت أن نتائج الطلاب النفسية والاجتماعية تحسنت بشكل ملحوظ.
الدراسة السادسة: "الكتابة نافذة لدراسة الانفعالات"
حول هذا الموضوع أُجريت دراسة EMOTHAW بقيادة الدكتور ألكسندر ميلر والدكتورة فاي يونغ ضمن مؤتمر IEEE، اعتمدت على آلاف النصوص المكتوبة لمراهقين، وأظهرت النتائج أن تحليل نمط الكلمات وتكرار التعبيرات السلبية وأسلوب السرد في اليوميات الرقمية أو الورقية للمراهق، يمكن أن يكشف مؤشرات مبكرة على القلق والاكتئاب دون الحاجة إلى تدخل مباشر أو انتهاك خصوصية المراهق؛ حيث إن تحليل نمط الكتابة، مثل كثافة الكلمات الإيجابية مقابل السلبية، وتكرار عبارات التعبير عن التوتر، يمكن أن يكون أداة غير اجتياحية لتقييم الحالة النفسية. مما يجعل الكتابة أداة فعالة لرصد الحالة النفسية بطريقة علمية وأخلاقية.
الدراسة السابعة: " الصداقة الافتراضية وفجوة المهارات الاجتماعية"
أُجريت هذه الدراسة التحليلية عام 2025 بقيادة الدكتورة هانا كول والدكتور جاكوب تومسون من جامعات بريطانية وأستراليا، ونُشرت في مجلة Computers in Human Behavior، وشملت عينة البحث 2,174 مراهقاً تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً.
لهذا توصي الدراسة بضرورة إعادة بناء علاقات واقعية في حياة الأبناء لتجنب انعزالهم النفسي والاجتماعي، وأن الاعتماد شبه الكامل على الأصدقاء الافتراضيين وحده يخلق فجوة كبيرة في مهارات التواصل الاجتماعي، وضعفاً في مهارات قراءة تعابير الوجه، كما واجه المراهقون صعوبة في إدارة الخلافات الواقعية، وارتفع شعورهم بالوحدة رغم كثرة الأصدقاء. ما يشير إلى أن المشكلة تكمن في غياب البدائل الواقعية للعلاقات الرقمية.
الدراسة الثامنة: "الحدود الرقمية داخل الأسرة"
في هذا المجال أُجريت دراسة مقارنة متعددة الدول عام 2025 بإشراف OECD ونُشرت ضمن تقرير How’s Life for Children in the Digital Age، واعتمدت على بيانات أكثر من 120,000 مراهق في 23 دولة.
وأظهرت النتائج ضرورة:
وضع قواعد مشتركة بين الأسرة والمراهق.
تحديد ساعات الاستخدام بناءً على جدول المدرسة.
إنشاء مناطق في المنزل بلا أجهزة إلكترونية.
منع استخدام الهاتف أثناء تناول الطعام.
فرض القواعد بدون حوار، يزيد العناد ويعزز المقاومة السلوكية.
الدراسة التاسعة: "المعادلة الذهبية: النوم والحركة وتقليل الشاشة"
وهنا أُجريت دراسة طولية عام 2025 بقيادة الدكتور روبن جيمس والدكتورة إلينور براون في جامعة هارفارد بالتعاون مع مراكز بحثية كندية، ونُشرت في مجلة BMC Public Health، وشملت 9,538 مراهقاً تمت متابعتهم لمدة عامين.
أظهرت النتائج أن المراهقين الذين يحققون توازناً بين النوم الكافي والنشاط البدني وتقليل وقت الشاشات يتمتعون باستقرار انفعالي أعلى، وتحسن ملحوظ في التركيز والتحصيل الدراسي، وانخفاض أعراض القلق والاكتئاب، مؤكدة أن معالجة عامل واحد فقط لا تحقق التأثير المطلوب على الصحة النفسية.
الدراسة العاشرة: "المستقبل النفسي للمراهق"
في هذا الشأن أُجريت مراجعة منهجية شاملة عام 2025 بقيادة الدكتور ماركوس فيشر والدكتورة صوفي لين، ونُشرت في مجلة The Lancet Child & Adolescent Health، حيث حللت نتائج أكثر من 150 دراسة تناولت الصحة النفسية للمراهقين خلال العقد الأخير.
انتهى الباحثون في هذه الدراسة إلى أن عقل المراهق يتأثر بعدة عوامل متشابكة: النوم، الصداقات الواقعية والافتراضية، الموسيقى، الرياضة، وحدود استخدام التكنولوجيا، وفي النهاية أوصت بضرورة مراقبة هذه العناصر وتوجيهها بحكمة؛ مما يساعد على بناء مهارات انفعالية واجتماعية قوية، ويحمي المراهق من الضغوط النفسية المتزايدة.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





