كيف انعكس إلغاء "قيصر" على سعر صرف الليرة السورية؟

شهد سعر صرف الليرة السورية، صباح الخميس، تحسنًا محدودًا ولكنه لافت في قيمتها مقابل الدولار الأميركي، مدفوعًا بموجة تفاؤل اقتصادي سرت بين الأوساط التجارية والمالية في البلاد، وذلك في أعقاب التطور الأبرز المتمثل في تمرير مجلس النواب الأميركي مشروع قانون موازنة الدفاع الوطني الذي تضمن إلغاء “قانون قيصر” للعقوبات، واستبداله بتقارير دورية كل 180 يومًا.

هذه الخطوة، التي تمثل تراجعًا واضحًا عن أقصى درجات الضغط الاقتصادي، خلقت أملًا في تيسير الحركة التجارية والمالية، ولو بشكل تدريجي ومراقب.

الأسواق غير الرسمية تستجيب

يشير هذا الانعكاس الإيجابي، وإن كان رمزيًا في بدايته، إلى استجابة الأسواق غير الرسمية فورًا لأي إشارات انفراج دولي، ففي العاصمة دمشق، سجل الدولار الأميركي في بداية التعاملات الصباحية سعرًا بلغ 11,800 ليرة للشراء و 11,850 ليرة سورية للمبيع، وفقًا لبيانات مصادر السوق التي رصدتها منصة متابعة العملات “الليرة اليوم“.

هذا التراجع يعد هامًا، حيث جاء بعد أن كان الدولار قد سجل في السوق الموازية بدمشق بالأمس القريب 12,000 ليرة للشراء و 12,050 ليرة للبيع، مما يمثل تحسنًا بنحو 200 ليرة سورية خلال 24 ساعة فقط.

لم يقتصر هذا التحسن الطفيف على العاصمة فحسب، بل تماشى سعر الصرف المسجل في محافظات حلب وإدلب، التي تشكل مراكز تجارية هامة، مع السعر المسجل في دمشق، مما يؤكد أن التفاؤل يسيطر على الحركة النقدية في مختلف مناطق النفوذ.

انتعاش محدود في الشمال الشرقي

حتى في مناطق الشمال الشرقي، وتحديدًا الحسكة، بلغ سعر الدولار 12,000 ليرة للشراء مقابل 12,050 ليرة للمبيع وفقًا لمنصات مختصة بمتابعة الأسواق غير الرسمية، ليظل الفارق طفيفًا، ومؤكدًا استجابة السوق الموازية الموحدة نسبيًا لمتغير “قيصر”.

ويبرز هذا الانتعاش، ولو كان محدودًا، مدى حساسية السوق السورية لأي قرار دولي يلوح بتخفيف القيود، ويؤكد على أن سعر الصرف يتأثر بشكل مباشر بالترقب الجيوسياسي قبل العوامل الاقتصادية الداخلية.

في المقابل، حافظ المصرف المركزي السوري على موقفه المتحفظ تجاه هذه التطورات، مستمرًا في سياسة التثبيت المعلنة لسعر صرف الدولار ضمن النشرة الرسمية الصادرة عنه، حيث بقي السعر عند 11,000 ليرة للشراء و 11,110 ليرة للمبيع.

رهان على إصلاحات حقيقية

هذا التباين الحاد بين السعر الرسمي (المحدد إداريًا) والسعر الموازي (الذي يعكس العرض والطلب الحقيقيين)، والذي يصل الفارق فيه إلى نحو 700 ليرة سورية، يسلط الضوء على استمرار التحدي الأكبر الذي يواجه الليرة، وهو الثقة في أدوات المصرف المركزي وقدرته على إدارة الكتلة النقدية بفاعلية وشفافية، وهو ما يتطلب، وفقًا لخبراء، إصلاحات هيكلية وجذرية تتجاوز مجرد إلغاء العقوبات.

ويبقى الرهان الآن على ما إذا كان التفاؤل الحذر الذي ولده إسقاط “قيصر” سيترجم إلى خطوات حكومية وإصلاحات اقتصادية حقيقية تدعم الليرة، أم أنه سيبقى مجرد فقاعة مؤقتة سرعان ما تتبدد أمام جمود السياسات النقدية المحلية.

يشار إلى أن إلغاء العقوبات لن يكون فوريًا أو مطلقًا، بل سيكون مشروطًا بوفاء الحكومة السورية بـ 8 معايير سياسية وأمنية وإنسانية، حيث تتضمن الشروط أن تبادر دمشق إلى اتخاذ خطوات ملموسة.

من هذه الشروط التعاون مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب ومنع عودة تنظيمات مثل “داعش”، وإخراج المقاتلين الأجانب من مؤسسات الدولة والأمن، إضافة إلى حماية حقوق الأقليات، فضلًا عن تطبيق اتفاقيات محددة، مثل اتفاق 10 آذار/مارس 2025 مع “قسد”، ذلك على أن يتم مراجعة التزام الحكومة السورية بهذه المعايير دوريًا كل 180 يومًا ولمدة أربع سنوات.