تيسير «باول» يدفع الدولار الأمريكي للهبوط ويصعد باليورو والإسترليني

سجل الدولار الأمريكي تراجعًا واضحًا خلال تعاملات اليوم الخميس، وذلك في أعقاب صدور توقعات أقل تشددًا من مجلس الاحتياطي الفيدرالي. الأمر الذي عزز ثقة المستثمرين في البيع على المكشوف ودفع إلى تسارع وتيرة تراجع الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية.
وجاء هذا الانخفاض في سياق مراهنة المتعاملين على خفضين إضافيين في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، في ظل إشارات متزايدة على ميل السياسة النقدية نحو التيسير.
وفي ختام الاجتماع الذي استمر يومين، قام الفيدرالي بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وهو قرار كان متوقعًا على نطاق واسع، غير أن تصريحات رئيس المجلس جيروم باول جاءت أقل تشددًا مما توقّعه المستثمرون. وشكلت هذه النبرة المفاجئة عامل ضغط إضافيًا، انعكس مباشرة على تداولات الدولار.
وفي هذا الإطار، أوضح نيك ريس؛ رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في «مونكس أوروبا»، أن «الخلاصة الأبرز تمثّلت في التحول الملحوظ نحو التيسير سواء في البيان المصاحب أو في المؤتمر الصحفي لباول». مشيرًا إلى أن هذا التغيير أسهم بشكل مباشر في تسارع موجة تراجع الدولار الأمريكي.
ارتفاع العملات المقابلة
ومع هذا التحول، أقدم المستثمرون على بيع الدولار بكثافة؛ ما دفع اليورو لتجاوز مستوى 1.17 دولار واقترابه من أعلى مستوياته في شهرين عند 1.1707 دولار خلال تداولات الخميس الآسيوية، وذلك وفقًا لما نقلته «رويترز».
كما صعد الجنيه الإسترليني مسجلًا أعلى مستوى في ستة أسابيع عند 1.3391 دولار. فيما ارتفع الين الياباني بنسبة 0.25% ليصل إلى 155.64 مقابل الدولار. معوضًا جزءًا من خسائره التي سببها اتساع فروق أسعار الفائدة عالميًا.
وأما مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية، فقد هبط إلى أدنى مستوى منذ 21 أكتوبر عند 98.537. في استمرار ملحوظ لمسار تراجع الدولار الأمريكي بفعل تبدد توقعات التشديد النقدي.
وفي السياق ذاته، أشار توني سيكامور؛ المحلل في شركة IG، إلى أن «الأسواق كانت تستعد لنبرة متشددة مشابهة لاجتماع أكتوبر. لكن التطورات جاءت مغايرة تمامًا؛ فالتعليقات كانت أكثر ليونة، وعمليات شراء أذون الخزانة كانت داعمة. كما أن نمط التصويت داخل اللجنة لم يكن متشددًا كما توقّع البعض».
توقعات خفض الفائدة تتزايد
وعززت نتيجة اجتماع الأربعاء التوقعات بخفضين إضافيين للفائدة في عام 2026. بعدما كانت تقديرات الفيدرالي تشير إلى خفض واحد فقط بربع نقطة مئوية. كما أعلن البنك المركزي عن بدء شراء سندات حكومية قصيرة الأجل لدعم مستويات السيولة ابتداءً من 12 ديسمبر، الجاري، على أن تصل الدفعة الأولى إلى نحو 40 مليار دولار من أذون الخزانة. في خطوة رأى محللو «سوسيتيه جنرال» أنها جاءت مفاجئة للأسواق من حيث التوقيت والحجم.
وأدى هذا الإعلان إلى انخفاض عوائد السندات الأمريكية؛ إذ تراجع العائد على السندات لأجل عامين بنحو 3 نقاط أساس إلى 3.5340%. فيما انخفض العائد على السندات القياسية لأجل 10 أعوام إلى 4.1332%. في تفاعل مباشر مع موجة تراجع الدولار الأمريكي وتوقعات السوق الأكثر تيسيرًا.
عودة مخاوف الذكاء الاصطناعي
وعلى مستوى الأسواق المالية الأوسع، شهد الإقبال على المخاطرة تراجعًا ملحوظًا، بعدما تعرضت الأسهم لضغوط إثر نتائج مخيبة للآمال من شركة «أوراكل» للحوسبة السحابية. وأثار ذلك موجة جديدة من المخاوف حول ربحية قطاع الذكاء الاصطناعي وإمكانية تشكل فقاعة مالية. وهو ما انعكس على حركة العملات المرتبطة بالسلع والنمو.
كما تلقى الدولار الأسترالي ضربة قوية، متراجعًا بنسبة 0.5% إلى 0.6643 دولار. مدفوعًا كذلك بصدور بيانات وظائف ضعيفة. كما انخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.3% إلى 0.5799 دولار. بعد أن فقدت العملتان مكاسبهما التي حققتاها في الجلسة السابقة.
هبوط العملات المشفرة
وأما البيتكوين، الذي يعد مؤشرًا مهمًا لشهية المخاطرة في الأسواق، فقد تراجع بنحو 3% إلى ما دون 90 ألف دولار. فيما انخفضت الإيثريوم بنسبة 5% لتسجل 3,176.86 دولار، في ظل استمرار توتر الأسواق المالية بالتزامن مع تراجع الدولار الأمريكي.
وفي هذا الصدد، أوضحت غرايسي لين؛ الرئيس التنفيذي لشركة OKX في سنغافورة. أن الأسواق ما زالت تتعامل مع فائض المديونية المتراكم منذ أكتوبر. لذا تأتي ردود الأفعال على الإشارات الاقتصادية بشكل أبطأ من المعتاد.
وأضافت أن «خفض الفائدة كان متوقعًا مسبقًا، والمتداولون قصيرو الأجل يميلون إلى جني الأرباح وسط سيولة ضعيفة. خاصة مع استمرار اضطراب المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي».
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





