انتقادات واسعة لمسـابقة "أفضل قصة شهيد" التي أطلقتها وزارة الأوقاف السورية

أثارت مسابقة “أفضل قصة شهيد” التي أطلقتها وزارة الأوقاف السورية، الأربعاء، عبر معرفاتها الرسمية، موجة انتقادات واسعة، قبل أن تُحذف لاحقا من منصات الوزارة دون توضيح رسمي، وسط اتهامات بالإساءة للضحايا والتمييز بينهم.
الإعلان الذي رُوِّج له على أنه مبادرة ثقافية تحوّل سريعا إلى محور جدل اجتماعي وأخلاقي، أعاد فتح أسئلة حساسة حول الذاكرة والعدالة وحدود دور المؤسسات الرسمية في مقاربة ملف الضحايا.
مسابقة بجوائز مالية
أعلنت وزارة الأوقاف عن مسابقة بعنوان “أفضل قصة شهيد”، وحددت جوائز مالية تتراوح بين 500 و1000 دولار.
إعلان مسابقة “أفضل قصة شهيد”
وبحسب معايير المشاركة، اشترط الإعلان أن يكون الشهيد “من الدعاة إلى الله”، مع تضمين “مواقف دعوية مؤثرة” في النص. الإعلان لم يمر بهدوء، بل قوبل بردود فعل غاضبة وانتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
رأى منتقدون أن المسابقة تُحوِّل قصص الضحايا إلى منافسة مادية ترعاها مؤسسة رسمية، دون مراعاة لحساسية الذاكرة الجماعية بعد أكثر من 14 عاما من القتل والاعتقال والاختفاء القسري.
وكتب ناشطون أن آلاف العائلات ما زالت تجهل مصير أبنائها، “ليأتي إعلان رسمي يتحدث عن أفضل قصة شهيد وجوائز مالية”.
كما اعتُبر شرط “الدعوة إلى الله” بابا للتمييز بين الضحايا أنفسهم، عبر ربط الشهادة بمستوى التدين أو الخطاب الدعوي، في حين أن من قُتلوا سقطوا جميعا تحت آلة قتل واحدة، من القصف والكيماوي إلى التعذيب في السجون.
وحذّر آخرون من الأثر النفسي للمسابقة، معتبرين أنها قد تعيد إيذاء العائلات الثكلى، وتضعها في موضع تقييم ومفاضلة على حساب معاناتها.
انتقادات حقوقية وإعلامية
الصحفية السورية هدى أبو نبوت انتقدت المسابقة خلال منشور لها عبر صفحتها في “فيسبوك” معتبرة أن وزارة الأوقاف انشغلت خلال عام كامل بإجراءات وخطوات ذات طابع دعوي، بدل التركيز على خطاب وطني جامع أو معالجة الانقسام المجتمعي، وذهبت إلى أن شروط المسابقة تحصر مفهوم “الشهيد” ضمن إطار أيديولوجي ضيق، يستثني ضحايا التعذيب والمجازر والقصف والغرق والقنص.
وكتب المحامي والناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان ميشال شماس عبر صفحته في “فيسبوك” منتقدا المسابقة، أن وزارة الأوقاف “تنسى مهمتها الأساسية، وتحول مأساة الشهداء إلى إعلان وجائزة”، معتبرا أن “دم الشهداء ليس مادة دعائية، ولا قصصهم مسابقة لاختيار الأجمل أو الأكثر تأثيرا”.
وأضاف شماس أن الدور الحقيقي للوزارة “أعمق وأخطر”، ويتمثل في مواجهة التطرّف وتفكيك خطاب الكراهية، وإعادة المسجد إلى “مكانه الطبيعي كمساحة هدوء وقيم ورحمة، لا منصة صراخ واستقطاب”. وختم بالقول إن تكريم الشهداء لا يكون عبر مسابقات، بل “بدعم عائلاتهم، والعدل في الخطاب، والحكمة في الكلمة”.
من جهته، وصف المحامي والمختص بالقانون الدولي المعتصم الكيلاني الإعلان بأنه “غير متوافق مع مبادئ العدالة الانتقالية”، معتبرا أنه ينتهك مبدأ كرامة الضحايا والمساواة بينهم، ويُفرغ الحق في الحقيقة من مضمونه، وينطوي على مخاطر إعادة الإيذاء، ويُضعف مسارات المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، واصفًا إياه بـ”ممارسة رمزية ضارة بحقوق الضحايا”.
ومع تصاعد الانتقادات، أقدمت وزارة الأوقاف على حذف الإعلان من بعض منصاتها الرسمية، وأبقته على منصة “إكس” من دون تقديم تفسير رسمي.
واعتبر متابعون أن هذه الخطوة جاءت استجابة لموجة الرفض الواسعة، وأعادت طرح أسئلة حول آليات اتخاذ القرار وحدود مساءلة المؤسسات الرسمية.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





