هل كانت تحويلات السوريين في الخارج طوق النجاة للاقتصاد بعد سقوط الأسد؟

بعد مرور عام كامل على سقوط نظام الأسد وبدء مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، يشهد الاقتصاد السوري تحولًا ملحوظًا تقوده تدفقات مالية ضخمة من المغتربين السوريين، مما يبعث الأمل في استعادة العافية المالية بعد سنوات من الشلل الاقتصادي والعقوبات الخانقة.
فقد كشف محافظ مصرف سوريا المركزي، عبدالقادر الحصرية، أن تحويلات السوريين في الخارج بلغت ما يقرب من أربعة مليارات دولار خلال هذا العام وحده، وهو ما يمثل شريان حياة حقيقيًا يغذي الجسد المالي للبلاد، ، وفق تصريحات خاصة لـ “العربية Business”.
مغتربون ينعشون الاقتصاد
هذا الدعم الكبير وغير المسبوق من المغتربين لم يقتصر تأثيره على ضخ السيولة فحسب، بل ساهم بشكل فاعل ومباشر في تعزيز الاستقرار المالي الكلي، وتحريك سعر الصرف نحو مستويات أكثر واقعية، وتحسين مؤشرات التضخم التي كانت قد وصلت إلى مستويات قياسية.
ويأتي هذا التحول في وقت تتطلع فيه سوريا بجدية لإعادة الاندماج في النظام المصرفي العالمي، منهية بذلك عزلة فرضتها سنوات طويلة من العقوبات الدولية القاسية التي أدت إلى تدهور القطاع المالي.
وبشكل أكثر تفصيلًا، أكد الحصرية أن الأربعة مليارات دولار، التي تدفقت منذ انهيار النظام، مثلت دفعة قوية للاقتصاد المحلي، مشددًا على أن هذه الأموال قد عززت بشكل مباشر السيولة المتاحة بالدولار، مما أتاح المجال لتحسين ملموس في القدرة الشرائية للمواطنين، حيث باتت الأسواق أكثر استقرارًا نسبيًا مقارنة بالفترة الماضية.
الليرة تنتعش تدريجيًا
النتائج المباشرة لهذا التدفق الدولاري بدأت تظهر جليًا في الأداء الاقتصادي الكلي، فقد لفت محافظ المركزي إلى أن الليرة السورية شهدت تحسنًا بنحو 30 بالمئة، مع تذبذب محدود يراه المحافظ “ضمن حدود صحية”، مما منح العملة الوطنية استقرارًا نسبيًا بعد سنوات من الانخفاض الحاد والمستمر في قيمتها.
لعل المؤشر الأبرز على تحسن الأوضاع هو الكشف عن تراجع معدل التضخم في سوريا من مستواه الكارثي الذي بلغ 170بالمئة عشية سقوط النظام إلى 15بالمئة حاليًا، هذا التراجع الهائل يعكس تحسنًا مباشرًا في القدرة الشرائية للمواطنين وبداية لضبط الأسواق المحلية.
وعلى صعيد السياسة المصرفية، أفاد الحصرية بأن رفع بعض العقوبات، حتى لو كانت جزئية، قد ساهم بشكل محوري في عودة النظام المصرفي السوري نحو الاندماج التدريجي مع القطاع المصرفي العالمي.
رؤية جديدة لإدارة المالية العامة
أوضح الحصرية أن التركيز الحالي في المصرف المركزي ينصب على إدارة القطاع المالي وفق رؤية متكاملة ومنهجية، هدفها الأسمى الابتعاد عن اتخاذ القرارات العشوائية التي كانت سمة المرحلة السابقة، وتتمحور هذه الرؤية حول حماية ودائع البنوك الخاصة وتعزيز الثقة المفقودة في النظام المالي السوري ككل، مما يمهد الطريق لاستعادة علاقات المراسلة المصرفية الدولية.
وفي إطار الاستعداد للمستقبل، يتوقع حاكم مصرف سوريا المركزي أن استمرار تحويلات ودعم المغتربين سيعمل على تعزيز النشاط الاقتصادي بصورة أكبر، ويسرع من اندماج البنوك السورية مع النظام المالي العالمي، وهو ما يعد مفتاحًا لجذب استثمارات جديدة ضرورية لإعادة الإعمار.
وفي خطوة مهمة لتعزيز البنية التحتية المالية، يعمل المصرف المركزي السوري – وفق الحصرية – على تحديث نظم المدفوعات الإلكترونية بالتعاون مع شركات عالمية رائدة مثل “ماستركارد” و “فيزا”، هذا التحديث يهدف إلى تسهيل العمليات المالية للمواطنين والشركات على حد سواء، والأهم من ذلك، تعزيز الشفافية والامتثال للمعايير الدولية، وهما شرطان أساسيان لأي اندماج عالمي ناجح.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





