Syria News
جاري تحميل الأخبار العاجلة...

قرار قضائي يمنع ترحيل سوري.. والسلطات الأميركية تواصل احتجازه

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025
قرار قضائي يمنع ترحيل سوري.. والسلطات الأميركية تواصل احتجازه

ما يزال شاب سوري محتجزاً في مركز احتجاز المهاجرين في مدينة إيلوي بولاية أريزونا الأميركية بعد مرور عشرة أشهر تقريباً على صدور حكم يقضي بمنع ترحيله.

أمضى كامل مقلد سنة وشهرين في الاحتجاز قبل أن تصدر محكمة الهجرة الفيدرالية في تشرين الثاني من عام 2024 قراراً "يمنع ترحيله" إلى سوريا نظراً لاحتمالية تعرضه للاضطهاد هناك. وخلال السنوات السابقة، أطلق سراح المهاجرين الذين حصلوا على هذا الحكم وأخذوا ينتظرون سنين طويلة بعد أن نسي أمرهم، ثم حصل معظمهم على إذن عمل، بحسب ما ذكره محامو الهجرة. إلا أن الإدارة الأميركية الحالية غيرت مسار الأمور فصارت تحتجز الناس حتى بعد أن يكسبوا هذا النوع من الدعاوى.

وفي مكالمة هاتفية أجريت مع مقلد باللغة الإسبانية في شهر تموز الماضي قال: "هل سأبقى هناك طوال حياتي؟ ففي سوريا أعرف أني ميت أو حي على أقل تقدير، أما هنا، فما الذي أفعله؟"

رحل مقلد، 38 عاماً، عن سوريا في عام 2011، عند بدء الحرب فيها، فعاش لمدة عشر سنوات في فنزويلا وحصل هناك على وضع لجوء قانوني، ولذلك أصبحت الولايات المتحدة اليوم تهدد بترحيله إلى هناك. إذ في أواخر شهر آب من هذا العام أخبره القائمون على إدارة الهجرة والجمارك الأميركية بأن فنزويلا وافقت على استقباله من جديد، وفي حال رفضه لمقترح الترحيل الذي تقدمت به الحكومة الأميركية، فإنها بوسعها استبقاؤه في مركز إيلوي للاحتجاز حسبما ذكر.

وفي هذه الأثناء ما يزال الطلب الذي تقدم به في أيار من عام 2024 للحصول على وضع الحماية المؤقتة معلقاً، ويخبرنا بأنه لا يظن بأنه سيحصل على تلك الحماية، ويضيف: "ليس من السهل اتخاذ قرار في هذا الوضع، فقد خسرت صحتي، وخسرتين عامين من عمري.. أما بالنسبة لهم فيبدو وكأن شيئاً لم يحدث".

لم ترد وزارة الأمن الداخلي على الأسئلة المتعلقة بقضية مقلد لتنشر ضمن هذه المادة، كما لم تتحدث عن أي خطة تنتهجها بالنسبة لقضايا منع الترحيل.

حالة خاصة

يخبرنا لويس كامبوس وهو محام متخصص بقضايا الهجرة لأكثر من ثلاثين سنة ولا صلة تربطه بقضية مقلد، بأن القضية تبدو مشابهة لقضية كيلمار آرماندو آبريغو غراسيا من السلفادور والذي منع ترحيله في عام 2019، وعاش في ماريلاند لسنوات طويلة قبل أن تحتجزه إدارة الهجرة والجمارك في آذار الماضي. ثم نقل آبريغو غراسيا ظلماً لأحد السجون في السلفادور قبل أن يسلم للولايات المتحدة بعد ثلاثة أشهر، وهذا ما أثار موجة غضب واسعة عمت الولايات المتحدة، وما يزال هذا الرجل محتجزاً في أحد مراكز الاحتجاز المخصصة للمهاجرين في ولاية فيرجينيا الأميركية.

ويضيف المحامي كامبوس بإنه خلال السنوات الماضية كان يعتبر أي قضية من هذا النوع قضية غريبة فريدة من نوعها أشبه بحالة خاصة، ويقول: "حالياً، ونظراً للظروف الحالية وشؤون الدولة، أعتقد بأننا سنشهد زيادة في عدد المحتجزين في ظل ظروف مماثلة بما أن هذا يعبر عن وجود توجه أوسع نحو ذلك، وأعني بذلك التوجه احتجاز الأشخاص إلى أن يذعنوا ويستسلموا ويوقعوا في نهاية الأمر على أوراق تقضي بترحيلهم خارج البلد".

معارك قانونية

تخبرنا محامية مقلد، واسمها باتيلين بيرموديز سولانو، بأن ما شدها لقضية مقلد حصوله على قرار يقضي بعدم ترحيله، ومع ذلك بقي محتجزاً في البلد، ولذلك فهي تساعد مقلد في التواصل مع الكويت وغيرها من الدول التي قد يرغب بالرحيل إليها، وذلك حتى يبحث في إمكانية استقبالها له، كما أن هذه المحامية تمثله في طلب الحصول على حماية مؤقتة، وتضيف: "أخشى من رغبة إدارة الهجرة والجمارك بإرساله إلى بلد يمكن له أن يتعرض فيه لأي خطر أو تعذيب".

وتحدثت المحامية عن حالة أخرى حدثت في مطلع هذا العام والتي لم يعد يظهر فيها اسم أحد موكليها في النظام الإلكتروني لتحديد موقع المحتجزين التابع لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية، وذلك بعد أن رفضت تلك الإدارة قضية ذلك الموكل وعملت على ترحيله على جناح السرعة، حيث جرى ترحيله إلى المكسيك بالقرب من حدود غواتيمالا، إلا أن المحامية لم تكتشف الأمر إلا بعد مرور أيام على ذلك، وذلك عندما استعار موكلها هاتفاً نقالاً من رجل غريب ليتصل بخطيبته التي أبلغت محاميته بما حدث له.

يعلق كامبوس على ذلك بالقول بإن الولايات المتحدة تبيح ترحيل الأشخاص إلى دولة ثالثة، ولكن يمكن للمهاجر الطعن بهذا القرار.

وحتى يقرر المسؤولون في إدارة الهجرة والجمارك إبقاء مقلد قيد الاحتجاز، يتعين عليهم إجراء مراجعة لوضع الاحتجاز، مع مراعاة مسألة إطلاق سراحه بعد مرور تسعين يوماً على احتجازه إضافة لتقديم تفسير منطقي للسبب الذي دعاهم لاعتباره يمثل خطراً بالنسبة لأمر الهروب أو أنه خطر على المجتمع، وذلك بحسب ما ذكرته المحامية بيرموديز سولانو.

وبالنسبة للمراجعة الخاصة بالسجن، ينبغي على مدير مكتب المنطقة الذي يمثل إدارة الهجرة والجمارك دراسة طبيعة الإدانات الجرمية للشخص ومدى خطورتها، وسجله بالنسبة للأحكام بالجنح والجرائم التي ارتكبها، ومخالفات الهجرة السابقة لديه، إلى جانب عوامل أخرى ينبغي عليه دراستها. وهنا نذكر بأن مقلد لم يدخل الولايات المتحدة بشكل غير قانوني إلا في أيلول من عام 2023، ولم يقم بأي محاولة أخرى لدخولها، وليس لديه سجل جنايات.

في 25 آذار 2025، وجهت إدارة الهجرة والجمارك رسالة لمقلد جاء فيها بأنه يشكل: "خطراً على المجتمع وعلى أمن غيره من الأشخاص أو الممتلكات"، وورد في تلك الرسالة سبب إضافي لإبقائه تحت الاحتجاز وهو: "إن دخولكم بشكل مخالف للقانون إلى الولايات المتحدة يظهر عدم احترامكم للقوانين ويشير إلى أنكم تمثلون خطراً من ناحية احتمال هروبكم".

هذا ويخبرنا مقلد بأنه خسر من وزنه قرابة 14 كيلوغراماً جراء مكوثه في السجن خلال العام الفائت، إذ قبل 11 شهراً، بدأ يخرج كل ما في معدته بعد تناول أي وجبة، كما كان يتقيأ دماً مع الطعام، وذلك بحسب السجلات الطبية التي تم الاطلاع عليها. ويخبرنا مقلد بأن الأطباء ذكروا بأن السبب وراء ذلك قد يعود للتوتر، بعد أن أظهرت نتائج التحليل عدم وجود أي مشكلة في المريء لديه، لكنه اليوم صار يتناول طعامه في غرفته، بمعزل عن بقية المحتجزين، وذلك حتى يحرمهم من رؤية جسمه وهو يرفض الطعام حسبما ذكر.

أجرى الصحفيون مقابلة مع مقلد على مدار عدد من المكالمات الهاتفية التي أجروها معه خلال هذا الصيف، كما زاروه مرتين في السجن، حيث كان مقلد يجلس في قاعة الزيارات خلف منضدة نصب فوقها فاصل خشبي صغير، وكان يرتدي ثياباً بسيطة لونها أحمر، أما جسمه فقد كان هزيلاً، وكان لون مقدمة شعره أغمق من بقية الأطراف، بعد أن غزا الشيب صدغيه، وكذلك لحيته المشذبة بعناية. وحوله جلس شبان آخرون كل وراء منضدته، بانتظار رؤية أطفالهم أو أمهاتهم أو زوجاتهم أو شقيقاتهم أو آبائهم.

تحدث مقلد بسرعة، فعبر بذلك عند مدى إحباطه وسخطه وغضبه ويأسه، وشرح لنا قضية الهجرة الخاصة به، كما روى لنا ما جرى معه من أحداث من قبل، وتجاربه في مركز الاحتجاز، ومن بينها حالات الظلم التي يتعرض لها هو وغيره من المحتجزين بشكل يومي.

ذكر مقلد بأنه رحل عن سوريا بسبب خوفه من أن يسجن هناك، لكنه اليوم أضحى سجيناً في الولايات المتحدة، وعلق على ذلك بالإسبانية بقوله: "لا أعرف أين أنا، وإلى أين سأذهب، أو كيف ستنتهي بي الأمور، ولست أدري ما الذي ينتظرني".

التوجه شمالاً

بعد أن غادر مقلد سوريا، سافر إلى فنزويلا، حيث عثر على عمل وتعلم الإسبانية، ثم زار سوريا في عام 2018، بعد أن أحرق الثوار بيته وبيوت أهله كما أحرقوا سيارته.

عاد مقلد إلى فنزويلا في مطلع عام 2019، وعثر على عمل هناك من جديد، إلا أن سمة الدخول الخاصة به انتهت صلاحيتها في عام 2022، فتقدم بطلب لتجديدها، إلا أن الأزمة السياسية التي حدثت في فنزويلا جمدت عملية معالجة طلبات الهجرة كما ذكر لنا، وبعد أن تناهى إلى جهاز الشرطة بأن وضعه غير قانوني، صاروا يهددونه على أمل الحصول على رشى منه كما قال.

وبعد أن سئم من كل تلك التهديدات، شرع مقلد برحلته نحو الشمال، حيث دخل إلى الولايات المتحدة في أيلول عام 2023 من الحدود التي تفصل بين المكسيك والولايات المتحدة عند أريزونا، وذلك برفقة ثلة من المهاجرين، كان بينهم أولاد عمه، وبقيادة مهربي المهاجرين حسبما وصف لنا.

وبعد أن اجتاز جميع المهاجرين السياج الحدودي وقطعوا مسافة بعيدة عنه، ساروا لمسافة قصيرة حيث وصلوا إلى طريق قابلهم فيه عناصر من حرس الحدود، عندئذ سلم مقلد نفسه لهم.

ومنذ ذلك الحين وهو محتجز في مركز احتجاز المهاجرين بمدينة إيلوي، وقد فعل أولاد عمه مثلما فعل، لكنهم كسبوا القضية قبله، ولهذا أطلق سراحهم من مركز الاحتجاز.

في كانون الثاني من عام 2024، رفع مقلد دعوى للحصول على اللجوء ولمنع ترحيله، وفي مطلع نيسان الماضي، رد القاضي طلبه، فطعن مقلد بهذا القرار، ثم حدد له موعد جديد لجلسة استماع.

وفي المحكمة، قدم مقلد دليلاً على أنه مطلوب لدى جهاز الشرطة بسوريا وذلك بسبب عدم التحاقه بالخدمة العسكرية في عام 2020.

تبين للمحكمة بأن مقلد "قرر بأن رأيه السياسي قد يكون سبباً لاستهدافه بالاضطهاد والظلم من قبل الحكومة السورية".

وفي 11 تشرين الثاني من عام 2024، وافق القاضي ويليام مابري الثالث على طلب مقلد بالنسبة لرفض ترحيله وتوفير الحماية له بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، ولابد لمعيار الإثبات بالنسبة لمنع الترحيل أن يكون أقوى من معيار الإثبات بالنسبة للحصول على اللجوء.

" لا احترام لحقوق الإنسان"

ذكر مقلد بأنه بات يخشى ما ينتظره في فنزويلا في حال جرى ترحيله إلى هناك، كما أن القلق يساوره تجاه فكرة البحث عن عمل وعن مكان للإقامة، إلى جانب المال الذي سيحتاج إليه من أجل تأمين سمة دخول وبطاقة شخصية وإذن عمل، وأخبرنا بأنه يتوقع أن يتعرض للتهديد والمضايقات مثلما حدث معه من قبل بما أن ذلك هو الذي دفعه للقدوم إلى الولايات المتحدة.

وذكر بأنه لا يمكنه العودة إلى بلده سوريا نظراً لاستمرار المخاطر التي تهدد أمنه، كما أنه رحل عن فنزويلا بسبب مضايقات الشرطة له، وكان يأمل أن ينعم بالسلام في الولايات المتحدة التي كان يعتبرها "بلاد القانون"، ويضيف: "لكني صدمت حقاً، إذ لا عدالة هنا ولا التزام بالقانون، ولا احترام لحقوق الإنسان".

Loading ads...

المصدر: The Prism(link is external)

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه