في خطوة لافتة، أطلق قادة فصائل عراقية مسلحة مقربة من إيران، دعوات صريحة لترسيخ سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة، الأمر الذي فاجأ الشارع العراقي.
هذه الدعوات تأتي بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي أفرزت عن صعود كبير لأحزاب الفصائل المسلحة، وبالتالي يفسر مراقبون الدعوات الحديثة لقادة بعض الفصائل، بأن الأخيرة تفكر بالانتقال من “منطق المقاومة” كما تدّعي إلى “منطق الدولة” عبر ترك السلاح والانخراط في العمل السياسي.
الزيدي والغراوي: ضرورة حصر السلاح والانتقال لمنطق الدولة
أول من أطلق دعوات حصر السلاح بيد الدولة، هو قائد “كتائب الإمام علي”، شبل الزيدي، حيث اعتبر في بيان نشره عبر حسابه بمنصة “إكس”، أن الفوز “الساحق” للقوى “الحشدية”، وحصولها على ما يقارب ثلث مقاعد البرلمان (نحو 100 مقعد)، يمثل ثقة شعبية كبيرة تفرض مسؤولية أخلاقية جسيمة.
وأكد الزيدي في بيانه، أن المرحلة المقبلة تتطلب: احترام المؤسسات القانونية والتشريعية والعمل وفق الدستور، وفرض سيادة الدولة على كل شبر من أرض الوطن، وضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز بناء القدرات الدفاعية للقوات الأمنية، بالتوازي مع تطوير “الحشد الشعبي”.
ولم تمر بضع ساعات، حتى أصدر الأمين العام لحركة “أنصار الله الأوفياء”، حيدر الغراوي، بيانا جاء مقاربا لما قاله قائد “كتائب الإمام علي”، حيث شدّد على أن صناديق الاقتراع لم تكن مجرد إجراء إداري، بل “موقف شعبي واضح” أعاد رسم ملامح المرحلة.
ودعا الغراوي، الذي خاض الانتخابات الأخيرة ضمن ائتلاف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، إلى الانتقال لمنطق الدولة واعتبار التمثيل السياسي الواسع تفويضا لإدارتها وحماية مصالح المواطنين.
كذلك طالب الغراوي في بيانه الذي نشره عبر حسابه في منصة “إكس”، بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، متمثلة بالقائد العام للقوات المسلحة، والوزارات الأمنية (الدفاع والداخلية)، و”هيئة الحشد الشعبي”، وبناء مؤسسات أمنية قادرة على حماية المكتسبات الوطنية من خلال دولة عادلة وقوية.
العراق.. ما وراء رسائل قادة الفصائل ودلالات التوقيت؟
وبحسب ما يقوله مراقبون للمشهد العراقي من محللين وباحثين سياسيين، فإن هذه الدعوات الصادرة من قيادات لفصائل مسلحة، تحاول أن تحمل رسائل طمأنة للداخل والخارج، وهدفها التناغم مع مطالب واشنطن بحصر السلاح بيد الدولة والانخراط في العمل السياسي والابتعاد عن صراعات الحروب وفقا لإيعازات إيرانية.
ومنذ أكثر من شهرين، وتزامنا مع قرب موعد الانتخابات العراقية آنذاك، تمارس واشنطن ضغوطا كبيرة على الأحزاب السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة، بتحذيرها من الانخراط في أي أعمال عسكرية قد تشهدها المنطقة، فضلا عن رسائل مباشرة وصريحة تتعلق بوضعها في الداخل العراقي.
بدأت تلك الضغوط بالتصاعد منذ أن عين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مبعوثا خاصا إلى العراق، هو مارك سافايا، حيث صرح الأخير مرارا عبر بيانات وتغريدات له، بأنه يعمل على “إعادة العراق إلى حجمه الطبيعي وجعله عظيما مرة أخرى بعيدا عن أي سلاح خارج نطاق الدولة”.
ويحمل المبعوث الأميركي، رسائل صريحة للقوى السياسية العراقية، وهي أنه يجب نزع سلاح الفصائل وحصره بيد الدولة، وألّا تشارك الفصائل في الحكومة المقبلة بأي شكل من الأشكال، مع السماح لها بدخول العملية السياسية كيفما تريد لكن من بوابة البرلمان حصرا، أي أن يقتصر عمل الفصائل سياسيا في مجلس النواب، دون أي مشاركة في العمل التنفيذي الحكومي.
ولم تحسم قوى “الإطار التنسيقي” بعد، مسألة الشخصية التي ستكلفها برئاسة الحكومة العراقية المقبلة، لكن المعطيات تشير إلى أن قوى “الإطار” تبحث عن شخصية ليست فصائلية، وتكون متناغمة مع المطالب الأميركية وقريبة من الغرب، وأن يكون دبلوماسيا مع إيران، أي لا أن يكون معاديا لها ولا قريبا منها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






