لم تعد قصة الاقتصاد الإماراتي تُروى من فوهة بئر نفط، بل من خرائط استثمار تمتد عبر العالم، حيث تحوّل الذهب الأسود من بطل المشهد إلى خلفية، وتقدّم الاستثمار بوصفه العنوان الأبرز لمرحلة جديدة تُدار بعقل استراتيجي لا ينتظر المفاجآت بل يصنعها.لفتني قبل أيام تقرير نشرته صحيفتنا، أفاد بأن دولة الإمارات لم تعد تكتفي بعوائد النفط بوصفها ركيزة للاقتصاد، بل باتت تحصد من استثماراتها الخارجية عائدات سنوية تزيد بأكثر من الثلث على عائدات الذهب الأسود، لتتجاوز 125 مليار دولار سنوياً، مقابل نحو 95 مليار دولار من عائدات النفط، في دلالة واضحة على تحوّل استراتيجي عميق لا يُقاس بالأرقام وحدها، بل باتجاه البوصلة الاقتصادية.ثمة حقيقة لا يعرفها كثيرون، وهي أن شبكة الاستثمارات الإماراتية، الممتدة من عواصم العالم الصناعي إلى أسواق الدول النامية، لا تعمل كأرقام صامتة في دفاتر المال، بل كعصب حيّ في شرايين الاقتصاد العالمي، من الطائرات إلى السيارات، ومن الغذاء إلى الدواء، ومن أعماق المناجم إلى رحابة الفضاء، ومن قاعات التعليم إلى مختبرات التقنية، مروراً بالذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والاستدامة، حيث تُكتب فصول الاقتصاد الجديد.عندما تبلغ العائدات السنوية للصناديق السيادية الإماراتية نحو 125 مليار دولار، فهذا يعني أن إجمالي أصولها يلامس 1.5 تريليون دولار، لتقف الإمارات على منصة الكبار في عالم المال والاستثمار، بثقة من يعرف طريقه، ويستثمر، لا بعجلة الطارئ، بل بصبر الباني وحكمة الاستراتيجي.ولا يقتصر هذا الحضور على العائد المالي، بل يمتد إلى نفوذ اقتصادي ناعم، يجعل من الاستثمارات الإماراتية جسوراً تمتد إلى سلاسل الإمداد العالمية، ومفاتيح تفتح أبواب الشراكات طويلة الأمد مع الاقتصادات الكبرى والناشئة، في عالم لم تعد فيه القوة تُقاس بما تملك من موارد، بل بما تحسن توظيفه من علاقات ومصالح.وما يميّز هذه الصناديق ليس حجمها فقط، بل قدرتها على إدارة المخاطر بعقل متزن، من خلال تنويع جغرافي وقطاعي دقيق، يحمي الاقتصاد الوطني من صدمات الأسواق، ويمنحه مرونة تشبه قدرة الكائنات الحيّة على التكيّف مع العواصف.ويعني ذلك، أن الاستراتيجية التنموية التي راهنت على الاقتصاد المعرفي، والابتكار، والطاقة المتجددة، جعلت الإمارات أول دولة في المنطقة تتجه ل «تودّع النفط وهي في أفضل حال»، مدعومةً بنموذج اقتصادي ديناميكي، لا يقاوم التغيير بل يستثمر فيه.وعندما نتحدث عن الصناديق السيادية الإماراتية، فإننا نتحدث عن منظومة استثمارية تشبه شبكة أمان ممتدة حول الاقتصاد الوطني، تقوده بثقة في زمن الاضطراب، وتمنحه قدرة نادرة على تحويل التحولات العالمية من مخاطر محتملة إلى فرص محسوبة.الإمارات لا تكسب رهان ما بعد النفط لأنها امتلكت المال فحسب، بل لأنها امتلكت الرؤية، وقرأت المستقبل بوضوح، واستثمرت في الإنسان قبل الموارد، وفي الفكرة قبل العائد، لتقدّم نموذجاً اقتصادياً يقول للعالم إن من يُحسن التفكير اليوم، يملك الغد[email protected]
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






