فقدان السمع في منتصف العمر قد يزيد من احتمال الإصابة بالخرف

فقدان السمع في منتصف العمر قد يزيد من احتمال الإصابة بالخرف

فقدان السمع في منتصف العمر قد يزيد من احتمال الإصابة بالخرف.

يُنظر إلى فقدان السمع المرتبط بالتقدم في العمر غالبًا على أنه جزء طبيعي من الشيخوخة، ولكن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن له دورًا أكبر بكثير في صحة الدماغ على المدى الطويل. فقد أظهَرت دراسة حديثة نُشرت في (JAMA Network Open) وجود علاقة بين فقدان السمع في منتصف العمر وارتفاع احتمال الإصابة بالخرف، إضافة إلى تغيّرات معرفية ونتائج تصوير دماغي مرتبطة بالشيخوخة، ورغم أهمية هذه النتائج، إلا أنها ما تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسات لتأكيدها بشكل كامل.

فقدان السمع في منتصف العمر : عامل خطر خفي

أظهَرت هذه الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من فقدانِ سَمع بسيط أو متطور في منتصف العمر كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 71% خلال فترة متابعة امتدت خمسة عشر عامًا، وقد استندت هذه النتائج إلى بيانات من دراسة فرامنغهام للقلب، وهي دراسة طويلة الأمد تتابع صحة المشارِكين عبر أجيال متعددة. الأفراد الذين أصيبوا بفقدان سمع كانوا أكثر عرضة لإظهار:

ضعف في الأداء المعرفي

ارتفاع في مستويات الشذوذ في تصوير المادة البيضاء بالدماغ

انخفاض في الحجم الكلي للدماغ وفق صور الرنين المغناطيسي

وتُعتبر هذه العلامات من المؤشرات المرتبطة عادةً بزيادة احتمال الخرف.

كيف يؤثّر فقدان السمع على وظائف الدماغ؟

وجَد الباحثون أنه كلما ازدادت درجة فقدان السمع، انخفض الأداء في الاختبارات المعرفية، خصوصًا تلك المرتبطة بالوظائف التنفيذية مثل التخطيط والانتباه وتنظيم السلوك، وحتى الأفراد الذين لديهم فقدان سمع طفيف أظهَروا تغيّرات قابلة للقياس في نتائج تصوير الدماغ، وقد شملت التغيرات:

تراجعًا في الوظائف التنفيذية

انخفاضًا في حجم الدماغ

ضعفًا في سلامة المادة البيضاء

تكتسب هذه التغيرات أهمية لأنها تُعد مؤشرات مبكرة لاحتمال الإصابة بالخرف، مما يجعل فقدان السمع في منتصف العمر علامة قد تكون مفيدة للكشف المبكر عن الخرف.

فقدان السمع في منتصف العمر واحتمال الخرف على المدى الطويل

أظهَرت الدراسة أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من فقدان سمع طفيف أو متطور كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف خلال السنوات الخمس عشرة اللاحقة، وكان هذا الارتباط أقوى لدى الأشخاص الذين يحملون نسخة من جين (APOE4) المرتبط بزيادة احتمال الإصابة بمرض ألزهايمر.

الأفراد الذين كانوا يحملون جين (APOE4) بالإضافة إلى فقدان سمع طفيف أو متطور، أظهَروا احتمالاً لحدوث الخرف أعلى بكثير مقارنة بمَن لديهم هذا الجين فقط دون فقدان السمع، مما يشير إلى أن تغيّرات السمع في منتصف العمر قد تظهر بسبب وجود عوامل بيولوجية، ربما تزيد من احتمالية الإصابة بالخرف.

هل يمكن أن تخفّف أجهزة السمع من الاحتمال؟

من النتائج الإيجابية في الدراسة أن استخدام أجهزة السمع ارتبط فعلاً بانخفاض احتمال الإصابة بالخرف عند الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع، وكان هذا الانخفاض أكبر لدى الذين يحملون جين (APOE4.) في مادتهم الوراثية، ورغم أن الدراسة لم تحدد مدة أو انتظام استخدام أجهزة السمع، فإن النتائج تدعم فكرة أن تحسين القدرة السمعية قد يساعد في إبطاء التدهور المعرفي. كما تتماشى هذه النتائج مع مراجعات سابقة وجَدت انخفاضًا في احتمال الخرف لدى مستخدِمي أجهزة السمع.

لماذا يزيد فقدان السمع من احتمال الخرف؟

يقترح الباحثون عدة تفسيرات محتملة لوجود علاقة بين فقدان السمع في منتصف العمر وزيادة احتمال الخرف، ومنها:

العزلة الاجتماعية: إذ قد يؤدي ضعف السمع إلى الانسحاب من التفاعل الاجتماعي.

زيادة العبء المعرفي: حين يبذل الدماغ جهدًا أكبر لفهم الأصوات، على حساب الذاكرة والتفكير.

مسارات بيولوجية مشتركة: إذ قد يكون فقدان السمع علامة مبكرة على تغيّرات عصبية مشتركة أعمق.

ومع ذلك، تبقى هذه النتائج من دراسات رصدية، أي أنها لا تثبت وجود علاقة سببية مباشرة، مما يستدعي المزيد من الأبحاث.

أهمية الكشف المبكر

أظهَرت هذه الدراسة أيضًا أن تقييم الأشخاص لسمعهم لا يتطابق دائمًا مع نتائج الفحوصات السمعية، إذ لم يكن الكثيرون من المشاركين على عِلم بوجود فقدان سمع طفيف لديهم، وهذا يؤكد أهمية الفحوصات السمعية الدورية، خاصة لمَن تجاوزوا سن الخمسين. كما أن إدخال قياسات السمع ضمن نماذج التنبؤ بالخرف حسّن من دقتها، مما يشير إلى قيمة السمع كعامل يجب الاهتمام به في الرعاية الوقائية.

نصيحة من موقع صحتك

إذا شعرت بأي تغير في سمعك أو كنت ترغب بالاطمئنان فقط، فكر في إجراء فحص سمع مبكر، فإن اكتشاف فقدان السمع في منتصف العمر والتعامل معه مبكرًا قد يسهم في الحفاظ على صحتك المعرفية على المدى الطويل، ورغم الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج، فإن العناية بصحة السمع خطوة بسيطة لكنها قد تكون مهمة لصحة الدماغ مستقبلًا.

آخر تعديل بتاريخ

10 ديسمبر 2025