وسائل إعلام إسرائيلية أبدت اهتماماً ملحوظاً بتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب وشرق اليمن.
مسؤول بالانتقالي أبدى اهتماماً بالدعم الإسرائيلي لإعلان دولة الجنوب مقابل التطبيع وفق "يديعوت أحرونوت"
تعود الساحة اليمنية لتتصدر المشهد من البوابة الشرقية للبلاد، حيث يرسم تقدم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي هناك معالم خريطة جيوسياسية جديدة تحمل أبعاداً تتجاوز اليمن.
فتحركات "الانتقالي" في محافظتي حضرموت والمهرة، اللتان تشكلان أكثر من نصف مساحة البلاد، فتحت الباب واسعاً أمام أسئلة حساسة تتعلق في دور "إسرائيل" بتهديد وحدة البلاد التي أنهكتها الحرب.
وفي مقابل تسيّد قوات الانتقالي على المشهد في جنوب وشرق اليمن، انزوت الحكومة الشرعية في مساحات ضئيلة على الجغرافيا اليمنية، وباتت البلاد مقسمة فعلياً بين طرفين رئيسيين هما الحوثي والانتقالي وكلاهما غير معترف بهما دولياً.
خلال الأسابيع الماضية تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض واقع ميداني جديد عبر سيطرته على مساحات واسعة في محافظات شرق اليمن، التي تمثل أكثر من نصف مساحة البلاد وتضم الثقل الأكبر من ثرواتها النفطية والغازية.
هذا التحول، الذي جاء بعد أكثر من عقد من الحرب، كسر التوازنات الهشة التي حافظت عليها السعودية بوصفها الراعي الرئيسي لوحدة اليمن، وأعاد إلى الواجهة مشروع الانفصال كخيار واقعي لا مجرد شعار سياسي.
اللافت أن هذا التمدد تزامن مع رفض سعودي واضح، تُرجم ميدانياً ببقاء وفد عسكري سعودي في حضرموت، وحشد قوات مدعومة من الرياض أبرزها "قوات درع الوطن"، في مناطق الوديعة والعبر على الحدود اليمنية - السعودية.
ووفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية نُشر الخميس 18 ديسمبر 2025، تلقى المجلس الانتقالي تحذيراً من احتمالية تعرضه لغارات جوية سعودية إذا لم يسحب قواته من شرق اليمن، في مؤشر على مدى الحساسية الإقليمية من تلك التحركات.
في موازاة ذلك، انتشرت أنباء عن نية المجلس الانتقالي تشكيل حكومة موازية، رداً على مغادرة الحكومة الشرعية إلى الرياض، وهو ما يعني عملياً الانتقال من فرض الأمر الواقع عسكرياً إلى تثبيته سياسياً ومؤسسياً، في خطوة تُنذر بتكريس الانقسام، وتحويل اليمن إلى كيانين متنازعين، شمالي خاضع للحوثيين وجنوبي بيد الانتقالي.
اهتمام إسرائيلي
غير أن البعد الأكثر إثارة للقلق يتمثل في الطريقة التي تعاطت بها وسائل الإعلام ومراكز البحوث الإسرائيلية، مع هذه التطورات التي تعصف باليمن.
إذ نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في 16 ديسمبر الجاري، تحليلاً للخبير في شؤون الخليج بمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب يوئيل غوزانسكي، حمل عنواناً دالاً: "من الآن فصاعداً.. قل مرة أخرى: جنوب اليمن وشمال اليمن".
ولم يُخف الكاتب في هذا التحليل، حماسه لمحاولة المجلس الانتقالي إقامة دولة مستقلة، معتبراً أنها تتيح فرصاً استراتيجية واعدة لـ"إسرائيل"، خاصة بعد تصريحات عيدروس الزبيدي بشأن إمكانية انضمام دولة الجنوب إلى "اتفاقيات أبراهام" التطبيعية.
الصهاينة سُعداء بما يحدث في اليمن!!الدكتور يوئيل جوزانسكي، الخبير بشؤون دول الخليج في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، كتب في "يديعوت" بعنوان: "من الآن فصاعدا.. قل مرة أخرى: جنوب اليمن وشمال اليمن".ختم بالقول:"محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي إقامة دولة مستقلة تُتيح…
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) December 16, 2025
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية بالتزامن مع ذلك تصريحات لقيادي في المجلس الانتقالي أكد فيها أن "المجلس يبحث عن دعم إسرائيلي لإقامة دولة جنوب اليمن".
القيادي الذي لم تُسمه الهيئة، أشار إلى أن هذا الكيان الجديد - "الانفصالي" - يمكن أن يخدم أجندة مشتركة تشمل حماية الممرات الملاحية في باب المندب وخليج عدن، ومواجهة تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين، ومحاربة جماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف "أن المجلس يحتاج دعماً إسرائيلياً عسكرياً وأمنياً واقتصادياً لبناء الدولة المنشودة".
هذا التلاقي في الخطاب يكشف بوضوح أن "إسرائيل" لا تنظر إلى ما يجري في جنوب اليمن بوصفه تطوراً بعيداً، بل كفرصة استراتيجية تصب في صميم رؤيتها للمنطقة ما بعد زلزال السابع من أكتوبر 2023.
إذ لا تخفي تل أبيب مساعيها إلى إعادة هندسة الشرق الأوسط عبر تفكيك الدول الهشة، وتحويل الصراعات الداخلية إلى أدوات لإضعاف الأمن القومي العربي.
كما يزداد اهتمام "إسرائيل" بالمشهد في اليمن، بعد الانخراط المؤثر لجماعة الحوثي في حرب إسناد غزة، عبر إطلاق الصواريخ والمسيرات على الموانئ والمواقع الحيوية الإسرائيلية، الأمر الذي لفت نظر تل أبيب إلى أهمية إيجاد موضع قدم مؤثر إما في اليمن أو على مقربة منه.
مصلحة إسرائيلية
وانطلاقاً من المصلحة الإسرائيلية في تفكيك اليمن، يرى الباحث في الشؤون الدولية عادل المسني، أن السيطرة على حضرموت أثارت تكهنات حول المستفيد من هذا الحدث، مشيراً إلى احتفاء الصحف الإسرائيلية بهذا التحول في البلاد.
وأوضح المسني في تصريح لـ"الخليج أونلاين":
- المجلس الانتقالي لا يخفي أيضاً رغبته في التطبيع مع "إسرائيل" مقابل الحصول على الاعتراف بدولته المزعومة.
- يبدو أن التحرك نحو حضرموت جاء وفقاً لمتطلبات الصراع الإقليمي، إذ يرى حلفاء "إسرائيل" في السيطرة على جنوب اليمن فرصة لإعادة التموضع ورسم المشهد الإقليمي في سياق التحولات الجديدة الناجمة عن معركة "طوفان الأقصى".
- بإعادة تشكيل خارطة اليمن، وفرض واقع جديد في جنوبها، يمكن التحكم في البحار والحدود لمحاصرة السعودية ومصر وإيران في آنٍ واحد.
- هذا الواقع سيفرض أجندات موالية تمنح "إسرائيل" وحلفائها، التفوق العسكري والقدرة على التحكم والسيطرة على المنطقة.
- من غير المرجح أن تقبل السعودية بالأمر الواقع، لا سيما وهي تملك الكثير من الأوراق في اليمن التي تعطيها الأفضلية في حسم الصراع.
- التصعيد الذي شهده شرق اليمن قد يدخل المنطقة في دوامة من عدم الاستقرار، ويزيد من فرص التصعيد العسكري مما يهدد بتوسيع رقعة الصراع الإقليمي.
- الرياض قد تلجأ إلى تعزيز دائرتها الإقليمية وتقوية تحالفاتها لمواجهة التمدد الإسرائيلي، مما يزيد حدة التنافس في المنطقة خاصة مع تداخل المصالح الإقليمية والدولية فيها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً






