نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا حصريا مطولا عن الكيفية التي تعمل بها إسرائيل لتقويض الحكومة السورية الجديدة.وأورد التقرير، الذي أعده أربعة من مراسلي الصحيفة الأميركية من مدينة القدس أن إستراتيجية إسرائيل لتنفيذ أعمالها السرية ضد الحكومة السورية تشمل دعم المليشيات الدرزية لتعزيز دورها في المنطقة ومواجهة نفوذ دمشق، إضافة إلى احتلال مناطق إستراتيجية وتنفيذ ضربات جوية لمنع وصول الأسلحة إلى دمشق.ويشير التقرير إلى أن العمليات الإسرائيلية في سوريا بدأت فور الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، إذ نظرت إسرائيل إلى الرئيس السوري أحمد الشرع باعتباره تهديدا مستمرا لها، نظرا لتاريخه وارتباطاته السابقة، مما دفعها إلى تطوير إستراتيجيات سرية للتعامل معه.دعم شامل للدروزوتمثلت أبرز الأنشطة الإسرائيلية، وفقا للتقرير، في تقديم دعم شامل للمليشيات الدرزية السورية منذ البداية. ففي 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت المروحيات الإسرائيلية بنقل شحنات من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى جنوب سوريا.وتضمنت هذه الشحنات 500 بندقية، وذخيرة، ودروعا واقية للجسم، وتم إسقاطها جوا لتسليح مليشيا درزية تُسمى "المجلس العسكري". يأتي هذا الدعم في إطار جهود لدعم الدروز، الأقلية الدينية ذات العلاقات التاريخية الطويلة مع إسرائيل.بالإضافة إلى شحنات الأسلحة، يضيف التقرير، قدمت إسرائيل دفعات مالية شهرية تتراوح ما بين 100 إلى 200 دولار لنحو 3000 مقاتل درزي تقريبا، وذلك بهدف تعزيز قدراتهم في مواجهة قوات الحكومة السورية.وعلاوة على ذلك، يلفت التقرير إلى أن مقاتلين دروز، بمن فيهم نساء، ظلوا يتلقون تدريبات قبل سقوط نظام الأسد بالمناطق الكردية في شمال البلاد بواسطة قوات سوريا الديمقراطية، وهي مليشيا يقودها الأكراد وتحافظ على علاقات وثيقة مع إسرائيل.تحرك إسرائيلي فوريوعند سقوط الأسد، تحركت القوات البرية الإسرائيلية بسرعة لاحتلال 155 ميلا مربعا من الأراضي السورية، بما في ذلك مواقع إضافية على قمة جبل الشيخ، وهي قمة إستراتيجية تقع على الحدود السورية اللبنانية. إعلان بالإضافة إلى ذلك، شن سلاح الجو الإسرائيلي مئات الغارات الجوية على المنشآت العسكرية السورية لمنع الحكومة الجديدة من الوصول إلى الأسلحة، لإضعاف قدرتها على توحيد البلاد.الجانب الآخر من هذه الإستراتيجية تمثل في دعم الشخصيات الدرزية مثل الشيخ حكمت الهجري، الذي دعا إلى الانفصال وتأكيد الحكم الذاتي للدروز، وحصل على دعم إسرائيل في هذا المسعى.وذكر التقرير أن الهجري أعد خرائط لدولة درزية مقترحة تمتد إلى العراق وعرضها على حكومة غربية كبيرة واحدة على الأقل في أوائل 2025.
سياسة إسرائيل "التوسعية" تطيل أمد الصراع وتهدد الأمن الإقليمي برمته، بما في ذلك الأردن والعراق وتركيا ودول الخليج.
تشققات بالمجتمع الدرزيومع ذلك، ظهرت بعض الصراعات الداخلية بين قادة الدروز، مما أدى إلى شقوق داخل المجتمع الدرزي. على سبيل المثال، تم اتهام طارق الشوفي قائد "المجلس العسكري للسويداء" والضابط السابق في جيش نظام الأسد بالتعاون مع الشرع، مما أجبره على الاختباء خوفا من الاعتقال من قِبَل رجال الهجري.وفي الوقت نفسه، واجه الهجري وابنه اتهامات بالتورط في عمليات اختطاف والتعامل مع شبكات تهريب المخدرات الإقليمية، بما في ذلك حزب الله.وقالت واشنطن بوست إن إسرائيل فهمت منذ البداية أن "تحقيق توازن في السلطة" بسوريا يتطلب دقة في التنفيذ ومرونة تكتيكية؛ لذلك، استمرت في تقديم مساعدات إنسانية وإمدادات عسكرية غير قاتلة مثل الأدوية والدروع الواقية للمقاتلين الدروز، وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، نقلت المروحيات الإسرائيلية هذه المساعدات إلى السويداء بشكل سري.وفي الوقت نفسه، سعت إسرائيل للاستفادة من المفاوضات مع الشرع، بهدف تأمين نوع من الحكم الذاتي للدروز في إطار أي اتفاق أمني مستقبلي.وكان الشرع يرفض، في بعض الأحيان، مطالب إسرائيل، مثل نزع السلاح من المنطقة الجنوبية لدمشق، لكنه أعرب عن استعداده للتوصل إلى اتفاق خفض التصعيد عند الضرورة.توتر مع واشنطنوأوضح التقرير أن الأنشطة الإسرائيلية في سوريا أثارت توترا حادا مع الحكومة السورية وأيضا مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث تعتبر واشنطن دعم الشرع جزءا من إستراتيجيتها لتحقيق الاستقرار في سوريا. وكذلك أدت السياسات الإسرائيلية إلى انتقادات واسعة من عدة دول في المنطقة التي تعتبر أن هذه الخطوات تهدد استقرار الشرق الأوسط.وأشارت الصحيفة إلى تأكيد الشرع، في مقابلة حديثة لها معه في واشنطن قبل لقائه مع ترامب في البيت الأبيض، أن سياسة إسرائيل "التوسعية" تطيل أمد الصراع وتهدد الأمن الإقليمي برمته، بما في ذلك الأردن والعراق وتركيا ودول الخليج.ويقول التقرير إن أهداف إسرائيل في سوريا تتضمن تقديم الدعم للدروز كأقلية دينية تتعرض للتهديد وسط صراع مُعقد، وعدم السماح لنظام جديد معادٍ لإسرائيل بتوحيد سوريا والتحول إلى تهديد مستقبلي.وقال إن هناك دعما قويا، داخل إسرائيل، للتدخل في سوريا من قِبل المؤسسة الأمنية والجيش كوسيلة لتعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق الاستقرار. ويقود هذا الدعم شخصيات بارزة مثل الدرزي الإسرائيلي حسون حسون، العميد الإسرائيلي السابق والسكرتير العسكري الرئاسي، الذي دعم تدخلا شاملا لدعم الدروز وتحويلهم إلى حلفاء موثوقين لإسرائيل. إعلان وأكد التقرير أن إسرائيل تواجه، على الرغم من الإستراتيجيات المدروسة والدعم المستمر، تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها بسوريا، أبرزها التنسيق المتواصل مع القوى الدولية الأخرى، والحفاظ على توازن دقيق في العلاقات مع مختلف الفصائل بسوريا، والتعامل مع الانتقادات المتزايدة من المجتمع الدولي والدول الإقليمية.مقاربة براغماتيةوقالت الصحيفة في تقريرها إن إسرائيل تدرك أن الاتكاء الشديد على الفصائل الدرزية قد لا يكون مستداما على المدى الطويل، بسبب الصراعات الداخلية بين القادة الدروز وشظف أوضاعهم الداخلية، لذلك، تتبنى مقاربة براغماتية تعتمد على التكيف المستمر والاستجابة السريعة للظروف المتغيرة على الأرض.وخلصت الصحيفة إلى أن الأنشطة السرية الإسرائيلية وسياستها تجاه دعم الدروز تظل موجهة نحو تحقيق أهداف إستراتيجية أعمق، مثل صياغة توازن القوى في سوريا ومنع ظهور تهديدات جديدة على حدودها مع إسرائيل.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





