مهرجان سالونيك السينمائي الدولي الـ66.. حضور عربي وتكريمات عالمية

في أجواء احتفالية سادت مسرح أولمبيون العريق، وبحضور الممثلة “إنديا مور”، بطلة فيلم “أب وأم وأخت وأخ” (Father, Mother, Sister, Brother) للمخرج “جيم غارموش” (2025)، افتتحت الخميس 30 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم الدورة الـ66 من مهرجان سالونيك السينمائي الدولي، التي تستمر حتى 9 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 الجاري.يتميز هذا المهرجان بجمهوره المتحمس الكبير، الذي يملأ صالات العرض السبع الموزعة على أحياء المدينة الأليفة، وإتاحته فرص لقاءات مباشرة بين الجمهور اليوناني في أغلبه، وبين المدعوين والفنانين.اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4“أرى نفسي جسرا لتقريب الثقافتين”.. حوار مع المخرجة الفلسطينية الأمريكية شيرين دعيبسlist 2 of 4مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي الـ59.. قصص إنسانية ملهمة وحكايات من الشرقlist 3 of 4“كعكة الرئيس”.. طفلة في مهمة شاقة لإعداد كعكة ميلاد الرئيسlist 4 of 4“أشعر أحيانا أننا نرقص في العتمة”.. حوار مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراويend of listفكأنه مهرجان لعائلة كبيرة، تلتقي كل عام ضيوفا قادمين من أرجاء الأرض كافة، لتقترح عليهم الاطلاع على إنتاجها المحلي، بتكريس أقسام عدة للسينما اليونانية، وإنتاجات الجار القريب في القسم التنافسي “لقاء الجيران”، من دون أن تغفل العالم الأبعد، فتعرض أفلامه في مسابقات عدة، منها “الدولية”، أو في أقسام غير تنافسية مثل “آفاق مفتوحة”.الملصق العام لمهرجان سالونيك السينمائي الـ66كلمة مديرة المهرجان الفرنسية “أليز غالادو” تبدو خير تعبير عن جو المهرجان الحميم واهتمامه بالعالم الصغير “العائلة”، والكبير “المحيط بكل أزماته”، هذا العالم الأكبر الذي ننقله إلى الأجيال القادمة، أطفالنا وأطفالهم، عالم الغد، الذي تؤثر على نفسية صغاره وكباره أزماته الاقتصادية والاجتماعية، وحروبه وأشكال التواصل فيه أو انعدامه.لذلك يهدف المهرجان لمناقشة جميع قضايا عصرنا المُلحة، وإيجاد حلول معا “وجها لوجه، لقلب الطاولة، وقلب السيناريو، وتقديم حبكة مُبتكرة”، فالفن موجود ليذكرنا بألا نفقد الأمل. ومتى ما بقي المهرجان، “فسيظل بمثابة بيان للأمل”.لعل هذا ما دفع المنظمين لجعل “انعطاف الحبكة” موضوعا رئيسيا للمهرجان هذا العام، واختيار فيلم للافتتاح يتناول الروابط الأسرية، وسوء الفهم، وأنصاف الحقائق، والوعود التي لم تُحقق، فهو فيلم عن الألفة والحنان، ولكنه قبل كل شيء عن الحب، كما وصفه “أوريستيس أندرياداكيس” مدير المهرجان الفني.في مهرجان سالونيك 4 أقسام للمنافسة الدولية، مصحوبة بجوائز نقدية، وفي كل من “المسابقة الدولية” و”إلى الأمام” و”قابل الجيران” 12 فيلما، منها ثلاثة يونانية، وكذلك مسابقة للفيلم اليوناني.ملصقات الأفلام اليونانية المشاركة في المهرجانأما قسم “آفاق مفتوحة”، فهو لاكتشاف أبرز الأصوات الطليعية في سينما اليوم، وكثير من أفلامه قادم من مهرجانات كبرى مثل كان وبرلين ولوكارنو والبندقية، لكنه يخصص قسم العروض الخاصة لصنّاع أفلام مهمين.وقد سلطت الأضواء على “مارسيل بانيول”، وهو من أبرز الشخصيات وأكثرها تأثيرا في الثقافة الفرنسية في القرن العشرين، فهو مخرج سينمائي وكاتب مسرحي وروائي، نال شهرة وتقديرا في جميع مجالات مسيرته الفنية الثلاثة.وهنا نظرة على المشاركة العربية والتكريمات التي ميزت المهرجان هذا العام:اشترك فيالنشرة البريديةاشترك في النشرة البريدية وتابع أحدث أفلامنا الوثائقيةمشاركة عربيةليس في قسم “المسابقة الدولية” إلا فيلم عربي وحيد، إلى جانب أفلام من ألمانيا، وأفلام أخرى هي عروض يونانية أولى من فنلندا، وبريطانيا، ورومانيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة، وإسبانيا، واليونان.“ملكة القطن” للمخرجة سوزانا ميرغني (2025)، هو فيلم عُرض عرضه الأول في مهرجان البندقية المنصرم، ويدور حول نفيسة الشابة حفيدة “ملكة القطن”، وهي عجوز اكتسبت أبعادا أسطورية، بفضل مقاومتها للبريطانيين، وقدرتها المزعومة على استشراف المستقبل.تعمل نفيسة في حقول جدتها بقرية سودانية على ضفاف النيل، تقطف القطن، وتغوص في النهر، وتقع في حب شاب، لكن وصول رجل أعمال ثري من لندن يقلب كل شي، حين يضع والداها وجدتها خططا لها من دون علمها.يستكشف الفيلم محيطا تتجاور فيه التقاليد مع الحداثة، في أجواء أسطورية بين الواقعية والواقعية السحرية، تنتقد الاستعمار وقمع رغبات المرأة في أفريقيا.“ملكة القطن”، فيلم يروي قصة امرأة عجوز اكتسبت أبعادا أسطورية بفضل مقاومتها للبريطانيينومن الجزائر فيلم الرعب “رقية”، للمخرج يانيس كوسيم (2025)، ويتراوح بين الإثارة النفسية والدراما العائلية، وكان قد قُدم في مهرجان البندقية أيضا، ويُعرض في قسم “لقاء الجيران”.في الفيلم 3 قصص تتأرجح بين ماضي الجزائر الدامي في التسعينيات وبين الحاضر، تترابط شخصياتها ويُبنى محورها حول التطرف، ومدى علاقته بالذاكرة والعنف، شخصيات ممسوسة، وأخرى تفقد الذاكرة، وهي ملجأ أخير أمام هول تحولات نفسية وسلوكية ودينية.تتراكم في الفيلم الأحداث الغامضة والمهددة والعنيفة، فتسيل دماء، وتتردد صرخات، وتلفظ تعويذات بلغة غير مألوفة، ليطرح الفيلم أسئلة حول التطرف الذي يتلبس الشخصيات شيطانا لا يمكن طرده إلا بالإيمان الحقيقي.وفي قسم “إلى الأمام” اختير “تقسيم”، وهو إنتاج لبناني فلسطيني للمخرجة ديانا آلان، إلى جانب أفلام من الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وكولومبيا وبولندا والبرتغال.يسرد فيلم “تقسيم” تواريخ لم تُرو إلا نادرا، ورؤى استعمارية بدمج لقطات موثقة من الاحتلال البريطاني لفلسطين، مع تسجيلات صوتية من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.تتناوب القصة والصوت والأغنية، مما يشكل تأملا فيما تتذكره الأجساد وتنساه الممالك. “ديانا ألان” مخرجة وأستاذة وتشغل كرسي أبحاث كندا في أنثروبولوجيا الأرشيفات الحية، ومنها أرشيف النكبة.في الأقسام غير التنافسية مثل “آفاق مفتوحة” يعرض فيلم “كان ياما كان في غزة” للأخوين طرازن وناصر عرب الذي عرض في قسم “نظرة ما” في مهرجان كان المنصرم، وفاز بجائزة أفضل إخراج.فيلم “فلسطين 36″، للمخرج آن ماري جاسر، يعرض في قسم “عروض خاصة”صور الفيلم قبل الحرب، ويسرد -على عادة الأخوين المخرجين- تفاصيل سكان غزة الحياتية اليومية الاجتماعية، التي لا تبرزها نشرات الأخبار، بأسلوب طريف لا يخلو من عبثية تفرضها ظروف الحياة غير العادية.شخصيات تحت ضغط غير مسبوق، جاهزة للانفجار في أي لحظة، تسير نحو مصيرها المحتوم، كهذا الشاب الذي يبيع الفلافل، ويضع فيها المسكنات الممنوعة، بناء على طلب صاحبه، وصاحب المطعم، وذلك الشرطي الفاسد، والسلطة التي لا تهتم للمواطن.تحضر فلسطين أيضا في قسم عروض خاصة مع فيلم “فلسطين 36″، للمخرجة آن ماري جاسر، ويلقي بأحداثه التاريخية الضوء على الواقع المعاصر.إنه فيلم ملحمي يمزج بين دراما تاريخية مؤثرة ولقطات تاريخية من فلسطين عام 1936، عندما سعت الإمبراطورية البريطانية المتداعية إلى قمع الشعب الفلسطيني، ومنعه من تحقيق الذات الوطنية، في حين وصل المستوطنون اليهود إلى المنطقة لتأسيس دولتهم.تسلط المخرجة الضوء على جذور الصراع، الذي يشكل ماضي عالمنا وحاضره، بقصص درامية لثلاثة أناس عاديين.نقع كذلك على عدة أفلام عربية في تكريم مبتكر لتقنية حبكة القصة. وتحت عنوان “حبكة قصة، ما وراء الحاسة السادسة”، يختار المهرجان أشهر حبكات القصة وأكثرها وضوحا في السينما، إلى أن يحدث ما يعكس التوقعات في انعطاف درامي للحبكة، فيعرض أفلاما نادرة صُوّرت على مدى الخمسين عاما الماضية، منها فيلم “هم الكلاب” (2013) للمخرج المغربي هشام العسري.نرى في الفيلم طاقما تلفزيونيا يتابع عن كثب سجينا أُفرج عنه حديثا، ومن خلال رحلة معاصرة وسط ضجيج الدار البيضاء والمجتمع المغربي المضطرب، يُظهر الفيلم الصراع الأبدي بين الذاكرة المُجرّبة والتسجيل الإعلامي المُضلّل.لقطة من فيلم “الزمن الباقي” (2009) للمخرج إيليا سليمانوفي “الزمن الباقي” للمخرج إيليا سليمان (2009)، تتشابك ذكريات والد المخرج -المُدوّنة في يوميات- تشابكا وثيقا مع دراما الشعب الفلسطيني الجماعية.أما الفيلم الوثائقي “كحلوشة” للمخرج نجيب بلقاضي (2006)، فيعرّفنا على مخرج وممثل تونسي محلي، يُصوّر باستمرار أفلاما من فئة “الدرجة الثانية” للهواة، تُمثّل فيها طبقة من أفقر الطبقات الاجتماعية والتعليمية، وتشيد بها الجماهير. وبانعكاس الجماليات المُبالغ فيها، نغوص في رحلة آسرة في قلب سحر السينما.وسيُعرض أيضا الفيلم القصير “جذور العنف” (Généalogie de la violence) للمخرج محمد بورويسة (2024)، ويدور حول فتى وفتاة عربيين، يطلب منهما شرطيان فحص هوية غير مبرر ولا دقيق، وهو يكشف مسارات العنف، والتمييز الخفية والمتكررة، سواء من حيث التصوير أو المؤثرات البصرية.وهناك أيضا فيلم “بشرى” المغربي الأمريكي، وهو أول فيلم خيالي من إخراج “أوريان باركي” ومريم بناني، يمزج بين الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد والأسلوب الوثائقي، ليُقدم قصة عن صناعة فيلم.تكريمات نجوم السينمامحليا منح المهرجان جائزة الإسكندر الذهبي الفخرية لأحد أشهر مخرجي السينما في اليونان، ألا وهو “يورغوس تسيمبيروبولوس”، وكانت أفلامه قد نجحت نجاحا جماهيريا باهرا، وتعرض أعماله الطويلة كافة، لا سيما فيلم “اعتنِ بنفسك” (Take Care)، الذي أخرجه عام 1991، وهو من أشهر الأفلام في السينما اليونانية المعاصرة، بفضل نظرته الثاقبة، ونهجه المُركّز على الإنسان، الذي يعكس إحباطات فئة من الناس.وكذلك الفيلم العاطفي الرقيق “حب مفاجئ” (Sudden Love) الذي عُرض عام 1984، والوثائقي الرائع “ميغارا” (Megara) الذي عُرض عام 1974، ويدور حول مقاومة سكان منطقة ميغارا لمحاولات الحكومة والبلدية أن تستجيبا للرأسمال العالمي -ولاسيما الملياردير اليوناني “أوناسيس”- بتصنيع الريف، والقضاء على حياتهم الزراعية، ومحاولة تهجيرهم.الوثائقي “ميغارا” (1974) يتحدث عن مقاومة سكان منطقة ميغارا للنظام الرأسمالي العالميعالميا استكشف المهرجان جوانب لا تحصى من موهبة تمثيلية فريدة، فكرّم “إيزابيل أوبير”، إحدى أكبر نجمات السينما والمسرح فرنسيا وعالميا، وهي الممثلة التي بقيت -منذ بداياتها- رمزا لا يضاهى في السينما الفرنسية، بفضل تنوع أدوارها، ورفضها التقيد بالتصنيفات.وقد تجاوزت في مسيرتها الحافلة بالإنجازات والجوائز كل القيود الجغرافية والثقافية واللغوية، وعملت 120 فيلما مع مخرجين مميزين في تاريخ السينما، منهم “مايكل هانيكي”، و”كلود شابرول”، و”برتراند تافيرنييه”، و”جان لوك غودار”، و”كلير دينيس”، و”أندريه تيشينيه”، وآخرون كثر.رُشِّحت “أوبير” 16 مرة لجائزة “سيزار”، محققة بذلك رقما قياسيا لا يضاهى في تاريخ الجوائز، وقد فازت بها مرتين في فيلميها:
“الحفل” (La cérémonie)، للمخرج “كلود شابرول” (1995).
“هي” (Elle) للمخرج “بول فيرهوفن”، وقد نالت عنه جائزة “غولدن غلوب”.
ويُذكر اسمها بين نخبة الممثلين والممثلات البارزين الذين مُنحوا جوائز في 3 من أبرز المهرجانات السينمائية في العالم.فقد كُرمت في مهرجان كان السينمائي عن فيلمها “فيوليت نوزيير” (Violette Nozière)، للمخرج “كلود شابرول” (1978)، ثم عن فيلمها “عازفة البيانو” (La pianiste) للمخرج “مايكل هانيكي” (2001).وكُرمت في مهرجان البندقية السينمائي عن فيلمها “قصة نساء” (Une affaire de femmes) للمخرج “كلود شابرول” (1988)، ثم عن فيلمها “الحفل” (1995).وكُرمت في مهرجان برلين السينمائي عن فيلم “ثماني نساء” (8femme) للمخرج “فرانسوا أوزون” (2002)، مع طاقم التمثيل النسائي كله.كرّم المهرجان “إيزابيل أوبير”، إحدى أكبر نجمات السينما والمسرح فرنسيا وعالميااختار المهرجان 15 فيلما يُظهر قدرة هذه الممثلة الاستثنائية على التغيير الداخلي في كل دور، مع الحفاظ على هوية تمثيلية راسخة. كما أتاح للجمهور والصحفيين لقاءها عبر “ماستر كلاس”، ومؤتمر صحفي، سردت فيهما طريقة عملها ومفهوم المهنة عندها.وقد قالت إنها تمثل الحالة لا الشخصية، وإنها لا تبحث عن تحقيق شيء، وقد يكون في هذا الطريقة الأفضل لإيجاد الأشياء.كما أكدت على دور المخرج الأساسي في الفيلم، فهو من يفكر عنها، ولا يعني هذا أنها ليست بحاجة للتفكير، ولكنها بحاجة إلى الإحساس بالدور.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً




