تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، مهلة حاسمة لتحديد ما إذا كانت شركة DJI الصينية، المصنّعة للطائرات المسيّرة وغيرها من الأجهزة، تشكّل تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة، في قرار قد تترتب عليه تداعيات، من بينها احتمال تعطيل عمل آلاف المسيّرات لدى أجهزة الشرطة والإطفاء في مختلف الولايات الأميركية.
وكان ترمب قد وقّع 3 أوامر تنفيذية، في يونيو الماضي، لتعزيز الهيمنة الأميركية في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، وإحياء الطيران التجاري الأسرع من الصوت.
وجاءت خطوة ترمب في أعقاب تحرك الكونجرس لإلزام الإدارة الأميركية بإجراء مراجعة رسمية لتحديد ما إذا كانت DJI تستحق الإدراج ضمن قائمة المعدات والخدمات التي تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي، مما يحرمها من الاتصال بشبكات الاتصالات الأميركية، وفقاً لقانون شبكات الاتصالات المؤمنة لعام 2019، بحسب بلومبرغ.
القائمة السوداء
وفي حال لم تحصل DJI على ما يُشبه "شهادة براءة" أو تقييم إيجابي قبل عطلة عيد الميلاد، فقد تنضم إلى شركتي Huawei Technologies وZTE المدرجتين بالفعل على قائمة هيئة الاتصالات الفيدرالية الأميركية السوداء.
ويمنح هذا التصنيف إدارة ترمب صلاحيات واسعة، تشمل حظر بيع الطائرات الجديدة داخل السوق الأميركية، أو حتى فرض حظر كامل على تشغيل هذه الطائرات، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر في عمل وكالات عامة تمتد من نيويورك شرقاً إلى داكوتا الشمالية ونيفادا غرباً.
وفي هذا السياق، قال مايك ناثي، النائب الجمهوري بولاية داكوتا الشمالية، وأحد أبرز قادة حملة تحذّر من مخاطر الطائرات المصنّعة في الصين: "الناس لا يدركون حجم الإشكالية الأمنية المرتبطة بهذه الطائرات، ولا كمية المعلومات التي يتم تمريرها يومياً إلى الصين".
معركة أمن الأجواء الأميركية
وتكشف المواجهة الدائرة بشأن أمن المجال الجوي الأميركي عن صراع متزايد بين إدارات شرطة تعاني ضيق الموارد المالية، وبين عدد متنامٍ من المشرّعين على مستوى الولايات والحكومة الفيدرالية، الذين يسعون، بحسب قولهم، إلى كبح ما يصفونه بالامتداد العميق لبكين داخل الولايات المتحدة.
وتشمل هذه المخاوف "سرقة التكنولوجيا"، فضلاً عن القلق من "الهيمنة على الفضاء والتقنيات المتقدمة".
ويأتي اقتراب المهلة التي حددها البيت الأبيض، الثلاثاء، في وقت يصعّد فيه سياسيون جمهوريون خطابهم المعادي للصين، بالتزامن مع حملة ترمب الرامية إلى إعادة صياغة قواعد التجارة العالمية.
تشريعات محلية ومعضلة البديل
وكان الجمهوري مايك ناثي قد دعم خلال العام الجاري تشريعاً يتيح للهيئات الحكومية في ولاية داكوتا الشمالية استبدال أكثر من 300 طائرة DJI، تُستخدم في مراقبة حقول النفط ومنشآت الأسلحة النووية والحدود مع كندا، بطائرات مصنّعة في الولايات المتحدة أو في دول حليفة.
وأوضح ناثي: "نحتاج إلى أن تحذو مزيد من الولايات هذا المسار".
وإلى جانب تعقيد مفاوضات ترمب التجارية مع الصين، فإن فرض حظر وطني على طائرات DJI من شأنه أن يفرض ضغوطاً كبيرة على إدارات الشرطة والإطفاء المحلية التي تعتمد على هذه الطائرات في مهامها اليومية.
ويقدّر عدد الطائرات المسيّرة المستخدمة من قِبَل وكالات السلامة العامة في أنحاء الولايات المتحدة بأكثر من 25 ألف طائرة، وفقاً لكريس فينك، مؤسس شركة Unmanned Vehicle Technologies LLC، ومقرها مدينة فايتفيل في ولاية أركنساس وتقدّم استشارات لجهات إنفاذ القانون.
من جهته، قال جون بيل، رئيس رابطة طائرات إنفاذ القانون، وهي منظمة تدريبية وداعمة تضم DJI وبعض المنافسين الأميركيين ضمن رعاتها، إن الغالبية الساحقة من هذه المسيّرات تأتي من الصين.
وتستخدم مدن أميركية كبرى منتجات DJI على نطاق واسع، وبحسب تقرير صادر عن نيويورك عام 2024، تمتلك شرطة المدينة نحو 40 طائرة صينية، تُمثّل قرابة 40% من إجمالي مسيّراتها.
وفي مدينة كانساس سيتي بولاية ميزوري، تشكّل طائرات DJI ما يقارب نصف أسطول الشرطة المؤلف من 18 طائرة، بحسب متحدث باسم المدينة.
أما مدينة إل باسو في ولاية تكساس، فتمتلك نحو عشرين حظيرة آلية مخصصة لطائرات DJI، وشارك مسؤولون من الشرطة ووكالات السلامة العامة الأخرى في مقطع ترويجي لصالح الشركة.
ويُفضّل المشغّلون منتجات DJI، التي تتخذ من مدينة شنتشين الصينية مقراً لها، بسبب تقنياتها المتقدمة وسهولة استخدامها وأسعارها المنخفضة نسبياً.
نفي صيني.. وطعن قضائي
وأكدت DJI أنها لا تشارك البيانات التي يتم جمعها داخل الولايات المتحدة مع الحكومة الصينية، وفي أكتوبر الماضي، طعنت الشركة في حكم صادر عن محكمة اتحادية أبقى على تصنيفها كشركة مرتبطة بالجيش الصيني.
وقال رئيس السياسات العالمية في DJI آدم ويلش، في بيان لـ"بلومبرغ": "تشعر DJI بخيبة أمل شديدة لأن مشرّعين في بعض الولايات أقروا قوانين ضارة ستقوّض السلامة العامة بشكل لا يمكن إصلاحه، وتلحق أضراراً بالشركات الصغيرة والمزارعين والباحثين، وتهدر ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب من دون تحقيق أي فوائد أمنية إضافية".
وطالبت الشركة بتمديد فترة المراجعة الأمنية، معتبرة أن الموعد المحدد الثلاثاء، مبكر للغاية للتوصل إلى استنتاج نهائي.
وحتى الآن، استهدفت ما لا يقل عن ست ولايات، من بينها أركنساس وميسيسيبي وتينيسي، مسيّرات DJI وغيرها من الطائرات المصنّعة في الصين، من خلال فرض قيود. كما دخل قانون في ولاية نيفادا حيز التنفيذ في يناير الماضي يمنع الهيئات العامة من استخدام الطائرات الصينية.
وفي ولاية فلوريدا، خصصت السلطات 25 مليون دولار في عام 2023 للمساعدة في استبدال الطائرات الصينية. كما أقر مشرّعون في ولاية كونيتيكت قانوناً هذا العام يمنع المكاتب العامة من استخدام الطائرات الصينية، بدافع القلق من أن تتحول هذه "العيون في السماء" إلى أدوات تجسس.
فرصة للشركات الأميركية
في المقابل، يخلق هذا التوجه فرصاً جديدة أمام شركات أميركية قائمة مثل Skydio ومقرها وادي السيليكون، وشركة Brinc Drones من مدينة سياتل.
كما يتوقع أن يستفيد لاعبون جدد من تزايد اهتمام المستثمرين، بحسب دون زولدي، الرئيسة التنفيذية لشركة P3 Tech Consulting LLC المتخصصة في تقديم الاستشارات حول الطائرات المسيّرة والتقنيات الناشئة.
ومع ذلك، قال مسؤولون في قطاع السلامة العامة إن العثور على بدائل محلية تضاهي DJI من حيث السعر والأداء لا يزال أمراً بالغ الصعوبة.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

الذهب يلامس 4500 دولار والفضة عند مستوى قياسي جديد
منذ ثانية واحدة

كيف غيرت رسوم ترامب مشهد التجارة العالمية في عام 2025؟
منذ دقيقة واحدة



