"ضربة عين الصقر" ضد "تنظيم الدولة" في سوريا.. ما هي مراحلها وأهدافها؟

أعلنت الولايات المتحدة، ليل الجمعة السبت، إطلاق عملية "ضربة عين الصقر" العسكرية ضد "تنظيم الدولة" في سوريا، ردًا على الهجوم الذي استهدف قوات أميركية وسورية في مدينة تدمر في 13 ديسمبر/ كانون الأول بمدينة بتدمر.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالعملية العسكرية الأميركية في سوريا، ووصفها بأنّها ضربة واسعة النطاق.

وقالت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" في بيان، إنّها استهدفت في إطار العملية "أكثر من 70 هدفًا في مواقع متعدّدة في أنحاء وسط سوريا باستخدام طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية".

وفي هذا الإطار، أشار الخبير العسكري عمار فرهود خلال حديثه إلى التلفزيون العربي من دمشق، إلى أنّ عملية "ضربة عين الصقر" تهدف إلى تفكيك بنية "تنظيم الدولة" ومنع عودته كـ "تهديد عابر للحدود".

وأوضح فرهود أنّ الضربات التي نُفّذت استهدفت مواقع يستخدمها التنظيم للاختباء أو للانتقال من منطقة إلى أخرى، أي ضمن ما يُعرف في الدراسات العسكرية والأمنية بـ“جغرافيات العبور”، لا “جغرافيات المواجهة”.

وشرح أنّ التنظيم "لا يُمسك الأرض ولا يخوض مواجهات مفتوحة، بل يعمل وفق نمط “ما دون الدولة”، معتمدًا في مرحلته الحالية على حرب العصابات، وتحديدًا مرحلة الاستنزاف.

وأكد فرهود أنّ التنظيم يعتمد في هذه المرحلة على الاختباء داخل المجتمعات المحلية، وتجنّب الظهور العلني أو الاشتباك المباشر، ما يجعل توجيه ضربات دقيقة لعناصره مسألة أمنية بالدرجة الأولى، لا عسكرية تقليدية.

القوات الأميركية توثق غاراتها على أهداف تابعة لتنظيم الدولة في سوريا pic.twitter.com/CPIEVDmwf2

— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 20, 2025

من هنا، يقول فرهود إنّ الضربات الجوية جاءت لتستهدف خطوط الإمداد والتموين ومسارات الحركة، باعتبارها العصب الحيوي لأي تنظيم يعمل وفق هذا النمط، بينما تبقى المُواجهة المُباشرة مرهونة بعمليات ذات طابع أمني، مثل الإنزال والاعتقال والمداهمة.

وذكر فرهود أن هذه المرحلة الأولى من الضربات الجوية لن تطول، مرجحًا أن تنتقل العمليات خلال الساعات أو الأيام المقبلة إلى مرحلة أمنية أكثر كثافة، تتوسّع فيها عمليات الإنزال والاعتقال، بالتعاون بين الولايات المتحدة والتحالف الدولي من جهة، والحكومة السورية من جهة أخرى، إضافة إلى تنسيق استخباراتي مع دول إقليمية معنية بمكافحة التنظيم، مثل الأردن وتركيا.

ووفقًا لفرهود، يُشير هذا المسار إلى استراتيجية واضحة تقوم على الانتقال التدريجي من العمل العسكري الجوي إلى العمل الأمني الميداني، بهدف استهداف قيادات التنظيم وخلاياه النائمة داخل المدن، ومنع أي محاولة لإعادة التموضع أو تنفيذ عمليات نوعية.

وأكد أنّ أهمية هذا التحوّل في طبيعة العمليات تبرز بالنظر إلى الواقع الميداني بعد سقوط النظام السابق، إذ استفاد تنظيم “الدولة” من فراغ أمني واسع، ومن انكشاف الجغرافيا السورية، ليُعيد الانتشار بحريّة نسبية، متنقلًا بين الحدود العراقية واللبنانية، وبين الشمال والجنوب، مستفيدًا من غياب مؤسسة أمنية متماسكة في الأشهر الأولى.

وأشار إلى أنّه خلال الفترة التي سبقت الهجمات الأخيرة، نفّذ التحالف الدولي بالتعاون مع الحكومة السورية سلسلة عمليات أمنية، شملت تبادل معلومات استخباراتية وإنذارات استباقية، إضافة إلى عمليات إنزال أسفرت عن اعتقال عدد من قادة التنظيم في مناطق متفرقة، من ريف حلب إلى ريف حماة الغربي وريف دمشق الشمالي.

واعتبر فرهود أنّ هذا المسار مؤشر إلى أن المواجهة مع التنظيم تُدار وفق رؤية مرحلية، تبدأ بتجفيف خطوط العبور والإمداد، وتنتقل لاحقًا إلى ضرب البنية القيادية والخلايا داخل “جغرافيات المواجهة”، الممتدة من حلب شمالًا إلى دمشق جنوبًا، في محاولة لإغلاق المجال أمام أي عودة محتملة للتنظيم إلى العمل العلني أو السيطرة الميدانية.