من الزيت النباتي إلى الحطب.. سوريون يبتكرون طرقا لصنع مكدوس أرخص

لا يدخل شهر أيلول دون أن يتحدث السوريون عن مونة "المكدوس"، التقليد الذي أصبح طقسًا سنويًا مهمًا، وشكّل شهرة كبيرة حتى باتت المعامل تنتج المكدوس الجاهز وتصدره إلى الخارج. وفي كل خريف، تضج مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات عن طريقة صنع "المكدوس الدمشقي". لكن في عام 2025، لم يعد المكدوس طقسًا منزليًا متوارثًا، بل تحوّل إلى "علبة واحدة فقيرة" يحاول السوريون من خلالها الحفاظ على هذا الطقس الجميل، في ظل ارتفاع تكاليف صنعه إلى حدود غير مقبولة.
تكاليف المكدوس
عند التجول في أسواق الخضار بدمشق، مثل سوق "باب الجابية"، لاحظ موقع تلفزيون سوريا انتشار أنواع عديدة من الجوز، ويتراوح سعره بين 75 و125 ألف ليرة سورية حسب النوع. أما الفليفلة، فتتراوح أسعارها بين 4000 و5000 ليرة سورية، في حين يباع الباذنجان ما بين 3000 و4000 ليرة سورية.
وبالمقارنة مع الموسم الماضي، سجّل العام الحالي ارتفاعًا ملحوظًا في تكاليف المكدوس بسبب زيادة أسعار الفليفلة والزيت والجوز، حيث تصل كلفة إنتاج 20 كيلو مكدوس إلى نحو 500,000 ليرة سورية، أي ما يعادل تقريبًا 25,000 ليرة لكل كيلو.
أما إنتاج المعامل، أي "مطربانات المكدوس الجاهز"، فقد يصل سعرها إلى 75,000 ليرة سورية في بعض الأسواق، ويُعتبر منتجًا فاخرًا وذو جودة ممتازة.
وبحسب أحد التجار الدمشقيين، تُصدّر "مطربانات المكدوس" إلى الخارج وتباع بأسعار نقدية أجنبية. على سبيل المثال، يورد أحد المتاجر الأوروبية مكدوسًا بوزن 950 غرامًا بسعر يقدّر بـ7.99 يورو (شامل الضريبة، مع اختلافات في الشحن والرسوم الإضافية).
أسطوانة الغاز تحرم السوريين من المكدوس
قالت نهاد، وهي موظفة: "إن المكدوس أكلة تراثية تعود لجميع بلدان بلاد الشام، الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، نتيجة توفر زيت الزيتون مع موسم الجوز". وأضافت أن سكان هذه المناطق اعتمدوا على مونة المكدوس منذ عقود طويلة، لكن سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف الإنتاج، خصوصًا سعر أسطوانة الغاز الذي تجاوز 150 ألف ليرة سورية، جعل هذه المونة تحديًا كبيرًا في عام 2025.
وأضافت نهاد أن معظم الأسر بدأت تفكر بالبدائل والتحايل على المواد الأساسية واستبدالها بمواد أرخص. فالبعض يستبدل الجوز بالفستق، وزيت الزيتون الصافي بالزيت النباتي، وبدلًا من استخدام الغاز لسلق الباذنجان، يلجأون إلى الحطب. وأشارت إلى أن أغلب السوريين استغنوا عن مونة المكدوس أو اكتفوا بعلبة صغيرة فقط.
من طقس منزلي إلى منتج تجاري
لا يوجد تاريخ موثّق لظهور "المكدوس"، لكن المراجع تشير إلى أن أصله يعود إلى تراث بلاد الشام عمومًا، وسوريا خصوصًا، حيث تُعدّ صناعة المكدوس جزءًا من عادات "موسم المونة" التقليدي، الذي يبدأ مع نهاية أيلول ويمتد في تشرين الأول، مع توافر الباذنجان البلدي الصغير (الأسود المحلي، وأنواع أخرى كالحموي والحمصي).
وانتقل المكدوس خلال السنوات الماضية من مونة منزلية بسيطة إلى منتج تجاري، تصنعه المعامل وتوزّعه في الأسواق المحلية والخارجية، معتمدة على تغيّر نمط الاستهلاك وغياب القدرة الشرائية لدى كثير من السوريين.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه