Syria News
جاري تحميل الأخبار العاجلة...

الفشل والهروب.. القصف على سوريا وقطر

الجمعة، 12 سبتمبر 2025
الفشل والهروب.. القصف على سوريا وقطر

فجر يوم التاسع من الشهر الجاري، شهدت المنطقة تصعيدًا غير مسبوق تمثّل في قصف إسرائيلي على مدن سورية عدة، تلاه استهداف العاصمة القطرية الدوحة، حيث حاولت إسرائيل اغتيال قيادات فلسطينية مشاركة في مسار المفاوضات. الأعمدة الدخانية التي ارتفعت فوق حي سكني في الدوحة لم تكن مجرد صور على شاشات الأخبار، بل صرخة صادمة على سيادة دولة عربية شقيقة ووجودها السياسي والدبلوماسي في المنطقة. وعلى ما يبدو، دخلت ظاهرة "الترند" إلى السياسة أيضًا، حيث أصبح ما يُعرف بـ"الشو" جزءًا من إدارة النزاعات، واستعراض القوة الإعلامي أحد أدوات الهروب من الاستحقاقات الداخلية.

استهداف دولة تضم أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، وتعد مركزًا للوساطة السياسية الإقليمية، يطرح تساؤلات استراتيجية حول طبيعة العملية: هل هي مجرد عمل عسكري تقليدي، أم خطوة إعلامية استراتيجية تهدف إلى تفجير الوضع وصرف الأنظار عن أزمات داخلية إسرائيلية؟

الارتباط بين التصعيد وما يحدث داخل إسرائيل واضح للعيان. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يواجه سلسلة من التحديات الداخلية: أزمات سياسية متصاعدة، ملفات فساد معقدة، وضغوطًا شعبية متنامية. في الوقت نفسه، فشل الجيش الإسرائيلي في غزة يُظهر حدود القوة التدميرية، إذ لم تُترجم الضربات المدمرة إلى انتصار ملموس على الشعب الفلسطيني، ولم يتمكن الجيش حتى من إعادة أي أسير من دون الدخول في مفاوضات طويلة ومضنية.

الاستهداف المزدوج – سوريا وقطر – يحمل رسالة مزدوجة: استمرار الضغط العسكري على الفلسطينيين، واختبار حدود الرد العربي.

هذا الفشل العسكري والسياسي داخليًا يفسر جزئيًا سبب اللجوء إلى خطوات استفزازية خارجية، في محاولة لإظهار القوة والتماسك أمام الرأي العام المحلي والدولي، لكن من دون تحقيق أهداف استراتيجية حقيقية على الأرض.

وفي هذا السياق، تأتي الدوحة في موقع حساس للغاية، كونها مركزًا للوساطة الإقليمية وتستضيف أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، ما يجعلها هدفًا استراتيجيًا للرسائل الإعلامية والسياسية.

العملية الإسرائيلية الأخيرة تبدو متعمدة لإحداث تأثير نفسي وسياسي أكثر من كونها مجرد ضربة عسكرية محددة. الهدف، على ما يبدو، هو تفجير الوضع الإقليمي واستعراض القوة الإعلامية لإسرائيل أمام شعوب المنطقة والدول الغربية، لإعادة تشكيل صورة رئيس الحكومة الضعيفة داخليًا، وإخفاء إخفاقاته العسكرية في غزة.

الاستهداف المزدوج – سوريا وقطر – يحمل رسالة مزدوجة: استمرار الضغط العسكري على الفلسطينيين، واختبار حدود الرد العربي. الغارات على حلب وحمص، على الرغم من قدرتها التدميرية، لم تحقق أي مكاسب سياسية ملموسة، لكنها تثير التساؤلات حول نوايا إسرائيل الاستراتيجية في المرحلة المقبلة. وفي الوقت نفسه، يشكل القصف على قطر تحديًا صارخًا للسيادة العربية، ويضع الدول العربية أمام اختبار حقيقي: هل ستكتفي بالإدانة الرمزية، أم ستتخذ موقفًا رادعًا يفرض احترام السيادة العربية؟

غياب الردع العربي حتى الآن واضح ويطرح خطرًا حقيقيًا. فالتصعيد الإسرائيلي اليوم، مع فشل نتنياهو في غزة، يُظهر بوضوح أنه يسعى للهروب من الاستحقاقات الداخلية عبر خطوات استفزازية خارجية.

كل يوم يمر من دون موقف عربي حازم يضاعف احتمالية استمرار هذه العمليات العدوانية، ويمنح إسرائيل مساحة أكبر لاستعراض القوة من دون تحمل أي ثمن حقيقي على الأرض. ومن هذا المنطلق، يبدو أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف عربي موحد يحوّل الدعم السياسي والدبلوماسي إلى قوة رادعة حقيقية، ليستعيد الردع العربي مكانته ويُظهر أن السيادة والكرامة العربية ليستا قابلتين للتجاوز.

أما على المستوى الدولي، فإن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعم حلّ الدولتين المتنامي، يشكلان ضغطًا سياسيًا إضافيًا على حكومة الاحتلال. فهذه الاجتماعات تتيح تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية، وتعزز الشرعية السياسية للموقف الفلسطيني والدولي، لكنها تبقى غير كافية إذا لم تترافق مع موقف عربي موحد وحازم على الأرض.

الحلول الدبلوماسية، مهما كانت قوية، تحتاج الآن إلى ترجمة فعلية من خلال الردع العربي، لمنع إسرائيل من الاستمرار في استخدام القوة كأداة للهروب من أزماتها الداخلية.

الفشل الداخلي لنتنياهو، الهروب من استحقاقات غزة، والاستعراض الإعلامي على حساب الدوحة وسيادة الدول العربية، كلها عوامل تجعل من الردع العربي الموحد أمرًا حيويًا وملحًا.

الأسئلة الاستراتيجية الكبرى التي يطرحها التصعيد الأخير عديدة: هل تسعى إسرائيل لفتح مواجهة إقليمية واسعة تشمل تركيا والدول العربية، أم أن الهدف محصور في اختبار ردود الفعل وتحقيق مكاسب إعلامية على خلفية الفشل الداخلي؟ هل هذه الضربات محاولة لتغطية إخفاقاتها في غزة وإظهار نفسها دولة قوية، رغم العجز عن إعادة أي أسير أو تحقيق أي نصر ملموس على الأرض؟ وما مدى تأثير هذه الخطوة على المواقف العربية والدولية تجاه اتفاقيات التطبيع والسياسات الإقليمية لإسرائيل؟

في ضوء كل هذه المعطيات، يبدو أن الهروب من الاستحقاقات الداخلية يشكل المحرك الرئيس وراء هذه العمليات. فـ"إسرائيل"، رغم القوة التدميرية الهائلة التي تمتلكها، عاجزة عن فرض سيطرة حقيقية على إرادة الشعوب.

فشلها في غزة وتصعيدها على سوريا وقطر يكشفان أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق أهداف سياسية أو عملية ملموسة، وأن الاعتماد على وسائل الإعلام لتضخيم الانتصارات الوهمية أصبح جزءًا من استراتيجية الهروب من الاستحقاقات.

الاستنتاج النهائي واضح: التصعيد الإسرائيلي الأخير يشكل اختبارًا مزدوجًا – داخليًا لإسرائيل وخارجيًا للعالم العربي.

Loading ads...

الفشل الداخلي لنتنياهو، الهروب من استحقاقات غزة، والاستعراض الإعلامي على حساب الدوحة وسيادة الدول العربية، كلها عوامل تجعل من الردع العربي الموحد أمرًا حيويًا وملحًا. وقد آن الأوان لإظهار قوة حقيقية لردع الغطرسة الإسرائيلية، وضمان أن السيادة والكرامة العربية ليستا قابلتين للتجاوز أو الابتزاز الإعلامي، وأن أي محاولة لإعادة تشكيل الواقع بالقوة ستواجه ردًا حاسمًا وفعالًا. فإذا لم يكن بالسلاح فبالمواجهة السياسية، لكن لا بد من أن تدفع إسرائيل الثمن.

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه