يتطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع من استيعاب تفاصيل وأوجه هذا التطور.
فما أن يتم الإعلان عن التوصل لعتبة جديدة في هذا المجال ويبدأ الناس في محاولة فهم واستيعاب هذه النجاحات، حتى يعلن عن عتبة أعلى وأحدث.ويبقى البشر متابعين لأخبار الذكاء الاصطناعي، كأحد أكثر الاختراعات تأثيرًا في حياة البشر، بينما تتراوح مشاعرهم بين الأمل والخوف في آنٍ واحد. ففي حين يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تسهيل الحياة اليومية وتحقيق إنجازات طبية وعلمية غير مسبوقة، يتزايد الجدل حول مخاطره على الاقتصاد، الخصوصية، والتعليم، وحتى الأمن الاجتماعي.وتحت عنوان "صديق أم عدو: الذكاء الاصطناعي ومستقبل الحوكمة والمجتمعات والثقافة"، تستضيف فعاليات اليوم الختامي لـ"منتدى هيلي" المنعقد في أبوظبي. وتتناول هذه الجلسة أثر الذكاء الاصطناعي على المجتمعات والحوكمة والثقافة، وتطرح أسئلة حول التوازن بين الاستفادة من هذه التقنيات والحفاظ على القيم الإنسانية.الذكاء الاصطناعي يهيمن على قائمة Cloud 100 لعام 2025«منتدى هيلي 2025».. أجندة زخمة ترسم ملامح النظام العالمي الجديدجذور الذكاء الاصطناعي أقدم مما نتصور
ورغم أن مصطلح "الذكاء الاصطناعي" صيغ لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي على يد عالم الحاسوب جون مكارثي، فإن فكرة خلق كائنات ذكية اصطناعية تعود إلى آلاف السنين. وتقول الباحثة والمؤرخة في جامعة ستانفورد، أدريان مايور، إن الأساطير القديمة، خاصة الإغريقية، تحدثت عن روبوتات خيالية مثل "تالوس" و"خادمات هيفايستوس الذهبيات"، مما يعكس التصور البشري المبكر عن الكائنات الاصطناعية. إلا أن نهاية تلك الأساطير غالبًا ما كانت مأساوية، في تلميح مبكر لما قد يحدث إذا فاقت الآلة قدرة الإنسان.
قفزات تكنولوجية عبر العقود
وشهد الذكاء الاصطناعي تطورًا كبيرًا منذ إنشاء اختبار البريطاني آلان تورينغ عام 1950 لقياس قدرة الآلة على "التفكير". وخلال العقود التالية، تنوعت تطبيقاته من برمجة الحواسيب إلى الألعاب والشطرنج، وصولًا إلى استخدامه في الطب، النقل، الأمن، والتسويق. وتسارعت وتيرة التقدم مع تحسّن قدرات التخزين والمعالجة في الحواسيب، ما مهد الطريق لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT وDALL·E.
الوجه الإيجابي للذكاء الاصطناعي
ويرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة قوية لتحسين جودة الحياة، سواء عبر تسهيل الأعمال اليومية أو من خلال التطوير في المجال الصحي. على سبيل المثال، يمكن للتطبيقات الذكية أن تتنبأ بالحالة الصحية للمريض، وتساعد الأطباء في تشخيص الأمراض بدقة أعلى، بل وحتى إجراء العمليات الجراحية الروبوتية.وفي مجال التعليم، تُمكّن أدوات مثل ChatGPT الطلاب من فهم المواد بشكل أفضل، عبر تقديم شروحات فورية وموارد تعليمية مخصصة. أما في ميدان العمل، فتقوم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بإدارة الوقت، جدولة الاجتماعات، وتوفير ملخصات للمراسلات اليومية، مما يزيد من إنتاجية الموظفين.ولذوي الاحتياجات الخاصة، يُعد الذكاء الاصطناعي بمثابة ثورة في إمكانية الوصول، حيث تساعد تقنيات القراءة الصوتية وتحليل الصور المكفوفين، وتُستخدم أوامر الصوت لتسهيل التحكم بالأجهزة المنزلية، بينما تُستخدم برامج متقدمة لتحسين التواصل لدى من يعانون من صعوبات في النطق أو الحركة.أما في أماكن العمل، فتوفر تقنيات الذكاء الاصطناعي أدوات أمان متقدمة، مثل برامج فحص معدات الحماية الشخصية أو استخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة مواقع البناء الخطرة.ويؤكد خبراء مثل ليو إس. لو، عميد جامعة نيو مكسيكو، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون "شريكًا بحثيًا" موثوقًا، لا سيما في جمع المعلومات، تلخيص البيانات، وتحليل الأدبيات الأكاديمية. كما يساعد الباحثين على عبور الفجوات بين التخصصات، واستخلاص أنماط لا يمكن ملاحظتها بسهولة.الجانب المظلم للتكنولوجيا
لكن في المقابل، يرى المنتقدون أن الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته تهديدات اقتصادية كبيرة. ففي ظل قدرته على تنفيذ المهام دون توقف أو مقابل مادي، أصبح يشكل خطرًا على سوق العمل، خاصة في الصناعات التي يمكن أتمتتها مثل البيع بالتجزئة والضيافة، ما يؤدي إلى فقدان الوظائف وزيادة التفاوت الطبقي.كما يُحذر خبراء التعليم من اعتماد الطلاب المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي قد يُضعف مهاراتهم في التفكير النقدي والبحث، ويحول العملية التعليمية إلى مجرد نقل معلومات.ومن أبرز الانتقادات الموجهة للذكاء الاصطناعي هو استنساخه للعنصرية والتحيزات الموجودة في البيانات التي يتم تدريبه عليها. وكشفت دراسات أن تقنيات التعرف على الوجه تخطئ في التعرف على النساء السوداوات بنسبة تصل إلى 35%، وتُستخدم بشكل مفرط في مراقبة المجتمعات المهمشة.وفي الولايات المتحدة، استخدمت خوارزميات المحكمة لتصنيف المخاطر بشكل غير عادل ضد المتهمين من ذوي البشرة السوداء. وفي الصين، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتتبع أقلية الإيغور المسلمة، ما يُعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان.الخصوصية والمعلومات المضللة
يرتبط الذكاء الاصطناعي أيضًا بمخاطر على الخصوصية. كاميرات المنازل الذكية، مثل "Ring"، أصبحت أدوات مراقبة محتملة بيد الشرطة، بينما تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين وبياناتهم الشخصية لأغراض تجارية وحتى سياسية.وتزداد المخاوف من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نشر المعلومات المضللة. فقد تسبب خبر زائف حول انفجار قرب البنتاغون في تقلبات في سوق الأسهم، وانتشرت صور مفبركة باستخدام الذكاء الاصطناعي لشخصيات بارزة. ومع القدرة على تقليد الأصوات والوجوه، تصبح الخدع العميقة (Deepfakes) تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية والأمن القومي.سلطان النعيمي: «منتدى هيلي» يهدف لإيجاد حلول لأزمات المنطقة والعالموكان المفكر والمؤرخ يوفال نوح هراري قد دعا إلى حظر "البشر المزيفين" الذين ينتحلون شخصيات بشرية عبر الإنترنت، مطالبًا بوضوح هوية الذكاء الاصطناعي في أي تفاعل. وفي مايو/أيار 2023 قدم الرجل الذي يُعرف على نطاق واسع بـ"الأب الروحي للذكاء الاصطناعي"، جيفري هينتون، استقالته من شركة غوغل، محذرًا من المخاطر المتزايدة المرتبطة بالتطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي بيان لصحيفة نيويورك تايمز، أعلن هينتون، البالغ من العمر 75 عامًا، أنه يشعر الآن بـ"الندم" على بعض ما ساهم فيه خلال مسيرته الطويلة في هذا المجال، مشيرًا إلى قلقه المتزايد من تأثيرات التكنولوجيا التي ساعد في تطويرها.وفي مقابلة لاحقة مع هيئة الإذاعة البريطانية، وصف هينتون بعض خصائص برامج الذكاء الاصطناعي الحديثة مثل Chatbots بأنها "مخيفة للغاية"، قائلاً: "في الوقت الراهن، لا أعتقد أنها أكثر ذكاءً منّا، لكنني أعتقد أنها ستتفوق علينا قريبًا."ومع ذلك فالذكاء الاصطناعي ليس خيرًا مطلقًا ولا شرًا محضًا، بل هو أداة قوية تعكس نوايا من يستخدمها. وما بين تعظيم الفوائد وتجنب المخاطر، يبقى التحدي الأكبر هو الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، ضمن أطر أخلاقية وقانونية تحمي الإنسان ولا تستبدله.الدعوة إلى لوائح وتشريعات
وفي سبتمبر/أيلول 2023، أكّد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، وجود "إجماع ساحق" على ضرورة تنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي، وذلك عقب اجتماع رفيع المستوى عقد في واشنطن وضم كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، لمناقشة المخاطر والتحديات المرتبطة بهذه التقنية المتسارعة.وشارك في الاجتماع، الذي أُجري خلف أبواب مغلقة، كل من مارك زوكربيرغ (ميتا)، ساندر بيتشاي (غوغل)، بيل غيتس وساتيا ناديلا (مايكروسوفت)، بالإضافة إلى عدد من المشرّعين الأمريكيين.تناولت النقاشات التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بالاستخدامات الخبيثة، والتأثير على سوق العمل، وانتشار المعلومات المضللة. وحذر ماسك من خطورة الذكاء الاصطناعي إذا تُرك دون رقابة، مشددًا على الحاجة إلى "حكّام" يراقبون تطوره، كما هو الحال في مباريات كرة القدم.من جانبه، صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن أيه آي"، أن الاستخدام الخاطئ للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى "عواقب وخيمة"، داعيًا إلى التعاون مع الحكومات لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا. وقد سبق له أن أدلى بشهادة أمام الكونغرس في مايو/أيار 2023 حذّر خلالها من هذه المخاطر.من جانبه، شدد مارك زوكربيرغ على أهمية أن تتولى الشركات الأمريكية، بالتعاون مع الحكومة، مسؤولية وضع المعايير التي تنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن التوازن بين الابتكار والضوابط.ورغم الاتفاق على أهمية التنظيم، أقر بعض المشرّعين، مثل مايك راوندس وكوري بوكر، بأن إصدار تشريعات فعالة لا يزال تحديًا، وأن الكونغرس ليس مستعدًا بعد للتحرك الفعلي في هذا الاتجاه. aXA6IDY1LjEwOS42MC4yMzIg جزيرة ام اند امز
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

رقم خيالي.. النصر يتحمل
منذ دقيقة واحدة

سيارة BYD الكهربائية الجديدة تصل لسرعة 472 كم/س
منذ دقيقة واحدة