عندما تعرض الرئيس التنفيذي لإحدى شركات التجزئة العالمية إلى ضغوط متزايدة من منافسين في قطاع التكنولوجيا، اختار ردا غير تقليدي.
وبدلًا من الاعتماد على النموذج الإداري التقليدي الذي قاد نمو الشركة في السابق، اندمج في عالم التقنيات الناشئة. حيث استشار خبراء خارجيين، وعين قيادات تمتلك خبرات رقمية متقدمة. بجانب تكوين شراكات تقنية جديدة.
كذلك، مهد هذا التحول الشخصي الطريق لإنشاء كيان مؤسسي واسع النطاق. إذ أعاد الرئيس التنفيذي تشكيل الشركة لتصبح منافسًا رقميًا بالدرجة الأولى. ذلك من خلال تحويل المتاجر إلى مراكز لوجستية لخدمة الطلبات الإلكترونية، ودمج البيانات في كل نقاط التفاعل مع العملاء. بجانب إطلاق منصة إعلانية قائمة على التكنولوجيا.
هذه التجربة جسدت تحولًا أوسع في عالم القيادة المؤسسية. حيث صعدت فئة جديدة من الرؤساء التنفيذيين الذين يجمعون بين الفطنة التجارية والطلاقة التكنولوجية لصناعة ميزة تنافسية مستدامة.
أما اليوم، فأصبح مستقبل الشركات مرتبطًا بقدرة قادتها على تسخير التكنولوجيا، خصوصًا في عصر الذكاء الاصطناعي.
كما أظهرت الأبحاث إلى أن 5.9% فقط من الرؤساء التنفيذيين في أكبر 2660 شركة عالميًا سبق لهم العمل في قطاع التكنولوجيا.
في حين لم يشغل سوى 3.2% منهم أدوارًا تقنية بحتة.
وعلى الرغم من ذلك، أكدت دراسات وأعمال استشارية أن الخبرة التقنية المسبقة ليست قدرًا محتومًا. حيث بات عدد متزايد من القادة يعززون وعيهم التقني، يجرؤون على اتخاذ رهانات كبيرة، بناء قناعة أصحاب المصلحة، بجانب دفع مؤسساتهم نحو آفاق نمو جديدة.
كما تعتبر هذه الفئة الجديدة من الرؤساء التنفيذيين الكفاءة التكنولوجية عملة أساسية للميزة الاستراتيجية. حيث لا يكتفوا بتجربة روبوتات المحادثة أو لوحات البيانات على الهامش. بل يدرسون بعمق كيف يمكن للأنظمة المتقدمة. والتي تجمع بين وكلاء الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة والروبوتات.
وبدل ترك القرارات الاستراتيجية الكبرى لمسؤولي تقنية المعلومات، يطورون هم أنفسهم الخبرة اللازمة لقيادة التحولات التقنية.
وجدير بالذكر أن التقنيات تتطور بسرعة وتصبح أقل تكلفة، ما يقلل حواجز الدخول الاندماج مع الشركات القائمة.
أما بالنسبة للشركات التي تتقدم بثبات فهي تلك التي ينظر رؤساؤها التنفيذيون إلى التكنولوجيا باعتبارها محركًا للنمو لا مركز تكلفة، ويملكون الجرأة لإعادة تصور مستقبل شركاتهم عبر توظيفها في تجربة العملاء والمنتجات والقنوات والبيانات.
فيما يلي نعرض أبرز خمس سمات تميز الرؤساء التنفيذيين القائمين على التكنولوجيا. استنادا إلى تحليل آلاف حالات العمل والدراسات المتعمقة.
فهرس المحتوي
مواصفات قادة عالم التكنولوجيا اليوم اعتماد تقنيات التكنولوجيا على المستوى الشخصيابتكار نماذج أعمال مستحدثة جدية التعامل مع البيانات استقطاب المواهب التقنية الصاعدة القدرة على بناء مؤسسات تقنية ناجحة
مواصفات قادة عالم التكنولوجيا اليوم
اعتماد تقنيات التكنولوجيا على المستوى الشخصي
تكمن الخطوة الأولى لتصبح رئيسًا تنفيذيًا قائمًا على التكنولوجيا في إدراك أن نجاح شركتك في هذا العالم الجديد يبدأ منك شخصيًا.
ومع إعادة الذكاء الاصطناعي تشكيل المشهد التنافسي، لم يعد الاكتفاء بمعرفة سطحية كافيًا. فلا بد من فهم حدود نماذج اللغة الكبيرة، التوائم الرقمية، الروبوتات، لم يعد رفاهية بل ضرورة.
كما أصبحت التقنيات عنصرًا تأسيسيًا في الاستراتيجية والعمليات والنمو.
لذا، يجب على الرئيس التنفيذي استثمار وقت حقيقي في فهم كيفية عمل هذه الأنظمة وكيفية توظيفها لفهم الفرص والتحديات الجوهرية للأعمال.
كذلك، إن القادة الذين يفهمون هندسة الأوامر، ويستوعبون تأثير بنية البيانات على أداء النماذج، ويدركون المخاطر والفرص الاستراتيجية للتقنيات الحديثة، هم الأكثر قدرة على اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة، ويتمتعون بمصداقية أعلى كقادة للتغيير.
بالتالي، يحدث التحول الثقافي عندما يرى الموظفون القائد الأعلى وهو يتعلم ويجرب بنفسه.
فعندما يقود الرئيس التنفيذي ثقافة تسأل: «لماذا لا نستخدم التكنولوجيا لتجاوز حدود لم نكن نعتقد سابقًا أنها قابلة للكسر؟»، تنتقل المؤسسة من التحسين الحذر إلى إعادة ابتكار جوهر العمل.
فعلى سبيل المثال، تعتبرتجربة ساتيا ناديلا في مايكروسوفت نموذجًا بارزًا. فعندما تولى ناديلا إدارة الشركة، كانت الشركة تتراجع في قطاع الحوسبة السحابية والتقنيات الاستهلاكية.
ولكن، غير ناديلا الثقافة من «نعرف كل شيء» إلى «نتعلم كل شيء». كما شجع على التشكيك في الافتراضات واتخاذ قرارات جريئة. لم يكن تحوله استراتيجيًا فقط، بل ثقافيًا بالدرجة الأولى.
ابتكار نماذج أعمال مستحدثة
وعلى الرغم من أن معظم الرؤساء التنفيذيين يركزوا على استخدام التكنولوجيا لتحسين الكفاءة التشغيلية، يذهب القادة القائمون على التكنولوجيا أبعد من ذلك. حيث يتبنوا التقنيات كعامل محفز لإعادة التفكير في كيفية خلق القيمة وتوزيعها.
لذا، لا تكمن الفرصة في رقمنة النموذج القديم، بل في إعادة تخيله بالكامل. كذلك، يتعين على الرئيس التنفيذي التركيز شخصيًا على الرهانات التحويلية التي تعيد تشكيل الأسواق ونماذج الأعمال.
كما تجسد تجربة بول هدسون، الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي، هذا التوجه. حيث قاد تطوير منصة داخلية متكاملة للذكاء الاصطناعي تغطي سلسلة القيمة الدوائية من الاكتشاف إلى التصنيع، ما أعاد تموضع الشركة كمحرك ابتكار قائم على البيانات، وسرّع وتيرة التطوير ورفع احتمالات النجاح.
جدية التعامل مع البيانات
لم تعد البيانات مجرد مدخل لاتخاذ القرار، بل أصبحت من أقوى الأصول الاستراتيجية. لكنها لا تحقق قيمتها إلا إذا امتلك الرئيس التنفيذي رؤيتها.
كذلك، يجب على استراتيجية البيانات أن تكون في صميم جدول أعمال الإدارة العليا، لا أن تترك لطبقات تنظيمية معزولة.
بات بعض الرؤساء التنفيذيين يتولوا دور «كبير مسؤولي البيانات»، مدركين كيفية دمج البيانات المهيكلة وغير المهيكلة والبيانات الخارجية لخدمة الابتكار. وهم ينظرون إلى البيانات كمادة خام لخلق القيمة وليس كقضية تقنية بحتة.
فعلى سبيل المثال، تعتبر تجربة أونور جينتش، الرئيس التنفيذي لمصرف BBVA، مثال واضح. حيث أعاد تصور العمل المصرفي بالكامل، وقلص وقت انضمام العملاء من أيام إلى دقائق. ما أدى إلى مضاعفة المبيعات الرقمية خلال أربع سنوات.
استقطاب المواهب التقنية الصاعدة
تعتبر المواهب التقنية اليوم هي صانعة الفارق. لكنها لن تنجذب إلى مؤسسات تفتقر للطموح أو إلى أدوار هامشية.
ولذا، يجب على الرؤساء التنفيذيين الانخراط شخصيًا في استقطاب هذه المواهب، والتواصل المستمر مع القيادات التقنية، وبناء بيئة عمل تمكنهم من إحداث تأثير حقيقي. حيث لا يكتفي القادة الناجحون بتوظيف الخبرات، بل يمنحونها دورًا محوريًا في صنع القرار، ويعيدون تصميم الهياكل التنظيمية لضمان أن تصبح التكنولوجيا محرك النمو الأساسي.
القدرة على بناء مؤسسات تقنية ناجحة
علاوة على ذلك، تظهر تجربة نيكولا إيرونيموس، الرئيس التنفيذي لشركة لوريال، هذا النهج، حيث قاد شراكات مع إنفيديا ومايكروسوفت لبناء منظومة “تقنيات الجمال”. ما أتاح إطلاق أدوات تسوق مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقدم تجارب شخصية فورية للعملاء.
كذلك، لا تستطيع أي شركة الابتكار بمعزل عن منظومة أوسع. حيث ينخرط الرؤساء التنفيذيون بعمق في النظم البيئية التقنية، يبنون شراكات مع عمالقة التكنولوجيا. كما يستثمرون في الشركات الناشئة، ويديرون هذه العلاقات بأنفسهم.
المصدر: Accenture
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً






