تعزيز الصحة النفسية للنساء في العمل: كيف نبني بيئة مهنية عادلة؟
إعداد وتحرير
تدقيق طبي
تعزيز الصحة النفسية للنساء في العمل: كيف نبني بيئة مهنية عادلة؟
أصبحت الصحة النفسية للنساء في العمل محورًا عالميًا للنقاش، خاصة مع تزايد الضغوط المهنية والاجتماعية التي تواجهها النساء. ورغم أن معدلات الاضطرابات النفسية قد تبدو متقاربة بين الجنسين، فإن النساء يتعرّضنَ لتحديات إضافية نتيجة الأدوار الاجتماعية المتوقعة منهنّ، والتمييز، وضغوط الرعاية الأسرية. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب (Depression) والقلق العام (Generalized Anxiety Disorder) واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). لذلك يتطلب الحديث عن الصحة النفسية للنساء في العمل فهمًا عميقًا للظروف المهنية التي تمر بها المرأة يوميًا.
لماذا تواجِه النساء تحديات نفسية أكبر في بيئات العمل؟
من المهم الإشارة إلى أن الصحة النفسية للنساء في العمل تتأثر بعوامل اجتماعية ومهنية وصحية متداخلة، مثل:
الفروق الهرمونية: تؤثّر الدورة الشهرية (Menstrual Cycle)، والحمل (Pregnancy)، وانقطاع الطمث (Menopause) على الحالة النفسية والمزاج العام.
الأدوار الاجتماعية: غالبًا ما تتحمل النساء مسؤوليات إضافية في المنزل، مما يزيد العبء النفسي عليهنّ.
التمييز والوصم المهني: مثل التحرش، وضعف تمثيل النساء وظيفيًا، وتوقعات قيامهنّ بمهام "العمل المنزلي" داخل المكتب من عمل القهوة والشاي أو الترتيب بعد الزملاء الرجال.
متلازمة عدم الشعور بالكفاءة أو ما يُعرف بمتلازمة المحتال (Imposter Syndrome).
كل هذه العوامل تجعل الصحة النفسية للنساء في العمل موضوعًا ينبغي التعامل معه بجدية، خصوصًا أن كثيرًا من النساء قد يخشينَ الإفصاح عن معاناتهنّ خوفًا من تأثير ذلك على مستقبلهنّ المهني.
الصحة النفسية للنساء في العمل، كيف يمكن تعزيزها؟
سنقدم مجموعة من النقاط التي تساعد النساء على بناء توازن أفضل. ولكن قبل ذلك، من المهم التأكيد من أن الصحة النفسية للنساء في العمل ليست مسؤولية الفرد فقط، بل هي أيضًا مسؤولية المؤسسة. إليك خطوات عملية لتعزيز الصحة النفسية للمرأة في العمل:
التعرف على الاحتياجات النفسية: تحديد ما إذا كانت المشكلة حادة أو مزمنة أو مرتبطة بظروف شخصية.
البحث عن مجموعات دعم آمِنة في بيئة العمل كالفرق النسائية أو مجموعات الدعم.
الاستفادة من الخدمات النفسية التي توفرها الشركة، مثل العلاج النفسي (Psychotherapy) أو الاستشارات.
مناقشة الحاجة لتعديلات وظيفية مثل ساعات عمل مَرنة أو إجازات قصيرة.
هذه الخطوات ليست سهلة دائمًا، لأنَّ الصحة النفسية للنساء في العمل لها أبعاد تتعلق بالوصم والتوقعات الاجتماعية، لكن الوعي يمثل الخطوة الأولى.
كيف ينبغي على المديرين دعم النساء نفسيًا في مؤسسات العمل؟
تلعب الإدارة دورًا أساسيًا في تعزيز الصحة النفسية للنساء في العمل من خلال سياسات واضحة ونظم داعمة. ينبغي التذكير بأن المؤسسات التي تراعي احتياجات الموظفات تسجل مستويات أعلى من الولاء والإنتاجية، وفقًا لتقارير الجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association). تشمل السياسات الداعمة على الآتي:
توفير تدريب متخصص حول الاضطرابات النفسية الشائعة وكيفية التعامل معها.
تضمين الصحة النفسية في السياسات الداخلية مثل الإجازات المَرنة ودعم التوازن بين الحياة والعمل.
معالجة العقبات الهيكلية مثل الفجوة بين الأجور أو غياب المساءلَة في حالات التحرش.
قياس رفاهية الموظفات عبر استطلاعات دورية تساعد في تحسين بيئة العمل.
تطبيق هذه الخطوات يعزز ثقافة تحترم الصحة النفسية للنساء في العمل وتمنحهنّ مساحة آمنة للنمو الوظيفي.
بناء ثقافة عمل مَرنة وشاملة
تؤكد دراسات متعددة أن المرونة الوظيفية وتحسين ثقافة العمل الداخلية يقللان من معدلات الاحتراق النفسي (Burnout) بين النساء. من الضروري الإشارة إلى أن المرونة لا تعني تقليل الإنتاجية، بل تعني عملًا صحّيًا نفسيًا. من عناصر ثقافة العمل المثالية:
السماح بساعات عمل مَرنة وتسهيل الاستفادة من العمل الهَجين أو العمل من المنزل.
تشجيع قادة المؤسسة على إظهار الضعف الإنساني ومشارَكة تجاربهم النفسية.
تعزيز التواصل الإنساني عبر اجتماعات قصيرة تهتم بالجانب الشخصي.
عندما يَشعر الموظفون، وخاصة النساء، بأن الحديث عن مشكلاتهنّ النفسية آمِن، فإن الصحة النفسية للنساء في العمل تتحسن بشكل مباشر.
نهايةً، إن الارتقاء بمسألة الصحة النفسية للنساء في العمل ليس رفاهية، بل هو ضرورة مهنية وإنسانية تضمن بيئة عمل عادلة ومنتِجة. فحين تشعر المرأة بالأمان النفسي، ينعكس ذلك على أدائها، واستقرارها، وابتكارها. لذلك ينبغي أن تتكاتف المرأة والمؤسسة لبناء مساحات مهنية تحترم الإنسان قبل أي شيء، وتضع الصحة النفسية للنساء في العمل في صلب السياسات اليومية. ومع تزايد وعي الشركات عالميًا، نقترب أكثر من مستقبل يصبح فيه دعم المرأة نفسيًا جزءًا أصيلًا من ثقافة العمل، وليس استثناءً.
المصادر:
آخر تعديل بتاريخ
06 ديسمبر 2025
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






