يوشك المستحيل أن يكون فلسطينيا، فالظروف التي تجهض حلما وتؤجل ميلاد فيلم، قد تكون نفسها التي تفرز عملا آخر من رحم القهر وفي عز الحرب، فبينما كانت المخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس تستعد لتصوير فيلمها الروائي الطويل “اللي باقي منك” اندلعت الحرب على غزة، فاضطرت لنقل مشروعها إلى الأردن وقبرص واليونان.أما المخرج الفلسطيني بلال الخطيب، فقد واصل تصوير فيلمه الوثائقي “تفكيك” (Unmaking Of) في ظل القصف الذي اجتاح غزة، والتصعيد الذي طال الضفة الغربية، متخذا التصوير مقاومة وتوثيقا وموقفا، يوحي بالإصرار على الوجود الفني في زمن الحرب، فالحرب التي تطغى على كل موضوع وحديث، لا تعني تعطيل الحياة والحلم وإنجاز الأفلام.المخرج الفلسطيني بلال الخطيبوثائقي “تفكيك” (إنتاج فلسطيني ولبناني وفرنسي) صنعته ظروف معينة، جاءت نتيجة انكسار أصاب فريق فيلم آخر، وهو لا يكتفي بوضع المشاهد في قلب الواقع الصعب المحيط بصناعة السينما في فلسطين، بل يوثق أيضا صعوبة إنجاز فيلم في ظل تحول تاريخي ومرحلة فارقة.اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مهرجان الدوحة السينمائي.. انطلاقة طموحة وبناء على التجارب السابقةlist 2 of 4مهرجان الجونة السينمائي الـ7.. أفلام تخطف الأضواء والجوائز وتنصر فلسطين والقضايا العربيةlist 3 of 4مهرجان إدفا.. أكبر فعالية للأفلام الوثائقية عالميا تعلن مقاطعة الأفلام الإسرائيليةlist 4 of 4أفلام فلسطينية ترفع علمها في مهرجان كان السينمائي 2024end of listترافق كاميرا المخرج بلال الخطيب فريق عمل فيلم “اللي باقي منك” في مرحلة التحضير التي تزامنت مع بداية طوفان الأقصى، ولم يكن محور السرد لكنه حضر في خلفية المشاهد، عبر الأخبار التي كان الجميع يتابعها باهتمام واستمرار، مما أضفى على التجربة توترا إنسانيا حقيقيا، بين العمل الفني والواقع المشتعل.ومع تصاعد الأحداث وتوترها أكثر، وجد الفريق نفسه في حالة تأهب مستمرة، محاولا إيجاد حلول بديلة تتيح استكمال التصوير، برغم قسوة الظروف، فمن ذلك الانتقال مؤقتا إلى قبرص، على أن يستكمل التصوير داخل فلسطين عند تحسن الأوضاع.“نتابع الشغل أو نتابع الأخبار”اختير وثائقي “تفكيك” في قسم “عمل جارٍ” (Work in Progress) بمهرجان كان للأفلام الوثائقية 2024، وهو يرصد ما يجري في عدد من البلدات الفلسطينية، التي تشهد حراكا شبابيا ومواجهات مع الاحتلال مثل رام الله ونابلس.تتقاطع المشاهد الميدانية مع يوميات فريق العمل، وتنعكس على وجوه أفراده ملامح التشتت والارتباك، مع توالي التغييرات، وبوادر تعثر تنفيذ خطة التصوير في الضفة الغربية.وثائقيات فلسطينية تحت العملفي هذه اللحظات تبرز عبارة أحد أفراد الفريق: نتابع الشغل أو نتابع الأخبار؟ أنا مش فاهم بصراحة، فقد أصابني القلق.إنها شهادة مكثفة على القلق المزدوج، بين متابعة الحدث ومواصلة التحضير للفيلم، فتغدو التجربة كلها تساؤلا مفتوحا حول معنى الإصرار على صناعة السينما في زمن الحرب، وكيف يمكن للفن أن يظل حيا، وشاهدا على الذاكرة والمقاومة والحلم أيضا، مع هذا يواصل الطاقم إعداد أثاث الفيلم المرهون بتطورات الأوضاع وتبعات الحرب.تقول المخرجة شيرين دعيبس: أريد أن يعلم الجميع أننا سنواصل العمل على الفيلم، تماما كما خطط له، في حيفا ورام الله ويافا ونابلس وأريحا، وإن تعذر التصوير في نابلس أو أريحا بسبب الأوضاع، فسنفكر في خطة بديلة.بداية العدوان.. قصف مستمر على غزةومع ما كان يسود من توتر وترقب، ظل فريق العمل متماسكا، يساند بعضه بعضا بروح جماعية تعكس إيمانا مشتركا بأن الفيلم ليس مشروع المخرجة وحدها، بل رؤية جماعية يؤمن بها الجميع، كما قال أحد أفراد فريق الإنتاج.اشترك فيالنشرة البريديةاشترك في النشرة البريدية وتابع أحدث أفلامنا الوثائقيةوفي خضم تبادل الأحاديث بينها وبين طاقمها، اخترق صوت الطائرات الأجواء، فعم مزيج من القلق والحذر والترقب، ومع توالي الأخبار واحتدام الأوضاع، أخذت ردّات الفعل تتبدل، وتداخلت المشاعر بين الخوف والإصرار، فوجد الفريق نفسه أمام واقع متقلب، وكان يتوقع أن الحرب لن تدوم طويلا، لكنه في الوقت نفسه ظل مشغولا بهاجس واحد، ألا وهو إتمام الفيلم وإخراجه إلى النور، مهما كانت الصعوبات.كان يوم 7 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحظة فارقة يعرفها الجميع، لكن ما تلاها ظل غامضا، مفتوحا على احتمالات لم يتنبأ بها أحد، بل يصعب التنبؤ بها، في تلك الأيام التي اتسمت بالترقب وعدم اليقين.داخل إستوديو التصويرمضى فريق فيلم “اللي باقي منك” في عمله بخطوات حذرة، كمن يسير في ضوء متقطع نحو غاية لا يدري إن كانت قريبة أم بعيدة، وقد استطاع المخرج بلال الخطيب تحويل ذلك الإحساس المعلق إلى لغة بصرية، تجسد الانتظار والثقل النفسي والزمني الذي عاشه الفريق.فالإيقاع الذي يسير عليه وثائقي “تفكيك” لا يأتي من فراغ، بل من تجربة شعورية حقيقية، تتجلى في اللقطات الممتدة، وفي الصمت الذي يملأ الفراغ بين حدث وآخر.بدا الزمن كأنه يتثاقل ويتعثر في مروره، وكأن الواقع نفسه يرفض الانسياب، وذلك يعكس بطء الأحداث، وينقل أيضا التوتر الداخلي الذي يشترك فيه الجميع، مترجما حالة الوجدان الفلسطيني المعلق بين الخوف والرجاء.تعود كاميرا بلال الخطيب إلى الشغور الذي أعقب الحركة، وإلى الصمت الذي يسكن الأمكنة بعد انطفاء الأضواء وخلوها من حيوية من كانوا فيها، فبعد انتقال فريق التصوير إلى قبرص، بقي عدد قليل من العاملين في الفضاءات، التي كانت تحتضن الاجتماعات وتنجز فيها الأثاثات يوما.واقع لم تقاومه ملامح فريق كان يحلم بميلاد فيلم فلسطيني جديد، لكن الفقد في خان يونس وغزة وبعض البلدات وحالة الانكسار كانت أكبر من أن تلتقطها كاميرا الخطيب.“الجدران في فلسطين” تدوينة أصحاب الأرضيختتم الوثائقي كما بدأ، بمشهد يفيض بالدلالات البصرية والرمزية، بالعودة إلى الكتابات الجدارية التي شكلت مدخل الفيلم ومفتاح قراءته، فالعبارات التي تتوزع على الجدران مثل “فلسطين باقية من بحرها إلى نهرها”، “نموت واقفين ولن نركع”، “فلسطين لن ننساك ولن نرضى وطنا سواك”، “كل الذي تبقى منك اللي باقي منك”.إنها ليست شعارات عابرة، بل تمثل في السياق الفلسطيني أحد أشكال التعبير السياسي والجمالي والمقاوم في آن واحد، فالجدران هنا تصبح تأريخا بصريا للذاكرة والصمود والنضال، وفضاء يدون ما تعجز اللغة عن قوله واحتوائه. إنها كتابات تقاوم المحو، وتعيد امتلاك الأرض بالحبر والحجر، فتغدو الكلمة نفسها فعلا من أفعال البقاء، لا أثرا لغويا على سطح المدن.في ورشة تحضير المواد اللازمة للفيلمفي فلسطين تحديدا، لا يشبه التعبير الجمالي المقاوم ما هو مدون على جدران العالم، لأن الكتابة ليست زينة، بل وجود في مواجهة العدم، وتفريغ لحالة شعورية جماعية وفردية، والجدار في فلسطين ليس حدا للعزل كما أراده الاحتلال الصهيوني، بل فضاء للتعبير وشاهد على الحقيقة وإصرار على الوجود.اختار المخرج أن يعود في المشهد الختامي إلى الكتابة على الجدار، عودة تتجاوز حدود التكرار البصري، لتصبح تذكيرا وتأكيدا على استمرارية المقاومة، تلك التي لا تنتهي بانقضاء زمن الفيلم، بل هي ممارسة يومية قابلة للاستمرار.وفي لقطة مشبعة بالرموز، تتكثف الدلالات حول أحد أفراد فريق العمل، وكان قد استسلم للصمت والهدوء، بعدما عبر سابقا عن وجعه مما أصاب القطاع وكثرة عدد الشهداء والمصابين، وعن خيبة أمله من تعثر الفيلم الذي كان ينتظر منه الكثير لأجل قصص الفلسطينيين.الرحيل نحو قبرصوبينما انصرف الجميع بقي هو، جلس على الأرض يدخن سيجارته، وخلفه جدار يختزل عبارة “كل الذي تبقى منك.. اللي باقي منك”، اللقطة هنا تتجاوز بُعدها الواقعي، لتصبح بيانا بصريا عن الفقد والخيبة والمقاومة.أما الصمت الذي يملأ الإطار فلا يُقرأ فراغا، بل خطابا يعبر عن المقاومة بالصمت كما بالكلم، وجلوسه على الأرض -وهو صاحبها ومالكها- لا يُفهم استراحة، بل أحقية في المكان الذي لا يغادره صاحبه، ليغدو في هذا الإطار حارسا للمشروع السينمائي، ينتظر ما ستسفر عنه الأوضاع والتحولات في قادم الأيام.فبعدما تفرق الطاقم، اتجه بعضهم إلى قبرص لبدء التصوير، وبقيت قلة في فلسطين، أما العبارة على الجدار، فهي تختزل جوهر التجربة الفلسطينية، برغم كل ما فقد، فما زال هناك بعض ما بقي، وما زال الجزء الأصيل يقاوم الفناء، لا يتلاشى بل يواصل المقاومة بالصبر وعدالة القضية، وذلك فعل يومي متجدد.هذه الرؤية والاشتغال العميق على الصورة والمعنى، لا يمكن فصله عن خلفية مخرج “تفكيك” وتجربته الفنية، فبلال الخطيب الحامل لشهادة بكالوريوس في الإعلام والتلفزيون، ينتمي إلى جيل سينمائي شاب، صاغ تجربته بين شغف الصورة وصدق الحكاية، فقد بدأ مسيرته المهنية مصورا ومدير إضاءة، ثم وجد في الإخراج فضاءه الإبداعي الأوسع.وكان قد أنجز أفلاما وثائقية وقصيرة شقت طريقها إلى مهرجانات عالمية، من أبرزها مهرجان “كليرمون فيران” الدولي للأفلام القصيرة، ونال فيلمه “فلسطين 87” نجاحا ورواجا لافتا بحصده “التانيت الذهبي” في أيام قرطاج السينمائية، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان القدس العربي للفيلم.وفي رصيده فيلمان قصيران، هما “بلياردو” (2016)، و”وجهة نظر أخرى” (2018)، ويشتغل الآن على فيلمه الروائي الطويل الأول، ويتابع في الوقت نفسه دراساته العليا لنيل الماجستير في السينما.التجربة الفلسطينية تعيد تعريف وظيفة الكاميرا في زمن الحربكل فيلم يقودنا إلى تسليط الضوء على تجارب سينمائية ووثائقية فلسطينية سابقة، بعضها تعثر، والبعض الآخر استطاع إعادة تفسير وظيفة الكاميرا في زمن الحرب، وتكرار هذه التجارب يدفعنا إلى إعادة النظر في ماهية السينما وجدوى الكاميرا وسط الحروب والأزمات.ففي قلب الحصار الخانق الذي فرض على سكان غزة، وبين قصف الطائرات والاجتياح والاعتداءات المستمرة، وُلدت أفلام “المسافة صفر”؛ وهي أفلام خرجت من رحم المعاناة، لتوثق سرديتها من داخل القطاع.كان المكان واحدا والروايات متقاربة والزوايا مختلفة نسبيا، لكن أصحابها لم ينتظروا أن يأتي أحد من الخارج ليأخذ شهاداتهم، بل بادروا بأنفسهم إلى توثيق واقعهم، حاملين الكاميرا بيد وقلوبهم على كف الخطر.اقتحامات الجيش الإسرائيلي، معايشة الناس اليوميةإنها خطوة لا يمكن وصفها إلا بالشجاعة، فليس هينا أن يوثق مواطن مشهدا من مشاهد الحرب، وحياته مهددة وجسده منهك من الجوع والنزوح، وروحه معلقة بين البقاء والرحيل، ففي غزة ليست الحكاية عن شهداء وضحايا فحسب، بل عن قصص أصحاب الأرض ونضالهم ومعركة حق ووجود.مشروع “من المسافة صفر” الذي أشرف عليه فنيا المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، ضم في بدايته 22 فيلما، وقد عرضت هذه القصص غير المحكية في أكثر من 300 مهرجان دولي، ووصل المشروع إلى القائمة القصيرة للأوسكار.إنها خطوة تؤكد مرة أخرى أن الكاميرا قادرة على نقل نبض الحياة والمعاناة من بين الركام، حتى في أقسى الظروف، فغزة التي طمس القصف ملامحها، بقيت حاضرة وموثقة في عدسات الإعلاميين والسينمائيين، الذين جعلوا الصورة ذاكرة مضادة لتزييف الحقيقة والنسيان.من هنا تتجلى أهمية التوثيق البصري بوصفه شكلا آخر من أشكال المقاومة، يحفظ الملامح ويعيد للإنسان مكانه في سياق الحكاية، وقد يتساءل كل من شاهد هذه الأفلام: أما يزال أصحابها أحياء، أم أصبحوا في عداد الشهداء؟ومن صلب هذه المبادرة برز مشروع آخر تحت مسمى “المسافة صفر وأقرب”، ويتكون من 8 أفلام وثائقية قصيرة ووثائقيين طويلين، يواصل بها عدد من السينمائيين في قطاع غزة توثيق واقعهم اليومي، وتجاربهم الإنسانية تحت القصف، لصون الذاكرة الحية ونقل صورة الحياة وسط الدمار.حوار حول توقف العمل في الفيلموفي ظل غياب الدعم الحكومي، وافتقار السينما الفلسطينية إلى صناديق وطنية وإستوديوهات مجهزة، وجد المخرج الفلسطيني حنا عطا الله نفسه أمام حاجة ملحة لبناء بنية تحتية تحفظ استمرارية الحكاية البصرية الفلسطينية، تحفظ الذاكرة وتدافع عن الهوية، فأسس عام 2014 مشروع “فيلم لاب فلسطين”، ليكون مبادرة تهدف لتمكين الجيل الجديد من صناع الأفلام، ومنحهم فضاء إنتاجيا ومهنيا مستقلا.وكان يرى أن المشروع ليس مجرد منصة لإنتاج الأفلام، بل رؤية متكاملة تهدف إلى بناء بنية تحتية متينة للسينما الفلسطينية، تعزز حضورها وتمنح صناعها الأدوات اللازمة، للتعبير عن قصصهم بصدق واحترافية.لهذا عمل على إنشاء إستوديوهات للألوان والصوت وغرف مونتاج متطورة، وسعى لتوفير معدات وتقنيات لم تكن متاحة من قبل في فلسطين، إدراكا منه أن تطور السينما يبدأ من تأسيس قاعدة إنتاجية صلبة.كما كان يؤمن بأن كل فيلم ينجزه “فيلم لاب فلسطين” هو شكل من أشكال المقاومة الثقافية، ومحاولة لتثبيت السردية الفلسطينية، في وجه المحو والتزييف، فالسينما وسيلة الفلسطينيين للقول “كنا هنا وما زلنا وسنبقى”.السينما الفلسطينية.. مقاومة بالبدائل المستقلةبرزت في السنوات الماضية مبادرات نوعية، تسعى إلى إيجاد مساحات بديلة للدعم والإنتاج، تحفظ له استقلاله، وتضمن استمراره، وكانت تلك المبادرات حلا عمليا لإيصال السينما الفلسطينية إلى العالم، وتعزيز إنتاجها المستقل.ومن أبرزها تأسيس معهد الفيلم الفلسطيني عام 2019، وهو مؤسسة مستقلة غير ربحية، أطلقتها مجموعة من صناع السينما في فلسطين وفي الشتات، لتطوير الصناعة السينمائية الفلسطينية، وحماية إرثها البصري والسردي.يضم المعهد فريقا تطوعيا من المحترفين، يعمل على تدريب الشباب والمبدعين وتأهيلهم، ناهيك عن دعم إنتاج الأفلام والترويج لها على المستويين المحلي والدولي.أنا في حالة من اليأس الشديد بسبب كل ما يحدثكما أطلق المعهد “منصة الفيلم الفلسطيني”، وهي فضاء رقمي مفتوح، يتيح للجمهور حول العالم مشاهدة أفلام فلسطينية أو أعمال عن القضية الفلسطينية، في خطوة تهدف إلى نشر الرواية الفلسطينية، وتثبيت ذاكرة الشعب البصرية بلغة السينما.وفي عام 2025، وسع المعهد نشاطه بإطلاق مبادرة جديدة، حملت اسم “صندوق الفيلم الفلسطيني”، وهي آلية تمويل مخصصة لدعم صناع السينما الفلسطينيين في فلسطين وخارجها، بغض النظر عن أماكن إقامتهم أو جنسياتهم.يهدف الصندوق إلى تمكين المخرجين الفلسطينيين من استعادة زمام السرد البصري، وتوفير الموارد التي تساعدهم على إنتاج أفلام تعبر عن رؤيتهم وتجاربهم الذاتية، بعيدا عن الإملاءات الخارجية.هل سنتابع العمل أم سنابع الأخبار؟ لم أعد أعرف، أنا قلق حقاويحظى الصندوق بدعم مؤسسات سينمائية دولية عدة، منها صندوق “بيرثا” التابع لمهرجان أمستردام للأفلام الوثائقية، ومؤسسة الدعم الإعلامي الدولي، والصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، ومؤسسة “إيريس”.كما يقدم منحا مالية تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف يورو، تشمل مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج للأفلام القصيرة والطويلة، مع إعطاء الأولوية للمشاريع المنفذة داخل فلسطين، أو في البيئات التي تواجه فيها الأصوات الفلسطينية صعوبات في الوصول إلى التمويل.بهذه المبادرة، يواصل معهد الفيلم الفلسطيني بناء شبكة متنامية من الشركاء المحليين والدوليين، وتعزيز بنية تحتية للسينما الفلسطينية المستقلة، بما يسهم في ترسيخ حضورها في المشهد العالمي، وجعل السينما وسيلة لحفظ الذاكرة ومقاومة التهميش والمحو، بذاكرة بصرية حية توثق التجربة الفلسطينية من داخلها.الاستعداد للرحيل إلى قبرصولئن شكلت مبادرات الدعم والإنتاج خطوة حيوية، لترسيخ حضور السينما الفلسطينية وضمان استمرارها، فإن الواقع الميداني في الأراضي الفلسطينية المحتلة ما يزال يشكل التحدي الأكبر أمام هذه الجهود.فإنتاج الأفلام هناك يصطدم بواقع آخر، وظروف قاسية تتعلق بالأوضاع الأمنية، والانقطاعات المتكررة للكهرباء والاتصالات، وصعوبة التنقل والتصوير، وتزداد الصعوبات مع التعقيدات الإدارية في استخراج التصاريح.كل هذا قد يؤخر سير الإنتاج ويمكن أن يوقفه بالكامل، فضلا عن التضييق الذي يطال صناع الأفلام في مراحل العمل، ومع ذلك يصر المخرجون الفلسطينيون على إنجاز أفلامهم وتوثيق حكاياتهم، في مشهد يؤكد أن السينما الفلسطينية تولد من قلب التحدي، وتحيا بالإرادة والمقاومة البصرية.ومع قلة الإمكانيات وصعوبة تأمين التمويل، تواصل السينما الفلسطينية حضورها اللافت في كبرى المهرجانات السينمائية العالمية، ويسعى مخرجون فلسطينيون إلى تكثيف البعد الإنساني في أعمالهم، وإبراز سرديتهم بما تحمله من صمود وذاكرة وهوية، وبوصف السينما مقاومة، والمقاومة في فلسطين سلوك فطري وفعل يومي.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





