ألمانيا ـ تصاعد العنف الأسري ضد النساء والملاجئ الآمنة مكتظة – DW – 2025/12/23

ما زال العنف ضد النساء في ألمانيا مستمراً ويزداد عاماً بعد عام، فبحسب التقرير الأخير الصادر عن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، ارتفعت نسب العنف ضد النساء على مختلف الأصعدة، بدءًا من العنف المنزلي مروراً بالعنف الجنسي والعنف الرقمي وصولاً إلى الاتجار بالبشر.

في عام 2024 تم تسجيل 187.128 حالة عنف أسري في ألمانيا، وهي زيادة بنسبة 3.5 بالمئة عن العام السابق، تُمثّل النساء نحو 80 بالمئة من ضحايا العنف الأسري.

كما سجلت الشرطة 308 حالات قتل لنساء في سياق العنف الأسري، واللافت أن حالات القتل قد انخفضت بمقدار 32 حالة عن العام الماضي، أي بنسبة 9.4 بالمئة.

وبهذا الصدد تقول وزيرة شؤون المرأة والأسرة، كارين برين: "هذا يعني أن 15 امرأة يتعرضن للعنف الأسري كل ساعة في ألمانيا"، وتؤكد أن هذه الأرقام لا تُظهر سوى الحالات المُبلّغ عنها. ويُرجّح الخبراء أن أقل من 5 بالمئة من حالات العنف من قِبل الشركاء السابقين يتم الإبلاغ عنها. وبالتالي، فإن النطاق الفعلي للعنف ضد المرأة أعلى من ذلك بكثير.

العنف تجاه المرأة يزداد في نهاية كل عام، في فترة الأعياد تحديداً، وبحسب نافينا رايشاردت، الأخصائية الاجتماعية في جمعية "مساعدة النساء المحتاجات - ملجأ بون للنساء، فإن ظروف السكن المكتظة، والعطلات، وانقطاع الدراسة أو العمل في فترة الأعياد يزيد من حدة العنف ضد المرأة.

بيوت النساء لم تعد قادرة على استيعاب المُعنّفات

بيوت النساء هي الملجأ الأكثر أماناً للنساء اللواتي يتعرضنَ للعنف، يبلغ عددها في ألمانيا 400 ملجأ، وبحسب إحصاءات "اتحاد بيوت النساء" في ألمانيا لجأت نحو 14 ألف امرأة وأكثر من 15 ألف طفل إلى بيوت النساء في عام 2024.

ولكن حتى "بيوت النساء" في ألمانيا لم تعد قادرة على استيعاب كافة المتضررات. قالت رايشاردت في مقابلة مع DW: "نضطر لرفض استقبال النساء أو العائلات بشكل شبه يومي، ليس لعدم حاجتهن للحماية، بل لأن ملجأنا مكتظ تماماً".

وتضيف رايشاردت أنه في أغلب الأحيان تتم إحالة النساء العازبات أو الأمهات وأطفالهن إلى مدن وولايات أخرى، وهو ما وصفته رايشاردت بأنه أشبه "بإعادة النساء إلى دوامة العنف".

كما أكد اتحاد بيوت النساء في ألمانيا أن ثلثي المتضررات لا يستطعن إيجاد مكان في ملاجئ النساء بالقرب منهن، مما يضطرّهن إلى السفر إلى مدن ومناطق بعيدة. وأضاف التقرير أنه ما تزال واحدة من كل أربع ضحايا للعنف تقريباً مضطرة لدفع تكاليف إقامتها في ملاجئ النساء بنفسها.

وبناءً على متطلبات اتفاقية إسطنبول فيما يخص منع ومكافحة العنف ضد المرأة، هناك نقص يزيد عن 12 ألف مكان إيواء في بيوت النساء في ألمانيا.إعلان

ماذا تقدّم ملاجئ النساء؟

من داخل ملجأ النساء المستقل في مدينة بون قالت سونيا غرافشافت، إحدى العاملات في الملاجئ لـ DW: "عندما يتوفر مكان، يُشغل عادةً في غضون ساعة إلى ساعتين"، وأضافت أنه لا يمكن وضع قوائم انتظار؛ لأن وضع العديد من النساء غير مستقر وخطر. "التفكير في انتظار مكان للحماية لمدة أسبوعين أمر لا يمكن للعديد من النساء تحمله".

ومن ثم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة، مثل تقييم المخاطر، وتطبيق تدابير الحماية، واتخاذ الإجراءات القانونية، توضح سونيا غرافشافت: "تتحدث العديد من النساء هنا لأول مرة عما مررن به"، وتُعدّ سرية هوية الملاجئ أمراً بالغ الأهمية: "فقط عندما يشعرن بالأمان التام يُمكنهن البدء في الحديث".

بالنسبة للأطفال يتم توفير الحماية والهدوء لهم في ملاجئ النساء، وتقول رايشاردت الأخصائية الاجتماعية إنهم يأتون من ظروف شديدة التوتر"، وتضيف: "يختبر الكثيرون منهم السلام هنا لأول مرة"، مشيرةً إلى أن الأمر لا يتعلق بالصمت، بل بالراحة النفسية التي يشعر بها الأطفال.

تحديات أكبر أمام النساء من خلفيات مهاجرة

تواجه النساء من خلفيات مهاجرة صعوبات أكثر في الحصول على مساعدة عند التعرض للعنف، فحواجز اللغة، ونقص المعرفة بنظام الدعم، وشبكة العلاقات الاجتماعية الصغيرة في كثير من الأحيان، تُصعّب الوصول إلى هذه الخدمات.

تقول غرافشافت: "إن الحديث عن العنف صعب بما فيه الكفاية، كما أن القيام بذلك بلغة أجنبية أسوأ بكثير، بل يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة لكثير من النساء".

ولهذا عند التعرّض للعنف يمكن الاتصال بخط المساعدة "العنف ضد المرأة" على الرقم 116016، حيث يتم تقديم استشارات مجانية وسرية للنساء على مدار الساعة، بـ 18 لغة، اللغة العربية واحدة منها. وفي الحالات الطارئة وحالات الخطر يمكن الاتصال على الرقم 110 ((رقم طوارئ الشرطة).

عوائق أخرى تحدّ من استفادة بعض النساء من بيوت النساء، مثل القيود المالية والقانونية، فبحسب نموذج التمويل، لا يُمكن قبول جميع النساء، كالطالبات أو النساء اللواتي لا يملكن إقامة دائمة، إذ يلعب الدخل والوثائق التي تملكها المرأة دوراً كبيراً في قبول دخولها لملاجئ النساء من عدمه، بحسب نافينا رايشاردت من منظمة "مساعدة النساء المحتاجات".

أعدته للعربية: ميراي الجراح

في يوم مناهضة العنف ضد المرأة.. احتجاجات حول العالممنذ أكثر من خمسين عام يتم إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر. في هذا العام ومثل كل عام هناك احتجاجات ونشاطات عديدة بهذه المناسبة حول العالم.صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa11 صورة