الفراولة المصرية بين خسائر المزارعين ومكاسب المصدرين

لم يكن هبوط أسعار الفراولة هذا الموسم مجرّد تراجع عابر بل صدمة في الأسواق بعد أن انخفضت أسعار البيع المحلي بما يتراوح بين 40 و64%، مقارنة ببداية الموسم الماضي.

بينما يتحدث المزارعون عن “خسائر فادحة” يتساءل آخرون: هل ما يحدث خسارة حقيقية أم تصحيح متوقَّع بعد التوسع المفرط في المساحات وزيادة الإنتاج فارتفاع المعروض بهذا الشكل لم يُقابله طلب أقوى بل ضغط على الأسعار في الأسابيع الأولى التي لا تُعد مؤشرًا نهائيًا لموسم يمتد 7 أشهر كاملة.

رغم موجة الشكاوى لا يبدو المشهد قاتمًا للجميع فقد حافظ المصدرون على هوامش ربح جيدة في الأسواق الأوروبية والعربية مستفيدين من أسعار تصديرية جيدة وبرامج شحن مستقرة.

أسعار بيع الفراولة

انخفض سعر بيع الفراولة في أسواق الجملة هذا العام بحوالي 15 جنيهاً للكيلو بعد أن هوى إلى 20 جنيهًا مع بداية الموسم الحالي بأسواق العبور مقارنةً بنحو 35 جنيهًا في المتوسط مع انطلاقة الموسم الماضي في نوفمبر 2024.

أما على مستوى أسعار البيع لشركات التصدير، تراجع سعر الكرتونة البالغ وزنها وزن 2.5 كيلو جرام ومخصصة لدول أوروبية إلى نحو 250 جنيه على أقصى تقدير مقابل نحو 700 جنيها في مطلع الموسم الماضي، حسبما قال أصحاب مزارع في أحاديث مع “ايكونومي بلس”.

وتقل هذه الأسعار للنصف تقريبا أثناء التصدير إلى الدول العربية والخليجية التي تطلب مواصفات أقل، بالإضافة إلى شحن كميات كبيرة بنظام العمولة الذي يهدر الكثير من قيمة صادرات مصر من الحاصلات الزراعية.

البيع بالعمولة، أو “الأجل” أو “الأمانة” جميعها مسميات لمعنى واحد وهو اتفاق عرفي بين مُصدرين مصريين ومستوردين أجانب على إرسال الحاصلات المصرية بدون اتفاق قانوني ملزم بين الطرفين.

لماذا انهارت أسعار الفراولة؟

“يأتي تراجع أسعار الفراولة على خلفية ارتفاع مفاجئ في المعروض مع بداية الموسم نتيجة ارتفاع المساحات بشكل كبير هذا العام”، بحسب ما قاله مدير التصدير في شركة فروت فارم، عمرو قدح.

وعلى الرغم من عدم وجود احصائيات رسمية لمساحات زراعة الفراولة في مصر، لكن المتخصصون قدروها بأكثر من 100 ألف فدان هذا العام وهذه المساحة مرتفعة بما يتجاوز 30% بحسب تقديرات منتجين.

“مكاسب العام الماضي من الفراولة كانت جيدة للغاية، سواء على المستوى المحلي أو التصديري وهو ما شجع الكثير من المزارعين على دخول سوق الفراولة في الموسم الجاري” قال قدح.

ارتفاع كبير لإيجار الأراضي

“لم تتوقف معاناة المزارعين عند حد تراجع أسعار الفراولة بل ارتفعت أيضًا التكاليف هذا الموسم لزراعة الفراولة بشكل يفوق أي موسم آخر، في ظل ارتفاع أسعار إيجارات المساحات الزراعية التي وصلت إلى 150 ألف جنيه للفدان بسبب التنافسية الشديدة على المساحات الأجود لزراعة المحصول”، بحسب ما قاله مدير مزرعة ليجاسي، خالد البنا.

بحسب البنا “امتد تفاقم التكاليف إلى عوامل أخرى جديدة ظهرت للمرة الأولى هذا الموسم في ضوء حصول مساحات كبيرة على شتلات ضعيفة ومصابة في بداية موسم الزراعة ما دفع لإعادة زراعتها بالكامل مرة أخرى وتمثل تكلفة الشتلات نسبة كبيرة من تكاليف الإنتاج الأساسية للفراولة”.

تابع: “تأتي هذه التكاليف بالإضافة إلى تفاقم أسعار مستلزمات الزراعة الأخرى مثل الملح والبلاستيك والكرتون، والتي نحصل عليها بأسعار مرتفعة منذ أزمة العملة الصعبة الأخيرة في مصر وأغلب الشركات تبيع هذه المنتجات عند تسعير مرتفع للدولار – ما قبل تحرير أسعار الصرف الأخير” تبعاً لحديث مدير مزرعة ليجاسي.

“بشكل عام يمكن أن نقدر تكلفة إنتاج فدان الفراولة لهذا العام بما يتراوح بين 450 و500 ألف جنيه، وترتفع قيمة هذه التكاليف إلى 600 ألف جنيه في المساحات التي تطلبت إعادة زراعتها مرة أخرى بسبب الشتلات المصابة وذلك مقارنةً بما يتراوح بين 300 و400 ألف جنيه في الموسم الماضي” قال البنا.

الفراولة .. هل تخسر فعلا؟

وتتباين الآراء بشأن إذا كانت أوضاع الفراولة هذا الموسم تشمل خسارة للمزارعين، إذ قال مدير التصدير في شركة فروت فارم “موسم الفراولة ينطلق في نوفمبر من كل عام، ويمتد لسبعة أشهر تقريبا، ويظل الفدان منتجا باستمرار طوال هذه المدة، لذا لا يمكن أن نحكم عليه من الأسابيع الأولى، وإن كانت الأسعار غير مجدية”.

“على مدار فترة الحصاد، ينتج الفدان ما يتراوح بين 18 و22 طنا من الفراولة، لكن – لظروف العرض والطلب والجودة – لا يمكن أن تباع هذه الكمية بأعلى سعر ممكن طوال الموسم، أو حتى بسعر واحد” أكد قدح

في المقابل يرى البعض أن توقعات الخسائر خلال الموسم الجاري حتى الآن ليست كبيرة.

“الخسائر هذا العام موجودة بالفعل، وستتضرر أكثر المساحات التي زرعت الشتلات مرتين، لكن هذا الوضع سيطرد الدخلاء غير المختصين بزراعة المحصول، والذين تسببو في زيادة المساحات هذا الموسم طمعا في الحصول عجزء من مكاسب المحصول، لكن سيستمر في السوق من اعتاد زراعة الفراولة منذ سنوات طويلة” بحسب البنا.

هل ستتحسن أسعار التصدير؟

“طوال موسم تصدير الفراولة إلى أوروبا، تتغير الأسعار مع بداية كل أسبوع تقريبا، والأسعار مع بداية الموسم الجاري جيدة للغاية، ولا خوف على مكاسب المصدرين”، بحسب مصادر تحدثت مع “إيكونومي بلس”.

بحسب المصادر، يصل سعر تصدير الكرتونة بوزن 2.5 كيلو جرام يصل إلى 15 يورو أثناء التصدير إلى وجهات رئيسية مثل هولندا وبلجيكا.

يمتد موسم تصدير الفراولة من مصر إلى أوروبا في الفترة من نوفمبر وحتى قبل احتفالات الكريسماس مباشرة ثم تنتقل إلى أسواق أخرى مثل انجلترا والدول العربية ومنطقة شرق آسيا التي وصلت في نهاية الموسم الماضي إلى 10 دولارات للكرتونة.

وتتوقع المصادر أن يرتفع الطلب بمرور الوسم خاصة من أجل شحن كميات أكبر للتصدير، سواء في صورته الطازجه، أو المجمدة والمصنعة.

تقترب مصر من تصدير 500 ألف طن من الفراولة المجمدة سنويًا مقابل 50 ألف طن من الفراولة الطازجة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا