Syria News
جاري تحميل الأخبار العاجلة...

بعد غياب طويل.. كيف "صحّانا" فضل شاكر وذكّرنا بقلوبنا؟

الجمعة، 12 سبتمبر 2025
بعد غياب طويل.. كيف "صحّانا" فضل شاكر وذكّرنا بقلوبنا؟

في زمنٍ يتأرجح فيه الغناء العربي بين الكلاسيكيات الثقيلة والموضات العابرة، عادَ صوتٌ هادئ، بسيط، بلا بهرجة ولا صخب.

رجلٌ بنظارة سوداء، ومايكروفون وغرفة مظلمة، وصدقٍ لا يحتاج إلى أوركسترا عملاقة كي يصل.

هكذا دخل سابقاً وعاد لاحقاً، فضل شاكر إلى بيوت السوريين وقلوبهم، ليصنع حالةً لم تتكرر: أن تتحول الأغنية إلى ذاكرة، والصوت إلى مرآة جيلٍ كامل.

رفيق المراهقة وذاكرة السوريين

جيل التسعينيات، الذي فتح عينيه على شريط كاسيت وأحلام مؤجلة، وجد في صوته ملاذاً، وفي سوريا تحديداً، حيث كانت المشاعر تخضع للرقابة بقدر ما تخضع السياسة، جاء فضل شاكر كسرّ جماعي: نغني معه في المقاهي، في الأعراس، وحتى في غرفنا المغلقة، وكأننا ننتزع لأنفسنا حقاً صغيراً في الحب.

لم يكن مجرد فنان، كان رفيق مراهقتنا، ومترجم لغتنا العاطفية التي لم نجرؤ على البوح بها.

من الحب إلى الموقف

ثم جاءت الثورة السورية، فاصطف شاكر حيث يجب أن يكون الفنان الحقيقي: أي مع الناس.

صوته الذي غنّى للحب تحوّل في لحظة إلى موقف أخلاقي، وكثير من السوريين رأوا فيه امتداداً طبيعياً لذلك الصدق الذي رافقهم منذ سنوات. نعم، مسيرته صخباً سياسياً لاحقاً، لكن بقي جوهر الصورة: فنان انحاز للحرية حين كان الثمن باهظاً.

لم يصنع فضل مجرد أغنيات، صنع حالة، وأعاد تعريف معنى البساطة: أن تضع نظارة، وتغني بصدق، فيستيقظ جيل كامل على شوقه الدفين.

لهذا، ما زال صوته إلى اليوم يطرق أبواب القلب كما لو كان الزمن لم يمضِ، كما لو أن الأغنية ما زالت تُبثّ للمرة الأولى.

عودة تُكمل الحكاية

في 2025، لم تكن عودة فضل شاكر إلى الغناء حدثاً فنياً وحسب، بل لحظة اكتمال لذاكرة طويلة.

صوته الذي حملنا من مراهقة التسعينات حتى أقسى سنوات الحرب، عاد ليوقظ ما حسبناه انطفأ: أول حبٍ بريء، نظرة ابن الجيران، وارتباك القلب أمام كلمة مسروقة.

ومع كل نغمة جديدة، بدا وكأنه يعيد جيله إلى زمنٍ أنقى، حيث كان الشوق أكبر من الواقع وأصدق من الخوف.

ومع سقوط النظام، بدا أن الأغنية التقت أخيراً بالقدر، حين غنّى فضل شاكر "دوري يا فرحة"، لم يكن يؤدي لحناً بل يكتب فصلاً في ذاكرة السوريين. فكان حاضراً منذ اللحظة الأولى، ووفياً حتى آخر المشهد، كما لو أنه يعيش الحكاية معنا لا يغنيها لنا فقط.

وحين شارك السوريين فرحتهم، صار صوته شريكاً في النصر، تماماً كما كان رفيقاً في الوجع، إنها قصة حب طويلة، تمنينا أن تكتمل، وها هي تكتمل بصوتٍ ظلّ صادقاً، وبفنٍّ لم يخن الذين آمنوا به يوماً.

بصمة نسائيّة

اللافت أيضاً في عودة فضل شاكر أنها لم تكن مجرد استرجاع لصوتٍ أحببناه، بل مساحة جديدة لطاقات نسائية تفرض حضورها في صناعة الأغنية العربية.

الكاتبة والملحّنة الأردنية جمانة جمال، التي تناولتها منصات مثل E3lam وبيلبورد عربية كواحدة من الأسماء الصاعدة، قدّمت له كلمتي وألحان أغنيتي "أحلى رسمة" و "صحاك الشوق".

أغنيتان حملتا روحاً أنثوية صافية، أضافت إلى رومانسية شاكر بُعداً أكثر جرأة وصدقاً، وكأنهما تجديدٌ للحنين القديم بلغة الحاضر.

أما الشاعرة والكاتبة الأردنية سمر الهنيدي، تركت بصمتها في أغنية "كيفك ع فراقي"، التي كتبت كلماتها بالشراكة مع فضل شاكر وابنه محمد شاكر. جاءت الأغنية كوثيقة وجدانية عن الفقد والحنين، بلغة بسيطة وعميقة في آن، تعكس قدرة الكاتبات على إعادة صياغة العاطفة بعيداً عن القوالب الجاهزة.

Loading ads...

بهذا الحضور، تبدو عودة فضل شاكر أكثر ثراءً، وفتحت الباب أمام أصوات نسائية تثبت أن الفن أصدق وأبقى حين يكون شراكة متكاملة، يتقاطع فيها الصوت مع الكلمة، والذاكرة مع الحاضر.

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه